الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي عمرة القضية (و) الثالثة (من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين) بالصرف (و) الرابعة (عمرة مع حجته) في ذي الحجة كما مرّ. قال القابسي: هذا الاستثناء كلام زائد وصوابه أربع عمر في ذي القعدة وعمرته من الحديبية إلى آخره وقد عدها في آخر الحديث فكيف يستثنيها أولاً؟ قال عياض: والرواية عندي هي الصواب وقد عدها بعد في الأربع فكأنه قال: في ذي القعدة منها ثلاث والرابعة عمرته في حجته.
1781 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ "سَأَلْتُ مَسْرُوقًا وَعَطَاءً وَمُجَاهِدًا فَقَالُوا: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ. وَقَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ مَرَّتَيْنِ". [الحديث 1781 - أطرافه في: 1844، 2698، 2699، 2700، 3184، 4251].
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن عثمان) بن حكيم بن دينار الأودي قال: (حدّثنا شريح بن مسلمة) بفتح اليمين واللام وشريح بالشين المعجمة المضمومة والحاء المهملة قال: (حدّثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه) يوسف بن إسحاق الهمداني السبيعي (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (قال: سألت مسروقًا) يعني ابن الأجدع (وعطاء) هو ابن أبي رباح (ومجاهدًا) هو ابن جبر أي كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا): (اعتمر رسول الله) ولأبي الوقت: النبي (صلى الله عليه وسلم ذي القعدة) وسقط قوله في ذي القعدة في رواية أبوي ذر والوقت (قبل أن يحج) حجة الوداع.
(وقال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما يقول): (اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين) لا يدل على نفي غيره لأن مفهوم العدد لا اعتبار له، وقيل إن البراء لم يعدّ الحديبية لكونها لم تتم والتي مع حجته لأنها دخلت في أفعال الحج وكلهن أي الأربعة في القعدة في أربعة أعوام على ما هو الحق كما ثبت عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة، ولا ينافيه كون عمرته التي مع حجته في ذي الحجة لأن مبدأها كان في ذي القعدة لأنهم خرجوا لخمس بقين من ذي القعدة كما في الصحيح وكان إحرامه بها في وادي العقيق قبل أن يدخل ذو الحجة وفعلها كان في ذي الحجة فصح طريقًا الإثبات والنفي.
وأما ما رواه الدارقطني عن عائشة خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة رمضان فقد حكم الحفاظ بغلط هذا الحديث إذ لا خلاف أن عمره لم تزد على أربع، وقد عينها أنس وعدّها ونيس فيها
ذكر شيء منها في غير ذي القعدة سوى التي مع حجته ولو كانت له عمرة في رجب وأخرى في رمضان لكانت ستًا ولو كانت أخرى في شوال كما هو في سنن أبي داود عن عائشة أنه عليه الصلاة والسلام اعتمر في شوال كانت سبعًا، والحق في ذلك أن ما أمكن فيه الجمع وجب ارتكابه دفعًا للمعارضة وما لم يمكن فيه حكم بمقتضى الأصح والأثبت وهذا أيضًا ممكن الجمع بإرادة عمرة الجعرانة فإنه عليه الصلاة والسلام خرج إلى حنين في شوال والإحرام بها في القعدة فكان مجازًا للقرب هذا إن صح وحفظ وإلاّ فالمعول عليه الثابت والله أعلم.
ورواة هذا الحديث كلهم كوفيون إلا عطاء ومجاهدًا فمكيان، وفيه التحديث والعنعنة والسؤال والسماع والقول.
4 - باب عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ
(باب) فضل (عمرة) تفعل (في) شهر (رمضان).
1782 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يُخْبِرُنَا يَقُولُ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ -سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا- مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟ قَالَتْ: كَانَ لَنَا نَاضِحٌ، فَرَكِبَهُ أَبُو فُلَانٍ وَابْنُهُ -لِزَوْجِهَا وَابْنِهَا- وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِي فِيهِ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ حَجَّةٌ". أَوْ نَحْوًا مِمَّا قَالَ. [الحديث 1782 - طرفه في: 1863].
وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) بفتح السين المهملة بعد ضم الميم والدال الأولى مشدّدة قال: (حدّثنا يحيى) القطان (عن ابن جريج) عبد الملك (عن عطاء) هو ابن أبي رباح ولمسلم أخبرني عطاء (قال: سمعت قال ابن عباس رضي الله عنهما) حال كونه (يخبرنا) وحال كونه (يقول: قال رسول الله) ولأبي الوقت قال النبي (صلى الله عليه وسلم).
