الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكنت أفتي به الناس حتى كان في خلافة عمر رضي الله عنه فقال له رجل: يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس رويدك بعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك. فقال: يا أيها الناس من كنا أفتيناه فُتيا فليتئد فإن أمير المؤمنين قادم عليكم فأتموا به. قال: فقدم عمر فذكرت له ذلك (فقال: أن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام)، أي بإتمام أفعالهما بعد الشروع فيهما (قال الله تعالى:{وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: 196] قيل إتمامهما الإحرام بهما من دويرة أهله وهو مروي عن علي وابن عباس وسعيد بن جبير وطاوس وعند عبد الرزاق عن عمر من تمامهما أن يفرد كل واحد منهما من الآخر وأن يعتمر في غير أشهر الحج إن الله تعالى يقول الحج أشهر معلومات، (وأن نأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه) عليه الصلاة والسلام (لم يحل) من إحرامه (حتى نحر الهدي) بمنى، وظاهر كلام عمر هذا إنكار فسخ الحج إلى العمرة وأن نهيه عن التمتع إنما هو من باب ترك الأولى لا أنه منع ذلك منع تحريم وابطال قاله عياض. وقال النووي: والمختار أنه ينهى عن المتعة المعروفة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه وهو على التنزيه للترغيب في الإفراد ثم انعقد الإجماع على جواز التمتع من غير كراهة، وإنما أمر أبا موسى بالإحلال لأنه ليس معه هدي بخلاف علي حيث
أمره بالبقاء لأن معه الهدي مع أنهما أحرما كإحرامه، لكن أمر أبا موسى بالإحلال تشبيهًا بنفسه لو لم يكن معه هدي، وأمر عليًّا تشبيهًا به في الحالة الراهنة.
وفي الحديث صحة الإحرام المعلق وهو موضع الترجمة وبه أخذ الشافعية كما مرّ أول الباب.
33 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [البقرة: 197]: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ، [البقرة: 197]: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}
.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما "مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلَاّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ". وَكَرِهَ عُثْمَانُ رضي الله عنه أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ.
(باب قول الله تعالى): ({الحج أشهر})[البقرة: 197] أي وقت الحج أشهر فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه أي وقت الحج في أشهر لكن قال ابن عطية: من قدر الكلام في أشهر لزمه مع سقوط حرف الجر نصب الأشهر ولم يقرأ بنصبها أحد، وتعقبه أبو حيان بأنه لا يلزم نصب الأشهر مع سقوط حرف الجر كما ذكره لأنه يرفع على الاتساع وهذا لا خلاف فيه عند البصريين أعني أنه إذا كان ظرف الزمان نكرة خبرًا عن المصادر فإنه يجوز عندهم فيه الرفع والنصب، وسواء كان لحدث مستغرقًا للزمان أو غير مستغرق. وأما الكوفيون فعندهم في ذلك تفصيل وهو أن الحدث إما أن يكون مستغرقًا للزمان فيرفع ولا يجوز فيه النصب أو غير مستغرق، فمذهب هشام أنه يجب فيه الرفع فتقول ميعادك يوم وثلاثة أيام. وذهب الفراء إلى جواز النصب والرفع كالبصريين، ونقل عن الفراء في هذا الموضع أنه لا يجوز نصب الأشهر لأن أشهرًا نكرة غير محصورة وهذا النقل مخالف لما نقل عنه فيمكن أن يكون له قولان قول كالبصريين والآخر كهشام انتهى.
وقال الشيخ أبو إسحاق في المهذّب: المراد وقت إحرام الحج لأن الحج لا يحتاج إلى أشهر فدل على أن المراد وقت الإحرام به والأشهر جمع شهر وليس المراد منه ثلاثة أشهر كوامل، ولكن المراد شهران وبعض الثالث فهو من إطلاق الكل وإرادة البعض كما حكى الفراء له اليوم يومان لم أرده قال وإنما هو يوم وبعض يوم آخر، وحكي عن العرب ما رأيته من خمسة أيام وإن كنت قد رأيته في اليوم الأول واليوم الخامس فلم يشمل الانتفاء خمسة الأيام جميعها، بل يجعل ما رأيته في بعضه وانتفت الرؤية في بعضه كأنه يوم كامل لم يره فيه أو أن اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد بدليل قوله تعالى:{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] قاله في الكشاف وتعقبه في البحر بأن ما ذكره الدعوى فيه عامة. وهو أن اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد وهذا فيه النزاع والدليل الذي ذكره
خاص وهذا لا خلاف فيه، ولإطلاق الجمع في مثل ذلك على التثنية شروط ذكرت في النحو وأنه ليس من باب فقد صغت قلوبكما فلا يمكن أن يستدل به عليه.
