الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سيأتي صريحًا إن شاء الله تعالى في أول الباب التالي، وقد سبق هذا الحديث في باب التمتع والقران وقد أخرجه الجماعة إلا الترمذي.
127 - باب الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الإِحْلَالِ
(باب الحلق والتقصير عند الإحلال) من الإحرام وهو نسك لا استباحة محظور للدعاء لفاعله بالرحمة كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى والدعاء ثواب والثواب إنما يكون على العبادات لا على المباحات ولتفضيله أيضًا على التقصير إذ المباحات لا تتفاضل ولا تحلل للحج والعمرة بدونه كسائر أركانهما إلا لمن لا شعر برأسه فيتحلل منهما بدونه، والحلق أفضل للرجال كما سيأتي فلا يؤمر به بعد نبات شعره ولا يفدي عاجز عن أخذه لجراحة أو نحوها بل يصبر إلى قدرته ولا يسقط عنه، ويستحب لمن لا شعر برأسه أن يمر الموسى عليه تشبيهًا بالحالقين وليس بفرض عند الحنفية بل هو واجب وقيل مستحب، وأقل ما يجزئ عند الشافعية ثلاث شعرات. وعند أبي حنيفة ربع الرأس،
وعند أبي يوسف النصف، وعند أحمد أكثرها، وعند المالكية تجميع شعر رأسه ويستوعبه بالتقصير من قرب أصله.
قال العلامة الكمال بن الهمام: اتفق الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي أن قال كل منهم بأنه يجزئ في الحلق القدر الذي قال: إنه يجزئ في الوضوء ولا يصح أن يكون هذا منهم بطريق القياس لأنه يكون قياسًا لأنه بلا جامع يظهر أثره، وذلك لأن حكم الأصل على تقدير القياس وجوب المسح ومحله المسح وحكم الفرع وجوب الحلق ومحله الحلق للتحلل ولا يظن أن محل الحكم الرأس إذ لا يتحد الفرع والأصل وذلك أن الأصل والفرع، هما محلا الحكم المشبه به والمشبه والحكم هو الوجوب مثلاً ولا قياس يتصور مع اتحاد محله إذ لا اثنينية، وحينئذٍ فحكم الأصل وهو وجوب المسح ليس فيه معنى يوجب جواز قصره على الربع وإنما فيه نفس النص الوارد فيه وهو قوله تعالى:{وامسحوا برؤوسكم} بناء إما على الإجمال والتحاق حديث الغيرة بيانًا أو على عدمه، والمفاد بسبب الباء إلصاق اليد كلها بالرأس لأن الفعل حينئذٍ يصير متعديًا إلى الآلة بنفسه فيشملها، وتمام اليد يستوعب الربع عادة فيتعين قدره لا أن فيه معنى ظهر أثره في الاكتفاء بالربع أو بالبعض مطلقًا أو تعين الكل وهو متحقق في وجوب حلقها عند التحلل من الإحرام ليتعدى الاكتفاء بالربع من المسح إلى الحلق وكذا الآخران، وإذا انتفت صحة القياس فالموجع في كل من المسحة وحلق التحلل ما يفيد نصه الوارد فيه والوارد في المسح دخلت فيه الباء على الرأس التي هي الحل فأوجب عند الشافعي التبعيض وعندنا وعند مالك لا بل الإلصاق غير أنا لاحظنا "تعدي الفعل للآلة فيجب قدرها من الرأس، ولم يلاحظها مالك رحمه الله فاستوعب الكل أو جعلها صلة كما في {فامسحوا بوجوهكم} [المائدة: 6] في آية التيمم فاقتضى وجوب استيعاب المسح، وأما الوارد في الحلق فمن الكتاب قوله تعالى: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم] [الفتح: 27] من غير باء ففيها إشارة إلى طلب تحليق الرؤوس أو تقصيرها وليس فيها ما هو الموجب بطريق التبعيض على اختلافه عندنا وعند الشافعي وهو دخول الباء على المحل، ومن السنة فعله عليه الصلاة والسلام وهو الاستيعاب فكان مقتضى الدليل الاستيعاب كما هو قول مالك وهو الذي أدين الله به والله أعلم.
1726 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ "حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّتِهِ". [الحديث 1726 - طرفاه في: 4410، 4411].
وبالسند قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب بن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي المعجمة (قال نافع) مولى ابن عمر: (كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول):
(حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم) رأسه (في حجته) أي حجة الوداع، وهذا طرف من حديث طويل رواه مسلم من حديث نافع أن ابن عمر أراد الحج عام نزول الحجاج بابن الزبير الحديث، وفيه: ولم يحلل من شيء حرم منه حتى كان يوم النحر فنحر وحلق.
1727 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ". وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي نَافِعٌ "رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ". قَالَ: وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ "وَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) في حجة الوداع أو في الحديبية أو في الموضعين جمعًا بين الأحاديث:
(اللهم ارحم المحلقين)(قالوا) أي الصحابة: قال الحافظ ابن حجر ولم أقف في شيء من الطرق على الذين تولوا السؤال في ذلك بعد
البحث الشديد اهـ.
