الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِقَتْلِ أَصْحَابِ الْقِرْمِطِيِّ وَأَنْ يُطَافَ بِرَأْسِ الْقِرْمِطِيِّ فِي سَائِرِ بِلَادِ خُرَاسَانَ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ النَّاسُ عَنِ الْحَجِّ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ، وَأَطْلَقَ مَنْ كَانَ بِأَيْدِي الْقَرَامِطَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ الَّذِينَ أَسَرُوهُمْ.
وَفِيهَا غَزَا أَحْمَدُ بْنُ كَيْغَلَغَ نَائِبُ دِمَشْقَ بِلَادَ الرُّومِ مِنْ نَاحِيَةِ طَرَسُوسَ فَقَتَلَ مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَأَسَرَ مِنْ ذَرَارِيهِمْ نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفًا، وَأَسْلَمَ بَعْضُ الْبَطَارِقَةِ مِنَ الرُّومِ، وَجَاءَ مَعَهُ بِنَحْوٍ مَنْ مِائَتَيْ أَسِيرٍ كَانُوا فِي حِصْنِهِ، فَأَرْسَلَ مِلْكُ الرُّومِ جَيْشًا فِي طَلَبِهِ، فَرَكِبَ هُوَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَبَسَ الرُّومَ فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَغَنِمَ مِنْهُمْ غَنِيمَةً كَثِيرَةً جِدًّا، وَلَمَّا قَدِمَ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مَا تَمَنَّاهُ.
وَفِيهَا ظَهَرَ بِالشَّامِ رَجُلٌ فَادَّعَى أَنَّهُ السُّفْيَانِيُّ فَأُخِذَ وَبُعِثَ بِهِ إِلَى بَغْدَادَ فَادَّعَى أَنَّهُ مُوَسْوَسٌ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْهَاشِمِيُّ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ بِعُبَيْدٍ الْعِجْلِ، كَانَ حَافِظًا مُكْثِرًا مُتْقِنًا ثِقَةً مُقَدَّمًا فِي حِفْظِ
الْمُسْنَدَاتِ تُوُفِّيَ فِي صِفْرٍ مِنْهَا.
صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَبِيبٍ أَبُو عَلِيٍّ الْأَسَدِيُّ أَسَدُ خُزَيْمَةَ الْمَعْرُوفُ بِجَزَرَةَ ; لِأَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ كَانَتْ لَهُ خَرَزَةٌ يَرْقِي بِهَا الْمَرِيضَ، فَقَرَأَهَا هُوَ جَزَرَةً تَصْحِيفًا مِنْهُ فَلُقِّبَ بِذَلِكَ لِذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ حَافِظًا مُكْثِرًا جَوَّالًا رَحَّالًا طَافَ الشَّامَ وَمِصْرَ وَخُرَاسَانَ وَانْتَقَلَ مِنْ بَغْدَادَ فَسَكَنَ بُخَارَى، وَكَانَ ثِقَةً صَدُوقًا أَمِينًا وَلَهُ رِوَايَةٌ كَثِيرَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَسُؤَالَاتٌ كَثِيرَةٌ، كَانَ مَوْلِدُهُ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ.
وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمَعْرُوفُ بِالْبَيَاضِيِّ لِأَنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسَ الْخَلِيفَةِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ الْبَيَاضِ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: مَنْ ذَاكَ الْبَيَاضِيُّ؟ فَعُرِفَ بِهِ وَكَانَ ثِقَةً رَوَى عَنِ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنِ مِقْسَمٍ قَتَلَتْهُ الْقَرَامِطَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
مُحَمَّدٌ ابْنُ الْإِمَامِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ سَمِعَ أَبَاهُ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَغَيْرَهُمَا وَكَانَ عَالِمًا بِالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ جَمِيلَ الطَّرِيقَةِ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَحَدَّثَ
بِهَا، وَقَتَلَتْهُ الْقَرَامِطَةُ هَذِهِ السَّنَةَ فِيمَنْ قَتَلُوا مِنَ الْحَجِيجِ.
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ.
الْفَقِيهُ، وُلِدَ بِبَغْدَادَ وَنَشَأَ بِنَيْسَابُورَ وَاسْتَوْطَنَ سَمَرْقَنْدَ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ فِي الْأَحْكَامِ، وَقَدْ رَحَلَ إِلَى الْآفَاقِ وَسَمِعَ مِنَ الْمَشَايِخِ الْكَثِيرَ النَّافِعَ وَصَنَّفَ الْكُتُبَ الْمُفِيدَةَ الْحَافِلَةَ النَّافِعَةَ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَلَاةً وَأَكْثَرِهِمْ فِيهَا خُشُوعًا، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابًا عَظِيمًا فِي الصَّلَاةِ.
