الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمر: تخيموا بالعقيق فإن جبريل أتاني به من الجنة الحديث وهو ضعيف قاله الحافظ ابن حجر: (وقل عمرة في حجة) بنصب عمرة لأبي ذر على حكاية اللفظ أي: قل جعلتها عمرة قاله في اللامع كالتنقيح، وتعقبه في المصابيح قال: إذا كان هذا هو التقدير فعمرة منصوب بجعل والكلام بأسره محكي بالقول لا شيء من أجزائه من حيث هو
جزء، ولعله يشير إلى أن فعل القول قد يعمل في المفرد الذي يراد به مجرد اللفظ نحو: قلت زيدًا وهي مسألة خلاف لكن فرض المسألة حيث لا يراد مدلول اللفظ وإنما يراد به مجرد اللفظ، وهاهنا ليس المراد هذا وإنما المراد جعلها عمرة كما اعترف به فالحكاية متسلطة على مجموع الجملة كما قررناه انتهى. ولغير أبي ذر: عمرة بالرفع مبتدأ محذوف أي قل هذه عمرة في حجة وهو يفيد أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنًا أو يكون المر بأن يقول ذلك لأصحابه ليعلمهم مشروعية القرآن.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا المؤلّف في المزارعة والاعتصام، وأبو داود في الحج وكذا ابن ماجة.
1535 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه "عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رُئِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ، وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي، بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن أبي بكر) المقدمي قال: (حدّثنا فضيل بن سليمان) بضم الفاء والسين فيهما النمري قال: (حدّثنا موسى بن عقبة) الأسدي (قال: حدثني) بالإفراد (سالم بن عبد الله) بن الخطاب (عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم).
(أنه رئي) بتقديم الراء المضمومة على الهمزة المكسورة أي رآه غيره لكن في نسختين من فروع اليونينية رئي بتشديد الهمزة المكسورة بل رأيته كذلك فيها ولأبي ذر: أري بتأخير الراء مكسورة وضم الهمزة أي في المنام "وهو معرس" بكسر الراء على لفظ اسم الفاعل من التعريس، والجملة حالية كذا للحموي والمستملي، وفي رواية الكشميهني: وهو في معرس بزيادة "في" وفتح الراء لأنه اسم مكان "بذي الحليفة ببطن الوادي" أي وادي العقيق كما دل عليه حديث ابن عمر السابق (قيل له): عليه الصلاة والسلام (إنك ببطحاء مباركة). قال موسى بن عقبة: (وقد أناخ بنا سالم يتوخى بالمناخ) بضم الميم وبالخاء فيهما أي يقصد المبرك (الذي كان عبد الله) بن عمر (ينيخ) فيه راحلته حال كونه (يتحرى) بالحاء المهملة وتشديد الراء يقصد (معرس رسول الله صلى الله عليه وسلم)، بفتح راء معرس لأنه اسم مكان (وهو أسفل) بالرفع خبر وهو كذا في فرعين لليونينية كهي، لكن قال في اللامع كالكواكب الرواية بالنصب، وكذا رأيته في بعض الأصول المعتمدة وهو ظاهر كلام فتح الباري (من المسجد الذي) كان هناك في ذلك الزمان (ببطن الوادي بينهم) أي بين المعرسين بكسر الراء كذا للحموي والكشميهني، وللمستملي والكشميهني أيضًا: بينه أي بين العرس (وبين الطريق) خبر ثان (وسط) بفتح السين أي متوسط بين بطن الوادي وبين الطريق خبر ثالث أو بدل، ولأبي ذر؛ وسطًا بالنصب أي حال كونه متوسطًا (من ذلك) وأتى بقوله "وسطًا" بعد قوله "بين" وإن كان معلومًا منه ليبين أنه في حاق الوسط من قرب لأحد الجانبين.
17 - باب غَسْلِ الْخَلُوقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ
(باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب) بفتح الخاء وضم اللام مخففة وآخره قاف ضرب من الطيب يعمل فيه زعفران.
1536 -
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ "أَنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنه: أَرِنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْجِعْرَانَةِ -وَمَعَهُ
نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ -جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَهْوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً، فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى يَعْلَى، فَجَاءَ يَعْلَى -وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ- فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحْمَرُّ الْوَجْهِ وَهُوَ يَغِطُّ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: أَيْنَ الَّذِي سَأَلَ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ فَقَالَ: اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَانْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ". قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَادَ الإِنْقَاءَ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ". [الحديث 1536 - أطرافه في: 1789، 1847، 4329، 4985].
