المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَإِنْ أَعْتَقُوهُ جَمِيعًا عَتَقَ، وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَجْمٍ نَظَرَ - الاختيار لتعليل المختار - جـ ٤

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابُ النَّفَقَةِ [

- ‌نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ]

- ‌[فصل نَفَقَةُ المطلقة]

- ‌[فَصْلٌ: نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

- ‌كتاب العتق

- ‌[فصل من ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه]

- ‌[فصل من أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ]

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌[فصل الكِتَابة الفاسدة]

- ‌[فصل كاتب عبديه كتابة واحدة]

- ‌[فصل موت المكاتب قبل وفاء ديونه]

- ‌كِتَابُ الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌[فصل حُرُوفُ الْقَسَمِ وفيما يكون به اليمين]

- ‌[فصل في الْخُرُوجِ]

- ‌[فصل الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ]

- ‌فَصْلٌ [الْحِينُ وَالزَّمَانُ]

- ‌[فصل الْحلف على الطعام]

- ‌[فصل انعقاد اليمين]

- ‌[فصل الحنث في اليمين]

- ‌[فَصْلٌ في النذر]

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌[فصل حَدُّ الزِّنَا]

- ‌[فصل وَطْءُ الْجَارِيَةِ]

- ‌بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[فصل التعزير]

- ‌بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

- ‌[فصل ما لا قطع فيه وما فيه قطع]

- ‌[فصل بيان محل القطع]

- ‌[فصل حَدُّ قَطْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌[فصل موادعة أهل الحرب]

- ‌[فصل أمان الواحد]

- ‌[فصل فتح البلاد]

- ‌[فصل الغنيمة]

- ‌[فصل قِسْمَةُ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فصل ملك أهل الحرب]

- ‌[فصل الْجِزْيَةُ]

- ‌[فصل الْخَرَاجُ]

- ‌[فصل الْمُرْتَدُّ]

- ‌[فصل فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا]

- ‌[فصل الْخَوَارِجُ وَالْبُغَاةُ]

- ‌كِتَابُ الْكَرَاهَيَةِ

- ‌[فصل النَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَةِ]

- ‌[فصل اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الِاحْتِكَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مسائل مختلفة]

- ‌[فَصْلٌ فِي آداب للمؤمن ينبغي أن يحافظ عليها]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّبْقُ وَالرَّمْيُ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْكَسْبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الكسوة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الكلام]

الفصل: وَإِنْ أَعْتَقُوهُ جَمِيعًا عَتَقَ، وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَجْمٍ نَظَرَ

وَإِنْ أَعْتَقُوهُ جَمِيعًا عَتَقَ، وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَجْمٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَرْجُو وُصُولَهُ أَنْظَرَهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جِهَةٌ عَجَّزَهُ (س) وَعَادَ إِلَى أَحْكَامِ الرِّقِّ.

‌كِتَابُ الْوَلَاءِ

وَهُوَ نَوْعَانِ: وَلَاءُ عَتَاقَةٍ، وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ، وَسَبَبُ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ الْإِعْتَاقُ، وَعِتْقُ الْقَرِيبِ بِالشِّرَاءِ، وَالْمُكَاتَبِ بِالْأَدَاءِ، وَالْمُدَبَّرِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ فَكَذَا بِالْإِرْثِ.

(وَإِنْ أَعْتَقُوهُ جَمِيعًا عَتَقَ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ إِبْرَاءً عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، لِأَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي فِي الْبَدَلِ، وَالْإِبْرَاءُ عَنْهُ مُوجِبٌ لِلْعِتْقِ كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ الْمَوْلَى إِلَّا أَنَّ إِعْتَاقَ الْبَعْضِ لَا يُوجِبُ إِسْقَاطَ نَصِيبٍ مِنَ الْبَدَلِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ إِبْرَاءً مُقْتَضًى لِلْعِتْقِ وَلَا عِتْقَ، فَإِنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ الْبَعْضُ لَا يَعْتِقُ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَهُ إِبْرَاءً عَنِ الْكُلِّ لَتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ.

