الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
فِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ ابْنِ لَيْثَوَيْهِ عَامِلِ أَبِي أَحْمَدَ عَلَى جُنْبُلَاءَ وَبَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ جَامِعٍ، ظَفِرَ فِيهَا ابْنُ لَيْثَوَيْهِ بِابْنِ جَامِعٍ الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْخَبِيثِ صَاحِبِ الزَّنْجِ فَقَتَلَ خَلْقًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَصَابَ مِنْهُمْ سَبْعَةً وَأَرْبَعِينَ أَسِيرًا، وَحَرَّقَ لَهُ مَرَاكِبَ كَثِيرَةً، وَغَنِمَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ حَاصَرَ أَحْمَدُ بْنُ طُولُونَ نَائِبُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مَدِينَةَ أَنْطَاكِيَةَ وَفِيهَا سِيمَا الطَّوِيلُ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى فَتَحَهَا بَعْدَ حُرُوبٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَقُتِلَ سِيمَا الْمَذْكُورُ. وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى جَاءَتْهُ هَدَايَا مَلَكِ الرُّومِ وَفِي جُمْلَتِهَا أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مَعَ كُلِّ أَسِيرٍ مُصْحَفٌ، وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَشِيدِ بْنِ كَاوِسَ الَّذِي كَانَ عَامِلَ الثُّغُورِ فَاجْتَمَعَ لِأَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ مُلْكُ الشَّامِ بِكَمَالِهِ مَعَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ نَائِبُ دِمَشْقَ أَمَاجُورُ، رَكِبَ ابْنُ طُولُونَ مِنْ مِصْرَ، فَتَلَقَّاهُ ابْنُ أَمَاجُورَ إِلَى الرَّمْلَةِ فَأَقَرَّهُ عَلَيْهَا، وَسَارَ إِلَى دِمَشْقَ فَدَخَلَهَا، ثُمَّ إِلَى حِمْصَ فَتَسَلَّمَهَا، ثُمَّ إِلَى حَلَبَ فَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا تَقَدَّمَ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ طُولُونَ قَدِ اسْتَخْلَفَ عَلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ابْنَهُ الْعَبَّاسَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ قُدُومُ أَبِيهِ عَلَيْهِ مَنَ الشَّامِ أَخَذَ مَا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ
مِنَ الْحَوَاصِلِ، وَوَازَرَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَسَارُوا إِلَى بَرْقَةَ خَارِجًا عَنْ طَاعَةِ أَبِيهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَنْ أَخَذَهُ ذَلِيلًا حَقِيرًا، وَرَدُّوهُ إِلَى مِصْرَ فَحَبَسَهُ، وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَفِيهَا خَرَجَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْقَاسِمُ بْنُ مَهَارَةَ عَلَى دُلَفِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دُلَفٍ الْعِجْلِيِّ، فَقَتَلَهُ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى أَصْبَهَانَ فَانْتَصَرَ أَصْحَابُ دُلَفٍ لَهُ فَقَتَلُوا الْقَاسِمَ هَذَا وَرَأَّسُوا عَلَيْهِمْ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
وَفِيهَا لِحَقَ مُحَمَّدٌ الْمُوَلَّدُ بِيَعْقُوبَ بْنِ اللَّيْثِ فَسَارَ إِلَيْهِ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا، فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِنَهْبِ حَوَاصِلِهِ وَأَمْوَالِهِ وَأَمْلَاكِهِ وَضِيَاعِهِ.
وَفِيهَا دَخَلَ صَاحِبُ الزَّنْجِ إِلَى النُّعْمَانِيَّةِ فَقَتَلَ وَحَرَّقَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى جَرْجَرَايَا فَانْزَعَجَ النَّاسُ، وَدَخَلَ أَهْلُ السَّوَادِ إِلَى بَغْدَادَ فَلَجَئُوا إِلَيْهَا مَحْصُورِينَ.
وَفِيهَا وَلِيَ أَبُو أَحْمَدَ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ خُرَاسَانَ وَفَارِسَ وَأَصْبَهَانَ وَسِجِسْتَانَ وَكَرْمَانَ وَالسِّنْدَ، وَوَجَّهَهُ إِلَيْهَا بِذَلِكَ وَبِالْخِلَعِ وَالتُّحَفِ.
وَفِيهَا حَاصَرَتِ الزَّنْجُ تُسْتَرَ حَتَّى كَادُوا يَفْتَحُونَهَا، فَوَافَاهُمْ تِكِينُ الْبُخَارِيُّ، فَلَمْ يَضَعْ ثِيَابَ سَفَرِهِ حَتَّى نَاجَزَ الزَّنْجَ فَهَزَمَهُمْ هَزِيمَةً فَظِيعَةً مُنْكَرَةً جِدًّا، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، وَهَرَبَ أَمِيرُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبَانٍ الْمُهَلَّبِيُّ