المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثانية والخمسون: نفيهم الحكمة عن أفعال الله تعالى - شرح مسائل الجاهلية

[صالح الفوزان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌بداية الشرح

- ‌المراد بالكتابيين

- ‌المراد بالجاهلية

- ‌الإجابة عن سؤال: ماالداعي غلى ذكر مسائل الجاهلية

- ‌أعظم مسائل الجاهلية وأخطرها:

- ‌المسألة الأولى: دعاء الأولياء والصالحين

- ‌المسألة الثانية: تفرق أهل الجاهلية في عباداتهم ودينهم

- ‌المسألة الثالثة: أعتبارهم مخالفة ولي الأمر فضيلة

- ‌المسألة الرابعة: التقليد الأعمى ومضاره

- ‌المسألة الخامسة: الاحتجاج بما عليه الأكثرون دون نظر إلى مستنده

- ‌المسألة السادسة: الاحتجاج بما عليه الأقدمون دون نظر إلى مستنده

- ‌المسألة السابعة: الاستدلال بما عليه أهل القوة بأنه هو الحق

- ‌المسألة الثامنة: الاستدلال بأن ما عليه الضعفاء ليس حقاً

- ‌المسألة التاسعة[اقْتِدَاؤُهُمْ بِفَسَقَةِ العُلَمَاءِ وَجُهَّالِ العُبَّادِ

- ‌المسألة العاشرة: رميهم أهل الدين بقلة فهمهم وعدم حفظهم

- ‌المسألتان الحادية عشرة والثانية عشرة: اعتمادهم على القياس الفاسد وإنكار القياس الصحيح

- ‌المسألة الثالثة عشرة: الغلو بأهل العلم والصلاح

- ‌المسألة الرابعة عشرة: نفيهم الحق وإثباتهم الباطل

- ‌المسألة الخامسة عشرة: اعتذارهم عن قبول الحق بعذر باطل

- ‌المسألة السادسة عشرة: اعتياض اليهود عن الثورة بكتب السحر

- ‌المسألة السابعة عشرة: نسبتهم الباطل إلى الأنبياء

- ‌المسألة الثامنة عشرة: انتسابهم إلى الأنبياء مع مخالفتهم

- ‌المسألة التاسعة عشرة: عيب الصالحين بفعل بعض المنسبين غليهم

- ‌المسألة العشرون: اعتقادهم أن أفعال السحرة والكهان من كرامات الأولياء

- ‌المسألة الحادية والعشرون: تعبدهم الله بالصفير والتصفيق

- ‌المسألة الثانية والعشرون: اتخاذهم الدين لهواً ولعباً

- ‌المسالةالرابعة والعشرون: زهدهم في الحق إذا كان عليه الضعفاء

- ‌المسألة الخامسة والعشرون: الاستدلال على كون الشيء باطلاً بسبق الضعفاء إليه

- ‌المسألة السادسة والعشرون: تحريف أدلة الكتاب بعد معرفتها لتوافق أهواءهم

- ‌المسألة السابعة والعشرون: تأليف الكتب الباطلة ونسبتها إلى الله

- ‌المسألة الثامنة والعشرون: رفضهم ما عند غيرهم منالحق

- ‌المسألة التالسعة والعشرون: لا يعملون بقول من يزعمون أنهم يتبعونهم

- ‌المسألة الثلاثون: الأخذ بالافتراق وترك الاجتماع

- ‌المسألة الحادية والثلاثون: عداوتهم للدين الحق، ومحبتهم للدين الباطل

- ‌المسألة الثانية والثلاثون: كفرهم بالحق الذي مع غيرهم ممن لا يهوونه

- ‌المسأةلالثالثة والثلاثون: تناقضهم في الإقرار والإنكار

- ‌المسألة الرابعة والثلاثون: كل فرقة تزكي نفسها دون غيرها

- ‌المسألة الخامسة والثلاثون: تقربهم إلى الله بفعل المحرم

- ‌المسألة السادسة والثلاثون: تقربهم إلى الله بتحريم الحلال وتحليل الحرام

- ‌المسألة السابعة والثلاثون: اتخاذهم الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله

- ‌المسألة الثامنة والثلاثون: إلحادهم في أسماء الله وصفاته

- ‌المسألة التاسعة والثلاثون: الإلحاد في أسماء الله تعالى

- ‌المسألة الأربعون: جحود الرب سبحانه وتعالى

- ‌المسألة الحادية والأربعون: وصف الله بالنقص

- ‌المسألة الثانية والأربعون[الشِّرْكُ فِي المُلْكِ

- ‌المسألة الثالثة والأربعون: جحودهم لقدر الله

- ‌المسالة الرابعة والأربعون: الاعتذار عن كفرهم بأن الله تعالى قدره عليهم

- ‌المسألة الخامسة والأربعون: دعواهم التناقض بين شرع الله وقدره

- ‌المسألة السادسة والأربعون: نسبتهم الحوادث إلى الدهر ومسبتهم له

- ‌المسألة السابعة والأربعون: كفرهم بنعم الله تعالى

- ‌المسألة الثامنة والأربعون: كفرهم بآيات الله جملة

- ‌المسألة التاسعة والأربعون: كفرهم ببعض آيات الله تعالى

- ‌المسألة الخمسون: جحودهم إنزال الكتب على الرسل

- ‌المسألة الحادية والخمسون: وصفهم للقرآن بأنه من كلام البشر

- ‌المسألة الثانية والخمسون: نفيهم الحكمة عن أفعال الله تعالى

- ‌المسألة الثالثة والخمسون: تحيلهم لإبطال شرع الله تعالى

- ‌المسألة: الرابعة والخمسون: الإقرار بالحق، للتوصل إلى دفعه

- ‌المسألةالخامسة والخمسون: تعصبهم لما هم عليه من الباطل

- ‌المسألة السادسة والخمسون: تسميتهم التوحيد شركاً

- ‌المسألتان السابعة والثامنة والخمسون: التحريف ولي الألسنة في كتاب الله تعالى

- ‌المسألة التاسعة والخمسون: تلقيبيهم أهل الجق بالألقاب المنفرة

- ‌المسألتان الستون والحادية والستون[افتراءُ الكَذِب على الله والتَّكذِيب بالحقِّ]

- ‌المشألتان الثانية والستونك استنفار الملوك ضد أهل الحق

- ‌المسألة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والستون: رميهم أهل الحق بما هم برءاء منه

- ‌المسألة الثامنة والستون: مدحهم أنفسهم بما ليس فيهم

- ‌المسلة الحادية والسبعون: تركهم ما أوجب الله عليهم من باب الورع

- ‌المسألتان الثانية والثالثة والسبعون: تقربهم إلى الله بترك الطيبات من الرزق وبترك الزينة

- ‌المسألة الرابعة والسبعون[دَعْوَتُهُمُ النَّاسَ إِلَى الضَّلَالِ

- ‌المسألة الخامسة والسبعون: دعوتهم الناس إلى الكفر، مع العلم

- ‌المسألة السادسة والسبعون: المكر الشديد لتثبيت الشرك ودفع الحق

- ‌المسألة السابعة والسبعون: اقتداؤهم بمن لا يصلح للقدوة

- ‌المسألة الثامنة والسبعون: تناقضهم في محبة الله

- ‌المسألة التاسعة والسبعون: اعتمادهم على الأماني الكاذبة

- ‌المسألة الثمانون: غلوهم في الأشخاص

- ‌المسألة الحادية والثمانون: الغلو في آثار الأنبياء

- ‌المسألة الثانية والثمانون: اتخاذهم لوسائل الشرك

- ‌المسالة الثالثة والثمانون: عكوفهم عند القبور

- ‌المسالة الرابعة والثمانون: تقربهم إلى الله بالذبح عند القبور

- ‌المسألتان الخامسة والسادسة والثمانون: احتفاظهم بآثار المعظمين

- ‌المسال السابعة والثامنة والتاسعة والثمانون، والتسعون: من خصال الجاهلية الباقية في بعض هذه الأمة

- ‌المسألة الحادية والتسعون: قيام مجتمعهم على البغي

- ‌المسالة الثانية والتسعون: الفخر بغير الحق أو بحق

- ‌المسألة الثالثة والتسعون: التعصب الممقوت

- ‌المسألة الرابعة والتسعون: أخذ البريء بجريمة غيره

- ‌المسألة الخامسة والتسعون: تغيير الرجل بنقص في غيره

- ‌المسألة السادسة والتسعون: افتخارهم بأعمالهم الطيبة

- ‌المسألة السابعة والتسعون: افتخارهم بانتسابهم إلى الطيبين مع مخالفتهم لهم

- ‌المسألة الثامنة والتسعون: افتخارهم بصنائعهم على من دونهم في ذلك

- ‌المسألة التاسعة والتسعون: نظرتهم إلى الدنيا نظرة إعجاب

- ‌المسألة المائة: الاستدراك والاقتراح على الله

- ‌المسألة الحادية بعد المائة: احتقارهم للفقراء

- ‌المسألة الثانية بعد المائة: اتهامهم لأهل الإيمان في نياتهم ومقاصدهم

- ‌المسائل: الثالثة، والرابعة، والخامسة، والسادسة، والسابعة، والثامنة بعد المائة

- ‌المسالة التاسعة بعد المائة: تكذيبهم لبعض ماأخبرت به الرسل

- ‌المسألة العاشرة بعد المائة: اعتداؤهم على دعاة الحق

- ‌المسألة الحادية عشرة بعد المائة: الإيمان الباطل

- ‌المسألة الثانية عشرة بعد المائة: تفضيلهم الكفر على الإيمان

- ‌المسألة الثالثة عشرة بعدالمائة: خلط الحق بالباطل ليقبل الباطل

- ‌المسألة الرابعة عشرة بعد المائة[كِتْمَانُ الحَقِّ مَعَ العِلْمِ بِهِ]

- ‌املسألة الخامسة عشرة بعد المائة: القول على اله بغير علم

- ‌السمألة السادسة عشرة بعد المائة: تناقض أقوالهم وتضاربها

- ‌المسألة السابعة عشرة بعد المائة: الإيمان ببعض ما أنزل دون بعض

- ‌المسألة الثامنة عشرة بعد المائة: الإيمان ببعض الرسل دون بعض

- ‌المسألة التاسعة عشرة بعد المائة: المحاجة فيما ليس لهم به علم

- ‌المسألة العشرون بعد المائة: تناقضهم في اتباعهم لغيرهم

- ‌المسألة الثانية والعشرون بعد المائة: موالاة الكفار

- ‌المسائل الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والعشرون بعد المائة:اعتمادهم على الخرافات

الفصل: ‌المسألة الثانية والخمسون: نفيهم الحكمة عن أفعال الله تعالى

‌المسألة الثانية والخمسون: نفيهم الحكمة عن أفعال الله تعالى

نفيهم الحكمة عن أفعال الله

المسألة الثانية والخمسون

[القَدْحُ فِي حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى] .

الشرح

الله جل وعلا وصف نفسه بالحكمة، وأنه حكيم. والحكمة: وضع الشيء في موضعه، فالحكيم هو: الذي يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها.

والله جل وعلا وصف نفسه بالحكمة وأنه حكيم، والحكيم: ذو الحكمة البالغة.

وكذلك المخلوقات كلها مبنية على الحكمة، ما خلق الله شيئاً إلا لحكمة، ما خلق الله شيئاً عبثاً، خلق السموات لحكمة، وخلق الأرضين لحكمة، وخلق الجبال لحكمة، وخلق العوالم الجن والإنس والبهائم والحشرات، كل شيء خلقه الله لحكمة. وإذا تدبرت إتقان المخلوقات ونتائجها عرفت حكمة الله جل وعلا، وأن خالقها حكيم ذو حكمة بالغة {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50] ، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرض وَمَا

ص: 174

بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: 27] .

والله جل وعلا حكيم في خلقهن وحكيم في أمره ونهيه وتشريعه، لا ينهى عن شيء إلا وفيه مضرة خالصة أو راجحة، ولا يأمر بشيء إلا وفيه مصلحة خالصة أو راجحة. ومن حكمته سبحانه وتعالى: أنه يحاسب الخلائق، فيجازي المحسن بإحسانه، ويجازي المسيء بإساءته، ولا يترك الناس بدون جزاء كل يعما ثم لا يجازى، هذا يخالف الحكمة، ولهذا يقول جل وعلا:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} [الأنبياء:16]، ويقول سبحانه وتعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص:27]، ويقول جل وعلا -رداً على الذين ينكرون البعث -:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:115] ،

{أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} [القيامة:36] يعني: لا يُؤمر ولا يُنهى ولا يجازى؟!

وأهل الجاهلية ينكرون حكمة الله سبحانه وتعالى في خلقه وأمره، والمعتزلة والأشاعرة ينفون الحكمة في أفعال الله سبحانه وتعالى، فالأشاعرة ينفون الحكمة في أفعال الله سبحانه وتعالى، فالأشاعرة يقولون: الله لا يفعل لحكمة، وإنما يفعل لمشيئة مجردة فقط، لا لحكمة؛ لأن الحكمة معناها: أنه يعمل لغرض، والله منزّه عن الأغراض، ولأن

ص: 175

الحكمة تؤثر عليه فيكون خلقهم من أجل هذه العلة، والله جل وعلا يفعل ما يشاء بمجرد المشيئة والإرادة فقط، لا لحكمة. فينفون الحكمة في أفعال الله وفي شرعه؛ تنزيهاً لله –بزعمهم –عن الأغراض، ولهذا يقولون: يجوز أن يأمر الله بالكفر والفسق والمعاصي، وينهى عن الطاعة وعن إقام الصلاة وعن صلة الأرحام وعلى فعل الخير؛ لأنه يفعل ما يشاء.

ونقول لهم: نعم، يفعل ما يشاء سبحانه، وأن لا يفعل شيئاً إلا لحكمة.

ويقولون: يجوز أن يدخل الله الكافر الجنة، وأن يدخل المؤمن التقي النار؛ لأن هذا راجع إليه، فلا تحكمه العلل.

ونقول: هذا كلام باطل لا يليق بحكمة الله سبحانه وتعالى، فالله جل وعلا يقول:{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [صّ:28]، ويقول:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية:21] فالذين قالوا هذه المقالة وصفوا الله بالسوء والجور، تعالى الله عن ذلك.

فهذا هو مذهب أهل الجاهلية ونفاة الحكمة من الأشاعرة ونحوهم، نسأل الله العافية.

ص: 176