الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدُهُمْ شَابٌّ لَهُ جُمَّةٌ وَعَلَى شَفَتَيْهِ بَلَلٌ كَأَنَّهُ قَدْ شَرِبَ مَاءً، وَكَأَنَّ عَيْنَيْهِ مُكَحَّلَتَانِ، وَبِهِ ضَرْبَةٌ فِي خَاصِرَتِهِ، وَأَرَادَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا فَإِذَا هُوَ قَوِيٌ كَشَعْرِ الْحَيِّ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ، الْحَافِظُ صَاحِبُ " الْمُسْنَدِ " الْمَشْهُورِ، لَهُ حَدِيثٌ كَثِيرٌ وَرِوَايَةٌ عَالِيَةٌ.
وَبَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ.
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْدَلُسِيُّ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، صَاحِبُ " الْمُسْنَدِ " الْمُبَوَّبِ عَلَى الْفِقْهِ، رَوَى فِيهِ عَنْ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ صَحَابِيٍّ، وَقَدْ فَضَّلَهُ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى " مُسْنَدِ " الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعِنْدِي فِي ذَلِكَ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ " مُسْنَدَ أَحْمَدَ " أَجْوَدُ مِنْهُ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ هُوَ بِبِلَادِهِمْ، وَلَا وَقَعَ لَهُمْ رِوَايَتُهُ، وَلَوِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَوَقَفَ عَلَى مَا فِيهِ لِمَا فَضَّلَ عَلَيْهِ مُسْنَدًا مِنَ الْمُسْنَدَاتِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَقِيٌّ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ جَمِيعَ " الْمُسْنَدِ "، وَزَادَ عَلَيْهِ، كَمَا قَدْ يَسَّرَ اللَّهُ مِنَ الزِّيَادَاتِ الَّتِي أَلْحَقْنَاهَا بِ " مُسْنَدِ " الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَقَدْ رَحَلَ بَقِيٌّ إِلَى الْعِرَاقِ، فَسَمِعَ مِنَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ بِالْعِرَاقِ
وَغَيْرِهَا، يَزِيدُونَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ شَيْخًا، وَلَهُ تَصَانِيفُ أُخَرُ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا عَابِدًا، زَاهِدًا، مُجَابَ الدَّعْوَةِ ; ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي قَدْ أَسَرَتْهُ الْإِفْرِنْجُ، وَإِنِّي لَا أَنَامُ اللَّيْلَ مِنْ شَوْقِي إِلَيْهِ، وَلِي دُوَيْرَةٌ أُرِيدُ أَنْ أَبِيعَهَا لِأَسْتَفِكَّهُ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَسِيرَ إِلَى أَحَدٍ يَأْخُذُهَا لِأَسْعَى فِي فِكَاكِهِ، فَلَيْسَ لِي لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ، وَلَا صَبْرٌ وَلَا قَرَارٌ. فَقَالَ: نَعَمْ، انْصَرِفِي حَتَّى نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَأَطْرَقَ الشَّيْخُ وَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ يَدْعُو اللَّهَ عز وجل لِوَلَدِهَا بِالْخَلَاصِ، فَذَهَبَتِ الْمَرْأَةُ، فَمَا كَانَ إِلَّا عَنْ قَلِيلٍ حَتَّى جَاءَتْ وَابْنُهَا مَعَهَا، فَقَالَتِ: اسْمَعْ خَبَرَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ أَمْرُكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ فِيمَنْ يَخْدُمُ الْمَلِكَ، وَنَحْنُ فِي الْقُيُودِ، فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ أَمْشِي إِذْ سَقَطَ الْقَيْدُ مِنْ رِجْلِي، فَأَقْبَلَ الْمُوَكِّلُ بِنَا فَشَتَمَنِي، وَقَالَ: فَكَكْتَ الْقَيْدَ مِنْ رِجْلَيْكَ؟ فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ وَلَكِنَّهُ سَقَطَ وَلَمْ أَشْعُرْ. فَجَاءُوا بِالْحَدَّادِ فَأَعَادَهُ وَشَدَّ مِسْمَارَهُ وَأَيَّدَهُ، ثُمَّ قُمْتُ فَسَقَطَ أَيْضًا، فَأَعَادُوهُ وَأَكَّدُوهُ، فَسَقَطَ أَيْضًا، فَسَأَلُوا رُهْبَانَهُمْ فَقَالُوا: لَهُ وَالِدَةٌ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالُوا: إِنَّهُ قَدِ اسْتُجِيبَ دُعَاؤُهَا، أَطْلِقُوهُ. فَأَطْلَقُونِي وَخَفَرُونِي حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ. فَسَأَلَهُ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي سَقَطَ فِيهَا الْقَيْدُ مِنْ رِجْلَيْهِ، فَإِذَا هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي دَعَا فِيهَا اللَّهَ لَهُ.
صَاعِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْكَاتِبُ، كَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ
أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ "، وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " كَامِلِهِ "، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ تِيهٌ وَحُمْقٌ، وَقَدْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ.
ابْنُ قُتَيْبَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ، أَحَدُ الْعُلَمَاءِ وَالْأُدَبَاءِ وَالْحُفَّاظِ الْأَذْكِيَاءِ رَوَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَلَهُ التَّصَانِيفُ الْمُفِيدَةُ الْمَشْهُورَةُ الْأَنِيقَةُ ; كَ:" غَرِيبِ الْقُرْآنِ " وَ " مُشْكِلِهِ " وَ " الْمَعَارِفِ "، وَ " أَدَبِ الْكَاتِبِ "، وَ " عُيُونِ الْأَخْبَارِ " وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلًا جَلِيلًا مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَكَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَتَّهِمُونَ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَنْزِلِهِ شَيْءٌ مِنْ تَصَانِيفِهِ، وَكَانَ سَبَبَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ أَكَلَ لُقْمَةً مِنْ هَرِيسَةٍ فَإِذَا هِيَ حَارَّةٌ، فَصَاحَ صَيْحَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ إِلَى وَقْتِ الظُّهْرِ، ثُمَّ أَفَاقَ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَتَشَهَّدُ إِلَى أَنْ مَاتَ وَقْتَ السَّحَرِ، أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَالصَّحِيحُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ، أَحَدُ الْحُفَّاظِ، وَكَانَ يُكَنَّى بِأَبِي مُحَمَّدٍ، وَلَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ لَقَبُ: أَبُو قِلَابَةَ. سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ وَرَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ، وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ وَغَيْرَهُمْ، وَعَنْهُ ابْنُ صَاعِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَكَانَ صَدُوقًا عَابِدًا، يُصَلِّي فِي