الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى أمك) أم الفضل لبابة بنت الحرث الهلالية (فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها فقال) صلى الله عليه وسلم:
(استقني: قال: يا رسول الله إنهم يجعلون أيديهم فيه: قال) عليه الصلاة والسلام تواضعًا وإرشادًا إلى أن الأصل الطهارة والنظافة حتى يتحقق أو يظن ما يخالف الأصل: (اسقني) زاد الطبراني مما يشرب منه الناس، وزاد أبو علي بن السكن في روايته فناوله العباس الدلو (فشرب منه) زاد الطبراني فذاقه فقطب ثم دعا بماء فكسره ثم قال:"إذا اشتد نبيذكم فاكسروه بالماء" وتقطيبه عليه الصلاة والسلام منه إنما كان لحموضته فقط وكسره بالماء ليهون شربه عليه، (ثم أتى) عليه الصلاة والسلام (زمزم وهم يسقون) الناس والجملة، حالية (ويعملون فيها) أي ينزحون منها الماء (فقال) عليه الصلاة والسلام لهم:(اعملوا فإنكم على عمل صالح)(ثم قال) عليه الصلاة والسلام: (لولا أن تغلبوا) بضم المثناة الفوقية وفتح اللام مبنيًا للمفعول. أي: لولا أن يجتمع عليكم الناس إذا رأوني قد عملته لرغبتهم في الاقتداء بي فيغلبوكم بالمكاثرة (لنزلت) عن راحلتي (حتى أضع الحبل على هذه يعني) عليه الصلاة والسلام (عاتقه وأشار) بقوله صلى الله عليه وسلم هذه (إلى عاتقه) وفيه إشارة إلى أن السقايات العامة كالآبار والصهاريج يتناول منها الغني والفقير إلا أن ينص على إخراج الغني لأنه صلى الله عليه وسلم تناول من ذلك الشراب العام وهو لا يحل له الصدقة فيحمل الأمر فيه هذه السقايات على أنها موقوفة للنفع العام، فهي للغني هدية وللفقير صدقة، وفيه أيضًا كراهة التقذر والتكره للمأكولات والمشروبات.
وموضع الترجمة منه قوله: جاء إلى السقاية.
76 - باب مَا جَاءَ فِي زَمْزَمَ
(باب ما جاء في زمزم) بفتح الزايين وسكون الميم وسكون الميم الأولى وسميت بذلك لكثرة مائها والماء الزمزم هو الكثير: وقيل لزم هاجر ماؤها حين انفجرت، وقيل زمزمة جبريل وكلامه وتسمى الشباعة وبركة ونافعة ومضنونة وبرة وميمونة وكافية عافية ومغذية ومروية وطعام طعم وشفاء سقم، وأوّل من أظهرها جبريل سقيًا لإسماعيل عليهما الصلاة والسلام عندما ظمئ وحفرها الخليل عليه الصلاة والسلام بعد جبريل فيما ذكره الفاكهي، ثم غيبت بعد ذلك لاندراس موضعها لاستخفاف جرهم بحرمة الحرم والكعبة أو لدفنهم لها عندما نفوا من مكة، ثم منحها الله تعالى عبد المطلب فحفرها بعد أن أعلمت له في المنام بعلامات استبان له بها موضعها ولم تزل ظاهرة إلى الآن، ولها فضائل وردت في أحاديث لم يذكر المؤلّف شيئًا منها لكونها لم تكن على شرطه صريحًا وفي مسلم من حديث أبي ذر: ماء زمزم طعام طعم، وزاد الطيالسي وشفاء سقيم، وفي المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعًا: ماء زمزم لما شرب له، وصححه البيهقي في الشعب وصححه ابن عيينة فيما نقله ابن الجوزي في الأذكياء، وكذا صححه ابن حبان ووثق رجاله الحافظ الدمياطي إلا أنه اختلف في وصله وإرساله. قال في الفتح: وإرساله أصح وله شاهد من حديث جابر وهو أتم منه أخرجه الشافعي وابن ماجة ورجاله ثقات إلا عبد الله بن المؤمّل المكي فذكر العقيلي أنه تفرد به، لكن ورد من رواية غيره عند البيهقي من طريق إبراهيم بن طهمان، ومن طريق حمزة الزيات، وبالجملة فقد ثبتت صحة هذا الحديث إلا ما قيل أن الجارود تفرد عن ابن عيينة بوصله ومثله لا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف وهو من رواية الحميدي وابن أبي عمرو وغيرهما ممن لازم ابن عيينة أكثر من الجارود فيكون أولى، لكن الذي يحتاج إليه الحكم بصحة المتن عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عليه كونه من خصوصٍ طريق بعينها وهنا أمور تدل عليه. منها: أن مثله لا مجال للرأْي فيه فوجب كونه سماعًا وكذا إن قلنا العبرة في تعارض الوصل والوقف والإرسال للواصل بعد كونه ثقة لا إلا حفظ ولا غيره، مع أنه قد صح تصحيح نفس ابن عيينة له كما مرّ، وروى الدارقطني والبيهقي مرفوعًا آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم، وقد شربه جماعة من السلف والخلف لمآرب فنالوها وأولى ما يشرب لتحقيق التوحيد
والموت عليه والعزة بطاعة الله.
1636 -
وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ "كَانَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بِمَكَّةَ. فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا. فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: افْتَحْ. قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ".
(وقال عبدان) بفتح المهملة وسكون الموحدة أسمه عبد الله بن عثمان المروزي مما وصله مطولاً
في أول باب الصلاة عن يحيى بن بكير عن الليث عن يونس ويأتي في أحاديث الأنبياء أتم منه، ووصله الجوزقي بتمامه عن الدغولي عن محمد بن الليث عن عبدان (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال:(أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن) ابن شهاب (الزهري قال: أنس بن مالك رضي الله عنه: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(فرج) بضم الفاء وكسر الراء مخففة أي فتح (سقفي) إضافة إليه وإن كان بيت أم هانئ لأن الإضافة تكون بأدنى ملابسة (وأنا بمكة)(فنزل جبريل عليه الصلاة والسلام ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم) غير منصرف (ثم جاء بطست من ذهب) كان هذا قبل تحريم استعمال أواني الذهب (ممتلئ حكمة وإيمانًا) هو من باب التمثيل (فأفرغها) أي الطست أي أفرغ ما فيها من الإيمان والحكمة (في صدري ثم أطبقه) غطاه وجعله مطبقًا (ثم أخذ) جبريل (بيدي فعرج) أي صعد (بي إلى السماء الدنيا) روى أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب العرش عن العباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: بينهما خمسمائة عام وكثف كل سماء خمسمائة عام وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض (قال): ولأبي الوقت: قال: (جبريل لخازن السماء: افتح) أي الباب (قال): الخازن (من هذا؟) الذي يقرع الباب (قال: جبريل).
وموضع الترجمة قوله: ثم غسله بماء زمزم لأنه يدل على فضل زمزم حيث اختص غسله بها دون غيرها من المياه، وقد قال شيخ الإسلام البلقيني: إنه أفضل من الكوثر لأن به غسل قلبه الشريف ولم يكن يغسل إلا بأفضل المياه، وقال الزين العراقي الحكمة في غسل قلبه الشريف به لأن به يقوى القلب على رؤية ملكوت السماوات والأرض والجنة والنار لأن من خواص ماء زمزم أنه يقوي القلب ويسكن الروع.
1637 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ قَالَ: "سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ. قَالَ عَاصِمٌ: فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إِلَاّ عَلَى بَعِيرٍ". [الحديث 1637 - طرفه في: 5617].
وبه قال: (حدّثنا محمد) هو (ابن سلام) بتخفيف اللام البيكندي ولأبي ذر: ابن سلام بتشديدها حيث وقع قال: (أخبرنا الفزاري) مروان بن معاوية (عن عاصم) هو ابن سليمان الأحول (عن الشعبي) بفتح المعجمة وسكون المهملة عامر بن شراحيل (أن ابن عباس رضي الله عنهما حدثه، قال:)
(سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم) فيه الرخصة في الشرب قائمًا، واستحباب الشرب من ماء زمزم قال ابن المنير: وكأنه عنوان عن حسن العهد وكمال الشوق، فإن العرب اعتادت الحنين إلى مناهل الأحبة وموارد أهل المودّة، وزمزم هو منهل أهل البيت فالمحترق عليها
والمتعطش إليها قد أقام شعار المحبة وأحسن العهد للأحبة، ولهذا جعل التضلع منها علامة فارقة بين الإيمان والنفاق، ولله در القائل:
وما شرقي بالماء إلا تذكرًا
…
لماء به أهل الحبيب نزول
وقال آخر:
يقولون ملح ماء فجلة آجن
…
أجل هو مملوح إلى القلب طيب
وقال آخر:
بالله قولوا لنيل مصر
…
بأنني عنه في غِناءِ
بزمزم العذب عند بيت
…
معلق الستر بالوفاءِ
وروى الفاكهي وغيره عن ابن عباس: صلوا في مصلّى الأخيار واشربوا من شراب الأبرار، قيل: وما مصلّى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب. قيل: فما شراب الأبرار؟ قال: زمزم.
(قال عاصم:) الأحول (فحلف عكرمة) مولى ابن عباس: والله (ما كان) صلى الله عليه وسلم (يومئذ) أي يوم سقاه ابن عباس من ماء زمزم (إلا) راكبًا (على بعير) ولابن ماجة من هذا الوجه قال عاصم: فذكرت ذلك لعكرمة بالله ما فعل؟ أي ما شرب قائمًا لأنه حينئذ كان راكبًا، لكن عند أبي داود من رواية عكرمة