الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاسم بن مالك بهذا الإسناد. كان الصاع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدًّا وثلثًا بمدّكم اليوم فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز.
واعلم أن الحج لا يجب على الصبي لكن يصح منه ويكون له تطوّعًا لحديث مسلم عن ابن عباس قال: رفعت امرأة صبيًا لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر، ثم إن كان الصبي مميزًا أحرم بإذن وليه فإن أحرم بغير إذنه لم يصح في الأصح، وإن لم يكن مميزًا أحرم عنه وليه سواء كان الولي حلالاً أم محرمًا، وسواء كان حجه عن نفسه أم لا؟.
وكيفية إحرامه أن يقول: أحرمت عنه أو جعلته محرمًا ومتى صار محرمًا فعل ما قدر عليه بنفسه ويفعل الولي به ما عجز عنه من غسل وتجرد عن مخيط ولبس إزار ورداء فإن قدر على الطواف وإلاّ
طيف به، والسعي كالطواف ويركع عنه ركعتي الإحرام والطواف إن لم يكن مميزًا وإلا صلاهما بنفسه، ويشترط أن يحضره المواقف فيحضره وجوبًا في الواجبات وندبًا في المندوبات كعرفة والمزدلفة والمشعر الحرام سواء كان الصبي مميزًا أو غير مميز لإمكان فعلها منه ولا يغني حضورها عنه، وإن قدر على الرمي وجوبًا وإلا استحب للولي أن يضع الحجر في يده ويأخذها ويرمي بها عنه بعد رميه عن نفسه، ولو بلغ الصبي في أثناء الحج ولو بعد وقوف، فأدرك الوقوف أجزأه عن فرضه لأنه أدرك معظم العبادة فصار كما لو أدرك الركوع بخلاف ما إذا لم يدرك الوقوف، ولكن يعيد السعي وجوبًا بعد الطواف إن كان سعى بعد طواف القدوم قبل بلوغه ويمنع الصبي المحرم من محظورات الإحرام فلو تطيب مثلاً عامدًا وجبت الفدية في مال الولي ولو جامع في حجه فسد وقضى ولو في الصبا كالبالغ المتطوّع بجامع صحة إحرام كل منهما فيعتبر فيه لفساد حجه ما يعتبر في البالغ من كونه عامدًا عالمًا بالتحريم مجامعًا قبل التحللين، وإذا قضى فإن كان قد بلغ في الفاسد قبل فوات الوقوف أجزأه قضاؤه عن حجة الإسلام ولو حال الوقوف أو بعده انصرف القضاء إليها أيضًا ولزم القضاء من قابل، وقال أبو حنيفة: لا يصح إحرام الصبي ولا يلزمه شيء بفعل شيء من محظورات الإحرام وإنما حج به على جهة التدريب اهـ.
وهذا نقله النووي وسبقه إليه الخطابي وهذا فيه نظر إذ لا أعلم أحدًا من أئمة مذهب الإمام أبي حنيفة نص على ذلك، بل قال شمس الأئمة السرخسي فيما نقله عنه الزيلعي في شرح الكنز أحرم الصبي بنفسه وهو يعقل، أو أحرم عنه أبوه صار محرمًا. وقال في الكنز: فلو أحرم الصبي أو العبد فبلغ أو عتق فمضى لم يجز عن فرضه لأن إحرامه انعقد لأداء النفل فلا ينقلب للفرض. وقال في عمدة المفتي: حسنات الصبي له ولأبويه أجر التعليم والإرشاد.
26 - باب حَجِّ النِّسَاءِ
(باب) صفة (حج النساء).
1860 -
وَقَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: "أَذِنَ عُمَرُ رضي الله عنه لأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ".
قال المؤلّف بالسند السابق: (وقال لي أحمد بن محمد) بن الوليد الأزرقي المكي، وفي هامش الفرع وأصله: هو الأزرقي وعلى ذلك علامة السقوط من غير عزو: (حدّثنا إبراهيم عن أبيه) سعد (عن جده) إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف والضمير في جده لإبراهيم لا لأبيه (أذِن عمر) أي ابن الخطاب (رضي الله عنه لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها) وكان رضي الله عنه متوقفًا في ذلك اعتمادًا على قوله تعالى: {وقرن في بيوتكن} [الأحزاب: 33] وكان يرى تحريم السفر عليهن أوّلاً،
ئم ظهر له الجواز فأذن لهن في آخر خلافته فخرجن إلا زينب وسودة لحديث أبي داود وأحمد من طريق واقد بن أبي واقد الليثي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه في حجة الوداع: هذه ثم ظهور الحصر. زاد ابن سعد من حديث أبي هريرة فكن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يحججن لا زينب وسودة فقالا: لا تحرّكنا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسناد حديث أبي واقد صحيح.
(فبعث) عمر رضي الله عنه (معهن) في خدمتهن (عثمان بن عفان وعبد الرحمن) زاد ابن عساكر: ابن عوف، وكان معهن نسوة ثقات فقمن مقام المحرم أو أن كل الرجال محرم لهن، وزاد عبدان في هذا الحديث عند البيهقي فنادى الناس عثمان أن لا يدنو منهن أحد ولا ينظر إليهن إلا مدّ البصر وهن في الهوادج على الإبل وأنزلهن صدر الشعب، ونزل عثمان وعبد الرحمن بذنبه فلم يصعد
إليهن أحد.
وقد رواه المؤلّف مختصرًا. وقوله: أذن عمر ظاهره أنه من رواية إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن عمر وإدراكه لذلك ممكن لأن عمره إذ ذاك كان أكثر من عشر سنين، وقد أثبت سماعه من عمر يعقوب بن شبة وغيره، قاله في فتح الباري.
1861 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَغْزُوا وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقَالَ: لَكُنَّ أَحْسَنُ الْجِهَادِ وَأَجْمَلُهُ الْحَجُّ حَجٌّ مَبْرُورٌ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَا أَدَعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
وبه قال: (حدّثنا مسدد) بالسين المهملة وتشديد الدال المهملة الأولى الأسدي البصري قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي البصري قال: (حدّثنا حبيب بن أبي عمرة) بفتح العين وسكون الميم القصاب الحماني بكسر المهملة الكوفي (قال: حدثتنا عائشة بنت طلحة) بن عبيد الله التيمية وكانت فائقة الجمال (عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها) أنها (قالت قلت يا رسول الله ألا نغزو) أي نقصد الجهاد (ونجاهد) نبذل المقدور في القتال، (معكم) أو الغزو والجهاد مترادفان، فيكون ذكر الجهاد بعد الغزو للتأكيد كذا في الفرع، وفي له: نغزو أو نجاهد بأو بدل الواو وعليه شرح البرماوي كالكرماني وغيره، وقال الحافظ ابن حجر هذا شك من الراوي وهو مسدد شيخ البخاري.
وقد رواه أبو كامل عن أبي عوانة شيخ مسدد بلفظ ألا نغزو معكم أخرجه الإسماعيلي، وأغرب الكرماني فقال: ليس الغزو والجهاد بمعنى واحد فإن الغزو القصد للقتال والجهاد بذل النفس في القتال. قال: أو ذكر الثاني تأكيدًا للأوّل اهـ.
وكان ظن أن الألف تتعلق بنغزو فشرح على أن الجهاد معطوف على الغزو بالواو أو جعل أو بمعنى الواو اهـ. فليتأمل.
فإن الذي وجدته في ثلاثة أصول معتمدة ألا نغزو أو نجاهد بألف واحدة بين الواوين وهي ألف الجمع، والواو التالية لها واو الجمع بلا ريب، فالكرماني اعتمد على الأصل المعتمد، وقد قال في القاموس: الجهاد بالكسر القتال مع العدو، ثم قال غزاه غزوًا أراده وطلبه وقصده كاغتزاه والعدو سار إلى قتالهم وانتهابهم، ففرق بين الجهاد والغزو كما فرق الكرماني، وبالجملة فيحتمل أن يكون فيها روايتان واو العطف أو أو للشك والعلم عند الله تعالى (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور) بضم الكاف وتشديد النون بلام الجر الداخلة على ضمير المخاطبات وهو ظرف مستقر خبر أحسن وأجمله عطف عليه والحج بدل من أحسن وحج مبرور خبر مبتدأ محذوف أي هو حج مبرور أو بدل من البدل، ويجوز لكن بفتح اللام وكسر الكاف مع زيادة ألف قبل الكاف وتشديد النون للاستدراك وأحسن نصب بها وهذا في الفرع كأصله، وعزاه صاحب الفتح في باب: فضل الحج المبرور للحموي، وقال التيمي: لكن بتخفيف النون وسكونها وأحسن مبتدأ والحج خبره، (فقالت عائشة: فلا أدع الحج) أي ألا أتركه (بعد إذ سمعت هذا) الفضل (من رسول الله صلى الله عليه وسلم). وهذا الحديث سبق في باب فضل الحج المبرور في أوائل كتاب الحج.
1862 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَاّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَاّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ، فَقَالَ: اخْرُجْ مَعَهَا". [الحديث 1862 - أطرافه في: 3006، 3061، 5233].
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدّثنا حماد بن زيد عن عمرو) هو ابن دينار (عن أبي معبد) بفتح الميم وسكون العين وفتح الموحدة نافذ بفاء ومعجمة المكي (مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه (قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(لا تسافر المرأة) شابة أو عجوزًا سفرًا قليلاً أو كثيرًا للحج أو غيره (إلا مع ذي محرم) بنسب أو غيره وفي الرواية الآتية إن شاء الله تعالى في هذا الباب ليس معها زوج أو ذو محرم لتأمن على نفسها (ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم) لها فيه حرمة اختلاء الأجنبي مع المرأة. (فقال رجل) لم يسمّ (يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا)؟ لم يسم الغزوة وفي الجهاد إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا أي كتبت نفسي في أسماء من عين لتلك الغزوة (وامرأتي تريد الحج فقال) عليه الصلاة والسلام: (أخرج معها) إلى الحج، واستدلّ به الحنابلة على أنه ليس للزوج منع امرأته من حج الفرض إذا استكملت شروط الحج وهو وجه للشافعية، والأصح عندهم أن له منعها لكون الحج على التراخي، وأخذ بعضهم بظاهره فأوجب على الزوج السفر مع امرأته إذا لم يكن
لها غيره، وبه قال
أحمد. والمشهور عند الشافعية أنه لا يلزمه فلو امتنع إلا بالأجرة لزمها وفيه كما قال النووي تقديم الأهم فالأهم عند المعارضة فرجح الحج لأن الغزو يقوم فيه غيره مقامه بخلاف الحج معها، وقد أخرج المؤلّف هذا الحديث أيضًا في الجهاد والنكاح ومسلم في الحج.
1863 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لأُمِّ سِنَانٍ الأَنْصَارِيَّةِ: مَا مَنَعَكِ مِنَ الْحَجِّ؟ قَالَتْ: أَبُو فُلَانٍ -تَعْنِي زَوْجَهَا- كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا. قَالَ: فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً مَعِي" رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم". وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وبه قال: (حدثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روّاد المروزي قال: (أخبرنا يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغرًا قال: (أخبرنا حبيب المعلم) بفتح العين وكسر اللام المشدّدة ابن قريبة بضم القاف وفتح الموحدة مصغرًا (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته) إلى المدينة (قال لأم سنان الأنصارية) وفي عمرة رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها، وقد سبق هناك أن الناسي ابن جريج لا عطاء لأنه سماها هنا كما ترى، ويحتمل كما سبق أنه كان ناسيًا لما حدث به ابن جريج وذاكرًا لما حدث حبيبًا.
