الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعِ صَفَرٍ مِنْهَا أَمَرَ الْخَلِيفَةُ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ بِالْقَبْضِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الزَّيَّاتِ وَزِيرِ الْوَاثِقِ، وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ يُبْغِضُهُ لِأُمُورٍ ; مِنْهَا أَنَّ أَخَاهُ الْوَاثِقَ تَغَضَّبَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَكَانَ ابْنُ الزَّيَّاتِ يَزِيدُ الْوَاثِقَ غَضَبًا عَلَى أَخِيهِ، فَبَقِيَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُ، ثُمَّ كَانَ الَّذِي اسْتَرْضَى الْوَاثِقَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادٍ فَحَظِيَ لِذَلِكَ عِنْدَهُ فِي أَيَّامِ مُلْكِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الزَّيَّاتِ كَانَ قَدْ أَشَارَ بِخِلَافَةِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْوَاثِقِ بَعْدَ أَبِيهِ، وَلَفَّ عَلَيْهِ النَّاسَ، وَجَعْفَرٌ الْمُتَوَكِّلُ فِي جَنْبِ دَارِ الْخِلَافَةِ، فَلَمْ يَتِمَّ الْأَمْرُ إِلَّا لِجَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ ابْنِ الزَّيَّاتِ فَلِهَذَا أَمَرَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ سَرِيعًا فَطَلَبَهُ، فَرَكِبَ بَعْدَ غَدَائِهِ يَظُنُّ أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعَثَ إِلَيْهِ، فَأَتَتْ بِهِ الرُّسُلُ إِلَى دَارِ إِيتَاخَ أَمِيرِ الشُّرْطَةِ فَاحْتِيطَ عَلَيْهِ وَقُيِّدَ، وَبَعَثُوا فِي الْحَالِ إِلَى دَارِهِ فَأُخِذَ جَمِيعُ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَاللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْحَوَاصِلِ وَالْجَوَارِي وَالْأَثَاثِ، وَوَجَدُوا فِي مَجْلِسِهِ
الْخَاصِّ بِهِ آلَاتِ الشَّرَابِ، وَبَعَثَ الْخَلِيفَةُ إِلَى حَوَاصِلِهِ وَضِيَاعِهِ بِسَائِرِ الْأَمَاكِنِ، فَاحْتِيطَ عَلَيْهَا، وَأُمِرَ بِهِ أَنْ يُعَذَّبَ ; فَمُنِعَ مِنَ الطَّعَامِ، وَجَعَلُوا يُسَاهِرُونَهُ، كُلَّمَا أَرَادَ الرُّقَادَ نُخِسَ بِالْحَدِيدِ، ثُمَّ وُضِعَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي تَنُّورٍ مِنْ خَشَبٍ فِيهِ مَسَامِيرُ قَائِمَةٌ فِي أَسْفَلِهِ فَأُقِيمَ عَلَيْهَا وَوُكِّلَ بِهِ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنَ الرُّقَادِ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ أَيَّامًا حَتَّى مَاتَ وَهُوَ كَذَلِكَ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ أُخْرِجَ مِنَ التَّنُّورِ وَفِيهِ رَمَقٌ فَضُرِبَ عَلَى بَطْنِهِ ثُمَّ عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ تَحْتَ الضَّرْبِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أُحْرِقَ ثُمَّ دُفِعَتْ جُثَّتُهُ إِلَى أَوْلَادِهِ فَدَفَنُوهُ، فَنَبَشَتْ عَلَيْهِ الْكِلَابُ فَأَكَلَتْ لَحْمَهُ وَجِلْدَهُ، سَامَحَهُ اللَّهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لِإِحْدَى عَشْرَةَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا.
وَكَانَ قِيمَةُ مَا وُجِدَ لَهُ مِنَ الْحَوَاصِلِ نَحْوًا مِنْ تِسْعِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ سَأَلَهُ عَنْ قَتْلِ أَخِيهِ الْوَاثِقِ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ الْخُزَاعِيَّ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَحْرَقَنِي اللَّهُ بِالنَّارِ إِنْ كَانَ الْوَاثِقُ قَتَلَهُ يَوْمَ قَتَلَهُ إِلَّا