الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ لِقَرَابَتِهِ، أَوْ لِقَرَابَةِ فُلَانٍ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ ، لِقَرَابَةِ فُلَانٍ مَنْ هُمْ؟ الْقَرَابَةُ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله: هُمْ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ ، مِنْ فُلَانٍ ، مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ، غَيْرَ
أَنَّهُ يَبْدَأُ فِي ذَلِكَ ، بِمَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ مِنْهُمْ ، مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، عَلَى مَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ مِنْهُ ، مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ عَمٌّ ، وَخَالٌ ، فَقَرَابَةُ عَمِّهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، كَقَرَابَةِ خَالِهِ مِنْهُ ، مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ، فَلْيَبْدَأْ فِي ذَلِكَ ، بِعَمِّهِ عَلَى خَالِهِ ، فَيَجْعَلُ الْوَصِيَّةَ لَهُ. وَقَالَ زَفَرُ رحمه الله: الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ، دُونَ مَنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُ. وَسَوَاءٌ كَانَ فِي ذَلِكَ ، بَيْنَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ، ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ ، وَبَيْنَ مَنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ غَيْرَ مُحَرَّمٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى: الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ ; لِكُلٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا ، أَبٌ وَاحِدٌ ، مُنْذُ كَانَتِ الْهِجْرَةُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ ، بَيْنَ مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ. وَبَيْنَ مَنْ قَرُبَ ، وَبَيْنَ مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ. وَلَمْ يُفَضِّلَا فِي ذَلِكَ ، مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ ، عَلَى مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ ، مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ ، لِكُلٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا ، أَبُوهُ الرَّابِعُ إِلَى مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ ; لِكُلٍّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا ، أَبٌ وَاحِدٌ ، فِي الْإِسْلَامِ ، أَوْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، مِمَّنْ يَرْجِعُ بِآبَائِهِ ، أَوْ بِأُمَّهَاتِهِ إِلَيْهِ ، أَبًا غَيْرَ أَبٍ ، أَوْ أُمًّا غَيْرَ أُمٍّ ، إِلَى أَنْ تَلْقَاهُ ، مِمَّا ثَبَتَتْ بِهِ الْمَوَارِيثُ ، أَوْ تَقُومُ بِهِ الشَّهَادَاتُ. وَإِنَّمَا جَوَّزَ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ الْوَصِيَّةَ لِلْقَرَابَةِ ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، إِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْقَرَابَةُ قَرَابَةً تُحْصَى وَتُعْرَفُ. فَإِنْ كَانَتْ لَا تُحْصَى وَلَا تُعْرَفُ ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بِهَا بَاطِلَةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهَا لِفُقَرَائِهِمْ ، فَتَكُونَ جَائِزَةً لِمَنْ رَأَى الْوَصِيُّ دَفْعَهَا إِلَيْهِ مِنْهُمْ. وَأَقَلُّ مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا مِنْهُمْ ، اثْنَانِ فَصَاعِدًا ، فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رحمه الله. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: إِنْ دَفَعَهَا إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ. فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الْقَرَابَةِ مِنْهُمْ ، هَذَا الِاخْتِلَافَ ، وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ ، لِنَسْتَخْرِجَ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ هَذِهِ ، قَوْلًا صَحِيحًا.
فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْقَرَابَةَ ، هُمُ الَّذِينَ يَلْتَقُونَهُ وَمَنْ يُقَارِبُونَهُ ، عِنْدَ أَبِيهِ الرَّابِعِ فَأَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ. إِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرُوا ، ; لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَسَمَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى ، أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. وَإِنَّمَا يَلْتَقِي ، هُوَ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ ، عِنْدَ أَبِيهِ الرَّابِعِ ; لِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. وَالْآخَرُونَ بَنُو الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، يَلْتَقُونَهُمْ ، وَهُوَ عِنْدَ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَهُوَ أَبُوهُ الرَّابِعُ. فَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لِلْآخَرِينَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، قَدْ حَرَمَ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَبَنِي نَوْفَلٍ ، وَقَرَابَتُهُمْ مِنْهُ ، كَقَرَابَةِ بَنِي الْمُطَّلِبِ. فَلَمْ يَحْرِمْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا قَرَابَةً ، وَلَكِنْ لِمَعْنًى غَيْرِ الْقَرَابَةِ. فَكَذَلِكَ مَنْ فَوْقَهُمْ ، لَمْ يَحْرِمْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا قَرَابَةً ، وَلَكِنْ لِمَعْنًى غَيْرِ الْقَرَابَةِ. ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَرَابَةِ ، مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ
7392 -
مَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] أَوْ قَالَ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، حَائِطِي ، الَّذِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا ، لِلَّهِ وَلَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُسِرَّهُ ، لَمْ أُعْلِنْهُ. فَقَالَ:«اجْعَلْهُ فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ ، أَوْ فُقَرَاءِ أَهْلِكَ»
7393 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: كَانَتْ لِأَبِي طَلْحَةَ أَرْضٌ ، فَجَعَلَهَا لِلَّهِ عز وجل. فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ:«اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ» فَجَعَلَهَا لِحَسَّانٍ وَأُبَيُّ. قَالَ أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: فَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي فَهَذَا أَبُو طَلْحَةَ ، قَدْ جَعَلَهَا لِأُبَيِّ وَحَسَّانَ ، وَإِنَّمَا يَلْتَقِي هُوَ وَأُبَيُّ ، عِنْدَ أَبِيهِ السَّابِعِ ; لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ ، اسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ. وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَوْنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ. فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي طَلْحَةَ ، مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ. فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا ، عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ يَلْقَى الرَّجُلَ إِلَى أَبِيهِ الْخَامِسِ ، أَوِ السَّادِسِ ، أَوْ إِلَى مَنْ فَوْقَ ذَلِكَ مِنَ الْآبَاءِ الْمَعْرُوفِينَ قَرَابَةً لَهُ ، كَمَا أَنَّ مَنْ يَلْقَاهُ ، إِلَى أَبٍ دُونَهُ قَرَابَةٌ أَيْضًا. وَقَدْ أَمَرَ اللهُ عز وجل نَبِيَّهُ أَيْضًا صلى الله عليه وسلم أَنْ يُنْذِرَ عَشِيرَتَهُ الْأَقْرَبِينَ. فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ، مَا
7394 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَخْلَدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ:
⦗ص: 387⦘
ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: لَمَّا أُنْزِلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] . قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلِيُّ ، اجْمَعْ لِي بَنِي هَاشِمٍ» وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا ، أَوْ أَرْبَعُونَ إِلَّا رَجُلًا ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، أَنَّهُ قَصَدَ بَنِي أَبِيهِ الثَّالِثِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَا
7395 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَخْلَدٍ أَبُو الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنِ الْمِنْهَالِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ اجْمَعْ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا ، يَزِيدُونَ رَجُلًا ، أَوْ يَنْقُصُونَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، أَنَّهُ قَصَدَ بَنِي أَبِيهِ الثَّانِي. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا ، فِي ذَلِكَ
7396 -
مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ: قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقَ ، وَزُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَا: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَضَمَةٍ مِنْ جَبَلٍ ، فَعَلَا أَعْلَاهَا ، ثُمَّ قَالَ:«يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، إِنِّي نَذِيرٌ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَصَدَ بَنِي أَبِيهِ الرَّابِعِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ
7397 -
مَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ ، وَحَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ ، قَالَا: ثنا هَمَّامٌ ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«يَا بَنِي هَاشِمٍ ، يَا بَنِي قُصَيِّ ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، أَنَا النَّذِيرُ ، وَالْمَوْتُ الْمُغَيِّرُ ، وَالسَّاعَةُ الْمَوْعُودُ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، أَنَّهُ دَعَا بَنِي أَبِيهِ الْخَامِسِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ
7398 -
مَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، وَعَفَّانُ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] قَامَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا بَنِي هَاشِمٍ ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ، أَنْقِذِي نَفْسَكَ مِنَ النَّارِ ، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا ، سَأَبُلُّهَا بِبِلَالِهَا» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ دَعَاهُمْ مَعَهُمْ ، بَنِي أَبِيهِ السَّابِعِ ; لِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مُنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ.