قَالَ: (وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَجْمٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَرْجُو وُصُولَهُ أَنْظَرَهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ، وَالثَّلَاثُ مُدَّةٌ تُضْرَبُ لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ كَمَا فِي إِمْهَالِ الْمَدْيُونِ لِلْقَضَاءِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جِهَةٌ عَجَّزَهُ وَعَادَ إِلَى أَحْكَامِ الرِّقِّ)، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُعَجِّزُهُ حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ. وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه. وَلَهُمَا أَنَّ الْعَجْزَ سَبَبٌ لِلْفَسْخِ وَقَدْ تَحَقَّقَ، فَإِنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ نَجْمٍ كَانَ عَنْ نَجْمَيْنِ أَعْجَزَ، وَلِأَنَّهُ فَاتَ مَقْصُودُ الْمَوْلَى وَهُوَ وُصُولُ الْمَالِ إِلَيْهِ عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ فَلَمْ يَكُنْ رَاضِيًا فَيُفْسَخُ، وَالْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا لِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ وَلَيْسَ بِتَأْخِيرٍ، وَالْأَثَرُ مُعَارَضٌ بِمَا رُوِيَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما عَجَّزَ مُكَاتَبَةً لَهُ حِينَ عَجَزَتْ عَنْ نَجْمٍ وَاحِدٍ وَرَدَّهَا إِلَى الرِّقِّ فَتَعَارَضَا. فَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَجْمٍ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي فَرَدَّهُ مَوْلَاهُ بِرِضَاهُ جَازَ، لِأَنَّ الْفَسْخَ بِالتَّرَاضِي يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَبِعُذْرٍ أَوْلَى، وَإِنْ أَبَى الْعَبْدُ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ فَلَا بُدَّ فِي فَسْخِهِ مِنَ الْقَاضِي أَوِ الرِّضَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَإِذَا فَسَخَهُ عَادَ إِلَى أَحْكَامِ الرِّقِّ، لِأَنَّ بِالْفَسْخِ تَصِيرُ الْكِتَابَةُ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ، وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ أَكْسَابِهِ لِمَوْلَاهُ لِأَنَّهَا كَسْبُ عَبْدِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

ِ (وَهُوَ نَوْعَانِ: وَلَاءُ عَتَاقَةٍ) وَيُسَمَّى وَلَاءُ نِعْمَةٍ، (وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ، وَسَبَبُ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ الْإِعْتَاقُ) لِإِضَافَتِهِ إِلَيْهِ، وَالْحُكْمُ يُضَافُ إِلَى سَبَبِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِبَدَلٍ أَوْ بِغَيْرِ بَدَلٍ أَوْ لِلْكَفَّارَةِ أَوْ لِلْيَمِينِ أَوْ بِالنَّذْرِ، (وَعِتْقُ الْقَرِيبِ بِالشِّرَاءِ، وَالْمُكَاتَبِ بِالْأَدَاءِ، وَالْمُدَبَّرِ

ص: 42

وَأُمِّ الْوَلَدِ بِالْمَوْتِ إِعْتَاقٌ، وَيَثْبُتُ لِلْمُعْتِقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ سَائِبَةً وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَبَدًا، فَإِذَا مَاتَ فَهُوَ لِأَقْرَبِ عَصَبَتِهُ فَيَكُونُ لِابْنِهِ دُونَ أَبِيهِ إِذَا اجْتَمَعَا، وَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَهُمْ سَوَاءٌ، وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْوَلَاءِ إِلَّا وَلَاءُ مَنْ أَعَتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ جَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِنَّ بِأَنْ زَوَّجَتْ عَبْدَهَا مُعْتَقَةَ الْغَيْرِ فَوَلَدَتْ فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الزَّوْجَةِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَأُمِّ الْوَلَدِ بِالْمَوْتِ إِعْتَاقٌ) لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ يُضَافُ إِلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ جِهَتِهِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْوَلَاءِ بِنَوْعَيْهِ التَّنَاصُرُ، وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ يَتَنَاصَرُونَ بِأَشْيَاءَ: مِنْهَا الْحِلْفُ وَغَيْرُهُ، فَقَرَّرَ صلى الله عليه وسلم تَنَاصُرَهُمْ بِنَوْعَيِ الْوَلَاءِ فَقَالَ:«مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» ، وَقَالَ:«حَلِيفُ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» وَالْمُرَادُ بِالْحَلِيفِ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا عَقَدُوا عَقْدَ الْوَلَاءِ أَكَّدُوهَا بِالْحَلِفِ.

