الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ (س) ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ يَرُدَ إِلَيْهِ عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ، فَإِنْ أَدَّى الْخَمْرَ عَتَقَ (ز) ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
مِنْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَثُلُثَيْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، فَالتَّخْيِيرُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ، وَمُحَمَّدٌ وَحْدَهُ خَالَفَ فِي الْمِقْدَارِ، فَخِلَافُهُمْ فِي التَّخْيِيرِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي تَجَزُّؤِ الْإِعْتَاقِ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَمَّا تَجَزَّأَ عِتْقُ ثُلُثِهِ بِالْمَوْتِ وَبَقِيَ ثُلُثَاهُ فَقَدْ تَوَجَّهَ لَهُ وَجْهَا عِتْقٍ: مُعَجَّلٌ وَهُوَ السِّعَايَةُ بِالتَّدْبِيرِ، وَمُؤَجَّلٌ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَيَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَعِنْدَهُمَا عَتَقَ كُلُّهُ لَمَّا عَتَقَ بَعْضُهُ، وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْمَالَيْنِ فَيُؤَدِّي أَقَلَّهُمَا لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْأَقَلَّ لَا مَحَالَةَ، وَلِمُحَمَّدٍ فِي الْمِقْدَارِ أَنَّ الْبَدَلَ مُقَابَلٌ بِالْكُلِّ، وَقَدْ سُلِّمَ لَهُ الثُّلُثَ بِالتَّدْبِيرِ فَيَسْقُطُ بِقَدْرِهِ، لِأَنَّهُ مَا أَوْجَبَ الْبَدَلَ فِي مُقَابَلَةِ الثُّلُثَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ سَقَطَ عَنْهُ جَمِيعُ الْبَدَلِ، فَإِذَا خَرَجَ ثُلُثُهُ سَقَطَ الثُّلُثُ وَصَارَ كَمَا إِذَا دَبَّرَ مُكَاتَبَهُ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ ثُلُثَيِ الْقِيمَةِ وَثُلُثَيِ الْبَدَلِ كَذَا هَذَا. وَلَهُمَا أَنَّهُ قَابَلَ جَمِيعَ الْبَدَلِ بِثُلُثَيْ رَقَبَتِهِ فَلَا يَسْقُطُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهَذَا لِأَنَّهُ بِالتَّدْبِيرِ اسْتَحَقَّ حُرِّيَّةَ الثُّلُثِ ظَاهِرًا، وَالْعَاقِلُ لَا يَلْتَزِمُ الْمَالَ بِمُقَابَلَةِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ حُرِّيَّتِهِ وَصَارَ كَمَا إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ كَانَتِ الْأَلْفُ مُقَابَلَةً بِالْوَاحِدَةِ الْبَاقِيَةِ لِدَلَالَةِ الْإِرَادَةِ كَذَا هَذَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا دَبَّرَ مُكَاتَبُهُ لِأَنَّ الْبَدَلَ مُقَابَلٌ بِالْجَمِيعِ إِذْ لَا اسْتِحْقَاقَ لَهُ فِي شَيْءٍ بِالْكِتَابَةِ فَافْتَرَقَا.
[فصل الكِتَابة الفاسدة]
فَصْلٌ (وَإِذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِ عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ) لِأَنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لَيْسَا بِمَالٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَلَمْ يَصْلُحَا بَدَلًا، وَالْقِيمَةُ مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالصِّفَةِ، فَصَارَ كَالْكِتَابَةِ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ، كَذَا هَذَا. وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هِيَ جَائِزَةٌ وَيُقَسَّمُ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ وَعَلَى قِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ فَيَبْطُلُ مِنْهَا حِصَّةُ الْعَبْدِ وَيَصِيرُ مُكَاتَبًا بِالْبَاقِي، لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدٍ صَحَّ وَانْصَرَفَ إِلَى عَبْدٍ وَسَطٍ فَكَذَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ. وَلَهُمَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مَجْهُولٌ فَيُوجِبُ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَصِحُّ مُسْتَثْنًى مِنَ الْأَلْفِ، وَإِنَّمَا الْمُسْتَثْنَى قِيمَتُهُ، وَالْقِيمَةُ لَا تَصْلُحُ بَدَلًا فَلَا تَصْلُحُ مُسْتَثْنًى.
