الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
6100 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
6101 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
6102 -
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَا: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
6103 -
قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَنَسِيَهُ سَهْلٌ قَالَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي.
6104 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ يَعْنِي الْحِمَّانِيَّ قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَلَقِيتُ سُهَيْلًا فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ.
6105 -
حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
6106 -
حَدَّثَنَا وَهْبَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: ثنا أَبُو هَمَّامٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
⦗ص: 145⦘
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
6107 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُرْ جَابِرًا
6108 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
6109 -
حَدَّثَنَا بَحْرٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي خَاصٍّ مِنَ الْأَشْيَاءِ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: لَا يَجِبُ أَنْ يُقْضَى فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يُقْضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ قَالُوا: أَمَّا مَا رَوَيْتُمُوهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَقَدْ دَخَلَهُ الضَّعْفُ الَّذِي لَا يَقُومُ بِهِ مَعَهُ حُجَّةٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ زَمْعَةَ عَنْ سُهَيْلٍ فَقَدْ سَأَلَ الدَّرَاوَرْدِيُّ سُهَيْلًا عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنَ السُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ وَالْأُمُورِ الْمَعْرُوفَةِ إِذًا لَمَا ذَهَبَ عَلَيْهِ وَأَنْتُمْ قَدْ تُضَعِّفُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا. وَأَمَّا حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ مِنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَمُنْكَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ أَبَا صَالِحٍ لَا تُعْرَفُ لَهُ رِوَايَةٌ عَنْ زَيْدٍ. وَلَوْ كَانَ عِنْدَ سُهَيْلٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ مَا أَنْكَرَ عَلَى الدَّرَاوَرْدِيِّ مَا ذَكَرْتُمْ عَنْ رَبِيعَةَ وَيَقُولُ لَهُ لَمْ يُحَدِّثْنِي بِهِ أَبِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ حَدَّثَنِي بِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَعَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ الْحَكَمِ لَيْسَ بِالَّذِي يَثْبُتُ مِثْلُ هَذَا بِرِوَايَتِهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمُنْكَرٌ لِأَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ لَا نَعْلَمُهُ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِشَيْءٍ فَكَيْفَ يَحْتَجُّونَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا؟ . وَأَمَّا حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فَإِنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ رَوَاهُ كَمَا ذَكَرْتُمْ. وَأَمَّا الْحُفَّاظُ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَمْثَالُهُمَا فَرَوَوْهُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ جَابِرًا وَأَنْتُمْ لَا تَحْتَجُّونَ بِعَبْدِ الْوَهَّابِ فِيمَا يُخَالِفُ فِيهِ الثَّوْرِيَّ وَمَالِكًا. ثُمَّ لَوْ لَمْ يُنَازَعْ فِي طَرِيقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَسَلِمَتْ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الَّتِي قَدْ رُوِيَتْ عَلَيْهَا لَكَانَتْ مُحْتَمِلَةً لِلتَّأْوِيلِ الَّذِي لَا يَقُومُ لَكُمْ بِمِثْلِهَا مَعَهُ الْحُجَّةُ. وَذَلِكُمْ أَنَّكُمْ إِنَّمَا رَوَيْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ. وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْحَدِيثِ كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ السَّبَبُ وَلَا الْمُسْتَحْلِفُ مَنْ هُوَ؟ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ يَمِينُ الْمُدَّعَى
⦗ص: 146⦘
عَلَيْهِ. وَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي وَلَمْ يُقِمْ عَلَى دَعْوَاهُ إِلَّا شَاهِدًا وَاحِدًا فَاسْتَحْلَفَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَرَوَى ذَلِكَ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَجِبُ لَهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا بِحُجَّةٍ أُخْرَى غَيْرَ الدَّعْوَى لَا يَجِبُ لَهُ الْيَمِينُ إِلَّا بِهَا. كَمَا قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَجِبُ لَهُ الْيَمِينُ فِيمَا ادَّعَى إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خُلْطَةٌ وَلَبْسٌ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً اسْتَحْلَفَ لَهُ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحْلِفْ. فَأَرَادَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَنْ يَنْفِيَ هَذَا الْقَوْلَ وَيُثْبِتَ الْيَمِينَ بِالدَّعْوَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الدَّعْوَى غَيْرُهَا فَهَذَا وَجْهٌ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ يَمِينُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ شَاهِدَهُ الْوَاحِدَ كَانَ مِمَّنْ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ وَهُوَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ عَدَلَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ
6110 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ عَمَّهُ، حَدَّثَهُ وَهُوَ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ فَاسْتَتْبَعَهُ لِيُقْبِضَهُ ثَمَنَ فَرَسِهِ. فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الْأَعْرَابِيَّ فَيُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ابْتَاعَهُ حَتَّى زَادَ بَعْضُهُمُ الْأَعْرَابِيَّ فِي السَّوْمِ عَلَى ثَمَنِ الْفَرَسِ الَّذِي ابْتَاعَهُ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَنَادَى الْأَعْرَابِيُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا لِهَذَا الْفَرَسِ فَابْتَعْهُ وَإِلَّا بِعْتُهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الْأَعْرَابِيِّ فَقَالَ: ": «أَوَلَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟» ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا وَاللهِ مَا بِعْتُكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «بَلَى قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ» . فَطَفِقَ النَّاسُ يَلْوُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَعْرَابِيِّ وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ وَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَدُ لَكَ أَنِّي قَدْ بَايَعْتُكَ مِمَّنْ جَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا لِلْأَعْرَابِيِّ: وَيْلَكَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، حَتَّى جَاءَ خُزَيْمَةُ فَاسْتَمَعَ لِمُرَاجَعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمُرَاجَعَةِ الْأَعْرَابِيِّ وَهُوَ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَدُ لَكَ أَنِّي قَدْ بَايَعْتُكَ. فَقَالَ خُزَيْمَةُ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ. فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ: «بِمَ تَشْهَدُ؟» فَقَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ فَيَكُونَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ مُسْتَحِقًّا لِمَا شَهِدَ لَهُ كَمَا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ بِالشَّاهِدَيْنِ مِمَّا شَهِدَا لَهُ بِهِ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخُرُوجَ مِنْ ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى الْمُدَّعِي فَاسْتَحْلَفَهُ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ وَأُرِيدَ بِنَقْلِ هَذَا الْحَدِيثِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخُرُوجَ مِنْ ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ مَعَ بَيِّنَتِهِ. فَهَذِهِ وُجُوهٌ يَحْتَمِلُهَا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَضَائِهِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ. فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى خَبَرٍ قَدِ احْتَمَلَ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ فَيَعْطِفَهُ عَلَى أَحَدِهَا بِلَا دَلِيلٍ يَدُلُّهُ عَلَى ذَلِكَ
⦗ص: 147⦘
مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَيْفَ يَكُونُ مُخَالِفًا لَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنًى يَحْتَمِلُ مَا قَالَ؟ . بَلْ مَا خَالَفَ إِلَّا تَأْوِيلَ مُخَالِفِهِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُخَالِفْ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ
6111 -
مَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا مِسْعَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «إِذَا بَلَغَكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْنَأُ وَالَّذِي هُوَ أَهْدَى وَالَّذِي هُوَ أَبْقَى وَالَّذِي هُوَ خَيْرٌ»
6112 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا وَهْبٌ وَأَبُو الْوَلِيدِ قَالَا: ثنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَالَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَفْعَلُوا وَأَنْ يُحْسِنُوا تَحْقِيقَ ظُنُونِهِمْ وَلَا يَقُولُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِمَا قَدْ عَلِمُوهُ فَإِنَّهُمْ مَنْهِيُّونَ عَنْ ذَلِكَ مُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ. وَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ هَذَا الْمُخَالِفُ وَقَدْ وَجَدْنَا كِتَابَ اللهِ عز وجل يَدْفَعُهُ ثُمَّ السُّنَّةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا تَدْفَعُهُ أَيْضًا؟ . فَأَمَّا كِتَابُ اللهِ عز وجل فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] وَقَالَ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] . وَقَدْ كَانُوا قَبْلَ نُزُولِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقْضُوا بِشَهَادَةِ أَلْفِ رَجُلٍ وَلَا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَلَا أَقَلَّ لِأَنَّهُ لَا يُوصَلُ بِشَهَادَتِهِمْ إِلَى حَقِيقَةِ صِدْقِهِمْ. فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ عز وجل مَا ذَكَرْنَا قَطَعَ بِذَلِكَ الْعُذْرَ وَحَكَمَ بِمَا أَمَرَ بِهِ عَلَى مَا تَعَبَّدَ بِهِ خَلْقَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِمَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا تَعَبَّدُوا بِهِ. أَمَّا السُّنَّةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا فَهِيَ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ جَارٍ إِلَى نَفْسِهِ مَغْنَمًا وَلَا دَافَعَ عَنْهَا مَغْرَمًا. فَالْحُكْمُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى مَا حَمَلَ عَلَيْهِ هَذَا الْمُخَالِفُ لَنَا حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ حُكْمٌ لِمُدَّعِي يَمِينِهِ فَذَلِكَ حُكْمٌ لِجَارٍ إِلَى نَفْسِهِ بِيَمِينِهِ. فَهَذِهِ سُنَّةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا تَدْفَعُ الْحُكْمَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مَعَ مَا قَدْ دَفَعَهُ أَيْضًا مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى. فَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا أَنْ نَصْرِفَ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَا يُوَافِقُ كِتَابَ اللهِ تَعَالَى وَالسُّنَّةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَا إِلَى مَا يُخَالِفُهَا أَوْ يُخَالِفُ أَحَدَهُمَا. وَلَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَصًّا مَا يَدْفَعُ الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى مَا ادَّعَى هَذَا الْمُخَالِفُ لَنَا
6113 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، جَمِيعًا قَالَا: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ.
