الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ خِيَارُ الْبَيِّعَيْنِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا
5524 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، ح
5525 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، ح
5526 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، ح
5527 -
وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالُوا جَمِيعًا ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «كُلُّ بَيِّعَيْنِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا ، حَتَّى يَتَفَرَّقَا ، أَوْ يَكُونَ بَيْعَ خِيَارٍ»
5528 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا عَارِمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا قَالَ: أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ وَرُبَّمَا قَالَ أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ "
5529 -
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ بَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ»
5530 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا أَوْ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا ، بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا ، مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا»
5531 -
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ ، أَنَّهُمُ اخْتَصَمُوا إِلَيْهِ فِي رَجُلٍ بَاعَ جَارِيَةً ، فَنَامَ مَعَهَا الْبَائِعُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَا أَرْضَاهَا. فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، وَكَانَا فِي خِبَاءِ شَعْرٍ»
5532 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ، قَالَ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا ، فَبَاعَ صَاحِبٌ لَنَا مِنْ رَجُلٍ فَرَسًا ، فَأَقَمْنَا فِي مَنْزِلِنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ ، قَامَ الرَّجُلُ يُسْرِجُ فَرَسَهُ ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنَّكَ قَدْ بِعْتَنِي فَاخْتَصَمَا إِلَى أَبِي بَرْزَةَ. فَقَالَ: إِنْ شِئْتُمَا ، قَضَيْتُ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَمَا أَرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا
5533 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا أَوْ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا ، بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ، فَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا ، فَعَسَى أَنْ يَدُورَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ ، وَتُمْحَقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» .
5534 -
قَالَ هَمَّامٌ: فَسَمِعْتُ أَبَا التَّيَّاحِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ هَذَا
5535 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الْغُبَرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ»
5536 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا عَفَّانَ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا رَضِيَ مِنَ الْبَيْعِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» . فَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا عَلَى الِافْتِرَاقِ بِأَقْوَالٍ ، فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْتُ مِنْكَ، قَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ قَبِلْتُ، فَقَدْ تَفَرَّقَا وَانْقَطَعَ خِيَارُهُمَا. وَقَالُوا: الَّذِي كَانَ لَهُمَا مِنَ الْخِيَارِ ، هُوَ مَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُبْطِلَ قَوْلَهُ لِلْمُشْتَرِي: قَدْ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، قَبْلَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي. فَإِذَا قِبَلَ الْمُشْتَرِي ، فَقَدْ تَفَرَّقَ هُوَ وَالْبَائِعُ ، وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ. وَقَالُوا: هَذَا كَمَا ذَكَرَ اللهُ عز وجل فِي الطَّلَاقِ فَقَالَ {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130] .
⦗ص: 14⦘
فَكَانَ الزَّوْجُ إِذَا قَالَ لِلْمَرْأَةِ: قَدْ طَلَّقْتُكِ عَلَى كَذَا وَكَذَا، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: قَدْ قَبِلْتُ، فَقَدْ بَانَتْ ، وَتَفَرَّقَا بِذَلِكَ الْقَوْلِ ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا. قَالُوا: فَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: قَدْ بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا ، بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ قَبِلْتُ، فَقَدْ تَفَرَّقَا بِذَلِكَ الْقَوْلِ ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا. وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ ، وَفَسَّرَ بِهَذَا التَّفْسِيرَ ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ: الْفُرْقَةُ الَّتِي تَقْطَعُ الْخِيَارَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ ، هِيَ الْفُرْقَةُ بِالْأَبْدَانِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ لِلرَّجُلِ: قَدْ بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلِلْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ الْقَوْلِ ، أَنْ يَقْبَلَ ، مَا لَمْ يُفَارِقْ صَاحِبَهُ ، فَإِذَا افْتَرَقَا ، لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقْبَلَ. قَالَ: وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ جَاءَ ، مَا عَلِمْنَا ، مَا يَقْطَعُ مَا لِلْمُخَاطَبِ ، مِنْ قَبُولِ الْمُخَاطَبَةِ الَّتِي خَاطَبَهُ بِهَا صَاحِبُهُ ، وَأَوْجَبَ لَهُ بِهَا الْبَيْعَ. فَلَمَّا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ ، عَلِمْنَا أَنَّ افْتِرَاقَ أَبْدَانِهِمَا بَعْدَ الْمُخَاطَبَةِ بِالْبَيْعِ ، يَقْطَعُ قَبُولَ تِلْكَ الْمُخَاطَبَةِ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا التَّفْسِيرُ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ. قَالَ عِيسَى: وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ تَفْسِيرُ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، لِأَنَّا رَأَيْنَا الْفُرْقَةَ الَّتِي لَهَا حُكْمٌ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ ، هِيَ الْفُرْقَةُ فِي الصَّرْفِ ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ إِنَّمَا يَجِبُ بِهَا فَسَادُ عَقْدٍ مُتَقَدِّمٍ ، وَلَا يَجِبُ بِهَا صَلَاحُهُ. فَكَانَتْ هَذِهِ الْفُرْقَةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ، إِذَا جَعَلْنَاهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، فَسَدَ بِهَا مَا كَانَ تَقَدَّمَ مِنْ عَقْدِ الْمُخَاطَبِ. وَإِنْ جَعَلْنَاهَا عَلَى مَا قَالَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْفُرْقَةَ بِالْأَبْدَانِ يَتِمُّ بِهَا الْبَيْعُ ، كَانَتْ بِخِلَافِ فُرْقَةِ الصَّرْفِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَصْلٌ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ ، لِأَنَّ الْفُرْقَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ، إِنَّمَا يَفْسُدُ بِهَا مَا تَقَدَّمَهَا ، إِذَا لَمْ يَكُنْ تَمَّ ، حَتَّى كَانَتْ. فَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا أَنْ نَجْعَلَ هَذِهِ الْفُرْقَةَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا ، كَالْفُرْقَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا ، فَيُجْبَرُ بِهَا فَسَادُ مَا قَدْ تَقَدَّمَهَا ، مِمَّا لَمْ يَكُنْ تَمَّ ، حَتَّى كَانَتْ ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ ، مَا ذَكَرْنَا. وَقَالَ آخَرُونَ: هَذِهِ الْفُرْقَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، هِيَ عَلَى الْفُرْقَةِ بِالْأَبْدَانِ ، فَلَا يَتِمُّ الْبَيْعُ ، حَتَّى تَكُونَ ، فَإِذَا كَانَتْ ، تَمَّ الْبَيْعُ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ ، بِأَنَّ الْخَبَرَ ، أَطْلَقَ ذِكْرَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَقَالَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. قَالُوا: فَهُمَا قَبْلَ الْبَيْعِ مُتَسَاوِمَانِ ، فَإِذَا تَبَايَعَا ، صَارَا مُتَبَايِعَيْنِ ، فَكَانَ اسْمُ الْبَائِعِ ، لَا يَجِبُ لَهُمَا إِلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَجِبْ لَهُمَا الْخِيَارُ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا ، بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا شَيْئًا ، فَأَرَادَ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ ، قَامَ فَمَشَى ، ثُمَّ رَجَعَ.
⦗ص: 15⦘
قَالُوا: وَهُوَ قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَلَى التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ ، وَعَلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِذَلِكَ. فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا ، عَلَى أَنَّ مُرَادَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا بِحَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ، وَبِقَوْلِهِ لِلرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ: مَا أَرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا، فَكَانَ ذَلِكَ التَّفَرُّقُ عِنْدَهُ هُوَ التَّفَرُّقَ بِالْأَبْدَانِ ، وَلَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ عِنْدَهُ ، قَبْلَ ذَلِكَ التَّفَرُّقِ. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عِنْدَنَا عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ، لِأَهْلِ الْمَقَالَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ، أَنَّ مَا ذَكَرُوا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَكُونَانِ مُتَبَايِعَيْنِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَتَعَاقَدَا الْبَيْعَ ، وَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ مُتَسَاوِمَانِ غَيْرُ مُتَبَايِعَيْنِ، فَذَلِكَ إِغْفَالٌ مِنْهُمْ لِسَعَةِ اللُّغَةِ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا سُمِّيَا مُتَبَايِعَيْنِ ، لِقُرْبِهِمَا مِنَ التَّبَايُعِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا تَبَايَعَا ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي اللُّغَةِ قَدْ سُمِّيَ إِسْحَاقُ أَوْ إِسْمَاعِيلُ عليهما السلام ، ذَبِيحًا لِقُرْبِهِ مِنَ الذَّبْحِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذُبِحَ. فَكَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى الْمُتَسَاوِمَيْنِ ، اسْمُ الْمُتَبَايِعَيْنِ ، إِذَا قَرُبَا مِنَ الْبَيْعِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا تَبَايَعَا. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَقَالَ «لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. فَلَمَّا سَمَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسَاوِمَ الَّذِي قَدْ قَرُبَ مِنَ الْبَيْعِ ، مُتَبَايِعًا ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ عَقْدِهِ الْبَيْعَ ، احْتَمَلَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْمُتَسَاوِمَانِ ، سَمَّاهُمَا مُتَبَايِعَيْنِ ، لِقُرْبِهِمَا مِنَ الْبَيْعِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَقَدَا عُقْدَةَ الْبَيْعِ ، فَهَذِهِ مُعَارَضَةٌ صَحِيحَةٌ. وَأَمَّا مَا ذَكَرُوا ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، مِنْ فِعْلِهِ الَّذِي اسْتَدَلُّوا بِهِ ، عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفُرْقَةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَحْتَمِلُ عِنْدَنَا مَا قَالُوا ، وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ. قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، أَشْكَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفُرْقَةُ ، الَّتِي سَمِعَهَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا هِيَ؟ فَاحْتَمَلَتْ عِنْدَهُ الْفُرْقَةَ بِالْأَبْدَانِ ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ. وَاحْتَمَلَتْ عِنْدَهُ الْفُرْقَةَ بِالْأَبْدَانِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ، الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا عِيسَى. وَاحْتَمَلَتْ عِنْدَهُ الْفُرْقَةَ بِالْأَقْوَالِ ، عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْآخَرُونَ ، وَلَمْ يَحْضُرْهُ دَلِيلٌ يَدُلُّهُ أَنَّهُ بِأَحَدِهَا أَوْلَى مِنْهُ بِمَا سِوَاهُ مِنْهَا ، فَفَارَقَ بَائِعَهُ بِبَدَنِهِ ، احْتِيَاطًا. وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ ، لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ ، يَرَى أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِذَلِكَ ، وَهُوَ يَرَى أَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِغَيْرِهِ. فَأَرَادَ أَنْ يَتِمَّ الْبَيْعُ فِي قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُخَالِفِهِ ، حَتَّى لَا يَكُونَ لِبَائِعِهِ نَقْضُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ ، فِي قَوْلِهِ ، وَلَا فِي قَوْلِ مُخَالِفِهِ.
⦗ص: 16⦘
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ ، مَا يَدُلُّ أَنَّ رَأْيَهُ فِي الْفُرْقَةِ ، كَانَ بِخِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ ذَهَبَ ، إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِهَا
5537 -
وَذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ " أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ "
5538 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، قَدْ كَانَ يَذْهَبُ فِيمَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا ، فَهَلَكَ بَعْدَهَا ، أَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي. فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِالْأَقْوَالِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ ، الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَأَنَّ الْبَيْعَ يَنْتَقِلُ بِتِلْكَ الْأَقْوَالِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ إِلَى مِلْكِ الْمُبْتَاعِ ، حَتَّى يَهْلِكَ مِنْ مَالِهِ إِنْ هَلَكَ. فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا ، أَدَلُّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، فِي الْفُرْقَةِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا ذَكَرُوا. وَأَمَّا مَا ذَكَرُوا ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَيْضًا عِنْدَنَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ ، أَنَّ رَجُلًا بَاعَ صَاحِبَهُ فَرَسًا ، فَبَاتَا فِي مَنْزِلٍ ، فَلَمَّا أَصْبَحَا ، قَامَ الرَّجُلُ يُسْرِجُ فَرَسَهُ ، فَقَالَ لَهُ: بِعْتَنِي، فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: إِنْ شِئْتُمَا قَضَيْتُ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ، حَتَّى يَتَفَرَّقَا» وَمَا أَرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا قَدْ كَانَا تَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا ، لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ قَامَ يُسْرِجُ فَرَسَهُ ، فَقَدْ تَنَحَّى بِذَلِكَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ. فَلَمْ يُرَاعِ أَبُو بَرْزَةَ ذَلِكَ ، وَقَالَ: مَا أَرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا، أَيْ لَمَّا كُنْتُمَا مُتَشَاجِرَيْنِ أَحَدُكُمَا يَدَّعِي الْبَيْعَ ، وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ ، لَمْ تَكُونَا تَفَرَّقْتُمَا الْفُرْقَةَ ، الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْبَيْعُ ، وَهِيَ خِلَافُ مَا قَدْ تَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا. ثُمَّ بَعْدَ هَذَا ، فَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْقَوْلِ ، دُونَ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ. وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ» . فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَبَضَهُ ، حَلَّ لَهُ بَيْعُهُ ، وَقَدْ يَكُونُ قَابِضًا لَهُ قَبْلَ افْتِرَاقِ بَدَنِهِ وَبَدَنِ بَائِعِهِ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْآثَارَ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى
5539 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، ح
⦗ص: 17⦘
5540 -
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ كُنْتُ أَشْتَرِي التَّمْرَ ، فَأَبِيعُهُ بِرِبْحِ الْآصُعِ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكْتَلْ ، وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْ» فَكَانَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا مُكَايَلَةً ، فَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ ، لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ، فَإِذَا ابْتَاعَهُ ، فَاكْتَالَهُ وَقَبَضَهُ ، ثُمَّ فَارَقَ بَيِّعَهُ ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ ، أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ إِلَى إِعَادَةِ الْكَيْلِ وَخُولِفَ بَيْنَ اكْتِيَالِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ ، وَبَيْنَ اكْتِيَالِهِ إِيَّاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ. فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا اكْتَالَهُ اكْتِيَالًا ، يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ ، فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الِاكْتِيَالُ مِنْهُ ، وَهُوَ لَهُ مَالِكٌ. وَإِذَا اكْتَالَهُ اكْتِيَالًا ، لَا يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ ، فَقَدْ كَالَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا ، وُقُوعُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِابْتِيَاعِهِ إِيَّاهُ ، قَبْلَ فُرْقَةٍ تَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ ، مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَمْوَالَ تُمْلَكُ بِعُقُودٍ ، فِي أَبْدَانٍ ، وَفِي أَمْوَالٍ ، وَفِي مَنَافِعَ ، وَفِي أَبْضَاعٍ. فَكَانَ مَا يُمْلَكُ مِنَ الْأَبْضَاعِ ، هُوَ النِّكَاحُ ، فَكَانَ ذَلِكَ يَتِمُّ بِالْعَقْدِ ، لَا بِفُرْقَةٍ بَعْدَهُ. وَكَانَ مَا يُمْلَكُ بِهِ الْمَنَافِعُ ، هُوَ الْإِجَارَاتِ ، فَكَانَ ذَلِكَ مَمْلُوكًا بِالْعَقْدِ ، لَا بِالْفُرْقَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ ، أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْأَمْوَالُ الْمَمْلُوكَةُ ، بِسَائِرِ الْعُقُودِ ، مِنَ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهِمَا ، تَكُونُ مَمْلُوكَةً بِالْأَقْوَالِ ، لَا بِالْفُرْقَةِ بَعْدَهَا قِيَاسًا وَنَظَرًا ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