({معلومات}) أي معروفات عند الناس لا تشك عليهم ({فمن فرض فيهن الحج}) أوجبه على نفسه بالنية عند الشافعية وبالتلبية أو سوق الهدي عند أبي حنيفة، وهو دليل على ما ذهب إليه الشافعي أن من أحرم بالحج لزمه الإتمام ({فلا رفث}) فلا جماع أو فلا فحش من الكلام ({ولا فسوق}) ولا خروج عن حدود الشرع بالسيئات
وارتكاب المحظورات ({ولا جدال}) ولا مراء مع الخدم والرفقة ({في الحج})[البقرة: 197] في أيامه الثلاثة. وقرأ رفث وفسوق برفعهما منّونًا ابن كثير وأبو عمرو على جعل لا ليسية وهو خبر بمعنى النهي، أو على جعلهما جملتين حذف خبرهما، أو رفث مبتدأ وفسوق عطف عليه والخبر محذوف. وقرأ الباقون بالنصب بلا تنوين مبنيين مع لا الجنسية والجمهور على بناء جدال على الفتح للعموم.
({يسألونك})[البقرة: 189] ولأبي ذر: وقوله يسألونك (عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) جمع ميقات من الوقت والفرق بينه وبين المدة والزمان أن المدة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبدئها إلى منتهاها والزمان مدة مقسومة والوقت الزمان المفروض لأمر.
(وقال ابن عمر:) بن الخطاب (رضي الله عنهما) مما وصله ابن جرير الطبري والدارقطني من طريق ورقاء عن عبد الله بن دينار عنه: (أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة) فيدخل يوم النحر، وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد. وقال الشافعي: لا يدخل يوم النحر وهو المصحح المشهور عنه. وقال مالك في المشهور عنه ذو الحجة بكماله لقوله تعالى: ({الحج أشهر معلومات}) وإنما تكون أشهرًا إذا كمل ذو الحجة، وليس المراد من كونها أشهر الحج باعتبار أن كل أفعاله جائزة فيها. ألا ترى أن الوقوف وطواف الزيادة وغيرهما غير جائز في شوال بل باعتبار أن بعض أفعاله يعتدّ بها فيها دون غيرها كما أن الأفاقي إذا قدم في شوال وطاف طواف القدوم وسعى بعده ينوب هذا السعي عن السعي الواجب في الحج.
(وقال ابن عباس رضي الله عنهما:) مما وصله ابن خزيمة والدارقطني والحاكم (من السنة) أي من الشريعة (أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج) فلو أحرم به في غير أشهره كرمضان انعقد عمرة عند الشافعية لأن الإحرام شديد التعلق واللزوم فإذا لم يقبل الوقت ما أحرم به انصرف إلى ما يقبله وهو العمرة. وقال المالكية والحنفية: ينعقد حجًّا ولا يصح شيء من أفعاله إلا فيها لكنه يكره. قال الحنفية: لأنه لا يأمن في التقديم وقوع محظور. وقال المالكية: لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أحرم به في أشهره.
(وكره عثمان) بن عفان (رضي الله عنه أن يحرم من خراسان) بضم الخاء المعجمة (أو كرمان) بكسر الكاف لأبي ذر وبفتحها لغيره وهذا وصله سعيد بن منصور ولفظه: حدّثنا هشيم يونس بن عبيد حدّثنا الحسن هو البصري أن عبد الله بن عامر أحرم من خراسان فلما قدم على عثمان لامه
فيما صنع وكرهه، ولأبي أحمد بن سيار في تاريخ مرو قال: لما فتح عبد الله بن عامر خراسان قال: لأجعلن شكري لله أن أخرج من موضعي هذا محرمًا فأحرم من نيسابور، فلما قدم على عثمان لامه. وفي تاريخ يعقوب بن أبي سفيان أن ذلك في السنة التي قتل فيها عثمان، ووجه الكراهة ما فيه من الحرج والضرر.
1560 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَيَالِي الْحَجِّ، وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ. قَالَتْ: فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلَا. قَالَتْ: فَالآخِذُ بِهَا وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَتْ: فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْيُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ. قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهْ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ: وَمَا شَأْنُكِ؟ قُلْتُ: لَا أُصَلِّي. قَالَ: فَلَا يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا. قَالَتْ: فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى فَطَهَرْتُ ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ. قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الآخِرِ حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ وَنَزَلْنَا مَعَهُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: أخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الْحَرَمِ فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ افْرُغَا ثُمَّ ائْتِيَا هَاهُنَا فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِي. قَالَتْ: فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ فَقَالَ: هَلْ فَرَغْتُمْ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ". ضَيْرُ مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا. وَيُقَالُ ضَارَ يَضُورُ ضَوْرًا، وَضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا.
وبالسند قال: (حدثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد الشين المعجمة الملقب ببندار (قال: حدثني) بالإفراد (أبو بكر) عبد الكبير بن عبد المجيد (الحنفي) قال: (حدّثنا أفلح بن حميد) بهمزة مفتوحة ففاء ساكنة ثم حاء مهملة وحميد بضم الحاء المهملة وفتح الميم الأنصاري (قال: سمعت القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه (عن عائشة رضي الله عنها) أنها (قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج، وليالي الحج، وحرم الحج)، بضم الحاء والراء أي أزمنته وأمكنته وحالاته، وهذا موضع الترجمة فإنه يدل على أنه كان مشهورًا عندهم معلومًا. وللأصيلي فيما ذكره الزركشي كعياض: وحرم الحج بفتح الراء جمع حرمة أي ممنوعات الحج ومحرماته، (فنزلنا بسرف) بفتح السين المهملة وكسر الراء آخره فاء غير منصرف للعلمية والتأنيث اسم بقعة على عشرة أميال من مكة (قالت) عائشة (فخرج) صلى الله عليه وسلم من قبته التي ضربت له (إلى أصحابه فقال:) لهم:
(من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها) أي حجته (عمرة فليفعل) أي العمرة (ومن كان
معه الهدي فلا) يفعل أي لا يجعلها عمرة فحذف الفعل المجزوم بلا الناهية، ولمسلم
قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة أو خمس فدخل علي وهو غضبان فقلت: من أغضبك أدخله الله النار؟ قال: أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون.
