الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة والتسعون: التعصب الممقوت
…
التعصب الممقوت
المسألة الثالثة والتسعون
[أنَّ تَعَصُّبَ الإِنْسَانِ لِطَائِفَتِهِ عَلَى الحَقِّ وَالبَاطِلِ، أَمْرٌ لَابُدَّ مِنْهُ عَنْدَهُمْ، فَذَكَرَ اللهُ فِيهِ مَا ذَكَرَ]
الشرح
التعصب المذموم هو الاستمرار على الباطل، مع العلم ببطلانه؛ تكبراً وعناداً ونصرة للشخص أو للقبيلة على حق أو باطل، وهذا من أمور الجاهلية.
ويقول شاعرهم:
غَوَيْتُ وإنْ تَرْشَدْ غزية أَرْشد
…
وما أنا مِنْ غزية إن غَوَتْ
فأنزل الله في ذلك ما أنزل، من قوله تعالى:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} [المائدة: 8] أي: لا يحملكم بغض قوم على ألا تعدلوا في حقهم، ولو كانوا أعداءكم، فالعدل مطلوب مع الأصدقاء ومع الأعداء، قال تعالى:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 152] ، فلا تحملك القرابة على أنك تحيف مع قريبك، بل إذا كان مخطئاً
تُغيِّر خطأه، ولا تتابعه بل تنصحه، {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 152] ، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 8]، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النساء:135] .
فالواجب على الإنسان العدل مع نفسه ومع صديقه ومع عدوه، لا تحمله عداوة أحد أن يظلمه، أو يجور عليه، هذا هو شأن المسلم.
وأما أهل الجاهلية فإنهم يتعصبون لقومهم، ولو كان قومهم ظالمين، فأمرنا الله جل وعلا بمخالفتهم، وأن نقول الحق ولو على أنفسنا وعلى أقاربنا وعلى أصدقائنا وعلى أعدائنا، وقال صلى الله عليه وسلم:"انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، قالوا: يا رسول الله، ننصره إذا كان مظلوماً، فكيف ننصره إذا كان ظالماً؟! قال:"تمنعه عن الظلم، فذلك نصره" 1فنصره: أن تمنعه من الظلم، وليس نصره أن تساعده على الظلم، فهذا خذلان له.
1 أخرجه البخاري رقم 2443، 2444، 6952.