المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الدليل على أن الإيمان والإسلام علىالإطلاق عبارتان عن دين واحد - شعب الإيمان - ت زغلول - جـ ١

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌تصدير

- ‌مخطوطات الكتابوالمطبوع منه

- ‌المقدمة

- ‌مقارنة بين هذا الكتابوالطبعة الوحيدة التي طبعت منه

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌نبذة عن كتابشعب الإيمان

- ‌نبذة عن الحافظ البيهقيومصنفاته

- ‌وفاته:

- ‌تحقيق تسمية الكتاب

- ‌باب ذكر الحديث الذي ورد في شعب الإيمان

- ‌باب حقيقة الإيمان

- ‌باب الدليل على أن التصديق بالقلب والإقرارباللسان أصل الإيمان، وأن كليهما شرط فيالنقل عن الكفر عند عدم العجز

- ‌باب الدليل على أن الطاعات كلها إيمان

- ‌باب الدليل على أن الإيمان والإسلام علىالإطلاق عبارتان عن دين واحد

- ‌باب القول في زيادة الإيمان ونقصانه وتفاضلأهل الإيمان في إيمانهم

- ‌باب الاستثناء في الإيمان

- ‌باب ألفاظ الإيمان

- ‌فصل فيمن كفّر مسلما

- ‌باب القول في إيمان المقلّد والمرتاب

- ‌باب القول فيمن يكون مؤمنا بإيمان غبره

- ‌باب القول فيمن يصحّ إيمانه أو لا يصحّ

- ‌باب الدعاء إلى الإسلام

- ‌فصل في معرفة الله عز وجل ومعرفة صفاتهوأسمائه

- ‌بيان معاني أسماء الذات

- ‌أسامي صفات الذاتفمن أسامي صفات الذات الذي عاد إلى القدرة

- ‌ومن أسامي صفات الذات ما هو للعلم ومعناه

- ‌ومن أسامي صفات الذات ما يعود إلى الإرادة

- ‌أسامي صفات الفعل

- ‌فصلفي الإشارة إلى أطراف الأدلةفي معرفة الله عز وجل وفي حدث العالم

- ‌فصل«في معرفة الملائكة»

- ‌ذكر حديث جمع القرآن

- ‌فصلوإذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال

- ‌فصل«في بيان كبائر الذنوب وصغائرها وفواحشها»

- ‌فصل«في أصحاب الكبائر من أهل القبلة إذا وافواالقيامة بلا توبة قدموها»

- ‌فصل«فيما يجاوز الله عن عباده ولا يؤاخذهم به فضلا منه ورحمة

- ‌فصل«في القصاص من المظالم»

- ‌فصل«في كيفية انتهاء الحياة الأولى وابتداء الحياة الأخرىوصفة يوم القيامة»

- ‌فصلقد روينا عن ابن عباس أنّه قال:

- ‌فصلقال البيهقي رحمه الله:

- ‌فصل«في معنى قول الله عز وجل»

- ‌فصل«في قوله عز وجل»

- ‌فصل«في فداء المؤمن»

- ‌فصل«في أصحاب الأعراف»

- ‌فصلفيما يحق معرفته في هذا الباب أن تعلم أنّ الجنة والنار مخلوقتان معدّتانلأهلهما

- ‌فصل«في عذاب القبر»

- ‌معاني المحبة

- ‌فصل«في إدامة ذكر الله عز وجل»

- ‌الفصل الثانيفي ذكر آثار وأخبار وردتفي ذكر الله عز وجل

- ‌فصلقال الحليمي رحمه الله تعالى:

الفصل: ‌باب الدليل على أن الإيمان والإسلام علىالإطلاق عبارتان عن دين واحد

‌باب الدليل على أن الإيمان والإسلام على

الإطلاق عبارتان عن دين واحد

قال الله تعالى:

{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ} [آل عمران:19].

وقال:

{قُولُوا آمَنّا بِاللهِ} .

فصحّ أن قولنا إيمان بالله إسلام.

وقال في قصة لوط:

{فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات:35،36].

فسمّاهم مرّة «مