الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْوَلَدِ يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ كَيْفَ الْحُكْمُ فِيهِ
؟
6162 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها ، قَالَتْ:" دَخَلَ مُجَزِّزٌ الْمُدْلِجِيُّ ، عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا ، وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ ، بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسْرُورًا "
6163 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسْرُورًا ، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ ، فَقَالَ:" أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا ، نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، فَقَالَ: إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْدَامِ ، مِنْ بَعْضٍ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاحْتَجَّ قَوْمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، فَزَعَمُوا أَنَّ فِيهِ مَا قُدِّرَ لَهُمْ أَنَّ الْقَافَةَ ، يُحْكَمُ بِقَوْلِهِمْ ، وَيَثْبُتُ بِهِ الْأَنْسَابُ. قَالُوا: وَلَوْلَا ذَلِكَ ، لَأَنْكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مُجَزِّزٍ ، وَلَقَالَ لَهُ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ . فَلَمَّا سَكَتَ ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ، دَلَّ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى حَقِيقَةٍ ، يَجِبُ بِهَا الْحُكْمُ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ بِقَوْلِ الْقَافَةِ فِي نَسَبٍ ، وَلَا غَيْرِهِ. وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى أَنَّ سُرُورَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ ، الَّذِي ذَكَرُوا فِي حَدِيثِ
⦗ص: 161⦘
عَائِشَةَ ، لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا تَوَهَّمُوا ، مِنْ وَاجِبِ الْحُكْمِ بِقَوْلِ الْقَافَةِ ، لِأَنَّ أُسَامَةَ قَدْ كَانَ نَسَبُهُ ، ثَبَتَ مِنْ زَيْدٍ قَبْلَ ذَلِكَ. وَلَمْ يَحْتَجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ ، لَمَا كَانَ دُعِيَ أُسَامَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ إِلَى زَيْدٍ. إِنَّمَا تَعَجَّبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِصَابَةِ مُجَزِّزٍ ، كَمَا يُتَعَجَّبُ مِنْ ظَنِّ الرَّجُلِ الَّذِي يُصِيبُ بِظَنِّهِ ، حَقِيقَةَ الشَّيْءِ الَّذِي ظَنَّهُ وَلَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ. فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَاطَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إِثْبَاتَ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِيمَا تَقَدَّمَ ، فَهَذَا مَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا الْحَدِيثُ. وَقَدْ رُوِيَ فِي أَمْرِ الْقَافَةِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، مَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ هَذَا
6164 -
حَدَّثَنَا ابْنُ دَاوُدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ:. فَمِنْهُ أَنْ يَجْتَمِعَ الرِّجَالُ الْعَدَدُ عَلَى الْمَرْأَةِ ، لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا ، وَهُنَّ الْبَغَايَا ، وَكُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ فَيَطَؤُهَا كُلُّ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا ، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا ، جُمِعَ لَهُمُ الْقَافَةُ ، فَأَيُّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِهِ ، كَانَ أَبَاهُ ، وَدُعِيَ ابْنَهُ ، لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ. فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ عز وجل مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ ، هَدَمَ ذَلِكَ النِّكَاحَ الَّذِي كَانَ يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَأَقَرَّ النَّاسَ عَلَى النِّكَاحِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ الْقَافَةِ ، وَجَعَلَ الْوَلَدَ لِأَبِيهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ ، فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ بِذَلِكَ ، وَنُسِخَ الْحُكْمُ الْمُتَقَدِّمُ ، الَّذِي كَانَ يُحْكَمُ فِيهِ بِقَوْلِ الْقَافَةِ. وَقَدْ كَانَ أَوْلَادُ الْبَغَايَا ، الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، مَنِ ادَّعَى أَحَدًا مِنْهُمْ فِي الْإِسْلَامِ ، لَحِقَ بِهِ
6165 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ،.