⦗ص: 388⦘
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ
7399 -
مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَّا فَجَعَلَ يُنَادِي: «يَا بَنِي فِهْرٍ ، يَا بَنِي عَدِيٍّ ، يَا بَنِي فُلَانٍ» لِبُطُونٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، حَتَّى اجْتَمَعُوا. فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ ، وَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ ، فَاجْتَمَعُوا. فَقَالَ:«أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ ، أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي» . قَالُوا: نَعَمْ ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا. قَالَ:«فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ ، بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٌ شَدِيدٌ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ دَعَا بُطُونَ قُرَيْشٍ كُلَّهَا. وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
7400 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ، قَالَ: ثنا عُقَيْلٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: قَالَ سَعِيدٌ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] : «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا»
7401 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ يَا صَفِيَّةُ يَا فَاطِمَةُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُنْذِرَ عَشِيرَتَهُ الْأَقْرَبِينَ ، دَعَا عَشَائِرَ قُرَيْشٍ ، وَفِيهِمْ مَنْ يَلْقَاهُ عِنْدَ أَبِيهِ الثَّانِي ، وَفِيهِمْ مَنْ يَلْقَاهُ عِنْدَ أَبِيهِ الثَّالِثِ ، وَفِيهِمْ مَنْ يَلْقَاهُ عِنْدَ أَبِيهِ الرَّابِعِ ، وَفِيهِمْ مَنْ يَلْقَاهُ عِنْدَ أَبِيهِ الْخَامِسِ ، وَفِيهِمْ مَنْ يَلْقَاهُ ، عِنْدَ أَبِيهِ السَّادِسِ ، وَفِيهِمْ مَنْ يَلْقَاهُ عِنْدَ آبَائِهِ الَّذِينَ فَوْقَ ذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ مِمَّنْ قَدْ جَمَعَتْهُ وَإِيَّاهُ قُرَيْشٌ. فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ، وَثَبَتَ إِحْدَى الْمَقَالَاتِ الْأُخَرِ. وَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَدَّمَ مَنْ قَرُبَ رَحِمُهُ ، عَلَى مَنْ هُوَ أَبْعَدُ رَحِمًا مِنْهُ. فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَسَمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى ، عَمَّ بِهِ بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَبَعْضُ بَنِي هَاشِمٍ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ بَعْضٍ ، وَبَعْضُ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَيْضًا أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ بَعْضٍ.
⦗ص: 389⦘
فَلَمَّا لَمْ يُقَدِّمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ ، مَنْ قَرُبَ رَحِمُهُ مِنْهُ ، عَلَى مَنْ هُوَ أَبْعَدُ إِلَيْهِ رَحِمًا مِنْهُ ، وَجَعَلَهُمْ كُلَّهُمْ قَرَابَةً لَهُ ، لَا يَسْتَحِقُّونَ مَا جَعَلَ اللهُ عز وجل لِقَرَابَتِهِ. فَكَذَلِكَ مَنْ بَعُدَتْ رَحِمُهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِقَرَابَةِ فُلَانٍ ، لَا يَسْتَحِقُّ بِقُرْبِ رَحِمِهِ مِنْهُ شَيْئًا ، مِمَّا جَعَلَ لِقَرَابَتِهِ إِلَّا كَمَا يَسْتَحِقُّ سَائِرَ قَرَابَتِهِ ، مِمَّنْ رَحِمُهُ مِنْهُ أَبْعَدُ مِنْ رَحِمِهِ ، فَهَذِهِ حُجَّةٌ. وَحُجَّةٌ أُخْرَى أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ ، لَمَّا أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَ أَرْضَهُ فِي فُقَرَاءِ الْقَرَابَةِ ، جَعَلَهَا لِحَسَّانَ ، وَلِأُبَيِّ. وَإِنَّمَا يَلْتَقِي هُوَ وَأُبَيُّ عِنْدَ أَبِيهِ السَّابِعِ ، وَيَلْتَقِي هُوَ وَحَسَّانُ ، عِنْدَ أَبِيهِ الثَّالِثِ. وَلِأَنَّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ. وَأَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامٍ. فَلَمْ يُقَدِّمْ أَبُو طَلْحَةَ فِي ذَلِكَ حَسَّانًا ; لِقُرْبِ رَحِمِهِ مِنْهُ ، عَلَى أُبَيٍّ ; لِبُعْدِ رَحِمِهِ مِنْهُ وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا مِنْهُمَا مُسْتَحِقًّا لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْهُ ، إِلَّا كَمَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ الْآخَرُ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ ، رحمه الله ، فَرَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَسَمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى ، أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ جَمِيعًا ، وَفِيهِمْ مَنْ رَحِمُهُ مِنْهُ ، رَحِمٌ مُحَرَّمَةٌ ، وَفِيهِمْ مِنْهُ ، مَنْ رَحِمُهُ مِنْهُ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ. وَأَعْطَى بَنِي الْمُطَّلِبِ مَعَهُمْ ، وَأَرْحَامُهُمْ جَمِيعًا مِنْهُ ، غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ. وَكَذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ أَعْطَى أُبَيًّا وَحَسَّانًا ، مَا أَعْطَاهُمَا ، عَلَى أَنَّهُمَا قَرَابَةٌ ، وَلَمْ يُخْرِجْهُمَا مِنْ قَرَابَتِهِ ، ارْتِفَاعُ الْحُرْمَةِ مِنْ رَحِمِهِمَا مِنْهُ. فَبَطَلَ بِذَلِكَ أَيْضًا ، مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ، أَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللهُ ، فَرَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى ، بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَلَا يَجْتَمِعُ هُوَ ، وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلَى أَبٍ ، مُنْذُ كَانَتِ الْهِجْرَةُ. وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُ هُوَ وَهُمْ ، عِنْدَ آبَاءٍ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَكَذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ وَأُبَيُّ ، وَحَسَّانُ ، لَا يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ أَبٍ إِسْلَامِيٍّ ، وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ أَبٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا قَرَابَةً لَهُ ، يَسْتَحِقُّونَ مَا جُعِلَ لِلْقَرَابَةِ. فَكَذَلِكَ قَرَابَةُ الْمُوصِي ; لِقَرَابَتِهِ لَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ إِلَّا أَنْ لَا يَجْمَعَهُمْ وَإِيَّاهُ أَبٌ ، مُنْذُ كَانَتِ الْهِجْرَةُ. فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللهُ ، وَثَبَتَ الْقَوْلُ الْآخَرُ.
⦗ص: 390⦘
فَثَبَتَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِذَلِكَ: لِكُلٍّ مَنْ تَوَقَّفَ عَلَى نَسَبِهِ أَبًا غَيْرَ أَبٍ وَأُمًّا غَيْرَ أُمٍّ ، حَتَّى يَلْتَقِيَ هُوَ وَالْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ إِلَى جَدٍّ وَاحِدٍ ، فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، أَوْ فِي الْإِسْلَامِ ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أُولَئِكَ لِلْآبَاءِ ، يَسْتَحِقُّ بِالْقَرَابَةِ هُمُ الْمَوَارِيثُ ، فِي حَالٍ ، وَيَقُومُ بِالْإِنْسَانِ مِنْهُمُ الشَّهَادَاتُ ، عَلَى سِيَاقِهِ مَا بَيْنَ الْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ وَبَيْنَهُمْ ، مِنَ الْآبَاءِ وَمِنَ الْأُمَّهَاتِ ، فَهَذَا الْقَوْلُ ، هُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ ، عِنْدَنَا