الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلم الحادي عشر: النحو
قال رحمه الله: وأما النحو فلا بد للمفسر من معرفته، فإن القرآن نزل بلسان العرب، فيحتاج إلى معرفة علم اللسان، والنحو ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: عوامل الإعراب وهي أحكام الكلام المركب.
والآخر: التصريف وهي أحكام الكلمات قَبْل تركيبها.
وقد ذكرنا في هذا الكتاب من إعراب القرآن ما يحتاج إليه من الْمُشْكِلِ والمختلف، أو ما يفيد فهم المعنى، أو ما يختلف المعنى باختلافه، وإن ما تعرض إلى سوى ذلك من الإعراب السهل الذي لا يحتاج إليه إلا المبتدئ، فإن ذلك يكون بغير كبير فائدةٍ (1).
المفسر لا يطلب منه أن يكون متقناً لفن النحو بجميع تفاصيله، وإنما يكون عنده أصول المسائل من هذا العلم، أما التفاصيل والتشقيقات فهذه ليست بلازمة، ومحلها كتب النحو.
والأصل أن الإعراب فرع المعنى؛ أي: أن الإعراب يُبنى على فهم المعنى.
وهذا يعني أن المنطلق هو المعنى، وليس الإعراب، فنحن لا
(1) التسهيل 1/ 70.
نعرب لنفهم المعنى، وإنما نفهم المعنى ثمَّ نُعرب، هذا هو الأصل، لكن الآن صار النحو قواعد يُتوصَّل بها إلى فهم المعنى، وهذا لا يعني أن القاعدة (الإعراب فرع المعنى) التي ذكرت خطأ، وإنما تغيَّر الأمر بسبب اختلاف الزمان، إذ بعد تقعيد النحو صرنا ننطلق من قواعده لمعرفة المعنى.
والذي يدلُّ على أن المعنى هو الأصل أن تفسير السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم قد خلا من الإعراب، لكن لا يعني هذا أنهم لا يُعربون، بل كان الإعراب سجيَّة القوم، ولما قام علم النحو صار يُطلب به فهم المعاني، وهذا هو معنى قول المؤلف:(أو ما يفيد فهم المعنى)، وهذا الذي سار عليه المفسرون المعربون جيلاً بعد جيل، وإن لم تكن لهم عناية مستمرة بأثر الإعراب في المعنى.