الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألتان الخامسة والسادسة والثمانون: احتفاظهم بآثار المعظمين
…
احتفاظهم بآثار المعظَّمين
المسألتان الخامس والسادسة والثمانون
[التَّبَرُكُ بآثار المعظَّمين، كدار النَّدوة، وافتخار من كانت تحت يده بذلك، كما قيل لحكيم بن حزام: بعت مكرمة قريش؟! فقال: ذهبت المكارم إلا التقوى] .
الشرح
تعظيم آثار المعظمين من العلماء أو من الملوك أو من الرؤساء، بأن تُحيا هذه الآثار وترمم وتصان، فهذا العمل وسيلة من وسائل الشرك، وهذا من دين الجاهلية؛ لأنه يأتي جيل فيما بعد ويقولون – أو يقول لهم الشيطان -: إن آباءكم ما احتفظوا بهذه الآثار إلا لأن فيها بركة وفيها خيراً، فيعبدونها من دون الله؛ لأن الجيل الأول هيأ لهم الأسباب، كما فعل الشيطان مع قوم نوح لما أمرهم بتصوير الصالحين لأجل أن تبعث فيهم النشاط على العبادة، فهم أسّسوا هذا الشيء بنية صالحة، ولكن جاء جيل جُهّال فعبدوها، وهذا من فعل
الجاهلية، هم الذين يعظمون آثار العظماء، ويحافظون عليها ويصونونها، ثم تعبد من دون الله ولو على المدى البعيد.
فلا يقل قائل: الناس الآن على دين صحيح وعلى توحيد.
نقول: لا يقتصر على الوقت الحاضر، وإنما يجب النظر للمستقبل، مع أن الحاضرين لا تُؤمن عليهم الفتنة أيضاً، ولكن المستقبل أشد، فلا يجوز العناية بهذه الآثار، وما هلكت الأمم إلاّ بمثل هذا، وهو أنهم عظّموا آثار كبرائهم حتى صارت أوثاناً في المستقبل، فالواجب على المسلمين التنبه لهذا الأمر.
وذكر الشيخ شاهداً لذلك؛ دار الندوة في مكة، وهي مكان يجتمع فيه أكابر قريش؛ للتشاور في الأمور المهمة.
فلما جاء الإسلام وزالت الجاهلية، بقي مبنى دار الندوة على حاله إلى وقت معاوية رضي الله عنه للتملك والانتفاع بسكناها وتحويلها عن هيئتها، فاشترى هذه الدار من حكيم بن حزام رضي الله عنه، فلام الناس حكيماً على ذلك، قالوا: لِمَ بعت هذا الأثر من آثار أسلافنا، وبعت مكرمة قريش؟ قال: رضي الله عنه: ذهبت المكارم إلا التقوى. وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] هذا هو
الجواب السديد الموافق لكلام الله عز وجل، وهذا من نور البصيرة ونور الإيمان.
فدل على أنه لا يجوز الاحتفاظ بالآثار القديمة؛ لأن هذا يؤول إلى الشرك، ولو فيما بعد، والدين جاء بسد الطرق المفضية إلى الشرك.