(ما منعك من الحج) معنا (قالت) أم سنان: يا رسول الله (أبو فلان) أي أبو سنان (تعني زوجها) أبا سنان، وفي عمرة رمضان قالت: كان لنا ناضح، ولمسلم ناضحان وفي اليونينية كان له ناضحان ملحقة (حج على أحدهما و) الناضح (الآخر يسقي أرضًا لنا قال) عليه الصلاة والسلام:(فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي) يعني في الثواب وليس المراد أن العمرة تقضي بها فرض الحج وإن كان ظاهره يشعر بذلك بل هو من باب المبالغة وإلحاق الناقص بالكامل للترغيب فيه ولأبي ذر تقضي حجة أو حجة معي بالشك.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: ما منعك من الحج فإن فيه دلالة على أن النساء يحججن والترجمة في حج النساء.
(رواه) أي الحديث المذكور (ابن جريج) محمد الملك بن عبد العزيز فيما سبق موصولاً في عمرة رمضان (عن عطاء سمعت ابن عباس) رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم) فيه تقوية طريق حبيب المعلم وتصريح عطاء سماعه من ابن عباس.
(وقال عبيد الله): بضم العين مصغرًا ابن عمرو الرقي مما وصله ابن ماجة (عن عبد الكريم) بن مالك الجزري (عن عطاء عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه (عن
النبي صلى الله عليه وسلم). وتمامه عند ابن ماجة أنه قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة".
قال الحافظ ابن حجر: وأراد البخاري بهذا بيان الاختلاف فيه على عطاء وقد وافق ابن أبي ليلى ويعقوب بن عطاء حبيبًا وابن جريج فتبين شذوذ رواية عبد الكريم وشذ معقل الجزري أيضًا فقال عن عطاء عن أم سليم وصنيع البخاري يقتضي ترجيح رواية ابن جريج، ويومئ إلى أن رواية عبد الكريم ليست مطرحة لاحتمال أن يكون لعطاء فيه شيخان، ويؤيد ذلك أن رواية عبد الكريم خالية عن القصة مقتصرة على المتن وهو قوله عمرة في رمضان تعدل حجة كما مرّ.
1864 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ قَالَ: "سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ -وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً- قَالَ: أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-أَوْ قَالَ يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي: أَنْ لَا تُسَافِرَ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ. وَلَا صَوْمَ يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالأَضْحَى. وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ: بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَاّ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى".
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي بمعجمة ثم مهملة البصري قاضي مكة قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم حليف بني عدي الكوفي ويقال له الفرسي بفتح الفاء والراء ثم مهملة نسبة إلى فرس له سابق (عن قزعة) بفتح القاف والزاي والمهملة (مولى زياد) بتخفيف التحتية (قال: سمعت أبا سعيد) الخدري رضي الله عنه (وقد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة غزوة قال):
(أربع) من الحكمة (سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم-أو قال يحدثهن-) بالشك، وللكشميهني: أخذتهن بالخاء والذال المعجمتين من الأخذ أي حملتهن (عن النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبنني) الأربع وهي بسكون الموحدة وفتح النون الأولى وكسر الثانية بصيغة الجمع للمؤنث (وآنقنني) بفتح الهمزة المدودة والنون وسكون القاف بصيغة جمع المؤنث الماضي أي أعجبنني وهو من عطف الشيء على مرادفه نحو: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} [يوسف: 86] أو أفرحنني وأسررنني. قال في القاموس: الآنق محركة الفرح والسرور.
(أن لا تسافر امرأة) بنصب تسافر في الفرع وغيره، وقال البرماوي كالكرماني بالرفع لا غير لأن أن هذه المفسرة
لا الناصبة وهذا فيه شيء فإن قوله بالرفع لا غير إن أراد به الرواية فغير مسلم وإن أراد به من جهة العربية فكذلك، فقد قال ابن هشام في المغني: إذ أولى أن الصالحة للتفسير مضارع معه لا نحو أشرت إليه أن لا يفعل جاز رفعه على تقدير لا نافية وجزمه على تقديرها ناهية، وعليهما فأن مفسرة ونصبه على تقديره لا نافية وأن مصدرية (مسيرة يومين). وفي حديث ابن عمر
التقييد بثلاثة أيام، وفي حديث أبي هريرة في الصلاة بيوم وليلة، وفي حديث عائشة السابق أطلق السفر وقد أخذ أكثر العلماء بالطلق لاختلاف التقييدات.
