الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلم الثالث: أحكام القرآن
قال رحمه الله: وأما أحكام القرآن فهي ما ورد فيه من الأوامر والنواهي والمسائل الفقهية، وقال بعض العلماء: إن آيات الأحكام خمسمائة آية، وقد تنتهي إلى أكثر من ذلك إذا استقصى تتبعها في مواضعها، وقد صنف الناس في أحكام القرآن تصانيف كثيرة، ومن أحسن تصانيف المشارقة فيها: تصنيف إسماعيل القاضي، وأبي الحسن إلكيا، ومن أحسن تصانيف أهل الأندلس: تأليف القاضي الإمام أبي بكر بن العربي، والقاضي الحافظ ابن محمد بن عبد المنعم بن عبد الرحيم المعروف بابن الفرس (1).
يتحدث المؤلف عن علم أحكام القرآن حيث قال: (فهي ما ورد فيه من الأوامر والنواهي والمسائل الفقهية) كأنه أراد بذلك علم الفقه، والمفسر لا يحتاج إلى علم الفقه بأصوله وفروعه في علم التفسير؛ لأن المفسر ليس فقيهاً ولا يطلب منه أن يذكر فروع المسائل الفقهية، ولا يُطلب منه استنباطٌ مثل استنباط الفقهاء، بل يُطلب من المفسر أن يفهم المسائل الفقهية المنصوص عليها في القرآن؛ لأن المسائل الفقهية المنصوص عليها في القرآن هي من التفسير.
والمقصود أن أحكام القرآن المنصوص عليها في القرآن هي جزء
(1) التسهيل 1/ 65.
من علم التفسير بلا ريب؛ لأنه لا يتم فهم المعنى إلا بفهم الحكم الشرعي المنصوص عليه، أما ما عدا ذلك من الاستنباطات أو تفصيل مسائل الفروع في باب من أبواب الفقه فهذا ليس من مهمة المفسر، ولا هو من صلب التفسير، ولا هو مما يحسن إدخاله في كتب التفسير.
الكتب التي ذكرها المؤلف مختصة بأحكام القرآن فقط، فهم يأخذون الآيات التي فيها أحكام ويناقشون أقوال الفقهاء فيها، والراجح منها، كلٌّ على مذهبه، والمذكورون كلهم مالكية، و «أبو الحسن كباه» هذا لا أعرفه (1)، أما البقية فهم معروفون، فـ «إسماعيل القاضي» (ت282هـ) من علماء المالكية المتقدمين، وطبع جزء صغير جداً من كتابه «أحكام القرآن» ، أما «ابن العربي» (ت543هـ) فكتابه مشهور وهو مطبوع، أما «ابن الفرس» (ت597هـ) فقد طبع كتابه مؤخراً في ثلاث مجلدات.
(1) كذا ورد في المطبوع الذي بين يدي، ثم رأيت تحقيق الأستاذ الدكتور محمد بن سيدي محمد مولاي، وقرأه (أبو الحسن إلكيا)، وهو إلكيا الهراسي (ت:450)، وكتابه في أحكام القرآن مطبوع، ولا أدري لماذا لم يعلِّق المحقق الفاضل على هذا الموطن، فالنسخ مختلفة في كتابته.
وإن كان اعتمد على ما كتبه الدكتور علي بن محمد الزبيري في كتابه (ابن جزي ومنهجه في التفسير ص708)، فإن الأمر لا يزال بحاجة إلى مزيد تحرير؛ لأني وجدت أن ابن فرحون في (تبصرة الحكام) يذكره باسم (كباه)، يقول:«قَالَ تَعَالَى: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: 273]، قَالَ ابنُ الْفَرَسِ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ كَبَاهْ لَمَّا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بالسِّيمَا، حَالٌ يَظْهَرُ عَلَى الشَّخْصِ، حَتَّى إذَا رَأَيْنَا مَيِّتاً فِي دَارِ الاسْلَامِ وَعَلَيْهِ زُنَّارٌ وَهُوَ غَيْرُ مَخْتُونٍ، فَإِنَّهُ لَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُقَدَّمُ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الدَّارِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ، وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30] وَوَرَدَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» .
هذا، والذي في المطبوع من كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (قال ابن الحسن)، ولم يذكر (كباه).
وهذا النقل الذي ذكره ابن فرحون عن ابن الفرس موجود في كتاب (أحكام القرآن) لإلكيا الهراسي (1:230)، وهذا يدعو إلى تحقيق هذه التسمية، هل هي خطأ أو هو مما يُعرف به الكيا، وخفي علينا؟.
والمصنفون في كتب الأحكام هم الحنفية والمالكية والشافعية، أما الحنابلة فلا يكاد يوجد لهم كتب في أحكام القرآن.
ثم ذكر المؤلف أن آيات الأحكام في خمسمائة آية فقط، وهذا هو المشهور، ومنه ما فعله «مقاتل» في تفسير خمسمائة آية في الأمر والنهي، ولكن لو تُتُبِّع ذلك فقد يوجد أكثر.
وهذا القول في عدد آيات الأحكام يحتاج إلى تجلية؛ لأن قائله لم يبيِّن هل مراده الآيات الصريحة أم ماذا؟