⦗ص: 148⦘
فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ انْتَزَأَ عَلَى أَرْضِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَائِشٍ الْكِنْدِيُّ وَخَصْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدَانَ. فَقَالَ لَهُ: «بَيِّنَتُكَ» فَقَالَ: لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ قَالَ: «يَمِينُهُ» قَالَ: إِذًا يَذْهَبُ بِهَا قَالَ: «لَيْسَ لَكَ إِلَّا ذَلِكَ» . فَلَمَّا قَامَ لِيَحْلِفَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَطَعَ أَرْضًا ظَالِمًا لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ»
6114 -
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِي. فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْحَضْرَمِيِّ: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟» ، فَقَالَ: لَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَأُحَلِّفُهُ؟» ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ يَمِينٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ» . فَانْطَلَقَ لِيُحَلِّفَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِكِ ظَالِمًا لِيَأْكُلَهُ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ
6115 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمِينُكَ أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَكُمْ فِيهِ إِلَّا ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِغَيْرِ الْبَيِّنَةِ فَهَذَا يَنْفِي الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ. وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِنَا أَنْ نَحْمِلَ وَجْهَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ تَأْوِيلُهُ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا يُوَافِقُ هَذَا لَا عَلَى مَا يُخَالِفُهُ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا يَكُونُ أَبَدًا إِلَّا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِالْإِسْنَادِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا النَّظَرُ فِي هَذَا فَإِنَّهُ يُغْنِينَا عَنْ ذِكْرِ أَكْثَرِ فَسَادِ قَوْلِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ. فَجَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ. فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ كَانَ حُكْمُ الْأَمْوَالِ فِي النَّظَرِ أَيْضًا كَذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى
6116 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا وَهْبَانُ قَالَ: ثنا أَبُو هَمَّامٍ قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ
بَابُ رَدِّ الْيَمِينِ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي. فَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ يَسْتَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ مَا ادَّعَى بِحَلِفِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْأَنْصَارِ: «تُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» فَقَالُوا: كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ؟» . فَقَالُوا: قَدْ رَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْأَيْمَانَ الَّتِي جَعَلْنَاهَا فِي الْبَدْءِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَجَعَلَهَا عَلَى الْمُدَّعِينَ. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَالَ أَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْيَهُودِ رَدُّ الْأَيْمَانِ عَلَى الْأَنْصَارِ فَيَرُدُّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ ذَلِكَ حُجَّةً لِمَنْ يَرَى رَدَّ الْيَمِينِ فِي الْحُقُوقِ. إِنَّمَا قَالَ أَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا؟ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ . فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ؟ . فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الْقَسَامَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى النَّكِيرِ مِنْهُ عَلَيْهِمْ إِذْ قَالُوا كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَقَالَ لَهُمْ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ كَمَا قَالَ: أَيَدَّعُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ. فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ إِلَّا بِبُرْهَانٍ يَدُلُّهُ عَلَى ذَلِكَ. فَنَظَرْنَا فِيمَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فَإِذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَسْتَحِقُّ بِدَعْوَاهُ دَمًا وَلَا مَالًا وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِهَا يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَاصَّةً. هَذَا حَدِيثٌ ظَاهِرُ الْمَعْنَى وَلَا لَنَا أَنْ نَحْمِلَ مَا خَفِيَ عَلَيْنَا مَعْنَاهُ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَإِنَّا رَأَيْنَا الْمُدَّعِيَ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الْحُجَّةَ عَلَى دَعْوَاهُ لَا تَكُونُ حُجَّتُهُ تِلْكَ حُجَّةً جَارَّةً إِلَى نَفْسِهِ مَغْنَمًا وَلَا دَافِعَةً عَنْهَا مَغْرَمًا. فَلَمَّا وَجَبَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَرَدُّوهَا عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنِ اسْتَحْلَفْنَا الْمُدَّعِيَ جَعَلْنَا يَمِينَهُ حُجَّةً لَهُ وَحَكَمْنَا لَهُ بِحُجَّةٍ كَانَتْ مِنْهُ هُوَ بِهَا جَارٌّ إِلَى نَفْسِهِ مَغْنَمًا وَهَذَا خِلَافُ مَا تَعَبَّدَ بِهِ الْعُبَّادُ فَبَطَلَ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا نَحْكُمُ لَهُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ بِهَا جَارًّا إِلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ. قِيلَ لَهُ: وَهَلْ يُوجِبُ رِضَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ زَوَالُ الْحُكْمِ عَنْ جِهَتِهِ؟ . أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ مَا ادَّعَى عَلَى فُلَانٍ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فَادَّعَى عَلَيْهِ دِرْهَمًا فَمَا فَوْقَهُ هَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ؟