الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حملاً على يواخي ومواخاة، والأصل يؤاخي مؤاخاة فقلبت الهمزة واوًا لفتحها بعد ضمه. (وقد أهلكهم الله) فلا حاجة لنا اليوم إلى ذلك بتركه لفقد سببه.
(ثم قال) بعد أن رجع عما هم به هو (شيء صنعه النبي) ولأبي الوقت: رسول الله (صلى الله عليه وسلم، فلا نحب أن نتركه) لعدم اطلاعنا على حكمته وقصور عقولنا عن إدراك كنهه، وقد يكون فعله سببًا باعثًا على تذكر نعمة الله تعالى على إعزازه الإسلام وأهله، وزاد الإسماعيلي في روايته: ثم رمل. وقد أخرج المؤلّف هذا الحديث أيضًا وكذا مسلم والنسائي.
1606 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ "مَا تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ مُنْذُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُمَا. قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ؟ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَمْشِي لِيَكُونَ أَيْسَرَ لاِسْتِلَامِهِ". [الحديث 1606 - طرفه في: 1611].
وبه قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد (قال: حدّثنا يحيى) القطان (عن عبيد الله) بضم العين وفتح الموحدة ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر القرشي المدني (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما. قال):
(ما تركت استلام هذين الركنين) اليمانيين (في شدة ولا رخاء منذ رأيت النبي) ولأبي الوقت: رسول الله (صلى الله عليه وسلم يستلمهما). قال عبيد الله: (فقلت لنافع أكان) بهمزة الاستفهام (ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (يمشي بين الركنين) اليمانيين أي ويرمل في غيرهما (قال) نافع: (إنما كان) ابن عمر (يمشي) بينهما ولا يرمل (ليكون) ذلك (أيسر) أي أرفق (لاستلامه) أي ليقوى عليه عند الازدحام، وهذا يدل على أنه كان يرمل في الباقي من البيت كما مرّ وبه يجاب عما أشار إليه الإسماعيلي من أنه لا مطابقة بين الترجمة والحديث إذ لا ذكر للرمل فيه.
58 - باب اسْتِلَامِ الرُّكْنِ بِالْمِحْجَنِ
(باب استلام الركن) الأسود (بالمحجن) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم بعدها نون عصا محنية الرأس أي يومئ إلى الركن حتى يصيبه.
1607 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ" تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ. [الحديث 1607 - أطرافه في: 1612، 1613، 1632، 5293].
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن صالح) أبو جعفر المصري المشهور بابن الطبراني كان أبوه من أهل طبرستان، (ويحيى بن سليمان) الجعفي (قالا: حدّثنا ابن وهب) عبد الله (قال: أخبرني) بالإفراد (يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبيد الله) بضم العين وفتح الموحدة (ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال):
(طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن) زاد مسلم من حديث أبي الطفيل ويقبل المحجن، وهذا مذهب الشافعي عند العجز عن الاستلام باليد، وإن استلم بيده لزحمة منعته من التقبيل قبلها كما في المجموع وعليه الجمهور، لكن نازع العز بن جماعة في تخصيص تقبيل اليد بتعذر تقبيل الركن، ولم يذكر في المحرر والمنهاج تقبيل اليد. وعند الحنفية: يضع يديه عليه ويقبلهما عند عدم إمكان التقبيل فإن لم يمكنه وضع عليه شيئًا كعصا فإن لم يتمكن من ذلك رفع يديه إلى أذنيه وجعل باطنهما نحو الحجر مشيرًا إليه كأنه واضع يديه عليه وظاهرهما نحو وجهه ويقبلهما. وعند المالكية، إن زوحم لمسه بيده أو بعود ثم يضعه على فيه من غير تقبيل فإن لم يصل كبر إذا حاذاه ومضى ولا يشير بيده، ومذهب الحنابلة كالشافعية.
ورواة هذا الحديث ما بين مصري وكوفي ومدني وأيلي، وفيه التحديث والإخبار بالجمع والإفراد والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة في الحج.
(تابعه) أي تابع يونس عن ابن شهاب عبد العزيز (الدراوردي) بفتح الدال المهملة والراء والواو وسكون الراء وكسر الدال (عن ابن أخي الزهري) محمد بن عبد الله (عن عمه) محمد بن مسلم الزهري، وأخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن محمد بن عباد عن الدراوردي فذكره، ولم يقل حجة الوداع ولا على بعير، وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى.
59 - باب مَنْ لَمْ يَسْتَلِمْ إِلَاّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ
(باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين) الأسود الذي يليه دون الركنين الشاميين، وياء اليمانيين مخففة على المشهور لأن الألف فيه عوض عن ياء النسب فلو شددت لزم الجمع بين العوض والمعوض.
1608 -
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ قَالَ "وَمَنْ يَتَّقِي شَيْئًا مِنَ الْبَيْتِ؟ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّهُ لَا يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ. فَقَالَ: لَيْسَ شَىْءٌ مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُورًا. وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ".
(وقال محمد بن بكر) بفتح الموحدة البرساني بضمها وسكون الراء وبالسين المهملة نسبة إلى برسان حي من الأزد (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ونسبه لجده لشهرته به (قال: أخبرني) بالإفراد (عمرو
بن دينار) بفتح العين (عن أبي الشعثاء) مؤنث الأشعث واسمه جابر بن زيد مما وصله أحمد في مسنده (أنّه قال ومن) استفهام على جهة الإنكار التوبيخي فلذا لم يحذف الياء بعد القاف من قوله (يتقي) أي لا ينبغي لأحد أن يتقي (شيئًا من البيت)؟ الحرام.
(وكان معاوية) رضي الله عنه مما وصله أحمد والترمذي والحاكم (يستلم الأركان) الأربعة، وفي رواية: فكان معاوية بالفاء وحينئذٍ فتكون من شرطية على مذهب من لا يوجب الجزم فيه (فقال: به ابن عباس رضي الله عنهما: إنه لا يستلم هذان الركنان) اللذان يليان الحجر لأنهما لم يتمما على قواعد إبراهيم فليسا بركنين أصليين، ويستلم بضم المثناة التحتية وفتح اللام مبنيًّا للمفعول الغائب، وهذان نائب عن الفاعل، والركنان صفة له، والهاء في أنه ضمير الشأن. وللحموي والمستملي كما في نسخة: لا يستلم بفتح المثناة هذين الركنين بالنصب على المفعولية، والضمير في أنه عائد على النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا فاعل لا يستلم ضمير يعود عليه صلى الله عليه وسلم. وفي رواية عزاها في اليونينية لأبي ذر الحموي والمستلمي، والأصيلي: لا تستلم بفتح المثناة الفوقية وجزم الميم على النهي، وفي رواية رابعة: لا نستلم بالنون بدل المثناة بلفظ المتكلم.
(فقال:) معاوية رضي الله عنه: (ليس شيء من البيت مهجورًا) ولأبي ذر: بمهجور بالموحدة قبل الميم، وهذا أجاب عنه. إمامنا الشافعي بأنا لم ندع استلامهما هجرًا للبيت وكيف نهجره ونحن نطوف به. ولكننا نتبع السنة فعلاً وتركًا ولو كان ترك استلامهما هجرًا لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرًا له ولا قائل به. وقال الداودي: ظن معاوية أنهما ركنا البيت الذي وضع عليه من أول وليس كذلك لما سبق في حديث عائشة.
(وكان ابن الزبير) عبد الله مما وصله ابن أبي شيبة (يستلمهن كلهن) أي الأربعة لأنه لما عمر الكعبة أتمها على قواعد إبراهيم كذا حمله ابن التين، فزال مانع عدم استلام الآخرين، ويؤيد هذا الحمل ما أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة أنه لما فرغ من بناء البيت وأدخل فيه من الحجر ما أخرج منه ورد الركنين على قواعد إبراهيم طاف للعمرة واستلم الأركان الأربعة، ولم يزل على بناء ابن الزبير إذا طاف استلمها جميعًا حتى قتل ابن الزبير وروي أيضًا أن آدم لما حج استلم الأركان كلها وكذا إبراهيم وإسماعيل.
1609 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما قَالَ "لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَاّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ".
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: (حدّثنا ليث) هو ابن سعد (عن ابن شهاب) الزهري (عن سالم بن عبد الله عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما. قال): "لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين" لأنهما على القواعد الإبراهيمية، ففي الركن الأسود فضيلتان: كون الحجر فيه، وكونه على القواعد وفي الثاني الثانية فقط ومن ثم خص الأول بمزيد تقبيله دون الثاني. وحديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الركن اليماني ووضع خده عليه رواه جماعة منهم ابن المنذر والحاكم وصححه وضعفه بعضهم، وعلى تقدير صحته فهو محمول على الحجر الأسود لأن المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم استلم الركن اليماني فقط، وإذا استلمه قبل يده على الأصح عند الشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن من الحنفية، وهو المنصوص في الأم. ولم يتعرض في المحرر والمنهاج والحاوي الصغير لتقبيل اليد، وحديث: أنه-صلى الله عليه وسلم استلم الحجر فقبله واستلم الركن اليماني فقبل يده ضعفه البيهقي وغيره. وقال المالكية: يستلمه ويضع يده على فيه ولا يقبلها فإن لم يستطع كبّر إذا حاذاه ولا يشير إليه بيده، ونص جماعة من متأخري الشافعي أنه يشير إليه عند العجز عن استلامه، ولم يذكر ذلك النووي ولا الرافعي وسكوتهما كما قال العز بن جماعة دليل على عدم الاستحباب، وبه صرح بعض متأخري الشافعية قال: وهو الذي اختاره لأنه لم ينقل عنه عليه الصلاة والسلام، لكن لا بأس به كتقبيل يده بعد استلامه إذ أنهما أي الإشارة وتقبيل اليد بعد الاستلام ليسا بسنّة، وكذا تقبيل نفس الركن لا بأس به كما جزم به في الأم، واستحبه بعض