الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ
فِيهَا غَزَا الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ الصَّائِفَةَ فَفَتَحَ حُصُونًا كَثِيرَةً مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَقَتَلَ أُمَمًا لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً.
وَفِيهَا عَزَلَ الْمُقْتَدِرُ مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ وِزَارَتِهِ وَقَلَّدَهَا عَلِيَّ بْنَ عِيسَى، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْوُزَرَاءِ وَأَقْصَدِهِمْ لِلْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَاتِّبَاعِ الْحَقِّ.
وَفِيهَا كَثُرَتِ الْأَمْرَاضُ الدَّمَوِيَّةُ بِبَغْدَادَ فِي تَمُّوزَ وَآبَ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا.
وَفِيهَا وَصَلَتْ هَدَايَا صَاحِبِ عُمَانَ وَفِيهَا بَبَّغَةٌ بَيْضَاءُ وَغَزَالٌ أَسْوَدُ.
وَفِي شَعْبَانَ مِنْهَا رَكِبَ الْمُقْتَدِرُ إِلَى بَابَ الشَّمَّاسِيَّةِ عَلَى الْخَيْلِ ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى دَارِهِ فِي دِجْلَةَ، وَكَانَتْ أَوَّلَ رَكْبَةٍ رَكِبَهَا جَهْرَةً لِلْعَامَّةِ.
وَفِيهَا اسْتَأْذَنَ الْوَزِيرُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْخَلِيفَةَ الْمُقْتَدِرَ فِي مُكَاتَبَةِ رَأْسِ الْقَرَامِطَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْحَسَنِ بْنِ بَهْرَامَ الْجَنَّابِيِّ، فَأَذِنَ لَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا طَوِيلًا يَدْعُوهُ فِيهِ إِلَى
السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَيُوَبِّخُهُ عَلَى مَا يَتَعَاطَاهُ أَصْحَابُهُ مِنْ تَرْكِ الصَّلَوَاتِ وَالزِّكْوَاتِ وَارْتِكَابِ الْمُنْكِرَاتِ وَإِنْكَارِهِمْ عَلَى مَنْ يَذْكُرُ اللَّهَ وَيُسَبِّحُهُ وَيَحْمَدُهُ وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِالدِّينِ وَاسْتِرْقَاقِهِمُ الْحَرَائِرَ ثُمَّ تُوعَّدَهُ بِالْحَرْبِ وَتَهَدَّدَهُ بِالْقَتْلِ، فَلَمَّا سَارَ بِالْكِتَابِ نَحْوَهُ، قُتِلَ أَبُو سَعِيدٍ قَبْلَ أَنْ يَصِلَهُ، قَتَلَهُ بَعْضُ خَدَمِهِ وَعَهِدَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ سَعِيدٍ، فَغَلَبَهُ عَلَى ذَلِكَ أَخُوهُ أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبَى سَعِيدٍ، فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ الْوَزِيرِ إِلَيْهِمْ أَجَابَهُ بِمَا حَاصِلُهُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي تَنْسِبُ إِلَيْنَا مِمَّا ذَكَرْتُمْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَكُمْ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ مَنْ يُشَنِّعُ عَلَيْنَا، وَإِذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ يَنْسِبُنَا إِلَى الْكُفْرِ بِاللَّهِ فَكَيْفَ يَدْعُونَا إِلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُ؟
وَفِيهَا جِيءَ بِالْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحَلَّاجِ إِلَى بَغْدَادَ وَهُوَ مَشْهُورٌ عَلَى جَمَلٍ وَغُلَامٌ لَهُ رَاكِبٌ جَمَلًا آخَرَ يُنَادِي عَلَيْهِ: هَذَا أَحَدُ دُعَاةِ الْقَرَامِطَةِ فَاعْرِفُوهُ. ثُمَّ حُبِسَ ثُمَّ أُحْضِرَ إِلَى مَجْلِسِ الْوَزِيرِ فَنَاظَرَهُ فَإِذَا هُوَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يَعْرِفُ مِنَ الْحَدِيثِ وَلَا الْفِقْهِ وَلَا اللُّغَةِ وَلَا الْأَخْبَارِ وَلَا الشِّعْرِ شَيْئًا، وَكَانَ الَّذِي نُقِمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ وُجِدَتْ لَهُ رِقَاعٌ يَدْعُو فِيهَا النَّاسَ إِلَى الضَّلَالَةِ وَالْجَهَالَةِ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الرُّمُوزِ، يَقُولُ فِي مُكَاتَبَاتِهِ كَثِيرًا: تَبَارَكَ ذُو النُّورِ الشَّعْشَعَانِيِّ، فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى: تَعَلُّمُكَ الطُّهُورَ وَالْفُرُوضَ أَجْدَى عَلَيْكَ مِنْ رَسَائِلَ لَا تَدْرِي مَا تَقُولُ فِيهَا وَمَا أَحْوَجَكَ إِلَى الْأَدَبِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ حَيًّا صَلْبَ الِاشْتِهَارِ لَا الْقَتْلِ، ثُمَّ أُنْزِلَ فَأُجْلِسَ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، فَجَعَلَ يُظْهِرُ لَهُمْ أَنَّهُ عَلَى السُّنَّةِ وَأَنَّهُ زَاهِدٌ حَتَّى اغْتَرَّ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْخُدَّامِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْخِلَافَةِ مِنَ الْجَهَلَةِ وَالطَّغَامِ حَتَّى صَارُوا يَتَبَرَّكُونَ بِهِ وَيَتَمَسَّحُونَ بِثِيَابِهِ. وَسَيَأْتِي مَا صَارَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