6166 -
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أنا أَنَسٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَقَالَ أَنَسٌ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّ عُمَرَ، كَانَ يُنِيطُ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ بِهِنَّ مَنِ ادَّعَى بِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُلْحَقُونَ بِهِمْ بِقَوْلِ الْقَافَةِ ، فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ كَالْبَيِّنَةِ ، الَّتِي تَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ. فَلَوْ كَانَ قَوْلُهُمْ مُسْتَعْمَلًا فِي الْإِسْلَامِ ، كَمَا كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، إِذًا لَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا هُدِمَ ، إِذَا كَانَ قَدْ يَجِبُ بِهِ عُلِمَ أَنَّ الصَّبِيَّ مِمَّنْ وَطِئَ أَمَةً مِنَ الرِّجَالِ فَفِي نَسْخِ ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ قَوْلَهُمْ: لَمْ يَجِبْ بِهِ حُكْمٌ بِثُبُوتِ النَّسَبِ. وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِمْ أَيْضًا
6167 -
بِمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا عُمَرَ ، كِلَاهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ. فَدَعَا لَهُمَا رَجُلًا مِنْ بَنِي كَعْبٍ ، قَائِفًا ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا ، فَقَالَ لِعُمَرَ: لَقَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ ، ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ ، فَقَالَ: أَخْبِرِينِي خَبَرَكَ ، قَالَتْ: كَانَ هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ يَأْتِيهَا ، وَهِيَ فِي إِبِلِ أَهْلِهَا فَلَا يُفَارِقُهَا ، حَتَّى تَظُنَّ أَنْ قَدِ
⦗ص: 162⦘
اسْتَمَرَّ بِهَا حَمْلٌ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ عَنْهَا فَأَهْرَاقَتْ عَلَيْهِ دَمًا ، ثُمَّ خَلَفَهَا ذَا ، تَعْنِي الْآخَرَ ، فَلَا يُفَارِقُهَا حَتَّى اسْتَمَرَّ بِهَا حَمْلٌ ، لَا يَدْرِي مِمَّنْ هُوَ ، فَكَبَّرَ الْكَعْبِيُّ ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ:«وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ»
6168 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، مِثْلَهُ
6169 -
حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى رَجُلَانِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، يَخْتَصِمَانِ فِي غُلَامٍ مِنْ وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ ، يَقُولُ هَذَا: هُوَ ابْنِي ، وَيَقُولُ هَذَا: هُوَ ابْنِي. فَدَعَا لَهُمَا عُمَرُ رضي الله عنه قَائِفًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْغُلَامِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُصْطَلِقِيُّ ، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ ، إِنَّهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا. فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى ضَجَعَ ثُمَّ قَالَ:«وَاللهِ ، لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَذْهَبٍ» . ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلَامِ فَسَأَلَهَا ، فَقَالَتْ:«إِنَّ هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ ، قَدْ كَانَ غَلَبَ عَلَيَّ النَّاسُ ، حَتَّى وَلَدْتُ لَهُ أَوْلَادًا ، ثُمَّ وَقَعَ بِي عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يَفْعَلُ ، فَحَمَلْتُ ، فِيمَا أَرَى ، فَأَصَابَنِي هِرَاقَةٌ مِنْ دَمٍ ، حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لَا شَيْءَ فِي بَطْنِي ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْآخَرَ ، وَقَعَ بِي ، فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ؟» . فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ: «اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا» . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لِأَحَدِهِمَا ، فَذَهَبَ بِهِ. وَقَالَ عُمَرُ:«قَاتَلَ اللهُ أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ» قَالُوا: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ حَكَمَ بِالْقَافَةِ ، فَقَدْ وَافَقَ مَا تَأَوَّلْنَا فِي حَدِيثِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِي. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْآخَرِينَ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَا قَالُوا ، وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ ، أَنَّ الْقَائِفَ قَالَ هُوَ مِنْهُمَا جَمِيعًا. فَلَمْ يَجْعَلْهُ عُمَرُ كَذَلِكَ ، وَقَالَ لَهُ: وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ عَلَى مَا يَجِبُ فِي صَبِيٍّ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا ، كَانَ أَبَاهُ ، فَلَمَّا رَدَّ عُمَرُ ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ الصَّبِيِّ الْمُدَّعِي إِذَا ادَّعَاهُ رَجُلَانِ ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ قَائِفٌ ، لَا إِلَى قَوْلِ الْقَائِفِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَافَةَ لَا يَجِبُ بِقَوْلِهِمْ ثُبُوتُ نَسَبٍ مِنْ أَحَدٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ ، أَنَّهُ جَعَلَهُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا
6170 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلَيْنِ، اشْتَرَكَا فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ ، فَوَلَدَتْ ، فَدَعَا عُمَرُ الْقَافَةَ فَقَالُوا: أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا
6171 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، نَحْوُهُ. قَالَ: فَقَالَ لِي سَعِيدٌ: لِمَنْ تَرَى مِيرَاثَهُ؟ قَالَ هُوَ لِآخِرِهِمَا مَوْتًا
6172 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ ، كِلَاهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنُهُ ، وَذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَدَعَا عُمَرُ أُمَّ الْغُلَامِ الْمُدَّعَى ، فَقَالَ:«أُذَكِّرُكَ بِالَّذِي هَدَاكَ لِلْإِسْلَامِ ، لِأَيِّهِمَا هُوَ؟» . قَالَتْ: «لَا وَالَّذِي هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ ، مَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ؟ أَتَانِي هَذَا أَوَّلَ اللَّيْلِ ، وَأَتَانِي هَذَا آخِرَ اللَّيْلِ ، فَمَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ؟» . قَالَ: فَدَعَا عُمَرُ مِنَ الْقَافَةِ أَرْبَعَةً ، وَدَعَا بِبَطْحَاءَ فَنَثَرَهَا ، فَأَمَرَ الرَّجُلَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ فَوَطِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدَمٍ ، وَأَمَرَ الْمُدَّعَى فَوَطِئَ بِقَدَمٍ ، ثُمَّ أَرَاهُ الْقَافَةَ قَالَ: انْظُرُوا فَإِذَا أَتَيْتُمْ فَلَا تَتَكَلَّمُوا ، حَتَّى أَسْأَلَكُمْ قَالَ: فَنَظَرَ الْقَافَةُ ، فَقَالُوا: قَدْ أَثْبَتْنَا ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ رَجُلًا رَجُلًا قَالَ: فَتَقَادَعُوا ، يَعْنِي فَتَبَايَعُوا ، كُلُّهُمْ يَشْهَدُ أَنَّ هَذَا لَمِنْ هَذَيْنِ. قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: «يَا عَجَبًا لِمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ ، قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الْكَلْبَةَ تُلَقَّحُ بِالْكِلَابِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ، وَلَمْ أَكُنْ أَشْعُرُ أَنَّ النِّسَاءَ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا ، إِنِّي لَا أَرُدُّ مَا يَرَوْنَ ، اذْهَبْ فَهُمَا أَبَوَاكَ»