(لامرأة من الأنصار) هي أم سنان كما عند المصنف وصحيح مسلم في باب حج النساء (سماها ابن عباس) قال ابن جريج (فنسيت اسمها) وليس الناسي عطاء لأنه سماها في حديثه المروي عند المؤلّف من طريق حبيب العلم عنه في باب: حج النساء، لكن يحتمل أن يكون عطاء كان ناسيًا لاسمها لما حدث به ابن جريج وذاكرًا له لما حدث حبيبًا (ما منعك أن تحجين معنا)! بإثبات نون تحجين على إهمال أن الناصبة وهو قليل، وبعضهم ينقل أنها لغة لبعض العرب، ولأبي ذر وابن عساكر: أن تحجي بحذفها على إعمال أن وهو المشهور (قالت): أي أم سنان (كان لنا ناضح) بالنون والضاد المعجمة المكسورة
وبالحاء المهملة البعير الذي يستقى عليه (فركبه أبو فلان وابنه لزوجها) أبي سنان (وابنها) سنان. وفي النسائي والطبراني في قصة تشبه هذه اسمها أم معقل زينب وزوجها أو معقل الهيثم ووقع مثله لأم طليق وأبي طليق عند ابن أبي شيبة وابن السكن، وعند ابن
حبان في صحيحه قالت أم سليم: حج أبو طلحة وابنه وتركاني، ونحوه عند ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عطاء والابن المذكور الظاهر أنه أنس لأن أبا طلحة لم يكن له ابن كبير يحج فيكون المراد بالابن أنسًا مجازًا، ويؤيد ذلك أن في حديث البخاري أنها من الأنصار وليست أم معقل أنصارية، بل وفي سنن أبي داود أن أبا معقل لم يحج معهم بل تأخر لمرضه فمات، وأما أم سنان فهي أنصارية أيضًا، وبالجملة فيحتمل أنها وقائع متعددة لمن ذكر هنا والضمير في قوله لزوجها وابنها للمرأة المذكورة من الأنصار، ولمسلم ناضحان كانا لأبي فلان زوجها حج هو وابنه على أحدهما.
(وترك ناضحًا ننضح عليه). بفتح الضاد في الفرع وغيره وضبطه الحافظ ابن حجر والعيني بالكسر كالنووي في شرح مسلم (قال) صلى الله عليه وسلم:
(فإذا كان رمضان) بالرفع على أن كان تامة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فإذا كان في رمضان (اعتمري) وفي نسخة: فاعتمري (فيه، فإن عمرة في رمضان حجة)(أو نحوًا مما قال) وللمستملي: أو نحوًا من ذلك، وسقط في رواية ابن عساكر قوله مما قال، وحجة بالرفع خبر إن أي كحجة في الفضل، ولمسلم فإن عمرة فيه تعدل حجة ولعل هذا هو السبب في قول المؤلّف أو نحوًا مما قال. وقال المظهري في قوله: تعدل حجة أي تقابل وتماثل في الثواب لأن الثواب يفضل بفضيلة الوقت. وقال الطيبي: هذا من باب المبالغة وإلحاق الناقص بالكامل ترغيبًا وبعثًا عليه وإلا كيف يعدل ثواب العمرة ثواب الحج، قال ابن خزيمة رحمه الله: إن الشيء يشبه بالشيء ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها لأن العمرة لا يقضى بها فرض الحج ولا النذر اهـ.
وقول الزركشي كابن بطال: أن الحج الذي ندبها إليه تطوّعًا لأن العمرة لا تجزئ عن حجة الفريضة، ردّه ابن المنير فقال: هو وهم من ابن بطال لأن حجة الوداع أول حج أقيم في الإسلام، وقد تقدم أن حج أبي بكر كان إنذارًا ولم يكن فرض الإسلام قال فعلى هذا يستحيل أن تكون المرأة كانت قامت بوظيفة الحج بعد لأن أول حج لم تحضره هي ولم يأت زمان ثان عند قوله عليه الصلاة والسلام لها ذلك، وما جاء الحج الثاني إلا والرسول عليه الصلاة والسلام قد توفي فإنما أراد عليه الصلاة والسلام أن يستحثها على استدراك ما فاتها من البدر ولا سيما الحج معه عليه الصلاة والسلام لأن فيه مزية على غيره اهـ.
وتعقبه الحافظ ابن حجر فقال: وما قاله غير مسلم إذ لا مانع أن تكون حجت مع أبي بكر فسقط عنها الفرض بذلك بني على أن الحج إنما فرض في السنة العاشرة حتى يسلم مما يرد على مذهبه من القول بأن الحج على الفور.
وقال ابن التين: يحتمل أن يكون قوله حجة على بابه، ويحتمل أن يكون لبركة رمضان، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بهذه المرأة اهـ.
وفي رواية أحمد بن منيع قال سعيد بن جبير: ولا نعلم هذا إلا لهذه المرأة وحدها. وقال ابن الجوزي: فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وخلوص القصد اهـ.
وقال غيره لما ثبت أن عمره صلى الله عليه وسلم كانت كلها في ذي القعدة تردّد لبعض أهل العلم في أن أفضل أوقات العمرة أشهر الحج أو رمضان ففي رمضان ما تقدم مما يدل على الأفضلية، لكن فعله عليه الصلاة والسلام لما لم يقع إلا في أشهر الحج كان ظاهرًا أنه أفضل إذ لم يكن الله سبحانه وتعالى يختار لنبيه إلا ما هو الأفضل، أو أن رمضان أفضل لتنصيصه عليه الصلاة والسلام على ذلك فتركه لاقترانه بأمر يخصه كاشتغاله بعبادات أخرى في رمضان تبتلاً وأن لا يشق على أمته فإنه لو اعتمر فيه لخرجوا معه ولقد كان بهم رؤوفًا رحيمًا، وقد أخبر في بعض العبادات أنه تركها لئلا يشق على أمته مع محبته لذلك كالقيام في رمضان بهم ومحبته لأنه يستقي بنفسه سقاة زمزم كيلا يغلبهم الناس على سقايتهم، والطي يظهر أن العمرة في رمضان لغيره عليه الصلاة والسلام أفضل، وأما في حقه هو