الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسالة التاسعة بعد المائة: تكذيبهم لبعض ماأخبرت به الرسل
…
ت كذيبهم لبعض ما أخبرت به الرسل
المسألة التاسعة بعد المائة
[التَّكْذِيبُ بِبَعْضِ مَا أَخْبَرتْ به الرُّسُلُ عن اليوم الآخر، كما في قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ} [الكهف: 105]، ومنها: التكذيب بقوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]، وقوله:{لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ} [البقرة: 254]، وقوله:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] .
الشرح
منهم من يكفر باليوم الآخر جملة {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} [الأنعام: 29] ومنهم من يؤمن باليوم الآخر، ولكن يجحد بعض الأمور التي تكون فيه، كأن يجحد الحساب أو وزن الأعمال، أو الجنة أو النار، فمنهم من يكفر به جملة، ومنهم من يكفر ببعض ما يكون فيه،
…
فالذي يكفر ببعضه كالذي يكفر به كله، لا فرق؛ لأنه يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} [الكهف: 103-105]
…
ومنهم من يكذب بالحساب، كما في قوله:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] ، فالدين هنا هو الحساب، وهم يكذبون به، وبالجزاء على الأعمال، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ
…
} [البقرة: 254] وهذا اليوم هو يوم الدين
…
{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254] ، إذا لم يكن معك عمل صالح يوم القيامة فإنه لا حيلة لك في ذلك اليوم في النجاة، فلا تجد أعمالاً تباع فتشتريها كما يشتري الإنسان الحوائج في الدنيا
…
{وَلا خُلَّةٌ}
…
فإذا لم تجد أحداً يبيع لك في الدنيا، فيمكن أن يكون لك صديق تذهب إليه، فيعطيك مما عنده، ولكن لا توجد خلة يوم القيامة، ولن ينفعك أحد ولو كان صديقك، ولكن ربما يشفع لك أحد، ويتوسط لك كما في الدنيا، وهذا أيضاً غير موجود يوم القيامة {وَلا شَفَاعَةٌ} .
إذا تقطعت عنك كل الوسائل يوم القيامة، وليس لك حيلة، إلا إذا كان معك عمل صالح قدمته لنفسك، وأعظم ذلك: التوحيد والسلامة من الشرك؛ ولذلك قال تعالى: {وَلا
يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]، {شَهِدَ بِالْحَقِّ} أي قال: لا إله إلا الله، في الدنيا، ومات عليها، ولا يكفي أن يقول: لا إله إلا الله، بل لا بد أن يعلم معناها، ولذلك قال:{وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فلا يكفي مجرد اللفظ من غير فهم للمعنى، ولا يكفي اللفظ ومعرفة المعنى بدون العمل بمقتضاها؛ لأن العلم وسيلة للعمل، فإذا لم يكن مع العلم عمل فلن تنفعك لا إله إلا الله.