الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لي مطعم) حال كونه (يطعمني و) لي (ساق) حال كونه (يسقين) بفتح أوله وحذف الياء وإثباتها كما تقدم، وهذا لا يعارضه حديث أبي صالح عن أبي هريرة المروي عند ابن خزيمة من طريق عبيدة بن حميد عن الأعمش عنه بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواصل إلى السحر ففعل بعض أصحابه ذلك فنهاه الحديث لأن المحفوظ في حديث أبي صالح إطلاق النهي عن الوصال بغير تقييد بالسحر، فرواية عبيدة هذه شاذة. وقد خالفه أبو معاوية وهو أضبط أصحاب الأعمش فلم يذكر ذلك أخرجه أحمد وغيره عن أبي معاوية وتابعه عبد الله بن نمير عن الأعمش كما سبق، وعلى تقدير أن تكون رواية عبيدة محفوظة فقد جمع ابن خزيمة بينهما باحتمال أن يكون نهي صلى الله عليه وسلم عن الوصال أولاً مطلقًا سواء جميع الليل أو بعضه، وعلى هذا يحمل حديث أبي صالح ثم خص النهي بجميع الليل فأباح الوصال
إلى السحر، وعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد، وقيل يحمل النهي في حديث أبي صالح على كراهة التنزيه، وفي حديث أبي سعيد على ما فوق السحر على كراهة التحريم قاله في الفتح.
ثم شرع المؤلّف في أبواب التطوّع بالصوم فقال:
51 - باب مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ
(باب من أقسم) حلف (على أخيه) وكان صائمًا (ليفطر) والحال أنه كان (في) صوم (التطوع ولم ير عليه) أي على هذا المفطر (قضاء) عن ذلك اليوم الذي أفطر فيه (إذا كان) الإفطار (أوفق له) بالواو في الفرع وغيره. وقال الحافظ ابن حجر: ويروى أرفق بالراء بدل الواو والضمير في له للمقسم عليه أي إذا كان المقسم عليه معذورًا بفطره ومفهومه عدم الجواز ووجوب القضاء على من تعمد بغير سبب ويأتي البحث في هذه المسألة آخر الباب إن شاء الله تعالى. وقال البرماوي كالكرماني: المعنى يفطر إذا كان الإفطار أرفق للمقسم الذي هو صاحب الطعام فإذا متعلقة بما استلزمه قوله لم ير عليه قضاء من جواز إفطاره.
قال الشافعية في باب وليمة العرس ولا تسقط إجابة بصوم فإن شق على الداعي صوم نفل فالفطر أفضل من إتمام الصوم وإن لم يشق عليه فالإتمام أفضل أما صوم الفرض فلا يجوز الخروج منه مضيقًا كان أو موسعًا كالنذر المطلق ولابن عساكر في نسخة إذ كان بسكون الذال يعني حين كان.
1968 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ كُلْ، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. قَالَ: فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ. ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمِ الآنَ، فَصَلَّيَا. فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ سَلْمَانُ". [الحديث 1968 - طرفه في: 6139].
وبالسند قال: (حدثنا محمد بن بشار) بالمعجمة المشددة بعد الموحدة العبدي البصري بندار قال: (حدّثنا جعفر بن عون) المخزومي القرشي قال: (حدّثنا أبو العميس) بضم العين المهملة وفتح الميم وإسكان التحتية آخره سين مهملة اسمه عتبة بن عبد الله بن مسعود (عن عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وإسكان المثناة التحتية وفتح الفاء (عن أبيه) أبي جحيفة وهب بن
عبد الله السوائي أنه (قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سليمان) بن عبد الله الفارسي ويقال له سلمان ابن الإسلام وسلمان الخير أصله من رامهرمز وقيل من أصبهان عاش فيما رواه أبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين ثلاثمائة وخمسين سنة ويقال إنه أدرك عيسى ابن مريم، وقيل بل أدرك وصي عيسى وكان أول مشاهده الخندق، وقال ابن عبد البر يقال أنه شهد بدرًا (و) بين (أبي الدرداء)، عويمر أو عامر بن قيس الأنصاري أول مشاهده أحد (فزار سلمان أبا الدرداء) في عهده صلى الله عليه وسلم وكان أبو الدرداء غائبًا (فرأى) سلمان (أم الدرداء) هي خيرة بفتح الخاء المعجمة بنت أبي حدرد الأسلمية الصحابية الكبرى وليست أم الدرداء الصغرى المسماة هجيمة (متبذّلة) بضم الميم وفتح المثناة الفوقية والموحدة وكسر المعجمة المشددة أي لابسة ثياب البذلة بكسر الموحدة وسكون المعجمة أي المهنة وزنًا ومعنى أي تاركة للباس الزينة وللكشميهني مبتذلة بميم مضمومة فموحدة ساكنة ففوقية مفتوحة فمعجمة مكسورة.