قَالَ: (فَإِنْ أَدَّى الْخَمْرَ عَتَقَ) بِاعْتِبَارِ التَّعْلِيقِ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى التَّعْلِيقِ، لِأَنَّ الْفَاسِدَ مُعْتَبَرٌ بِالْجَائِزِ كَالْبَيْعِ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَعْتِقُ إِلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ الْخَمْرِ، لِأَنَّ الْقِيمَةَ هِيَ الْبَدَلُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَعْتِقُ بِأَدَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا الْخَمْرُ فَلِأَنَّهُ بَدَلٌ صُورَةً،
وَإِذَا عَتَقَ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ لَا يَنْقُصُ عَنِ الْمُسَمَّى وَيُزَادُ عَلَيْهِ، وَفِيمَا إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَتِهِ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ. وَالْكِتَابَةُ عَلَى الدَّمِ وَالْمَيْتَةِ بَاطِلَةٌ، وَعَلَى الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ كَالنِّكَاحِ وَلَوْ كَاتَبَ الذِّمِّيُّ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ جَازَ، وَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ فَلِلْمَوْلَى قِيمَةُ الْخَمْرِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَأَمَّا الْبَدَلُ فَبَدَلٌ مَعْنًى. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِنَّمَا يَعْتِقُ بِأَدَاءِ عَيْنِ الْخَمْرِ إِذَا قَالَ: إِنْ أَدَّيْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ. لِلتَّنْصِيصِ عَلَى التَّعْلِيقِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَمْ يُفَصِّلْ عَلَى مَا مَرَّ.
قَالَ: (وَإِذَا عَتَقَ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ) كَمَا قُلْنَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ، (لَا يَنْقُصُ عَنِ الْمُسَمَّى وَيُزَادُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ عِنْدَ الْهَلَاكِ بَالِغَةٌ مَا بَلَغَتْ كَالْمَبِيعِ فَاسِدًا، وَلِأَنَّ الْمَوْلَى مَا رَضِيَ بِالنُّقْصَانِ وَالْعَبْدُ رَضِيَ بِالزِّيَادَةِ خَوْفًا مِنْ بُطَلَانِ الْعِتْقِ فَتَجِبُ الزِّيَادَةُ.
قَالَ: (وَفِيمَا إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَتِهِ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ) لِأَنَّهُ هُوَ الْبَدَلُ فَيَعْتِقُ كَالْخَمْرِ، وَأَثَرُ الْجَهَالَةِ فِي الْفَسَادِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى ثَوْبٍ حَيْثُ لَا يَعْتِقُ بِأَدَاءِ ثَوْبٍ لِفُحْشِ الْجَهَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّ ثَوْبٍ أَرَادَ الْمَوْلَى، وَلَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِدُونِ إِرَادَتِهِ.
قَالَ: (وَالْكِتَابَةُ عَلَى الدَّمِ وَالْمَيْتَةِ بَاطِلَةٌ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ أَصْلًا وَلَا مُوجِبَ لَهَا، وَلَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِأَدَائِهِمَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ.
قَالَ: (وَ) الْكِتَابَةُ (عَلَى الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ كَالنِّكَاحِ) إِنْ عَيَّنَ النَّوْعَ صَحَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ لَا يَصِحُّ وَتَمَامُهُ عُرِفَ فِي النِّكَاحِ، وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِأَدَاءِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ حَيَوَانٍ فَأَدَّى لَا يَعْتِقُ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى حَيَوَانٍ مَوْصُوفٍ فَأَدَّى الْقِيمَةَ أُجْبَرَ عَلَى قَبُولِهَا كَمَا قُلْنَا فِي الْمَهْرِ.
قَالَ: (وَلَوْ كَاتَبَ الذِّمِّيُّ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ جَازَ) إِذَا ذَكَرَ قَدْرًا مَعْلُومًا، وَكَذَلِكَ إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى خِنْزِيرٍ لِأَنَّهُ مَالٌ فِي حَقِّهِمْ (وَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ فَلِلْمَوْلَى قِيمَةُ الْخَمْرِ) لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الْمُسْلِمَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَمْلِيكِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى فَهُوَ مَمْنُوعٌ مَنْ تَمَلُّكِهَا فَوَجَبَتِ الْقِيمَةُ، وَأَيُّهُمَا أَدَّى عَتَقَ، لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَصْلُحُ بَدَلًا كَالْكِتَابَةِ عَلَى حَيَوَانٍ مَوْصُوفٍ فَيَعْتِقُ بِأَيِّهِمَا كَانَ.