قال النووي: ليس المراد من التحديد ظاهره بل كل ما يسمى سفرًا فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم وإنما وقع التحديد عن أمر واقع فلا يعمل بمفهومه.
وقال ابن دقيق العيد: وقد حملوا الاختلاف على حسب اختلاف السائلين والمواطن وأنه متعلق بأقل ما يقع عليه اسم السفر، وعلى هذا يتناول السفر الطويل والقصير ولا يتوقف امتناع سفر المرأة على مسافة القصر خلافًا للحنفية، وحجتهم أن المنع المقيد بالثلاث متحقق وما عداه مشكوك فيه فيؤخذ بالمتيقن.
وتعقب بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما عداها فإنه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفية تقديم الخبر العام على الخاص وترك حمل المطلق على المقيد وقد خالفوا ذلك هنا.
وقال صاحب العدة في شرح العمدة: وليس هذا من المطلق والمقيد الذي وردت فيه قيود متعددة وإنما هو من العام لأنه نكرة في سياق النفي فيكون من العام الذي ذكرت بعض أفراده فلا تخصيص بذلك على الراجح في الأصول. (ليس معها زوجها أو ذو محرم) ولأبي ذر في بعض النسخ: أو ذو محرم محرم بفتح الميم في الأول وتخفيف الراء وضمها في الثاني مع تشديد الراء، ولفظ امرأة عام يشمل الشابة والعجوز، لكن خص أبو الوليد الباجي المنع بغير العجوز التي لا تشتهى، أما هي فتسافر كيف شاءت في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم.
وتعقب بأن المرأة مظنة الطمع فيها ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة وقد قالوا لكل ساقطة لاقطة.
وأجيب: بأنه ما لنا لاقطة لهذه الساقطة ولو وجد خرجت عن فرض المسألة لأنها تكون حينئذ مشتهاة في الجملة وليس الكلام فيها إنما الكلام فيمن لا تشتهى أصلاً ورأسًا، ولا نسلم أن من هي بهذه المثابة مظنة الطمع والميل إليها بوجه.
قال ابن دقيق العيد: والذي قاله الباجي تخصيص العموم بالنظر إلى المعنى، وقد اختار الشافعي أن المرأة تسافر في الأمن ولا تحتاج لأحد بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة قال: وهذا مخالف لظاهر الحديث اهـ.
وهذا الذي قاله من جواز سفرها وحدها نقله الكرابيسي، ولكن المشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات ولا يشترط أن يخرج معهن محرم أو زوج لإحداهن لانقطاع
الأطماع باجتماعهن ولها أن تخرج مع الواحدة لفرض الحج على الصحيح في شرحي المهذّب ومسلم، ولو سافرت لنحو زيارة وتجارة لم يجز مع النسوة لأنه سفر غير واجب.
قال في المجموع: والخنثى المشكل يشترط في حقه من المحرم ما يشترط في المرأة ولم يشترطوا في الزوج والمحرم كونهما ثقتين وهو في الزوج واضح وأما في المحرم فسببه كما في المهمات أن الوازع الطبيعي أقوى من الشرعي وكالمحرم عبدها الأمين صرح به المرعشي وابن أبي الصيف، والمحرم أيضًا عام فيشمل محرم النسب كأبيها وابنها وأخيها ومحرم الرضاع ومحرم المصاهرة كأبي زوجها وابن زوجها، واستثنى بعضهم وهو منقول عن مالك ابن الزوج فقال: يكره سفرها معه لغلبة الفساد في الناس بعد العصر الأول ولأن كثيرًا من الناس لا ينزل زوجة الأب في النفرة عنها منزلة محارم النسب، والمرأة فتنة إلا فيما جبل الله النفوس عليه من النفرة عن محارم النسب.
قال ابن دقيق العيد: والحديث عام فإن عني بالكراهة التحريم فهو مخالف لظاهر الحديث وإن عني كراهة التنزيه فهو أقرب، واختلفوا هل المحرم وما ذكر معه شرط في وجوب الحج عليها أو شرط في التمكن فلا يمنع الوجوب والاستقرار في الذمة، والذين ذهبوا إلى الأول