الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة والتسعون: أخذ البريء بجريمة غيره
…
أخذ البريء بجريمة غيره
المسألة الرابعة والتسعون
[أَنَّ مِنْ دِينِهِمْ: أَخْذَ الرَّجُلِ بِجَرِيمَةِ غَيْرِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18] .
الشرح
من مسائل الجاهلية: أنهم يأخذون الرجل –أي يعاقبونه- بسبب جرم غيره، فأنزل الله تعالى:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18] فالذي لم يحصل منه ظلم لا يؤاخذ بظلم غيره، حتى لو كان قريبه ابن عمه أو والده أو ولده، لا يجني جان إلا على نفسه، ولا يؤخذ البريء بجريمة المعتدي، فإذا أُخذ غير المعتدي بعدوان المعتدي، فهذا ظلم وجور لا يقره الإسلام.
والآن في بعض البوادي: إذا حصل اعتداء من شخص من قبيلة، وكان هذا الشخص لا وزن له، لا يقتصون منه، وإنما يقتلون أو ينتقمون من غيره من القبيلة ممن هو أشرف منه
وأعز منه، ولا يأخذون المعتدي، وإنما يأخذون شيخ القبيلة أو من له قيمة أو مقام في القبيلة، وهذا من فعل الجاهلية.
الواجب أن الجريمة تختص بصاحبها، ويقتص من صاحبها، هذا هو العدل
…
{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] .
فالحاصل: أن هذه قاعدة عظيمة: أن الجريمة تختص بمن فعلها، ولا تتناول غيره.
فإن قلت: يرد على هذا أن الله جعل دية الخطأ على العاقلة، ولم يجعلها على القاتل، أليس هذا فيه تحميل لغير المذنب بذنب غيره؟
نقول: لا، هذا من العدل والتعاون، لما كان القاتل خَطَأً غير متعمد، ناسب ذلك أن تعينه عصبته، كما أنهم يرثون ماله لو مات، فكذلك يحملون عنه الخطأ الذي وقع فيه من غير قصد. أما المتعمد للجريمة فهذا يختص جزاؤه به ولذلك لا تحمل العاقلة عمداً.