الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ شِرَاءِ الشَّيْءِ الْغَائِبِ
7319 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ الْيَمَامِيُّ قَالَ: ثنا أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ»
7320 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
7321 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
7322 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
7323 -
حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ: ثنا حَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَاعَ مَا لَمْ يَرَهُ لَمْ يَجُزِ ابْتِيَاعُهُ إِيَّاهُ ، وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى تَأْوِيلٍ تَأَوَّلُوهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. فَقَالَ: الْمُلَامَسَةُ مَا لَمَسَهُ مُشْتَرِيهِ بِيَدِهِ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ. قَالُوا: وَالْمُنَابَذَةُ هِيَ: مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ انْبِذْ إِلَيَّ ثَوْبَكَ ، وَأَنْبِذُ إِلَيْكَ ثَوْبِي عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ لِصَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ إِلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ. وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ، مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رحمه الله. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا غَائِبًا عَنْهُ ، فَالْبَيْعُ جَائِزٌ ، وَلَهُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ ، إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَذَهَبُوا فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ. الْأَوَّلِ إِلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فِيهِ هِيَ: بَيْعٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَكَانَ الرَّجُلَانِ يَتَرَاوَضَانِ عَلَى الثَّوْبِ ، فَإِذَا لَمَسَهُ
⦗ص: 361⦘
الْمُسَاوِمُ بِهِ ، كَانَ بِذَلِكَ مُبْتَاعًا لَهُ ، وَوَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ تَسْلِيمُهُ إِلَيْهِ. وَكَذَلِكَ الْمُنَابَذَةُ ، كَانُوا أَيْضًا يَتَقَاوَلُونَ فِي الثَّوْبِ ، وَفِيمَا أَشْبَهَهُ ، ثُمَّ يَرْمِيهِ رَبُّهُ إِلَى الَّذِي قَاوَلَهُ عَلَيْهِ. فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا مِنْهُ إِيَّاهُ ثَوْبَهُ ، وَلَا يَكُونُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْضُهُ. فَنَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ الْحُكْمَ فِي الْبِيَاعَاتِ أَنْ لَا يَجِبَ إِلَّا بِالْمُعَاقَدَاتِ الْمُتَرَاضَى عَلَيْهَا. فَقَالَ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. فَجَعَلَ إِلْقَاءَ أَحَدِهِمَا إِلَى صَاحِبِهِ الثَّوْبَ ، قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ غَيْرَ قَاطِعٍ لِخِيَارِهِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَيْفِيَّةِ تِلْكَ الْفُرْقَةِ ، عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا. وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ، أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه. وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَحَادِيثِ ، هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
7324 -
فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ ، وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ بَيْعِهِ بَعْدَمَا يَشْتَدُّ وَهُوَ فِي سُنْبُلِهِ ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَقَالَ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيَبْرَأَ مِنْ سُنْبُلِهِ. فَلَمَّا جَعَلَ الْغَايَةَ فِي الْبَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ، هِيَ شِدَّتُهُ وَيُبُوسَتُهُ ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْبَدْءِ. فَلَمَّا جَازَ بَيْعُ الْحَبِّ الْمُغَيَّبِ فِي السُّنْبُلِ ، الَّذِي لَمْ يَبِعْ ، دَلَّ هَذَا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ مَا لَا يَرَاهُ الْمُتَبَايِعَانِ ، إِذَا كَانَا يَرْجِعَانِ مَعَهُ إِلَى مَعْلُومٍ ، كَمَا يَرْجِعَانِ مِنَ الْحِنْطَةِ الْمَبِيعَةِ الْمُغَيَّبَةِ فِي السُّنْبُلِ إِلَى حِنْطَةٍ مَعْلُومَةٍ. وَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا فِي مِثْلِ هَذَا إِذْ كُنَّا قَدْ وَقَفْنَا عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَاحْتَمَلَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ ، مُوَافَقَتَهُ ، أَوْ مُخَالَفَتَهُ أَنْ نَحْمِلَهُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ ، لَا عَلَى مُخَالَفَتِهِ
7324 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَفْسِيرِ الْمُلَامَسَةِ ، وَالْمُنَابَذَةِ. قَالَ:" كَانَ الْقَوْمُ يَتَبَايَعُونَ السِّلَعَ ، لَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا ، وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا. وَالْمُنَابَذَةُ: أَنْ يَتَنَابَذَ الْقَوْمُ السِّلَعَ ، لَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا ، وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا ، فَهَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ "
7325 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ رَبِيعَةَ، قَالَ: كَانَ هَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ ، فَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "
⦗ص: 362⦘
