الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسالة الثانية والتسعون: الفخر بغير الحق أو بحق
…
الفخر بغير الحق أو بحق
المسألة الثانية والتسعون
[إِنَّ أَجَلَّ فَضَائِلَهُمُ الفَخْرُ وَلَوْ بِحَقٍّ، فَنُهِيَ عَنْهُ] .
الشرح
من مسائل الجاهلية: الفخر ولو بحق، فهم يفخرون بأفعالهم وأفعال آبائهم، وهذا منهي عنه؛ لأن الفخر بالأعمال يؤدِّي إلى الإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين، وهو منهي عنه، وهو من أفعال الجاهلية، فلا يجوز للمسلم أن يفتخر؛ لأنه مهما بذل ومهما عمل فإنه مقصر، ولا يؤدي كل ما أوجب الله عليه، فحق الله عظيم، وحق الوالدين عظيم، وحق الأقارب عظيم، وعليه حقوق عظيمة، فكيف يفخر الإنسان إذا فعل شيئاً من الإحسان، أو من المعروف، أو من أفعال الخير، مع أنه إنما أتى بشيء يسير؟ هذا في الافتخار فيما بينه وبين الخلق، أما إذا افتخر بأعماله التي بينه وبين الله، فهذا أشد؛ لأنه يؤدي إلى الإعجاب بالعمل، وإلى استكثار العمل، وهذا يبطل العمل.
فالواجب على الإنسان أن يعتبر نفسه مقصراً دائماً وأبداً فيما بينه وبين الله، وهذا واضح، وفيما بينه وبين الخلق أيضاًُ؛ فإنه إذا اعتبر نفسه مقصراً، حمله ذلك على التواضع، وحمله ذلك إلى المزيد من الخير، أما إذا اعتبر نفسه مكمّلاً، وأنه قام بالواجب، فهذا يستدعي أنه يتوقف عن فعل الخير، ويرى أنه قد بلغ النهاية، فيتوقف عن فعل الخير.
والحاصل: أن الافتخار لا ينبغي أن يصدر من مسلم، وإنما هو من أفعال الجاهلية، والنبي صلى الله عليه وسلم –لما ذكر أنه سيد ولد آدم- قال:"ولا فخر" 1 مع أن مقامه هذا لا يساويه فيه أحد، ومع هذا قال "ولا فخر"، نفى عن نفسه الفخر، وإنما أخبر بذلك من باب التحدث بنعمة الله عز وجل والشكر عليها لا من باب الفخر.
1 فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر
…
" أخرجه الترمذي 5/308 رقم 3160 5/587 رقم3624، وقال في الموضعين: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 1468.