الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سَنَةُ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ
فِيهَا رَاوَدَ أَهْلُ بَغْدَادَ مَنْصُورَ بْنَ الْمَهْدِيِّ عَلَى الْخِلَافَةِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَرَاوَدُوهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَائِبًا لِلْمَأْمُونِ، يَدْعُو لَهُ فِي الْخُطْبَةِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ بَعْدَ إِخْرَاجِ أَهْلِ بَغْدَادَ عَلِيَّ بْنَ هِشَامٍ نَائِبَ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ بَعْدَ أَنْ جَرَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ.
وَفِيهَا عَمَّ الْبَلَاءُ بِالْعَيَّارِينَ وَالشُّطَّارِ وَالْفُسَّاقِ بِبَغْدَادَ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى، كَانُوا يَأْتُونَ الرَّجُلَ يَسْأَلُونَهُ مَالًا يُقْرِضُهُمْ أَوْ يَصِلُهُمْ بِهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ فَيَأْخُذُونَ جَمِيعَ مَا فِي مَنْزِلِهِ، وَرُبَّمَا تَعَرَّضُوا لِلْغِلْمَانِ وَالنِّسْوَانِ، وَيَأْتُونَ أَهْلَ الْقَرْيَةِ فَيَسْتَاقُونَ مَا فِيهَا مِنَ الْأَنْعَامِ، وَيَأْخُذُونَ مَا شَاءُوا مِنَ الْغِلْمَانِ وَالنِّسْوَانِ وَنَهَبُوا أَهْلَ قُطْرَبُّلَ وَلَمْ يَدَعُوا لَهُمْ شَيْئًا أَصْلًا، فَانْتَدَبَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: خَالِدٌ الدَّرْيُوشُ. وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ: سَهْلُ بْنُ سَلَامَةَ أَبُو حَاتِمٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ أَهْلِ
خُرَاسَانَ وَالْتَفَّ عَلَيْهِمَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَامَّةِ، فَرَدُّوا شَرَّهُمْ وَقَاتَلُوهُمْ، وَقَوُوا عَلَيْهِمْ، وَمَنَعُوهُمْ مِنَ الْعَيْثِ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، وَاسْتَقَرَّتِ الْأُمُورُ كَمَا كَانَتْ، وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا رَجَعَ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ إِلَى بَغْدَادَ وَصَالَحَ الْجُنْدَ، وَانْفَصَلَ مَنْصُورُ بْنُ الْمَهْدِيِّ وَمَنِ الْتَفَّ مَعَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ.
وَفِيهَا بَايَعَ الْمَأْمُونُ لَعَلِيٍّ الرِّضَا بْنِ مُوسَى الْكَاظِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنْ يَكُونَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ، وَسَمَّاهُ الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَطَرَحَ لُبْسَ السَّوَادِ وَلَبِسَ الْخُضْرَةِ، وَأَلْزَمَ جُنْدَهُ بِذَلِكَ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الْآفَاقِ وَالْأَقَالِيمِ. وَكَانَتْ مُبَايَعَتُهُ لَهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَأْمُونَ رَأَى أَنَّ عَلِيًّا الرِّضَا خَيْرُ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَلَيْسَ فِي بَنِي الْعَبَّاسِ مِثْلُهُ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ، فَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ.