الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اقتداؤهم بفسقة العلماء وجهّال العباد
المسألة التاسعة
[اقْتِدَاؤُهُمْ بِفَسَقَةِ العُلَمَاءِ وَجُهَّالِ العُبَّادِ
، فَأَتَى بِقَوْلِهِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34]، وَقَوْلِهِ:{لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 77] .
الشرح
من مسائل الجاهلية: الاستدلال بفسقة العلماء، والفاسق هو: الخارج عن طاعة الله في علمه عمله، وفسقة العلماء هم: الذين لا يعملون بعلمهم، أو يقولون على الله الكذب وهم يعلمون أنهم كاذبون، من أجل الوصول إلى رغباتهم واتباع الأهواء، تحت مظلة أنهم علماء، والناس يثقون فيهم، وفسقة العباد هم الذين يعملون بغير علم، والناس يثقون
فيهم، يقولون: هؤلاء صالحون.
فلا يغتر بالعالم ولا بالعابد حتى يكون كل منهما مستقيماً على دين الله عز وجل، قال الله سبحانه وتعالى في اليهود والنصارى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] ، {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ
…
} [التوبة: 31] ذلك بأن حلّلوا لهم الحرام فأطاعوهم، وحرّموا علهم الحلال فأطاعوهم، فصاروا بذلك أرباباً من دون الله، والعياذ بالله؛ لأن التحليل والتحريم حق لله جل وعلا، ليس لأحد أن يحرّم أو يحلّل حسب هواه وحسب أغراضه، ويرضي الناس ويساير الناس، والآن هناك ناس يتحايلون على الشرع، يحلّون المحرمات لأجل مسايرة الناس وإرضاء الناس –بزعمهم- يلتمسون الحيل، ويلتمسون الرُّخَص، أو الكذب على الله، بأن الله أحل هذا، أو حرم هذا؛ من أجل مصلحة فلان.
هؤلاء هم فسقة العلماء، والفاسق هو: الخارج عن طاعة الله، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ} [التوبة: 34] وهذا نداء للمؤمنين للتحذير، والأحبار هم العلماء، وغالباً يطلق على علماء اليهود، والرهبان هم
العُبّاد، وهذا في الغالب يطلق على عُبّاد النصارى، فالرهبنة في النصارى، والعلم في اليهود، لكن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون. والله جل وعلا أمرنا في كل ركعة في الصلاة أن نقول:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:6، 7] وهم أهل العلم والعمل {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ، وهم أهل العلم بدون العمل، وهم فسقة العلماء {وَلا الضَّالِّينَ} الرهبان من النصارى وغيرهم، الذين يعبدون الله على غير دليل، على غير برهان، وإنما يعبدون الله بالبدع والمحدثات والخرافات. والله نهانا عن العلماء الفسقة، والعباد الضالين، وأمرنا أن نأخذ الحق بدليله، من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والآن إذا صار للواحد رغبة في شيء، قال: هذا أفتى به فلان. دون نظر إلى مستنده من الكتاب والسنة، تقول له: هذه الفتوى خطأ. يقول: ما علي، ما دام قد أفتى به فلان.
وإذا صارت الفتوى لا توافق هواه، قال: هذه الفتوى ليست صحيحة أو متشددة. وصاروا يجمعون ترهات وأخطاء العلماء ويجعلونها في كتاب، يظهرونه للناس، من باب التوسعة على الناس –بزعمهم- ويقولون: دين الإسلام سمح،
لا تضيّقوا على الناس، وإذا قيل لهم: اعرضوها على الكتاب والسنة، قالوا: هذا كلام العلماء. وهل العالم أكبر من الكتاب والسنة، فلا يعرض قوله على الكتاب والسنة؟!
هذا إنما يفعله أهل الأهواء، والعياذ بالله، الذين {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31] وإذا نُهوا عن البدعة التي حَذَّّرَ منها الرسول صلى الله عليه وسلم، قالوا: هذه يعمل بها فلان، وهو عالم، أو صالح، ويعمل بها أهل البلد الفلاني، وهم عندهم صلاح وتقوى. ونقول: الصلاح والتقوى لا يكفيان، لا بد من موافقة الكتاب والسنة.
فأخذ أقوال العلماء والعباد قضيةً مسلمةً دون عرض على الكتاب والسنة، هي طريقة أهل الجاهلية، الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله.