الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتقدم وثانيه ولم يعزه لأحد (بصوم يوم ولا) ولابن عساكر: أو (يومين) بعدّ منه بقصد الاحتياط له فإن صومه مرتبط بالرؤية فلا حاجة إلى التكلف.
1914 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ» .
وبالسند قال (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي البصري قال: (حدثنا هشام) الدستوائي قال: (حدّثنا يحيى بن أبي كثير) اليمامي أحد الثقات الأثبات إلا أنه كان كثير الإرسال والتدليس رأى أنسًا ولم يسمع منه واحتج به الأئمة (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال):
(لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين) أي بنية الرمضانية احتياطًا ولكراهة التقدم معان.
أحدها: خوفًا من أن يزاد في رمضان ما ليس منه كما نهي عن صيام يوم العيد لذلك حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم وخرّج الطبراني عن عائشة أن ناسًا كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1] ولهذا نهي عن صوم يوم الشك.
والمعنى الثاني: الفصل بين صيام الفرض والنفل فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع، ولذا حرم صيام يوم العيد ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام خصوصًا سنة الفجر، وفي المسند أنه صلى الله عليه وسلم فعله وهذا فيه نظر لأنه يجوز لمن له عادة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
والمعنى الثالث: أنه للتقوّي على صيام رمضان فإن مواصلة الصيام تضعف عن صيام الفرض، فإذا حصل الفطر قبله بيوم أو يومين كان أقرب إلى التقوى على صيام رمضان فيه نظر لأن معنى الحديث أنه لو تقدمه بصيام ثلاثة أيام فصاعدًا جاز.
المعنى الرابع: أن الحكم علق بالرؤية فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم (إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه) المعتاد من ورد كأن اعتاد صوم الدهر أو صوم يوم
وفطر يوم أو يوم معين كالاثنين فصادفه أو نذر أو قضاء، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: يصوم صومًا (فليصم ذلك اليوم) فإنه مأذون له فيه ويجب عليه النذر وما بعده فهو مستثنى بالأدلة القطعية ولا يبطل القطعي بالظني، ومفهوم الحديث الجواز إذا كان التقدم بأكثر من يومين، وقيل يمتد المنع لما قبل ذلك وبه قطع كثير من الشافعية. وأجابوا عن الحديث بأن المراد منه التقدم بالصوم فحيث وجد منع، وإنما اقتصر على يوم أو يومين لأنه الغالب ممن يقصد ذلك، وقالوا أمد المنع من أوّل السادس من شعبان لحديث إذا انتصف شعبان فلا تصوموا رواه أبو داود وغيره وظاهره أنه يحرم الصوم إذا انتصف وإن وصله بما قبله وليس مرادًا حفظًا لأصل مطلوبية الصوم، وقد قال النووي في المجموع: إذا انتصف شعبان حرم الصوم بلا سبب إن لم يصله بما قبله على الصحيح.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصوم وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
15 - باب قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} {البقرة: 187]
.
(باب قول الله جلّ ذكره)({أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) كناية عن الجماع وعدّى بإلى لتضمنه معنى الإِفضاء ثم بين سبب الإحلال فقال: ({هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}) لأن الرجل والمرأة يتضاجعان ويشتمل كل واحد منهما على صاحبه شبه باللباس أو لأن كلاًّ منهما يستر حال صاحبه ويمنعه عن الفجور ({علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم}) تجامعون النساء وتأكلون وتشربون في الوقت الذي كان حرامًا عليكم ({فتاب عليكم}) لما تبتم مما اقترفتموه ({وعفا عنكم})، ومحا عنكم أثره ({فالآن باشروهن}) أي جامعوهن فقد نسخ عنكم التحريم ({وابتغوا ما كتب الله لكم}) [البقرة: 187] واطلبوا ما قدّره لكم وأثبته ففي اللوح المحفوظ من الولد والمعنى أن المباشر ينبغي أن يكون غرضه الولد فإنه الحكمة في خلق الشهوة وشرع النكاح ولفظ رواية أبي ذر ({أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}) إلى قوله ({ما كتب الله لكم}).
1915 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ. وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ
هَذِهِ الآيَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ}. [الحديث 1915 - طرفه في: 4508].
وبالسند
قال (حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين مصغرًا العبسي الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (عن) جده (أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله (عن البراء) بن عازب (رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم) في أول ما افترض الصيام (إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي). وفي رواية زهير عند النسائي كان إذا نام قبل أن يتعشى لم يحل له أن يأكل شيئًا ولا يشرب ليلته ويومه حتى تغرب الشمس، ولأبي الشيخ من طريق زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق: كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا لم يفعلوا شيئًا من ذلك إلى مثلها، وقد بين السدي أن هذا الحكم كان على وفق ما كتب على أهل الكتاب كما أخرجه ابن جرير من طريق السدي بلفظ: كتب على النصارى الصيام وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا ولا ينكحوا بعد النوم وكتب على المسلمين أولاً مثل ذلك. (وإن قيس بن صرمة) بكسر الصاد المصلة وسكون الراء (الأنصاري) قال في الإصابة: وقع عند أبي داود من هذا الوجه صرمة بن قيس، وفي رواية النسائي أبو قيس بن عمرو فإن حل هذا الاختلاف على تعدد أسماء من وقع له ذلك وإلاّ فيمكن الجمع برد جميع الروايات إلى واحد، فإنه قيل فيه صرمة بن قيس وصرمة بن مالك وصرمة بن أنس وصرمة بن أبي أنس، وقيل فيه قيس بن صرمة وأبو قيس بن صرمة وأبو قيس بن عمرو فيمكن أن يقال: إن كان اسمه صرمة بن قيس فمن قال فيه قيس بن صرمة قلبه وإنما اسمه صرمة وكنيته أبو
قيس أو العكس، وأما أبوه فاسمه قيس أو صرمة على ما تقرر من القلب وكنيته أبو أنس، ومن قال فيه أن حذف أداة الكنية ومن قال فيه ابن مالك نسبه إلى جدّ له والعلم عند الله تعالى (كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته) لم تسم (فقال لها: أعندك طعام)، بهمزة الاستفهام وكسر الكاف (قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك)، وظاهره أنه لم يجيء معه بشيء، لكن في مرسل السدي أنه أتاها بتمر فقال استبدلي به طحينًا واجعليه سخينًا فإن التمر أحرق جوفي. وفي مرسل ابن أبي ليلى فقال لأهله: أطعموني فقالت حتى أجعل لك شيئًا سخينًا.
ووصله أبو داود من طريق ابن أبي داود (وكان يومه) بالنصب (بعمل). أي في أرضه كما صرح به أبو داود في روايته (فغلبته عيناه)، فنام (فجاءته امرأته) ولأبي ذر عن الكشميهني: عينه فجاءت امرأته بالإفراد وحذف الضمير من فجاءته (فلما رأته) نائمًا (قالت خيبة لك)، حرمانًا منصوب على أنه مفعول مطلق حذف عامله وجوبًا قال بعض النحاة: إذا كان بدون لام وجب نصبه أو معها جاز النصب وفي مرسل السدي فأيقظته فكره أن يعصي الله وأبى أن يأكل وزاد في رواية أحمد هنا فأصبح صائمًا (فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي-صلى الله عليه وسلم) بضم الذال وكسر
الكاف مبنيًّا للمفعول، وزاد الإمام أحمد وأبو داود والحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل، وكان عمر أصاب النساء بعدما نام، ولابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر من عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمر عنده فأراد امرأته فقالت: إني قد نمت. فقال: ما نمت ووقع عليها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك (فنزلت هذه الآية){أحل لكم ليلة الصيام} التي تصبحون منها صائمين ({الرفث إلى نسائكم})[البقرة: 187]({ففرحوا فرحًا شديدًا ونزلت) ولابن عساكر: فنزلت بالفاء بدل الواو ({وكلوا واشربوا}) جميع الليل ({حتى يتبين لكم الخيط الأبيض}) بياض الصبح ({من الخيط الأسود})[البقرة: 187] من سواد الليل قال الكرماني لما صار الرفث وهو الجماع هنا حلالاً بعد أن كان حرامًا كان الأكل والشرب بطريق الأولى فلذلك فرحوا بنزولها وفهموا منها الرخصة. هذا وجه مطابقة ذلك لقصة