الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسال السابعة والثامنة والتاسعة والثمانون، والتسعون: من خصال الجاهلية الباقية في بعض هذه الأمة
…
من خصال الجاهلية الباقية في بعض هذه الأمة
المسائل السابعة والثامنة والتاسعة والثمانون، والتسعون
[الفَخْرُ بالأحساب، الطعن في الأنساب، الاستسقاء بالأنواء، النياحة على الميت]
الشرح
هذه المسائل الأربع من مسائل الجاهلية، قال صلى الله عليه وسلم:"أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت"1.
والفخر بالأحساب: أن يفتخر الإنسان بأمجاد آبائه وأجداده، وهذا من دين الجاهلية؛ لأنهم كانوا يجتمعون في منى، وبدل أن يذكروا الله عز وجل يذكرون مفاخر آبائهم، قال تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً} [البقرة: 200] ، فالواجب ذكر الله
1 أخرجه مسلم رقم 934.
عز وجل، ليس ذكر الآباء والأجداد.
والطعن في الأنساب: كأن يقول: فلان ما له أصل، فلان من قبيلة ليست هي أصيلة، وهذا معناه تنقّص الآخرين، والله جل وعلا يقول:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] فالفخر ليس بالنسب، الفخر إنما هو بالتقوى، ولا ينفعك النسب إذا فقدت التقوى، قال صلى الله عليه وسلم:"من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه" 1، فلا ينفع الإنسان كونه من قريش، ولا كونه من بني هاشم، ولا كونه من بيت الرسول صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن معه عمل صالح لا ينفعه إلا العمل الصالح وتقوى الله عز وجل.
والاستسقاء بالنجوم: اعتقاد أن المطر ينزل من تأثير طلوع النجم أو غروبه، وهذا من دين الجاهلية، فالمطر إنما يحصل بإرادة الله سبحانه وتعالى {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشورى: 28] ، فالله هو الذي ينزل المطر بإرادته ومشيئته وحكمته، وينزله كيف يشاء سبحانه وتعالى، ينزله على أرض، ويمنع منه أرضاً أخرى {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً} [الفرقان:
1 جزء من حديث أخرجه مسلم رقم 2699.
50] ، فالذي يعتقد أن لطلوع النجم أو غروب النجم تأثيراً في نزول المطر، فهذا الاعتقاد شرك، تجب التوبة منه، ويجب نسبة نزول المطر إلى الله جل وعلا.
والنياحة على الميت: والمراد بها: رفع الصوت عند موت الميت؛ جزعاً وتسخطاً، أو ذكر محاسن الميت، فالنياحة من كبائر الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم:"النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب" 1، فالنياحة كبيرة من كبائر الذنوب، وهي من أمور الجاهلية، والواجب: الصبر والاحتساب.
ولا يدخل في هذا البكاء على الميت؛ لأنه ليس باستطاعة الإنسان أن يحبسه، والنبي صلى الله عليه وسلم بكى لما مات ابنه إبراهيم، وقال:"إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" 2، وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا – يعني اللسان – أو يرحم" 3، فإذا تكلم الإنسان بكلام يرضي الله عند المصيبة، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون،
1 أخرجه مسلم رقم 934.
2 أخرجه البخاري رقم 1303، ومسلم بنحوه رقم 2315.
3 أخرجه البخاري رقم 1304، ومسلم رقم 924.
وحَمِدَ الله وشَكَرَه؛ غفر الله له وجبر مصيبته.
فهذه الأربع من أمور الجاهلية، وهي باقية في الناس، فيجب التوبة منها، ودلّ الحديث على أنه ليس كل من فيه شيء من الجاهلية يكون كافراً، فأمور الجاهلية منها ما هو كفر، ومنها ما هو دون ذلك.