الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَالُ إِلَى أَنِ احْتَفَظَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى بِلَادِهِ وَحَصَّنَهَا وَهَيَّأَ الْجُيُوشَ وَالْجُنُودَ وَتَأَلَّفَ الرَّعَايَا.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَدَتِ الرُّومُ عَلَى مَلِكِهِمْ مِيخَائِيلَ فَرَامُوا خَلْعَهُ وَقَتْلَهُ فَتَرَكَ الْمُلْكَ وَتَرَهَّبَ، وَوَلَّوْا عَلَيْهِمْ لِيُونَ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا نَائِبُ الْحِجَازِ دَاوُدُ بْنُ عِيسَى، وَقِيلَ: عَلِيُّ بْنُ الرَّشِيدِ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَقَدْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ وَالثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ. وَكَانَ عَابِدًا زَاهِدًا، مَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ نَرَ لَهُ فِرَاشًا، وَصَامَهَا كُلَّهَا إِلَّا يَوْمَ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى الْإِرْجَاءِ، ضَعِيفَ الْحَدِيثِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ رَأْسًا فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ فَشَنَّعَ عَلَى الرَّشِيدِ، فَحَبَسَهُ وَقَيَّدَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ قَيْدًا، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو مُعَاوِيَةَ يَشْفَعُ فِيهِ حَتَّى تَرَكُوهُ فِي أَرْبَعَةِ قُيُودٍ، ثُمَّ كَانَ يَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ الرَّشِيدُ أَطْلَقَتْهُ زُبَيْدَةُ
فَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَكَانُوا بِمَكَّةَ قَدْ جَاءُوا حُجَّاجًا فَمَرِضَ بِمَكَّةَ.
وَاشْتَهَى يَوْمًا بَرَدًا، فَسَقَطَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَرَدٌ، فَأَكَلَ مِنْهُ. وَمَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، كَانَتْ غَلَّتُهُ فِي السَّنَةِ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفًا يُنْفِقُهَا كُلَّهَا عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ. تُوُفِّيَ عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
أَبُو النَّصْرِ الْجُهَنِيُّ الْمُصَابُ، كَانَ مُقِيمًا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ بِالصُّفَّةِ مِنَ الْمَسْجِدِ فِي الْحَائِطِ الشَّمَالِيِّ مِنْهُ، وَكَانَ يُطِيلُ السُّكُوتَ، فَإِذَا سُئِلَ أَجَابَ بِجَوَابٍ حَسَنٍ، وَيَتَكَلَّمُ بِكَلِمَاتٍ مُفِيدَةٍ تُؤْثَرُ عَنْهُ، وَتُكْتَبُ، وَكَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَيَقِفُ عَلَى مَجَامِعِ النَّاسِ فَيَقُولُ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} [لقمان: 33] وَ {يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة: 48] ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِنْ جَمَاعَةٍ إِلَى جَمَاعَةٍ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّيَ فِيهِ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُصَلِّيَ
الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ.
وَقَدْ وَعَظَ مَرَّةً هَارُونَ الرَّشِيدَ بِكَلَامٍ حَسَنٍ فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَنْ أُمَّةِ نَبِيِّهِ، فَأَعِدَّ لِذَلِكَ جَوَابًا، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَوْ مَاتَتْ سَخْلَةٌ بِالْعِرَاقِ ضَيَاعًا لَخَشِيتُ أَنْ يَسْأَلَنِي اللَّهُ عز وجل عَنْهَا. فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ كَعُمَرَ، وَإِنَّ دَهْرِي لَيْسَ كَدَهْرِهِ. فَقَالَ: مَا هَذَا بِمُغْنٍ عَنْكَ شَيْئًا. فَأَمَرَ لَهُ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَمُرْ بِهَا فَلْتُقَسَّمْ عَلَيْهِمْ وَأَنَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ.