الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سَنَةُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا تَفَاقَمَ أَمْرُ الْقَرَامِطَةِ صُحْبَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيِّ فَقَتَلُوا وَسَبَوْا وَأَفْسَدُوا فِي بِلَادِ هَجَرَ فَجَهَّزَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِمْ جَيْشًا كَثِيفًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَمْرٍو الْغَنَوِيَّ وَأَمَّرَهُ عَلَى الْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ لِيُحَارِبَ أَبَا سَعِيدٍ هَذَا فَالْتَقَوْا هُنَالِكَ، وَالْعَبَّاسُ فِي عَشَرَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ، فَأَسَرَهُمْ أَبُو سَعِيدٍ كُلَّهُمْ، فَنَجَا مِنْ بَيْنِهِمْ كُلِّهِمُ الْأَمِيرُ وَحْدَهُ، وَقُتِلَ الْبَاقُونَ عَنْ آخِرِهِمْ صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي سَعِيدٍ قَبَّحَهُ اللَّهُ. وَهَذَا عَجِيبٌ جِدًّا وَهُوَ عَكْسُ وَاقِعَةِ عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ، فَإِنَّهُ أُسِرَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ وَكَانُوا خَمْسِينَ أَلْفًا، وَيُقَالُ: إِنَّ الْعَبَّاسَ لَمَّا قَتَلَ أَبُو سَعِيدٍ أَصْحَابَهُ صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْعَبَّاسُ يَنْظُرُ، أَقَامَ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ أَيَّامًا ثُمَّ أَطْلَقَهُ وَحَمَلَهُ عَلَى رَوَاحِلَ، وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى صَاحِبِكِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا رَأَيْتَ، وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْوَاقِعَةُ فِي أَوَاخِرِ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَلَمَّا وَقَعَ هَذَا انْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ انْزِعَاجًا عَظِيمًا جِدًّا، وَهَمَّ أَهْلُ الْبَصْرَةِ بِالْجَلَاءِ مِنْهَا فَمَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ نَائِبُهَا أَحْمَدُ الْوَاثِقِيُّ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِيهَا أَغَارَتِ الرُّومُ عَلَى بِلَادِ طَرَسُوسَ وَكَانَ نَائِبُهَا ابْنُ الْإِخْشِيدِ قَدْ تُوُفِّيَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي وَاسْتَخْلَفَ
عَلَى الثَّغْرِ أَبَا ثَابِتٍ فَطَمِعَتِ الرُّومُ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَحَشَدُوا عَسَاكِرَهُمْ إِلَى هُنَالِكَ، فَالتَقَاهُمْ أَبُو ثَابِتٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُقَاوَمَتِهِمْ فَقَتَلُوا مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةً وَأَسَرُوهُ فِيمَنْ أَسَرُوا، فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الثَّغْرِ عَلَى ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ فَوَلَّوْهُ أَمْرَهُمْ وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ.
وَفِيهَا قُتِلَ:
مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْعَلَوِيُّ.
أَمِيرُ طَبَرِسْتَانَ وَالدَّيْلَمِ وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ظَفِرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّامَانِيُّ بِعَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ نَائِبِ خُرَاسَانَ ظَنَّ مُحَمَّدٌ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ لَا يُجَاوِزُ عَمَلَهُ وَأَنَّ خُرَاسَانَ قَدْ خَلَتْ لَهُ فَارْتَحَلَ مِنْ بَلَدِهِ يُرِيدُهَا وَسَبَقَهُ إِلَى خُرَاسَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ الْزَمْ عَمَلَكَ وَلَا تُجَاوِزْهُ إِلَى غَيْرِهِ. فَلَمْ يَقْبَلْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ جَيْشًا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الَّذِي كَانَ يَنُوبُ عَنْ رَافِعِ بْنِ هَرْثَمَةَ فَلَمَّا الْتَقَيَا هَرَبَ مِنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ خَدِيعَةً فَسَارَ الْجَيْشُ وَرَاءَهُ فِي الطَّلَبِ فَكَرَّ عَلَيْهِمْ رَاجِعًا فَانْهَزَمُوا مِنْهُ فَاحْتَازَ مَا فِي مُعَسْكَرِهِمْ وَجُرِحَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ جِرَاحَاتٍ شَدِيدَةً فَمَاتَ بِسَبَبِهَا بَعْدَ أَيَّامٍ وَأُسِرَ وَلَدُهُ زَيْدٌ فَبُعِثَ بِهِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ فَأَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَهُ بُخَارَى.
وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ هَذَا فَاضِلًا دَيِّنًا حَسَنَ السِّيرَةِ فِيمَا وَلِيَهُ مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ وَكَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَوْمًا خَصْمَانِ اسْمُ أَحَدِهِمَا مُعَاوِيَةُ وَاسْمُ