6173 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ، اشْتَرَكَا فِي ظَهْرِ امْرَأَةٍ ، فَوَلَدَتْ لَهُمَا وَلَدًا ، فَارْتَفَعَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، فَدَعَا لَهُمَا ثَلَاثَةً مِنَ الْقَافَةِ ، فَدَعَا بِتُرَابٍ فَوَطِئَ فِيهِ الرَّجُلَانِ وَالْغُلَامُ. ثُمَّ قَالَ لِأَحَدِهِمْ:«انْظُرْ ، فَنَظَرَ» ، فَاسْتَقْبَلَ وَاسْتَعْرَضَ ، وَاسْتَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ: أُسِرُّ أَوْ أُعْلِنُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: «بَلْ أَسِرَّ» . فَقَالَ: لَقَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، فَمَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ؟ فَأَجْلَسَهُ. ثُمَّ قَالَ لِلْآخَرِ أَيْضًا: " انْظُرْ ، فَنَظَرَ ، وَاسْتَقْبَلَ ، وَاسْتَعْرَضَ ، وَاسْتَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ: أُسِرُّ أَوْ أُعْلِنُ؟ قَالَ: «بَلْ أَسِرَّ» . قَالَ لَقَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، فَلَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ؟ وَأَجْلَسَهُ. ثُمَّ أَمَرَ الثَّالِثَ فَنَظَرَ ، فَاسْتَقْبَلَ ، وَاسْتَعْرَضَ وَاسْتَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ: أُسِرُّ أَمْ أُعْلِنُ؟ . قَالَ: لَقَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، فَمَا أَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ؟ . فَقَالَ عُمَرُ:«إِنَّا نَعْرِفُ الْآثَارَ بِقَوْلِهَا ثَلَاثًا» ، وَكَانَ عُمَرُ قَالَهَا ، فَجَعَلَهُ لَهُمَا ، يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا. فَقَالَ لِي سَعِيدٌ: أَتَدْرِي عَنْ عَصَبَتِهِ؟ قُلْتُ: لَا ، قَالَ: الْبَاقِي مِنْهُمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَلَيْسَ يَخْلُو حُكْمُهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالدَّعْوَى لِأَنَّ الرَّجُلَيْنِ ادَّعَيَا الصَّبِيَّ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا ، فَأَلْحَقَهُ بِهِمَا بِدَعْوَاهُمَا ، أَوْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ. فَكَانَ الَّذِينَ يَحْكُمُونَ بِقَوْلِ الْقَافَةِ ، لَا يَحْكُمُونَ بِقَوْلِهِمْ إِذَا قَالُوا: هُوَ ابْنُ هَذَيْنِ. فَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُمْ كَذَلِكَ ، ثَبَتَ عَلَى قَوْلِهِمَا ، أَنْ يَكُونَ قَضَاءُ عُمَرَ بِالْوَلَدِ لِلرَّجُلَيْنِ ، كَانَ بِغَيْرِ قَوْلِ الْقَافَةِ.
⦗ص: 164⦘
وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ الْقَافَةُ لَا نَدْرِي لِأَيِّهِمَا هُوَ؟ فَجَعَلَهُ عُمَرُ بَيْنَهُمَا. وَالْقَافَةُ لَمْ يَقُولُوا: هُوَ ابْنُهُمَا ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ ، أَثْبَتَ نَسَبَهُ مِنَ الرَّجُلَيْنِ بِدَعْوَاهُمَا ، وَلِمَا لَهُمَا عَلَيْهِ مِنَ الْيَدِ ، لَا بِقَوْلِ الْقَافَةِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتَهُ ، فَمَا كَانَ احْتِيَاجُ عُمَرَ إِلَى الْقَافَةِ ، حَتَّى دَعَاهُمْ؟ . قِيلَ لَهُ: يَحْتَمِلُ ذَلِكَ عِنْدَنَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ ، أَنْ يَكُونَ عُمَرُ رضي الله عنه وَقَعَ بِقَلْبِهِ أَنَّ حَمْلًا لَا يَكُونُ مِنْ رَجُلَيْنِ ، فَيَسْتَحِيلُ إِلْحَاقُ الْوَلَدِ بِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَلِدْهُ ، فَدَعَا الْقَافَةَ ، لِيَعْلَمَ مِنْهُمْ ، هَلْ يَكُونُ وَلَدٌ يُحْمَلُ بِهِ مِنْ نُطْفَتَيْ رَجُلَيْنِ أَمْ لَا؟ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا ، فِي حَدِيثِ أَبِي الْمُهَلَّبِ. فَلَمَّا أَخْبَرَهُ الْقَافَةُ بِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ ، رَجَعَ إِلَى الدَّعْوَى الَّتِي كَانَتْ مِنَ الرَّجُلَيْنِ ، فَحَكَمَ بِهَا ، فَجَعَلَ الْوَلَدَ ابْنَهُمَا جَمِيعًا ، يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ ، فَذَلِكَ حُكْمٌ بِالدَّعْوَى ، لَا بِقَوْلِ الْقَافَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ أَيْضًا