فَهَذَا الزُّهْرِيُّ وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَجَازَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا قَدْ أُخْبِرَ عَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَايَنَهُ. فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ابْتِيَاعِ الْغَائِبِ. فَقَالَ قَائِلٌ: مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ: مِنْ أَيْنَ أَجَزْتُمْ بَيْعَ الْغَائِبِ وَهُوَ مَجْهُولٌ؟ . قِيلَ لَهُ: مَا هُوَ بِمَجْهُولٍ فِي نَفْسِهِ ، لِأَنَّهُ مَتَى رَجَعَ إِلَيْهِ ، رَجَعَ إِلَى مَعْلُومٍ ، فَهُوَ كَبَيْعِ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا ، الْمَرْجُوعِ مِنْهَا إِلَى حِنْطَةٍ مَعْلُومَةٍ. وَإِنَّمَا الْجَهْلُ فِي هَذَا هُوَ جَهْلُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ، فَأَمَّا الْبَيْعُ فِي نَفْسِهِ فَغَيْرُ مَجْهُولٍ. وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ، هُوَ الْمَجْهُولُ فِي نَفْسِهِ الَّذِي لَا يَرْجِعُ مِنْهُ إِلَى مَعْلُومٍ ، كَبَعْضِ طَعَامٍ غَيْرِ مُسَمًّى ، بَاعَهُ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ. فَذَلِكَ الْبَعْضُ ، غَيْرُ مَعْلُومٍ ، وَغَيْرُ مَرْجُوعٍ مِنْهُ إِلَى مَعْلُومٍ ، فَالْعَقْدُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. وَقَدْ وَجَدْنَا الْبَيْعَ يَجُوزُ عَقْدُهُ عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا ، وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي ، لَا يَعْلَمَانِ حَقِيقَةَ كَيْلِهِ. فَيَكُونُ مِنْ حُقُوقِ الْبَيْعِ وُجُوبُ الْكَيْلِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ، وَلَا يَكُونُ جَهْلُهُمَا بِهِ ، وَيُوجِبُ وُقُوعَ الْبَيْعِ عَلَى كَيْلٍ مَجْهُولٍ ، إِذَا كَانَا يَرْجِعَانِ مِنْ ذَلِكَ إِلَى كَيْلٍ مَعْلُومٍ. فَذَلِكَ الطَّعَامُ الْغَائِبُ إِذَا بِيعَ ، وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ بِهِ جَاهِلَانِ ، لَا يَكُونُ جَهْلُهُمَا بِهِ يُوجِبُ وُقُوعَ الْعَقْدِ عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ ، إِذَا كَانَا يَرْجِعَانِ مِنْهُ إِلَى طَعَامٍ مَعْلُومٍ. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. وَقَدْ رَوَيْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ رضي الله عنهما تَبَايَعَا مَالًا بِالْكُوفَةِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: لِي الْخِيَارُ ، لِأَنِّي بِعْتُ مَا لَمْ أَرَ. وَقَالَ طَلْحَةُ: لِي الْخِيَارُ ، لِأَنِّي ابْتَعْتُ مَا لَمْ أَرَ. فَحَكَّمَا رضي الله عنهما ، بَيْنَهُمَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ ، فَقَضَى الْخِيَارَ لِطَلْحَةَ وَلَا خِيَارَ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه. فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَوَازِ بَيْعِ شَيْءٍ غَائِبٍ مِنْ بَائِعِهِ ، وَعَنْ مُشْتَرِيهِ
7326 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ " أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما ، رَكِبَ يَوْمًا مَعَ عَبْدِ اللهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ ، حَلِيفٌ لِبَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَرْضٍ لَهُ بِرِيمٍ.
⦗ص: 363⦘
فَابْتَاعَهَا مِنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما عَلَى أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا وَرِيمٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ ثَلَاثِينَ مِيلًا فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ بُحَيْنَةَ رضي الله عنهم قَدْ تَبَايَعَا مَا هُوَ غَائِبٌ عَنْهُمَا ، وَرَأَيَا ذَلِكَ جَائِزًا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِاشْتِرَاطِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، الْخِيَارَ. قِيلَ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ الْخِيَارَ لَمْ يَجِبْ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاطِ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاطِ وَجَبَ ، لَكَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا. أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوِ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا ، أَوْ أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهَا لَا إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ ، أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ. وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ لَمْ يَشْتَرِطْ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ. فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْخِيَارَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ ، هُوَ خِيَارٌ يَجِبُ لَهُ بِحَقِّ الْعَقْدِ وَهُوَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ طَلْحَةُ وَجُبَيْرٌ فِيمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُمَا ، لَا خِيَارُ شَرْطٍ
7327 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: كُنَّا إِذَا تَبَايَعْنَا ، كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقِ الْمُتَبَايِعَانِ. قَالَ: فَتَبَايَعْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ ، فَبِعْتُهُ مَالًا لِي بِالْوَادِي ، بِمَا لَهُ بِخَيْبَرَ. قَالَ: فَلَمَّا بَايَعْتُهُ ، طَفِقْتُ أَنْكُصُ عَلَى عَقِبِي نَكْصَ الْقَهْقَرَى ، خَشْيَةَ أَنْ يَتَرَادَنِيَ الْبَيْعَ عُثْمَانُ قَبْلَ أَنْ أُفَارِقَهُ " فَهَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهم قَدْ تَبَايَعَا مَا هُوَ غَائِبٌ عَنْهُمَا ، وَرَأَيَا ذَلِكَ جَائِزًا ، وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِمَا مُنْكِرٌ
7328 -
حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعَتَيْنِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ انْبِذْ إِلَيَّ ثَوْبَكَ ، وَأَنْبِذُ إِلَيْكَ ثَوْبِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْلِبَا أَوْ يَتَرَاضَيَا. وَيَقُولُ دَابَّتِي بِدَابَّتِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْلِبَا ، أَوْ يَتَرَاضَيَا» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، إِجَارَةُ الْبَيْعِ بِالتَّرَاضِي ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُنَابَذَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه لَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُخَالِفُهُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