وفي حديث جابر عند البخاري فقال لهم: أحلوا من إحرامكم واجعلوا التي قدمتم بها متعة.
فقالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟ فقال: افعلوا ما أقول لكم فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله ففعلوا. قال النووي: هذا صريح في أنه عليه الصلاة والسلام أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة أمر عزيمة وتحتيم بخلاف قوله من لم يكن معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل. قال العلماء: خيرهم أولاً بين الفسخ وعدمه ملاطفة لهم وإيناسًا بالعمرة في أشهر الحج لأنهم كانوا يرونها من أفجر الفجور ثم حتم عليهم بعد ذلك الفسخ وأمرهم أمر عزيمة وألزمهم إياه وكره تردّدهم في قبول ذلك ثم قبلوه وفعلوه إلا من كان معه هدي.
(قالت:) عائشة رضي الله عنها (فالآخذ بها) بمد الهمزة وكسر الخاء المعجمة والرفع على الابتداء (والتارك لها) عطف على سابقه والضميران للعمرة وخبر المبتدأ قولها (من أصحابه قالت: فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجال من أصحابه فكانوا أهل قوة وكان معهم الهدي فلم يقدروا على العمرة. قالت: فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي) جملة حالية (فقال):
(ما يبكيك يا هنتاه؟) بفتح الهاء وسكون النون والهاء الأخيرة كذا ضبطه في الفرع كأصله، ونسبه السفاقسي لرواة أبي ذر وفي أخرى زيادة فتح النون وضم الهاء الأخيرة والسكون فيها هو الأصل لأنها للسكت، لكنهم شبهوها بالضمائر وأثبتوها في الوصل وضموها. ويقال: في التثنية هنتان وفي الجمع هنات وهنوات وفي المذكر هن وهنان وهنون، ولك أن تلحقها الهاء لبيان الحركة فتقول يا هنة وأن تشبع الحركة فتصير ألفًا فتقول يا هناه. وقال الخليل: إذا دعوت امرأة فكنيت عن اسمها قلت يا هنة فإذا وصلتها بالألف الهاء وقفت عندها في النداء فقلت يا هنتاه ولا يقال إلا في النداء. قال: ومعنى يا هنتاه يا بلهاء كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكايد الناس وشرودهم أو المعنى يا هذه.
(قلت: سمعت قولك لأصحابك بك فمنعت العمرة). أي أعمالها من الطواف والسعي وقد كانت قارنة (قال: (وما شأنك؟) قلت: لا أصلي) كنت عن الحيض بالحكم الخاص به وهو امتناع الصلاة وتأدبًا منها في الكناية لما في التصريح به من إخلال ما بالأدب، ولهذ والله أعلم استمر النساء إلى الآن على الكناية عن الحيض بحرمان الصلاة أي تحريمها، فظهر أثر أدبها رضي الله عنها في بناتها قاله ابن المنير.
(قال:) عليه الصلاة والسلام: (فلا يضيرك) بكسر الضاد وتخفيف المثناة التحتية من الضير وهو الضرر. قال العيني كالحافظ ابن حجر، وفي رواية غير الكشميهني: فلا يضرك بتشديد الراء من الضرر (إنما أنت امرأة من بنات آدم كتب الله عليك ما كتب عليهن) سلاها عليه الصلاة والسلام بذلك وخفف همها أي إنك لست مختصة بذلك بل كل بنات آدم يكون منهن هذا (فكوني في حجتك فعسى الله أن يرزقكيها) مفردة كذا في اليونينية وغيرها بباء متولدة من إشباع كسرة الكاف وهي في لسان المصريين شائعة قاله في المصابيح. وفي البرماوي كالكرماني يرزقكها بغير ياء قالا وفي بعضها بإشباع كسرة الكاف ياء والضمير للعمرة.
(قالت: فخرجنا في حجته حتى قدمنا منى فطهرت) بالطاء المهملة وفتح الهاء يوم السبت وهو يوم النحر في حجة الوداع وكان ابتداء حيضها يوم السبت أيضًا لثلاث خلون من ذي الحجة، (ثم خرجت من منى فأفضت بالبيت) أي طفت به طواف الإفاضة (قالت: ثم خرجت) بسكون الجيم وضم التاء. وفي اليونينية: بفتح الجيم وسكون التاء لا غير (معه) عليه الصلاة والسلاً (في النفر الأخر) بإسكان الفاء القوم ينفرون من منى والأخر بكسر الخاء وهو في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وأما النفر