الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية والعشرون: اتخاذهم الدين لهواً ولعباً
…
اتخاذهم الدين لهواً ولعباً
المسألة الثانية والعشرون
[إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِباً] .
الشرح
اللهو هو: كل باطل يُلهي عن الحق، واللعب هو ضد الجد، وهو ما لا فائدة فيه. فاتخاذ اللهو واللعب ديناً يتقرب به إلى الله عز وجل هو من دين الجاهلية، وهذا موجود عند الصوفية، فيتخذون ضرب الدفوف، ويتخذون الأغاني عبادة لله عز وجل، يتقربون إلى الله بالأغاني، ويتقربون إلى الله بضرب الدفوف.
والأغاني وآلاتها لهو ولعب، وهي محرمة في حد ذاتها، فكيف إذا اتُخذت عبادة لله عز وجل؟
ويشبههم الآن الذين يتخذون الأناشيد التي يسمونها الإسلامية، ويجعلونها من وسائل الدعوة إلى الله، كما يقولون. والدعوة إلى الله عز وجل من الدين، ولا يدخل فيها شيء من الأغاني ومن الأنغام والتنغيمات التي تلهي النفوس،
وتشغل الناس عن ذكر الله وعن قراءة القرآن، وهي من شعارات المناهج الحزبية، وليست من وسائل الدعوة؛ لأن الدعوة توقيفية، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الناس بالكتاب والسنة، والوعظ والإرشاد، والمجادلة بالتي هي أحسن، ولم يتخذ الأناشيد الجماعية وسيلة للدعوة.
وإنشاد الشعر الجيد النزيه؛ للرد على المشركين والدفاع عن الإسلام، كشعر حسان رضي الله عنه، أو للتنشيط على العمل والسير في السفر، ليس ذلك شبيهاً بالأناشيد الجماعية المستعملة الآن، فلا تُقاس عليه؛ لما بينهما من الفارق الواضح.
الاغترار بالدنيا
المسألة الثالثة والعشرون
[إِنَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا غَرَّتْهُمْ، فَظَنُّوا أَنَّ عَطَاءَ اللهِ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاه، كَقَوْلِهِمْ: {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [سبأ: 35] .
الشرح
أهل الجاهلية يعتبرون إعطاءهم الأولاد والأموال من كرمهم على الله عز وجل، وأن الله لا يعذبهم {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} [سبأ: 35،37] إلى قوله تعالى:{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] فليست كثرة الأموال والأولاد والثورة دليلاً على محبة الله للعبد، بل إنه قد يعطي الكافر من أجل أن يستدرجه، وفي الحديث: "إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، وأما الدين فلا يعطيه إلا
من يحب" 1، وفي الحديث الآخر: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء" 2.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكرم الخلق على الله، وكذلك صحابته، يصيبهم الفقر والفاقة، وهم أكرم الخلق على الله بعد النبيين، والكفار يسرحون ويمرحون في النعم على الله بعد النبيين، والكفار يسرحون ويمرحون في النعم من باب الاستدراج لهم.
فلا يستدّل بزهرة الدنيا على كرامة أهلها عند الله سبحانه وتعالى، وإنما يستدل بكرامة العبد على الله إذا كان على عمل صالح، سواء كان غنيًّا أو فقيراً، فهذا هو الكريم على الله سبحانه وتعالى، ومعايير الناس أن أهل الدنيا وأهل الغناء والثروة هم أكرم عند الله عز وجل، وأن أهل الفقر وأهل الفاقة إنما كانوا كذلك لهوانهم على الله.
1 أخرجه أحمد 1/387، والحاكم 1/193 رقم 102، 5/230 رقم 7381.
وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
2 أخرجه الترمذي 4/560 رقم 2325، وقال أبو عيسى: هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه. والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 5292.