الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا يَفْعَلُهُ الْمُصَلِّي بَعْدَ رَفْعِهِ مِنَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى
7308 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ:" أَلَا أُرِيكُمْ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ وَإِنَّ ذَلِكَ لَفِي غَيْرِ حِينِ الصَّلَاةِ. فَقَامَ ، فَأَمْكَنَ الْقِيَامَ ، ثُمَّ رَكَعَ ، فَأَمْكَنَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَانْتَصَبَ قَائِمًا هُنَيْهَةً ، ثُمَّ سَجَدَ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَتَمَكَّنَ فِي الْجُلُوسِ ، ثُمَّ انْتَظَرَ هُنَيْهَةً ، ثُمَّ سَجَدَ. قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: فَصَلَّى كَصَلَاةِ شَيْخِنَا هَذَا - يَعْنِي عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: فَرَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ يَصْنَعُ شَيْئًا ، لَا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ ، إِنَّهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ الَّتِي لَا يَقْعُدُ فِيهَا ، اسْتَوَى قَاعِدًا ، ثُمَّ قَامَ "
7309 -
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، رضي الله عنه «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ ، قَعَدَ حَتَّى يَطْمَئِنَّ قَاعِدًا ، ثُمَّ يَقُومَ بَعْدُ ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: بَلْ يَقُومُ مِنْهَا ، وَلَا يَنْتَظِرُ أَنْ يَسْتَوِيَ قَاعِدًا. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ
7310 -
بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا رحمهم الله، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ الْكُوفِيُّ قَالَ: ثنا أَبِي ، قَالَ: ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ الْكُوفِيُّ بْنُ الْحُرِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ رضي الله عنه حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عَيَّاشِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ وَكَانَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُوهُ ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي الْمَجْلِسِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو أُسَيْدٍ وَأَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ وَالْأَنْصَارُ رضي الله عنهم ، أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا الصَّلَاةَ.
⦗ص: 355⦘
فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: «أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اتَّبَعْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» . قَالُوا: فَأَرِنَا ، فَقَامَ يُصَلِّي وَهُمْ يَنْظُرُونَ ، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ التَّكْبِيرِ ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا ، ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى ، قَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ فَلَمَّا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، وَخَالَفَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ ، فَقَعَدَ مِنْ أَجْلِهَا ، لَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ ، كَمَا قَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَتَرَبَّعُ بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: إِنْ رِجْلِي لَا تَحْمِلَانِي. فَكَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ الْقُعُودِ ، كَانَ لِعِلَّةٍ أَصَابَتْهُ ، حَتَّى لَا يُضَادَّ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ، وَلَا يُخَالِفُهُ. وَهَذَا أَوْلَى بِنَا مِنْ حَمْلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَى التَّضَادِّ وَالتَّنَافِي. وَحَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ أَيْضًا فِيهِ حِكَايَةُ أَبِي حُمَيْدٍ مَا حُكِيَ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ. فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا حَكَاهُ لَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رضي الله عنه فِي كَلَامِ أَيُّوبَ أَنَّ مَا كَانَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ يَرَى النَّاسَ يَفْعَلُونَهُ، وَهُوَ فَقَدْ رَأَى جَمَاعَةً مِنْ جُمْلَةِ التَّابِعِينَ. فَذَلِكَ حُجَّةٌ فِي دَفْعِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً. ثُمَّ النَّظَرُ مِنْ بَعْدِ هَذَا يُوَافِقُ مَا رَوَى أَبُو حُمَيْدٍ رضي الله عنه. وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا خَرَجَ فِي صَلَاتِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ اسْتَأْنَفَ ذِكْرًا. مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَاهُ إِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ كَبَّرَ وَخَرَّ رَاكِعًا ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ، قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَإِذَا خَرَّ مِنَ الْقِيَامِ إِلَى السُّجُودِ فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَالَ اللهُ أَكْبَرُ وَإِذَا عَادَ إِلَى السُّجُودِ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْضًا ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ لَمْ يُكَبِّرْ مِنْ بَعْدِ رَفْعِهِ رَأْسَهُ إِلَى أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا ، غَيْرَ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ. فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ سُجُودِهِ وَقِيَامِهِ جُلُوسٌ. وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا جُلُوسٌ ، لَاحْتَاجَ أَنْ يَكُونَ تَكْبِيرُهُ بَعْدَ رَفْعِهِ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ ، لِلدُّخُولِ فِي ذَلِكَ الْجُلُوسِ ، وَلَاحْتَاجَ إِلَى تَكْبِيرٍ آخَرَ ، إِذَا نَهَضَ لِلْقِيَامِ. فَلَمَّا لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ ، ثَبَتَ أَنْ لَا قُعُودَ بَيْنَ الرَّفْعِ مِنَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ ، وَالْقِيَامِ إِلَى الرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا ، لِيَكُونَ حُكْمُ ذَلِكَ وَحُكْمُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ ، مُؤْتَلِفًا غَيْرَ مُخْتَلِفٍ.
⦗ص: 356⦘
فَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