(فقال) سلمان (لها: ما شأنك)؟ يا أم الدرداء مبتذلة (قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا) وللدارقطني: من وجه آخر عن محمد بن عون في نساء الدنيا وزاد ابن خزيمة يصوم النهار ويقوم الليل، (فجاء أبو الدرداء) زاد الترمذي
فرحب بسلمان (فصنع له (طعامًا) وقربه إليه ليأكل (فقال): سلمان لأبي الدرداء (كُل قال): أبو الدرداء (فإني صائم) وفي رواية الترمذي فقال: كُل فإني صائم، وعلى هذا فالقائل أبو الدرداء والمقول له سلمان (قال) سلمان لأبي الدرداء (ما أنا بآكل) من طعامك (حتى تأكل). أراد سلمان أن يصرف أبا الدرداء عن رأيه فيما يصنعه من جهد نفسه في العبادة وغير ذلك مما شكته إليه زوجته (قال: فأكل)، أبو الدرداء معه.
فإن قلت: لم يذكر في هذا الحديث قسمًا من سلمان حتى تقع المطابقة بينه وبين الترجمة حيث قال من أقسم على أخيه؟ قلت أجاب ابن المنير بأنه إما لأنه في طريق آخر وإما لأن القسم في هذا السياق مقدر قبل لفظ ما أنا بآكل كما قدر في قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] وتعقبه في المصابيح بأنه يحتاج إلى إثبات الطريق الذي وقع فيه القسم والاحتمال ليس كافيًا في ذلك، وتقدير قسم هنا تقدير ما لا دليل عليه فلا يصار إليه انتهى.
وقد وقع في رواية البزار عن محمد بن بشار شيخ المؤلّف كما أفاده في الفتح فقال: أقسمت عليك لتفطرن، وكذا رواه ابن خزيمة عن يوسف بن موسى والدارقطني من طريق علي بن مسلم وغيره والطبراني من طريق أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة والعباس بن عبد العظيم، وابن حبان من طريق أبي خيثمة كلهم عن جعفر بن عون به، فكأن محمد بن بشار لم يذكر هذه الجملة لما حدث به المؤلّف وبلغ المؤلّف ذلك من غيره فاستعمل هذه الزيادة في الترجمة.
(فلما كان الليل) أي أوله (ذهب أبو الدرداء) حال كونه (يقوم) يعني يصلّي. وقد روى الطبراني هذا الحديث من وجه آخر عن محمد بن سيرين مرسلاً فعين الليلة التي بات سلمان فيها عند
أبي الدرداء ولفظه كان أبو الدرداء يحيي ليلة الجمعة ويصوم يومها. (قال) سلمان له (نم فنام) أبو الدرداء (ثم ذهب يقوم، فقال) له سلمان: (نم فلما كان من آخر الليل) عند السحر (قال) له (سلمان. قم الآن) فقام أبو الدرداء وسلمان وتوضأ (فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا) زاد الترمذي وابن خزيمة وإن لضيفك عليك حقًا (فأعط كل ذي حق حقه). بقطع همزة فأعط وللدارقطني فصم وأفطر ونم وائت أهلك (فأتى) أبو الدرداء (النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك) الذي قاله سلمان (له) عليه الصلاة والسلام (فقال النبي صلى الله عليه وسلم):
(صدق سلمان) وللترمذي فأتيا بالتثنية وفيه: أنه لا يجب إتمام صوم التطوع إذا شرع فيه كصلاته واعتكافه لئلا يغير الشروع حكم المشروع فيه ولحديث الترمذي وصححه الحاكم: الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ويقاس بالصوم الصلاة ونحوها، لكن يكره الخروج منه لظاهر قوله:{ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد صلى الله عليه وسلم: 33] وللخروج من خلاف من أوجب إتمامه كما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى إلا بعذر كمساعدة ضيف في أكل إذا عز عليه امتناع مضيفه منه أو عكسه فلا يكره الخروج منه، بل يستحب لحديث الباب مع زيادة الترمذي: وإن لضيفك عليك حقًا أما إذا لم يعز على أحدهما امتناع الآخر من ذلك فالأفضل عدم خروجه منه ذكره في المجموع، وإذا خرج منه قال المتولي: لا يثاب على ما مضى لأن العبادة لم تتم، وحكي عن الشافعي أنه يثاب عليه وهو الوجه إن خرج منه بعذر ويستحب قضاؤه سواء خرج بعذر أو بغيره وهذا مذهب الشافعية والحنابلة والجمهور، وقال المالكية: يجب البقاء في صوم النفل بالفطر إذا كان عمدًا حرامًا فلا قضاء على من أفطر ناسيًا ولا على من أفطر لعذر من مرض أو غيره، فلو شرع في صوم نفل وجب عليه إتمامه وحرم عليه الفطر من غير عذر ولو حلف عليه شخص بالطلاق الثلاث فإنه يحنثه ولا يفطر فإن أفطر وجب عليه القضاء إلا في كوالد وشيخ وإن لم يحلفا.
وفي حكايات أهل الطريق أن بعض الشيوخ حضر دعوة فعرض الطعام على تلميذه فقال: إني على نيّة وأبى أن يأكل فقال له الشيخ: كُلْ وأنا أضمن لك أجر سنة فأبى، فقال الشيخ: دعوه فإنه سقط من عين الله فنسأل الله العافية.
وقال الحنفية يلزمه القضاء مطلقًا أفسد عن قصد أو غير قصد بأن عرض الحيض للصائمة المتطوعة لا خلاف بين