الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذكور في المحل إنما هو بالقياس على القتل. اهـ.
وقال المالكية: إن صيد لأجل المحرم فعلم به وأكل عليه الجزاء لا في أكلها. وقال الحنابلة: إن أكله كله فعليه الجزاء وإن أكل بعضه ضمنه بمثله من اللحم.
6 - باب إِذَا أَهْدَى لِلْمُحْرِمِ حِمَارًا وَحْشِيًّا حَيًّا لَمْ يَقْبَلْ
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا أهدى) الحلال (للمحرم حمارًا وحشيًا حيًّا لم يقبل) أي لا يقبل.
1825 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ "أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ -أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَاّ أَنَّا حُرُمٌ". [الحديث 1825 - طرفاه في: 2573، 2596].
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله) بتصغير عبد (بن عبد الله بن عتبة بن مسعود) بضم العين المهملة وسكون المثناة الفوقية (عن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما (عن الصعب بن جثامة) بفتح الصاد وسكون العين المهملتين آخره موحدة وجثامة بفتح الجيم والمثلثة المشددة وبعد الألف ميم ابن قيس بن ربيعة (الليثي) من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وكان حليف قريش، وأمه أخت أبي سفيان بن حرب، واسمها فاختة، وقيل زينب، ويقال إنه أخو ملحم بن جثامة يقال: مات في خلافة أبي بكر، ويقال في آخر خلافة عمر قاله ابن حبان، ويقال في خلافة عثمان. وقال يعقوب بن سفيان: أخطأ من قال إن الصعب بن جثامة مات في خلافة أبي بكر خطأ بينًا، فقد روى ابن إسحاق عن عمر بن عبد الله أنه حدثه عن عروة أنه قال: لما ركب أهل العراق في الوليد بن عقبة كانوا خمسة منهم الصعب بن جثامة وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين عوف بن مالك، واعلم أنه لم يختلف على مالك في سياق هذا الحديث معنعنًا وأنه من مسند الصعب بن جثامة إلا أنه وقع في موطأ ابن وهب عن ابن عباس أن الصعب بن جثامة فجعله من مسند ابن عباس، وكذا أخرجه مسلم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قال الحافظ ابن حجر: والمحفوظ في حديث مالك الأول يعني: أنه من مسند الصعب بن جثامة (أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارًا وحشيًا) الأصل في أهدى أن يتعدى بإلى وقد يتعدى باللام ويكون بمعناه ولم يقل في الحديث حيًا كما ترجم وكأنه فهمه من موله حمارًا ولم تختلف الرواة عن مالك في قوله حمارًا، وممن رواه عن الزهري كما رواه مالك: وابن جريج، وعبد الرحمن بن الحرث، وصالح بن كيسان، والليث، وابن أبي ذئب، وشعيب بن أبي حمزة، ويونس، ومحمد بن عمرو بن علقمة كلهم قال فيه: أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمار وحش كما قال مالك، وخالفهم ابن عيينة عن الزهري فقال: لحم حمار وحش أخرجه مسلم من طريق الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقد توبع عليه من أوجه: ففي مسلم أيضًا من لحم حمار وحش، وفي رواية له من طريق الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما رجل حمار وحش، وفي أخرى عجز حمار وحش يقطر دمًا، وفي أخرى له شق حمار وحش. قال النووي: وهذه الطرق التي ذكرها مسلم صريحة في أنه مذبوح وأنه إنما أهدي بعض لحم لأكله اهـ.
ولا معارضة بين رجل حمار وعجزه وشقه إذ يندفع بإرادة رجل معها الفخذ وبعض جانب الذبيحة، فوجب حمل رواية أهدي حمارًا على كل الحيوان غير معهود لأنه لا يطلق على زيد أصبع ونحوه لأنه غير جائز لما عرف من أن شرط إطلاق اسم البعض على الكل التلازم كالرقبة على الإنسان والرأس، فإنه لا إنسان دونهما بخلاف نحو الرجل والظفر، وأما إطلاق العين على الرقيب فليس من حيث هو إنسان بل من حيث هو رقيب وهو من هذه الحيثية لا يتحقق بلا عين على ما عرف في التحصينات أو هو أحد معاني المشترك اللفظي كما عدّه الأكثر منها، ثم إن في هذا الحمل ترجيحًا للأكثر أو يحكم بغلط رواية الباب بناء على أن الراوي رجع عنها تبيينًا لغلطه.
قال الحميدي: كان سفيان أي ابن عيينة -يقول في الحديث: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حمار وحش، وربما قال: يقطر دمًا، وربما لم يقل ذلك وكان فيما خلا. قال: حمار وحش ثم صار إلى لحم حمار وحش حتى مات، وهذا يدل على رجوعه وثباته على ما رجع إليه
والظاهر أنه لتبيينه غلطه أولاً.
وقال البيهقي في المعرفة: مما قرأته فيها بعد أن ذكر من رواه عن الزهري نحو ما سبق، وكان ابن عيينة يضطرب فيه، فرواية العدد الذين لم يشكوا فيه أولى. وقال الشافعي في الأم: حديث مالك أن الصعب أهدى حمارًا أثبت من حديث من روى أنه أهدي له لحم حمار، وقال الترمذي: روى بعض أصحاب الزهري في حديث الصعب لحم حمار وحش وهو غير محفوظ اهـ.
فيكون رده لامتناع تملك المحرم الصيد، وعورض بأن الروايات كلها تدل على البعضية كما مرّ.
(وهو) أي: والحال أنه عليه الصلاة والسلام (بالأبواء) بفتح الهمزة وسكون الموحدة ممدودًا جبل من عمل الفرع بضم الفاء وسكون الراء بينه وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً
وسمي بذلك لما فيه من الوباء قاله في المطالع، ولو كان كما قيل لقيل الأوباء أو هو مقلوب عنه والأقرب أنه سمي به لتبوّئ السيول به (أو بودّان) بفتح الواو وتشديد الدال المهملة آخره نون موضع بقرب الجحفة أو قرية جامعة من ناحية الفرع، وودان أقرب إلى الجحفة من الأبواء فإن من الأبواء إلى الجحفة للآتي من المدينة ثلاثة وعشرين ميلاً، ومن ودّان إلى الجحفة ثمانية أميال والشك من الراوي، لكن جزم ابن إسحاق وصالح بن كيسان عن الزهري بودّان، وجزم معمر وعبد الرحمن بن إسحاق ومحمد بن عمر وبالأبواء (فرده عليه) ولأبي الوقت: فرد عليه بحذف ضمير المفعول أي: ردّ عليه السلام الحمار على الصعب، وقد اتفقت الروايات كلها على أنه عليه الصلاة والسلام ردّه عليه إلا ما رواه ابن وهب والبيهقي من طريقه بإسناد حسن من طريق عمرو بن أمية أن الصعب أهدى للنبيّ عجز حمار وحش وهو بالجحفة فأكل منه وأكل القوم. قال البيهقي: إن كان هذا محفوظًا فلعله ردّ الحي وقبل اللحم. قال الحافظ ابن حجر: وفي هذا الجمع نظر فإن كانت الطرق كلها محفوظ فلعله رده حيًا لكونه صيد لأجله وردّ اللحم تارة لذلك وقبله أخرى حيث علم أنه لم يصد لأجله، وقد قال الشافعي: إن كان الصعب أهدى حمار وحش حيًا فليس للمحرم أن يذبح حمار وحش حيًا وإن كان أهدى له لحمًا فقد يحتمل أن يكون علم أنه صيده، ونقل الترمذي عن الشافعي أنه ردّه لظنه أنه صيد من أجله فتركه على وجه التنزه، ويحتمل أن يحمل القبول المذكور في حديث عمرو بن أمية على وقت آخر وهو حال رجوعه صلى الله عليه وسلم من مكة، ويؤيده أنه جازم فيه بوقوع ذلك في الجحفة وفي غيرها من الروايات بالأبواء أو بودّان.
وقال القرطبي: جاز أن يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحًا ثمّ قطع منه عضوًا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فقدمه له فمن قال أهدى حمارًا أراد بتمامه مذبوحًا لا حيًا، ومن قال لحم حمار أراد ما قدمه للنبي صلى الله عليه وسلم.
(فلما رأى) عليه الصلاة والسلام (ما في وجهه) أي وجه الصعب من الكراهة لا حصل له من الكسر في رد هديته (قال): عليه الصلاة والسلام تطييبًا لقلبه.
(إنا) بكسر الهمزة لوقوعها في الابتداء (لم نرده) بفتح الدال في اليونينية وهو رواية المحدثين، وذكر ثعلب في الفصيح، لكن قال المحققون من النحاة أنه غلط والصواب ضم الدال كآخر المضاعف من كل مضاعف مجزوم اتصل به ضمير الذكر مراعاة للواو التي توجبها ضمة الهاء بعدها لخفاء الهاء فكأن ما قبلها وليه الواو ولا يكون ما قبل الواو إلا مضمومًا كما فتحوها مع هاء المؤنث نحو نردّها مراعاة للألف ولم يحفظ سيبويه في نحو هذا إلا الضم كما أفاده السمين، وصرح جماعة منهم ابن الحاجب بأنه مذهب البصريين وجوز الكسر أيضًا وهو أضعفها فصار فيها ثلاثة أوجه، وللحموي والكشميهني: لم نردده بفك الإدغام فالدال الأولى مضمومة والثانية مجزومة وهو واضح والمعنى أنا لم نردّه (عليك) لعلة من العلل (إلا أنا حُرُم) بفتح الهمزة وضم الحاء والراء أي إلا لأنا محرمون. زاد صالح بن كيسان عند النسائي: لا نأكل الصيد، وفي رواية شعبة عن ابن عباس: لولا
إنا محرمون لقبلناه منك، وهذا يقتضي تحريم أكل المحرم لحم الصيد مطلقًا سواء صيد له أو يأمره وهو مذهب نقل عن