الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة والثلاثون: كل فرقة تزكي نفسها دون غيرها
…
كل فرقة تزكي نفسها دون غيرها
المسألة الرابعة والثلاثون
إنَّ كُلَّ فِرقَةٍ تَدَّعِي أَنَّها النَّاجيَةُ فَأَكْذَبَهُمُ اللهُ بقوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] ثُمَّ بَيَّن الصَّوَابَ بِقَوْلِه: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [البقرة: 112] .
الشرح
من مسائل أهل الجاهلية: أن كل فرقة منهم تدّعي أنها هي التي على الحق، وأن غيرها على الباطل وكان هذا في اليهود والنصارى ومن شابههم {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 111] حصروا الهداية ودخول الجنة في اليهود والنصارى.
ومثلهم الفرق الضالة، كل فرقة تدّعي أنها هي التي على الحق، وأن غيرها على الباطل، وكل فرقة تدّعي أنها الفرقة الناجية التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم:"ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة" ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين العلامة الفارقة لهذه الفرقة عن غيرها لما
قالوا: "من هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على ما أنا عليه وأصحابي" 1.
ولهذا قال جل وعلا: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [البقرة: 111] يعني: هاتوا دليلكم على ما تقولون، أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى؛ لأن هذه دعوى، والدعوى لا تُقبل إلا بدليل؛ ولهذا قال بعدها:{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [البقرة: 112]، {أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} يعني: أخلص دينه لله، وسلم من الشرك، {وَهُوَ مُحْسِنٌ} أي: متبع للرسول صلى الله عليه وسلم، فمن توفر فيه هذان الشرطان فإنه من أهل الجنة، ومن اختل فيه هذان الشرطان أو أحدهما فهو من أ÷ل النار، وإن ادّعى أنه من أهل الجنة.
فقوله: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ} إلخ هذا المنهج السليم الذي من كان عليه صار من الفرقة الناجية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان مثل ما أنا عليه وأصحابي" هذا ضابط من السنة، والآية ضابط من القرآن، فمن كان يريد الجنة فليسلم وجهه إلى الله، ويحسن عمله على السنة، ويتجنب البدع والمحدثات التي ما أنول الله بها من سلطان.
1 أخرجه أبو داود 5/7 رقم 4596، 4597، والترمذي 5/25-26 رقم 2645، 2646، وابن ماجه 4/352-353 رقم 3991، 3992، 3993، والحديث صححه الترمذي والألباني في صحيح الجامع رقم 1082، 1083.