وبالسند قال: (قال أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل كذا أورده بصيغة التعليق، وبه جزم الإسماعيلي وأبو نعيم، وقيل: إنه وقع في نسخة أو رواية حدّثنا أبو عاصم قال: (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك قال: (أخبرني) بالإفراد (عطاء) هو ابن أبي رباح (أن صفوان بن يعلى أخبره أن) أباه (يعلى) بن أمية التميمي المعروف بابن منية بضم الميم وسكون النون وفتح التحتية وهي أمه وقيل جدته (قال لعمر:) بن الخطاب (رضي الله عنه أرني النبي صلى الله عليه وسلم حين يوحى إليه. قال: فبينما النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة) بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء كما ضبطه جماعة من اللغويين ومحققي المحدّثين، ومنهم من ضبطه بكسر العين وتشديد الراء وعليه أكثر المحدّثين. قال صاحب المطالع: أكثر المحدّثين يشددونها وأهل الأدب يخطئونهم ويخففونها وكلاهما صواب (ومعه)
عليه الصلاة والسلام (نفر من أصحابه) جماعة منهم والواو للحال وكان ذلك في سنة ثمان وجواب بينما قوله: (جاءه رجل) قال الحافظ ابن حجر: لم أعرف اسمه، لكن ذكر ابن فتحون في الذيل عن تفسير الطرطوشي أن اسمه عطاء ابن منية. قال ابن فتحون: فإن ثبت ذلك فهو يعلى الراوي (فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متضمخ) بالضاد والخاء المعجمتين أي متلطخ (بطيب؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة فجاءه الوحي، فأشار عمر رضي الله عنه إلى يعلى فجاء يعلى وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوب قد أظل به) بضم الهمزة وكسر الظاء المعجمة مبنيًا للمفعول والنائب عن الفاعل ضمير يعود على النبي صلى الله عليه وسلم أي: جعل الثوب له كالظلة يستظل به (فأدخل) يعلى (رأسه)، ليراه عليه الصلاة والسلام حال نزول الوحي وهو محمول على أن عمر ويعلى علما أنه صلى الله عليه وسلم لا يكره الإطلاع عليه في ذلك الوقت لأن فيه تقوية الإيمان بمشاهدة حال الوحي الكريم، (فإذا النبي صلى الله عليه وسلم محمّر الوجه وهو يغط)، بغين معجمة مكسورة وطاء مهملة مشدّدة من الغطيط وهو صوت النفس المتردد من النائم من شدة ثقل الوحي، (ثم سري عنه) عليه الصلاة والسلام بسين مهملة مضمومة وراء مشددة أي كشف عنه شيئًا فشيئًا. وروي بتخفيف الراء أي كشف عنه ما يتغشاه من ثقل الوحي، يقال: سروت الثوب وسريته نزعته والتشديد أكثر لإفادة التدريج (فقال): "أين الذي سأل عن العمرة"(فأتي برجل فقال): عليه الصلاة والسلام (اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات) استدلّ به
على منع استدامة الطيب بعد الإِحرام للأمر بغسل أثره من الثوب والبدن لعموم قوله: اغسل الطيب الذي بك وهو قول مالك ومحمد بن الحسن.
وأجاب الجمهور بأن قصة يعلى كانت بالجعرانة سنة ثمان بلا خلاف كما مرّ وقد ثبت عن عائشة أنها طيبته صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من الأمر، والظاهر أن العامل في ثلاث مرات أقرب الفعلين إليه وهو: اغسل وعليه فيكون قوله ثلاث مرات من جملة مقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو نص في تكرر الغسل، ويحتمل أن يكون العامل فيه قال أي قال له النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات اغسل الطيب، فلا يكون فيه تنصيص على أمره بثلاث غسلات إذ ليس في قوله اغسل الطيب تصريح بالغسلات الثلاث لاحتمال كون المأمور به غسلة واحدة، لكنه أكد في شأنها وعلى الأول فهمه ابن المنير فإنه قال في الحديث ما يدل على أن المعتبر في هذا الباب ذهاب الجرم الظاهر لا الأثر بالكلية، لأن الصباغ لا يزول لونه ولا رائحته بالكلية بثلاث مرات، فعلى هذا من غسل الدم من ثوبه لم يضره بقاء طبعه انتهى.
لكن لو كان في الحديث ما يدل على أن الخلوق كان في الثوب أمكن ما قاله، ولكن ظاهره أن الخلوق كان في بدنه لا في ثيابه لقوله: وهو متضمخ بطيب. وإذا كان الخلوق في البدن أمكن أن تزول رائحته ولونه بالكلية بغسله ثلاث مرات لأن علوق الطيب بالبدن أخف من علوقه بالثوب قاله في المصابيح.
(وانزع عنك الجبة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك) وللكشميهني: ما تصنع في حجتك بإسقاط كاف كما وتاء حجتك وفيه دلالة على أنه كان يعرف أعمال الحج قبل ذلك، وعند مسلم والنسائي من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء في هذا الحديث فقال: ما كنت صانعًا في حجك: قال أنزع عني هذه الثياب وأغسل عني هذا الخلوق. فقال: ما كنت صانعًا في حجك فاصنعه في عمرتك أي فلما ظن أن العمرة ليست كالحج قال له إنها كالحج في ذلك، وقد تبين أن المأمور به في قوله اصنع الغسل والنزع.
قال ابن جريج: (قلت لعطاء: أراد) عليه الصلاة والسلام (الإنقاء حين أمره) عليه الصلاة والسلام (أن يغسل ثلاث مرات؟ قال: نعم) أراد الإنقاء وهو يؤيد الاحتمال الأول وهو أن يكون ثلاث مرات معمولاً لاغسل وأنه من كلام النبي