الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ دَاخِلًا حَنِثَ وَإِلَا فَلَا، وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْقُعُودِ.
فَصْلٌ
حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَهُ لِلْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ لَبِثَ سَاعَةً حَنِثَ، وَكَذَلِكَ رُكُوبُ الدَّابَّةِ وَسُكْنَى الدَّارِ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ أَجْمَعَ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
كَانَ دَاخِلًا حَنِثَ) لِأَنَّهُ مِنَ الدَّارِ (وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الدَّارِ، وَلَوْ أَدْخَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ دُونَ الْأُخْرَى إِنِ اسْتَوَى الْجَانِبَانِ أَوْ كَانَ الْجَانِبُ الْآخَرُ أَسْفَلَ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِبُ الدَّاخِلُ أَسْفَلَ حَنِثَ، لِأَنَّ اعْتِمَادَ جَمِيعِ بَدَنِهِ يَكُونُ عَلَى رِجْلِهِ الدَّاخِلَةِ فَيَكُونُ دَاخِلًا.
(وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْقُعُودِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الدُّخُولُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا بَعْدَ الْيَمِينِ.
حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَدَخَلَ بَيْتًا هُوَ سَاكِنُهُ حَنِثَ، سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ يُضَافُ إِلَيْهِ عُرْفًا، بِخِلَافِ مَا إِذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ أَوْ لَا يَسْتَخْدِمُ عَبْدَهُ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُضَافُ إِلَيْهِ عَادَةً. وَلَوْ دَخَلَ دَارًا هِيَ مِلْكُ فُلَانٍ يَسْكُنُهَا غَيْرُهُ فِي رِوَايَةٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ بِالسُّكْنَى، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إِلَى الْمَالِكِ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَإِلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، وَكِلَاهُمَا حَقِيقَةٌ.
حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ سَاكِنُهَا لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَزْرَعُ أَرْضَهُ فَزَرَعَ أَرْضًا مُشْتَرَكَةً حَنِثَ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْأَرْضِ أَرْضٌ وَلَيْسَ بَعْضُ الدَّارِ دَارًا تَسْمِيَةً وَعُرْفًا. حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانَةٍ فَدَخَلَ دَارَهَا وَزَوْجُهَا يَسْكُنُهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الدَّارَ تُنْسَبُ إِلَى السَّاكِنِ.
حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَلَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا وَدَارُ غَلَّةٍ فَدَخَلَ دَارَ الْغَلَّةِ لَا يَحْنَثُ. حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ بُسْتَانًا فِي تِلْكَ الدَّارِ، إِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَ فِي وَسَطِهَا حَنِثَ.
[فصل الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ]
فَصْلٌ (حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ فَنَزَعَهُ لِلْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ لَبِثَ سَاعَةً حَنِثَ، وَكَذَلِكَ رُكُوبُ الدَّابَّةِ وَسُكْنَى الدَّارِ) وَقَالَ زُفَرُ: يَحْنَثُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِوُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ. وَلَنَا أَنَّ زَمَانَ تَحَقُّقِ الْبِرِّ مُسْتَثْنًى لِأَنَّ الْيَمِينَ تُعْقَدُ لِلْبِرِّ، بِخِلَافِ مَا إِذَا لَبِثَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى لَابِسًا وَرَاكِبًا وَسَاكِنًا فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ فَيَحْنَثُ.
(حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ أَجْمَعَ) لِأَنَّ السُّكْنَى الْكَوْنُ فِي الْمَكَانِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقْرَارِ، حَتَّى إِنَّ مَنْ جَلَسَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ خَانٍ أَوْ بَاتَ فِيهِمَا لَا يُعَدُّ سَاكِنًا، وَالسُّكْنَى عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْرَارِ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْأَهْلِ وَالْمَتَاعِ وَالْأَثَاثِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُعَدُّ سَاكِنًا فِي الدَّارِ
قَالَ لَهُ: اجْلِسْ فَتَغَدَّ عِنْدِي، فَقَالَ: إِنْ تَغَدَيْتُ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَرَجَعَ وَتَغَدَّى فِي بَيْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ أَرَادَتِ الْخُرُوجَ فَقَالَ لَهَا: إِنْ خَرَجْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَجَلَسَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ لَمْ تَطْلُقْ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
بِاعْتِبَارِ أَهْلِهِ، يُقَالُ: فُلَانٌ يَسْكُنُ فِي مَحَلَّةِ كَذَا أَوْ سِكَّةِ كَذَا أَوْ دَارِ كَذَا وَأَكْثَرُ نَهَارِهِ فِي السُّوقِ فَمَهْمَا بَقِيَ فِي الدَّارِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالسُّكْنَى بَاقِيَةٌ، لِأَنَّ السُّكْنَى تَثْبُتُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَلَا تَنْتَفِي إِلَّا بِنَفْيِ الْكُلِّ حَتَّى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ بَقِيَ وَتَدٌ حَنِثَ لِمَا قُلْنَا، وَعَنْهُ لَوْ بَقِيَ مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَالْمِكْنَسَةِ وَالْوَتَدِ لَمْ يَحْنَثْ لِانْتِفَاءِ اسْمِ السُّكْنَى بِذَلِكَ. وَأَبُو يُوسُفَ اعْتَبَرَ الْأَكْثَرَ إِقَامَةً لَهُ مَقَامَ الْكُلِّ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ نَقْلُ الْكُلِّ. وَمُحَمَّدٌ اعْتَبَرَ نَقْلَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْبَيْتِ مِنْ آلَاتِ الِاسْتِعْمَالِ دُونَ مَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَقَدِ اسْتَحْسَنُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالنَّاسِ.
وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا فَأَخَذَ فِي نَقْلِ الْأَمْتِعَةِ مِنْ حِينِ حَلَفَ حَتَّى بَقِيَ عَلَى ذَلِكَ شَهْرًا لَمْ يَحْنَثْ. هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي طَلَبِ مَسْكَنٍ آخَرَ أَيَّامًا حَتَّى وَجَدَهُ لَمْ يَحْنَثْ إِذَا لَمْ يَتْرُكِ الطَّلَبَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى مَنْزِلٍ آخَرَ بِلَا تَأْخِيرٍ، وَلَوِ انْتَقَلَ إِلَى السِّكَّةِ أَوْ إِلَى الْمَسْجِدِ قِيلَ يَبَرُّ كَمَا فِي مَنْزِلٍ آخَرَ، وَقِيلَ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَّخِذْ وَطَنًا آخَرَ بَقِيَ وَطَنُهُ الْأَوَّلُ كَالْمُسَافِرِ إِذَا خَرَجَ بِعِيَالِهِ مِنْ مِصْرِهِ، فَمَا لَمْ يَتَّخِذْ وَطَنًا آخَرَ حَتَّى مَرَّ بِمِصْرِهِ أَتَمَّ الصَّلَاةَ لِأَنَّ وَطَنَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَذَا هَذَا. وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ: لَوِ انْتَقَلَ إِلَى السِّكَّةِ وَسَلَّمَ الدَّارَ إِلَى صَاحِبِهَا أَوْ آجَرَهَا وَسَلَّمَهَا بَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْ دَارًا أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ سَاكِنًا.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ فِي هَذَا الْمِصْرِ فَانْتَقَلَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ أَهْلُهُ فِي مِصْرٍ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي مِصْرٍ آخَرَ، وَالْقَرْيَةُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمِصْرِ.
(قَالَ لَهُ: اجْلِسْ فَتَغَدَّ عِنْدِي، فَقَالَ: إِنْ تَغَدَّيْتُ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَرَجَعَ وَتَغَدَّى فِي بَيْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ أَرَادَتِ الْخُرُوجَ فَقَالَ لَهَا: إِنْ خَرَجْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَجَلَسَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ لَمْ تَطْلُقْ)، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ ضَرْبَ عَبْدِهِ فَقَالَ لَهُ آَخَرُ: إِنْ ضَرَبْتَهُ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَتَرَكَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ لَمْ يَعْتِقْ، وَهَذِهِ تُسَمَّى يَمِينُ الْفَوْرِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَهَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الِامْتِنَاعُ عَنِ الْغَدَاءِ الْمَدْعُوِّ إِلَيْهِ وَهُوَ الْغَدَاءُ عِنْدَهُ، لِأَنَّ الْجَوَابَ يُطَابِقُ السُّؤَالَ، وَكَذَلِكَ قَصْدُهُ مَنْعُهَا عَنِ الْخُرُوجِ الَّذِي هَمَّتْ بِهِ وَالضَّرْبِ الَّذِي هَمَّ وَبِذَلِكَ يَشْهَدُ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ قَالَ: إِنْ ضَرَبْتَنِي فَلَمْ أَضْرِبْكَ، أَوْ إِنْ لَقَيْتُكَ فَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْكَ، أَوْ إِنْ كَلَّمْتَنِي فَلَمْ أُجِبْكَ، أَوْ إِنِ اسْتَعَرْتُ دَابَّتَكَ فَلَمْ تُعِرْنِي، أَوْ إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَلَمْ أَقْعُدْ، أَوْ إِنْ رَكِبْتُ دَابَّتَكَ فَلَمْ أُعْطِكَ دَابَّتِي - فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي نَظَائِرِهِ.
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ فَلَمْ تُطَاوِعْهُ فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَدْخُلِي مَعِي الْبَيْتَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ بَعْدَ مَا سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ طَلُقَتْ، لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الدُّخُولُ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَقَدْ فَاتَ فَصَارَ شَرْطُ الْحِنْثِ عَدَمَ
وَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَمْ يَحْنَثْ مَدْيُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَدْيُونٍ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ لَمْ يَحْنَثْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا فَمِنْ حِينِ حَلَفَ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَكَلَّمَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ إِلَّا أَنَّهُ نَائِمٌ حَنِثَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الدُّخُولِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَقَدْ وُجِدَ.
قَالَ: (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَمْ يَحْنَثْ مَدْيُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَدْيُونٍ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، أَمَّا إِذَا كَانَ مُسْتَغْرَقًا بِالدُّيُونِ فَلِأَنَّ عِنْدَهُ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِيهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي بَابِهِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرَقًا أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّ الْمِلْكَ وَإِنْ كَانَ لِلْمَوْلَى فَإِنَّهُ يُضَافُ إِلَى الْعَبْدِ فَلَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ لِاخْتِلَالِ الْإِضَافَةِ إِلَى الْمَوْلَى. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَحْنَثُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِذَا نَوَاهُ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ بِدُونِ النِّيَّةِ، لِأَنَّ الْمِلْكَ عِنْدَهُمَا لِلْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا، إِلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ: الْإِضَافَةُ إِلَى الْمَوْلَى اخْتَلَّتْ فَاحْتَاجَ إِلَى النِّيَّةِ.
حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ فُلَانٍ فَهُوَ مَالُهُ صَنَعَ فِي اكْتِسَابِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ كَالْقَبُولِ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوِ الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا وَأَخْذِ الْمُبَاحَاتِ. فَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَلَا يَكُونُ كَسْبَهُ. وَلَوْ مَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَانْتَقَلَ كَسْبُهُ إِلَى وَارِثِهِ فَأَكَلَهُ الْحَالِفُ حَنِثَ لِأَنَّهُ كَسَبَهُ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ كَسْبٌ، وَلَوِ انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ صَارَ كَسْبَ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ مِمَّا تَمْلِكُ أَوْ مِمَّا مَلَكْتَ أَوْ مِنْ مِلْكِكَ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ الْمِلْكَ إِذَا تَجَدَّدَ عَلَى عَيْنٍ بَطَلَتِ الْإِضَافَةُ الْأُولَى وَصَارَ مِلْكًا لِلثَّانِي، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مِيرَاثِ فُلَانٍ فَمَاتَ فَأَكَلَ مِنْ مِيرَاثِهِ حَنِثَ، وَإِنْ مَاتَ وَارِثُهُ فَانْتَقَلَ إِلَى وَارِثِهِ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ الْمِيرَاثَ الْآخَرَ نَسَخَ الْمِيرَاثَ الْأَوَّلَ فَبَطَلَتِ الْإِضَافَةُ إِلَى الْأَوَّلِ.
قَالَ: (حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ، يُقَالُ: مَا تَكَلَّمَ وَإِنَّمَا قَرَأَ أَوْ سَبَّحَ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ كَلَامٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَا يُنَافِي الْخَرَسَ وَالسُّكُوتَ، وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَا، وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي الصَّلَاةِ وَيَحْنَثُ خَارِجَهَا، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مُفْسِدٌ فَلَمْ يُجْعَلْ كَلْامًا ضَرُورَةً، وَلَا ضَرُورَةَ خَارِجِ الصَّلَاةِ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: إِنْ حَلَفَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُتَكَلِّمًا.
قَالَ: (حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا فَمِنْ حِينِ حَلَفَ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرِ الشَّهْرَ تَأَبَّدَتِ الْيَمِينُ، فَلَمَّا ذَكَرَ الشَّهْرَ خَرَجَ مَا وَرَاءَهُ عَنِ الْيَمِينِ وَبَقِيَ الشَّهْرُ، وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرِ الشَّهْرَ لَا يَتَأَبَّدُ فَكَانَ التَّعْيِينُ إِلَيْهِ.
قَالَ: (حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَكَلَّمَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ إِلَّا أَنَّهُ نَائِمٌ حَنِثَ) وَكَذَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ وَوَصَلَ إِلَى سَمْعِهِ، وَعَدَمُ فَهْمِهِ لِنَوْمِهِ وَصَمَمِهِ، فَصَارَ كَمَا إِذَا كَانَ مُتَغَافِلًا أَوْ مَجْنُونًا. وَفِي رِوَايَةٍ: اشْتَرَطَ أَنْ يُوقِظَهُ،
وَلَوْ كَلَّمَ غَيْرَهُ وَقَصَدَ أَنْ يَسْمَعَ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هُوَ فِيهِمْ حَنِثَ، وَإِنْ نَوَاهُمْ دُونَهُ لَمْ يَحْنَثْ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
لِأَنَّهُ إِذَا أَيْقَظَهُ فَقَدْ أَسْمَعُهُ، وَلَوْ نَادَاهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَسْمَعُ فِي مِثْلِهِ الصَّمْتُ لَا يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ بَعِيدًا لَوْ أَصْغَى إِلَيْهِ لَا يَسْمَعُ لَا يَحْنَثُ، لِأَنَّ الْمُكَالَمَةَ عِبَارَةٌ عَنِ الِاسْتِمَاعِ إِلَّا أَنَّهُ بَاطِنٌ فَأُقِيمَ السَّبَبُ الْمُفْضِي إِلَى السَّمَاعِ مَقَامَهُ، وَهُوَ مَا لَوْ أَصْغَى إِلَيْهِ سَمِعَ، وَلَوْ دَخَلَ دَارًا لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ وَضَعَ هَذَا، أَوْ مِنْ أَيْنَ هَذَا، حَنِثَ لِأَنَّهُ كَلَامٌ لَهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِفْهَامِ، وَلَوْ قَالَ: لَيْتَ شِعْرِي مَنْ وَضَعَ هَذَا؟ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مُخَاطِبٌ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ آخَرُ لَا يَحْنَثُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
(وَلَوْ كَلَّمَ غَيْرَهُ وَقَصَدَ أَنْ يَسْمَعَ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ حَقِيقَةً (وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هُوَ فِيهِمْ حَنِثَ) لِأَنَّ السَّلَامَ كَلَامٌ لِلْجَمِيعِ.
(وَإِنْ نَوَاهُمْ دُونَهُ لَمْ يَحْنَثْ) دِيَانَةً لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لِلْجَمَاعَةِ، وَالنِّيَّةُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ، وَلَوْ كَتَبَ إِلَيْهِ أَوْ أَشَارَ أَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ، لِأَنَّ الْكَلَامَ اسْمٌ لِحُرُوفٍ مَنْظُومَةٍ مَفْهُومَةٍ بِأَصْوَاتٍ مَسْمُوعَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ، وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ إِمَامًا فَسَلَّمَ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ خَلْفَهُ لَا يَحْنَثُ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِكَلَامٍ، وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الْمُؤْتَمَّ فَكَذَلِكَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ خَارِجًا عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِسَلَامِهِ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ سَبَّحَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ وَخَارِجَ الصَّلَاةِ يَحْنَثُ، وَلَوْ قَرَعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ الْحَالِفُ: مَنْ هَذَا؟ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: إِنْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: كيست لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخِطَابٍ لَهُ، وَإِنْ قَالَ: كي تو يَحْنَثُ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
وَلَوْ قَالَ لَيْلًا: لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا يَوْمًا فَهُوَ مِنْ حِينِ حَلَفَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْغَدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ نَهَارًا: لَا أُكَلِّمُهُ لَيْلَةً فَمِنْ حِينِ حَلَفَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنَ الْغَدِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ إِذَا تَعَلَّقَتْ بِوَقْتٍ مُطْلَقٍ فَابْتِدَاؤُهَا عَقِيبَ الْيَمِينِ كَالْإِيلَاءِ، وَلِأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِمُدَّةٍ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقُرْبَةِ اخْتَصَّ بِعَقِيبِ السَّبَبِ كَالْإِجَارَةِ، وَلَوْ حَلَفَ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمًا فَهُوَ عَلَى بَقِيَّةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ إِلَى مَثَلِ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ الْغَدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ لَا يُكَلِّمُهُ لَيْلَةً فَمِنْ حِينِ حَلَفَ إِلَى مَثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ، لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى يَوْمٍ مُنَكَّرٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِهِ، وَذَلِكَ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ فَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ ضَرُورَةً تَبَعًا، وَلَوْ قَالَ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ: لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ فَعَلَى بَاقِي الْيَوْمِ، وَكَذَا فِي اللَّيْلَةِ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى زَمَانٍ مُعَيَّنٍ فَتَعَلَّقَ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ، إِذْ هُوَ الْمُرَادُ ظَاهِرًا وَعُرْفًا، لِأَنَّ مَا مَضَى مِنْهُ خَرَجَ
حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ يُعْتَبَرُ مِلْكُهُ يَوْمَ الْحِنْثِ لَا يَوْمَ الْحَلِفِ، وَكَذَا الثَّوْبُ وَالدَّارُ، وَلَوْ قَالَ: عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا، أَوْ دَارَهُ هَذِهِ لَا يَحْنَثُ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَفِي الصَّدِيقِ وَالزَوْجِ وَالزَّوْجَةِ يَحْنَثُ بَعْدَ الْمُعَادَاةِ وَالْفِرَاقِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
عَنِ الْإِرَادَةِ ضَرُورَةً.
قَالَ: (حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ. يُعْتَبَرُ مِلْكُهُ يَوْمَ الْحِنْثِ لَا يَوْمَ الْحَلِفِ، وَكَذَا الثَّوْبُ وَالدَّارُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ عَلَى مِلْكٍ مُضَافٍ إِلَى فُلَانٍ، فَإِذَا وُجِدَتِ الْإِضَافَةُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ لِلْمَنْعِ عَنِ الْحِنْثِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتَ الْحِنْثِ (وَلَوْ قَالَ: عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا أَوْ دَارَهُ هَذِهِ لَا يَحْنَثُ بَعْدَ الْبَيْعِ) لِانْقِطَاعِ الْإِضَافَةِ، وَلَا تَعَادِيَ لِذَاتِهَا لِسُقُوطِ عِبْرَتِهَا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَيْنَهَا لِلتَّشَاؤُمِ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ.
(وَفِي الصَّدِيقِ وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ يَحْنَثُ بَعْدَ الْمُعَادَاةِ وَالْفِرَاقِ) لِأَنَّ الزَّوْجَةَ وَالصَّدِيقَ يُقْصَدَانِ بِالْهِجْرَةِ لِأَذًى مِنْ جِهَتِهِمَا، فَكَانَتِ الْإِضَافَةُ لِلتَّعْرِيفِ وَكَانَتِ الْإِشَارَةُ أَوْلَى. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْنَثُ فِي الْعَبْدِ أَيْضًا إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا، لِأَنَّ الْمَنْعَ قَدْ يَكُونُ لِعَيْنِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِمَالِكِهِ فَيَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِهِمَا، وَإِنْ أَطْلَقَ الْيَمِينَ فِي الزَّوْجَةِ وَالصَّدِيقِ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَنِثَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْمَانِعَ أَذًى مِنْ جِهَتِهِمَا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ تَحْتَمِلُ التَّعْرِيفَ دُونَ الْهِجْرَانِ، وَلِهَذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ فَلَا يَحْنَثُ، وَيَحْتَمِلُ الْهِجْرَانَ فَيَحْنَثُ، فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَلَا صَدِيقٌ فَاسْتَحْدَثَ ثُمَّ كَلَّمَهُ حَنِثَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.
حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ شَهْرًا أَوِ الْيَوْمَ سَنَةً، فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَتِلْكَ السَّنَةِ، لِأَنَّ الْيَوْمَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ شَهْرًا وَلَا سَنَةً، فَعَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً.
وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُكَ يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَهُوَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ فَهُوَ عَلَى سَبْتَيْنِ، لِأَنَّ يَوْمَ السَّبْتِ لَا يَدُورُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَا أُكَلِّمُكَ يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَيْنِ كَانَ عَلَى سَبْتَيْنِ لِأَنَّ السَّبْتَ لَا يَكُونُ يَوْمَيْنِ فَكَانَ مُرَادُهُ سَبْتَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَانَتْ كُلُّهَا يَوْمَ السَّبْتِ لِمَا بَيَّنَّا.
حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنْتَ فُلَانٍ فَوُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ بِتَزْوِيجِهَا، لِأَنَّ الْيَمِينَ انْصَرَفَتْ إِلَى الْمَوْجُودِ فِي الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ: بِنْتًا لِفُلَانٍ، أَوْ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِ فُلَانٍ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ.
حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إِخْوَةَ فُلَانٍ فَهُوَ عَلَى الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْيَمِينِ لَا غَيْرُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ كَثِيرَةٌ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُكَلِّمْ كُلَّهُمْ، وَلَوْ قَالَ: لَا يُكَلِّمُ عَبِيدَ فُلَانٍ، أَوْ لَا يَرْكَبُ دَوَابَّ فُلَانٍ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثِيَابَ فُلَانٍ حَنِثَ بِفِعْلِ ثَلَاثَةٍ مِمَّا سَمَّى إِلَّا إِذَا نَوَى الْكُلَّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ إِضَافَةُ تَعْرِيفٍ فَتَعَلَّقَتِ الْيَمِينُ بِأَعْيَانِهِمْ، فَمَا لَمْ يُكَلِّمِ الْكُلَّ لَا يَحْنَثُ، وَفِي الثَّانِيَةِ إِضَافَةُ مِلْكٍ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْهِجْرَانِ لِكَوْنِهَا جَمَادًا أَوْ لِخِسَّةِ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْمَالِكُ فَتَنَاوَلَتِ الْيَمِينُ أَعْيَانًا مَنْسُوبَةً إِلَيْهِ وَقْتَ