رَوَى عَنْهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ مِصْرَ قَاصِدًا مَكَّةَ فَرَكِبْتُ الْبَحْرَ وَمَعِي جَارِيَةٌ فَغَرِقَتِ السَّفِينَةُ فَذَهَبَ لِي فِي الْمَاءِ أَلْفَا جُزْءٍ وَسَلِمْتُ أَنَا وَالْجَارِيَةُ فَلَجَأْنَا إِلَى جَزِيرَةٍ فَطَلَبْنَا بِهَا مَاءً فَلَمْ نَجِدْ فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى فَخِذِ الْجَارِيَةِ وَيَئِسْتُ مِنَ الْحَيَاةِ فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا رَجُلٌ قَدْ أَقْبَلَ وَفِي يَدِهِ كُوزٌ، فَقَالَ: هَاهَ، فَأَخَذْتُهُ فَشَرِبْتُ مِنْهُ وَسَقَيْتُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ وَلَا إِلَى أَيْنَ ذَهَبَ. وَقَدْ كَانَ مِنْ أَكْرَمِ النَّاسِ وَأَسْخَاهُمْ نَفْسًا، وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ يَصِلُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَيَصِلُهُ أَخُوهُ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ أَيْضًا، وَيَصِلُهُ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَيُنْفِقُ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَقِيلَ لَهُ: لَوِ ادَّخَرْتَ شَيْئًا لِنَائِبَةٍ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَنَا كُنْتُ بِمِصْرَ أُنْفِقُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، فَرَأَيْتُ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ لِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا لَا يَتَهَيَّأُ لِي فِي السَّنَةِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ إِذَا دَخَلَ عَلَى
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ السَّامَانِيِّ يَنْهَضُ لَهُ وَيُكْرِمُهُ فَعَاتَبَهُ يَوْمًا أَخُوهُ إِسْحَاقُ، فَقَالَ لَهُ: تَقُومُ لِرَجُلٍ فِي مَجْلِسِ حُكْمِكَ وَأَنْتَ مَلِكُ خُرَاسَانَ.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَنَا مُشَتَّتُ الْقَلْبِ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ:" يَا إِسْمَاعِيلُ ثَبِّتْ مُلْكَكَ وَمُلْكَ بَنِيكَ بِتَعْظِيمِكَ مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ وَذَهَبَ مُلْكُ أَخِيكَ بِاسْتِخْفَافِهِ بِمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ ".
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَجَلَسُوا فِي بَيْتٍ يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْءٌ يَقْتَاتُونَهُ فَاقْتَرَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ مَنْ يَسْعَى لَهُمْ فِي شَيْءٍ يَأْكُلُونَهُ، لِيَدْفَعُوا عَنْهُمْ ضَرُورَتَهُمْ فَجَاءَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى أَحَدِهِمْ، فَنَهَضَ إِلَى الصَّلَاةِ فَجَعَلَ يُصَلِّي وَيَدْعُو اللَّهَ عز وجل، وَذَلِكَ وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ، فَرَأَى نَائِبُ مِصْرَ - وَأَظُنُّهُ أَحْمَدَ بْنَ طُولُونَ - فِي مَنَامِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ لَهُ:" أَنْتَ هَاهُنَا وَالْمُحَمَّدُونَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ يَقْتَاتُونَهُ "
فَانْتَبَهَ الْأَمِيرُ مِنْ مَنَامِهِ فَسَأَلَ: مَنْ هَاهُنَا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ؟ فَذُكِرَ لَهُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَدَخَلَ بِهَا عَلَيْهِمْ وَأَزَالَ اللَّهُ ضَرُورَتَهُمْ وَيَسَّرَ لَهُمْ.
وَقَدْ بَلَغَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ سِنًّا عَالِيَةً وَكَانَ يَسْأَلُ اللَّهَ وَلَدًا فَأَتَاهُ يَوْمًا إِنْسَانٌ فَبَشَّرَهُ بِوَلَدٍ ذَكَرٍ قَدْ وُلِدَ لَهُ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ} [إبراهيم: 39] فَاسْتَفَادَ الْحَاضِرُونَ مِنْ ذَلِكَ فَوَائِدَ، مِنْهَا أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ لَهُ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ وَلَدٌ ذَكَرٌ بَعْدَمَا كَانَ يَسْأَلُ اللَّهَ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ سَمَّاهُ يَوْمَ مَوْلِدِهِ كَمَا سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَدَهُ إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ السَّابِعِ، وَمِنْهَا اقْتِدَاؤُهُ بِالْخَلِيلِ فِي تَسْمِيَتِهِ أَوَّلَ وَلَدٍ لَهُ إِسْمَاعِيلَ.
مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عِمْرَانَ الْمَعْرُوفُ وَالِدُهُ بِالْحَمَّالِ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ وَسَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَغَيْرَهُمَا وَكَانَ إِمَامَ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي حِفْظِ الْحَدِيثِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ وَالْإِتْقَانِ، وَكَانَ ثِقَةً شَدِيدَ الْوَرَعِ عَظِيمَ الْهَيْبَةِ.
قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ الْمِصْرِيُّ: كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ كَلَامًا عَلَى الْحَدِيثِ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ثُمَّ مُوسَى بْنُ هَارُونَ ثُمَّ الدَّارَقُطْنِيُّ.