قَالَ: (وَيَثْبُتُ لِلْمُعْتِقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ سَائِبَةً) لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا (وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَبَدًا) لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِ وَتَأَكَّدَ السَّبَبُ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ، (فَإِذَا مَاتَ فَهُوَ لِأَقْرَبِ عَصَبَتِهِ فَيَكُونُ لِابْنِهِ دُونَ أَبِيهِ إِذَا اجْتَمَعَا) وَفِيهِ اخْتِلَافٌ ذَكَرْتُهُ وَدَلَائِلَهُ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَالَ: (وَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَهُمْ سَوَاءٌ) لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْعِلَّةِ وَهِيَ الْقَرَابَةُ وَالْعُصُوبَةُ.

قَالَ: (وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْوَلَاءِ إِلَّا وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ جَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِنَّ) لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ بِعَصَبَةٍ، أَوْ لِأَنَّ السَّبَبَ النُّصْرَةُ وَلَسْنَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْوَلَاءِ إِلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ، أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ، أَوْ جَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِنَّ أَوْ مُعْتِقِ مُعْتِقِهِنَّ» ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُنَّ إِذَا أَعْتَقْنَ أَوْ كُنَّ سَبَبًا فِي الْإِعْتَاقِ، وَيَنْفِي ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لَهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا حَدِيثُ ابْنَةِ حَمْزَةَ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْفَرَائِضِ أَيْضًا، وَلِأَنَّهَا سَاوَتِ الرَّجُلَ فِي السَّبَبِ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ، فَإِذَا اسْتَحَقَّتْ مِيرَاثَ مُعْتِقِهَا فَكَذَا مُعْتِقُ مُعْتِقِهَا لِأَنَّهَا تَسَبَّبَتْ إِلَى عِتْقِهِ، وَلِأَنَّ مُعْتَقَهُ يُنْسَبُ إِلَيْهَا بِالْوَلَاءِ، وَصُورَةُ جَرِّ وَلَاءِ مُعْتِقِهِنَّ (بِأَنْ زَوَّجَتْ عَبْدَهَا مُعْتَقَةَ الْغَيْرِ فَوَلَدَتْ فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الزَّوْجَةِ) لِأَنَّ الْأَبَ عَبْدٌ لَا وَلَاءَ لَهُ، فَإِذَا أَعْتَقَ جَرَّ وَلَاءَ ابْنِهِ إِلَى مَوَالِيهِ، وَصُورَةُ مُعْتِقِ مُعْتَقِهِنَّ إِذَا أَعْتَقَتْ عَبْدًا فَاشْتَرَى عَبْدًا وَزَوَّجَهُ مُعْتَقَةَ الْغَيْرِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَوَلَاءُ أَوْلَادِهَا لِمَوَالِيهَا لِمَا بَيَّنَّا، فَإِذَا أَعْتَقَ مُعْتِقُ الْمَرْأَةِ الْعَبْدَ جَرَّ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ إِلَيْهِ،

ص: 43

وَسَبَبُ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ الْعَقْدُ. وَصُورَتُهُ: إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ وَيَعْقِلَ عَنْهُ فَقَالَ: أَنْتَ مَوْلَايَ تَرِثُنِي إِذَا مِتُّ، وَتَعْقِلُ عَنِّي إِذَا جَنَيْتُ فَيَقْبَلُ الْآخَرُ فَذَلِكَ صَحِيحٌ، فَإِذَا مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَرِثَهُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ، فَذَلِكَ جَرُّ وَلَاءِ مُعْتِقِ مُعْتَقِهَا.

وَلَوْ أَعْتَقَتِ الْأُمُّ وَهِيَ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ لَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ عَنْ مَوَالِيهَا أَبَدًا لِأَنَّ الْعِتْقَ وَرَدَ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا مُتَّصِلًا بِهَا وَقْتَ الْعِتْقِ فَلَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ كَمَا إِذَا أَعْتَقَهُ قَصْدًا، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ إِذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعِتْقِ عَلَى مَا عُرِفَ، وَكَذَا إِذَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ.

وَالْأَصْلُ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» ، وَالنَّسَبُ إِلَى الْآبَاءِ فَكَذَا الْوَلَاءُ، فَإِذَا امْتَنَعَ إِثْبَاتُهُ إِلَى الْأَبِ لِمَانِعٍ، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْوَلَاءُ إِلَى الْأَبِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ كَوَلَدِ الْمُلَاعِنَةِ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ، فَإِذَا أَكْذَبَ الْأَبُ نَفْسَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ. وَرُوِيَ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَأَى بِخَيْبَرَ فِتْيَةً لُعْسًا أَعْجَبَهُ ظُرْفُهُمْ، وَأُمُّهُمْ مَوْلَاةٌ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَأَبُوهُمْ عَبْدٌ لِبَعْضِ جُهَيْنَةَ أَوْ لِبَعْضِ أَشْجَعَ فَاشْتَرَى أَبَاهُمْ فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ لَهُمُ انْتَسِبُوا إِلَيَّ، فَقَالَ رَافِعٌ: بَلْ هُمْ مَوَالِيَّ، فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ فَقَضَى بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ مِنْ غَيْرِهِ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْجَدُّ لَا يَجُرُّ الْوَلَاءَ، وَلَا يَكُونُ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ جَدِّهِ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجْعَلُوا الصِّغَارَ مُسْلِمِينَ بِإِسْلَامِ آدَمَ وَنُوحٍ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُمَا جَدَّانِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِلْجَدِّ، وَيَجُرُّ الْجِدُّ وَلَاءَهُ لِأَنَّ الْجَدَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ.

قَالَ: (وَسَبَبُ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ الْعَقْدُ) وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ التَّنَاصُرُ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ شَرَائِطَ: أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مُعْتِقٌ لِأَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ أَقْوَى فَيَمْنَعُ ثُبُوتَ الْأَضْعَفِ. الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ عَرَبِيًّا لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا يُسْتَرَقُّونَ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ فَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ أَوْلَى.

وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَنْتَسِبَ إِلَى أَحَدٍ وَلَا يَكُونَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لَمَّا «سُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ: " هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتُهُ إِنْ وَالَاهُ» أَيْ بِمِيرَاثِهِ لَا بِشَخْصِهِ. وَرُوِيَ «أَنْ رَجُلًا أَسْلَمَ عَلَى يَدِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَوَالَاهُ، فَقَالَ لَهُ عليه الصلاة والسلام: هُوَ أَخُوكَ وَمَوْلَاكَ تَعْقِلُ عَنْهُ وَتَرِثُهُ» .

(وَصُورَتُهُ: إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ عَلَى أَنْ يَرِثَهُ وَيَعْقِلَ عَنْهُ فَقَالَ: أَنْتَ مَوْلَايَ تَرِثُنِي إِذَا مِتُّ، وَتَعْقِلُ عَنِّي إِذَا جَنَيْتُ فَيَقْبَلُ الْآخَرُ فَذَلِكَ صَحِيحٌ) ، وَكَذَا إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَى غَيْرَهُ صَحَّ، (فَإِذَا مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَرِثَهُ) لِمَا رَوَيْنَا، وَتَمَامُهُ يُعْرَفُ فِي الْفَرَائِضِ، وَيَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْوَلَاءِ الْأَوْلَادُ الصِّغَارُ لِلتَّبَعِيَّةِ وَالْوِلَايَةِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ يُولَدُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُمْ

ص: 44