وفي رواية ابن سعد في الطبقات في غزوة الحديبية كما سيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا أن عثمان وأبا قتادة هما اللذان قصرا ولم يحلقا في عام الحديبية. قال شيخ الإسلام الجلال بن البلقيني: فيحتمل أن يكونا هما اللذان قالا: (والمقصرين) أي: قل وارحم المقصرين (يا رسول الله قال): صلى الله عليه وسلم (اللهم ارحم المحلقين)(قالوا) قل (و) ارحم (المقصرين يا رسول الله قال): (و) ارحم (المقصرين) بالنصب فالعطف على محذوف ومثله يسمى التلقيني كقوله تعالى: ({إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [البقرة: 124] قال الزمخشري في كشافه: ومن ذريتي عطف على الكاف كأنه قال: وجاعل بعض ذريتي كما يقال: سأكرمك فتقول وزيدًا اهـ.
وتعقبه أبو حيان فقال: لا يصح العطف على الكاف. لأنها مجرورة فالعطف عليها لا يكون إلا بإعادة الجار ولم يعدو لأن من لا يمكن تقدير الجار مضافًا إليها لأنها حرف فتقديرها بأنها مرادفة لبعض حتى يقدّر جاعل مضافًا إليها لا يصح، ولا يصح أن يكون تقدير العطف من باب العطف على موضع الكاف لأنه نصب فيجعل من في موضع نصب لأن هذا ليس مما يعطف فيه على الموضع على مذهب سيبويه لفوات المجوّز وليس نظير سأكرمك فتفول وزيدًا لأن الكاف هنا في موضع نصب، والذي يقتضيه المعنى أن يكون (ومن ذريتي) متعلقًا بمحذوف التقدير واجعل من ذريتي إمامًا لأن إبراهيم فهم من قوله (إني جاعلك للناس إمامًا) الاختصاص فسأل الله أن يجعل من ذريته إمامًا اهـ.
(وقال الليث) بن سعد الإمام (حدثني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر مما وصله مسلم (رحم الله المحلقين مرة أو مرتين) شك الليث إذ الأكثرون على وفاق ما رواه مالك، لأن في معظم الروايات عنه إعادة الدعاء للمحلقين مرتين وعطف المقصرين عليه في الثالثة، وانفرد يحيى بن بكير دون رواة الموطأ بإعادة ذلك ثلاثًا كما نبه عليه أبو عمر في التقصي ولم ينبه عليه في التمهيد. (قال:
وقال عبيد الله): بضم العين مصغرًا وهو العمري مما وصله مسلم (حدثني) بالإفراد (نافع قال) ولغير أبي الوقت: وقال: (في الرابعة والمقصرين) أي وارحم المقصرين.
1728 -
حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَهَا ثَلَاثًا قَالَ: وَلِلْمُقَصِّرِينَ".
وبه قال: (حدّثنا عياش بن الوليد) بالمثناة التحتية المشدّدة والشين المعجمة الرقام ووقع في رواية ابن السكن عباس بالموحدة والمهملة قال أبو عليّ الجياني: والأوّل أرجح بل هو الصواب قال: (حدّثنا عمارة بن القعقاع) بتخفيف الميم بعد ضم العين ابن القعقاع بقافين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة وبعد الألف مهملة أخرى ابن شبرمة (عن أبي زرعة) هرم أو عبد الله أو عبد الرحمن بن عمرو البجلي (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع. قال في الفتح: أو في الحديبية، وصحح النووي الأوّل، والثاني ابن عبد البر، وجزم به إمام الحرمين في النهاية، وجوّز النووي وقوعه في الموضعين. قال في الفتح: ولم يقع في شيء من الطرق التصريح بسماع أي هريرة رضي الله عنه لذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ولو وقع لقطعنا بأنه كان في حجة الوداع لأنه شهدها ولم يشهد الحديبية.
(اللهم اغفر للمحلقين) قال في حديث ابن عمر: ارحم، وقال هنا: اغفر، فيحتمل أن يكون بعض الرواة رواه بالمعنى أو قالهما جميعًا (قالوا): أي الصحابة يا رسول الله ضم إليهم المقصرين وقل اللهم اغفر للمحلقين (وللمقصرين، قال): (اللهم اغفر للمحلقين)(قالوا وللمقصرين، قال): (اللهم اغفر للمحلقين)(قالوا: وللمقصرين قالها ثلاثًا) أي قال: اغفر للمحلقين ثلاث مرات، وفي الرابعة:(قال): (وللمقصرين) وفيه تفضيل الحلق للرجال على التقصير الذي هو أخذ أطراف الشعر لقوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] إذ العرب تبدأ بالأهم والأفضل نعم إن اعتمر قبل الحج في وقت لو حلق فيه جاء يوم النحر ولم يسودّ رأسه من الشعر فالتقصير له أفضل كذا نقله الأسنوي عن نص الشافعي في الإملاء قال: وقد تعرض النووي في شرح مسلم للمسألة، لكنه أطلق أنه يستحب للمتمتع أن يقصر في العمرة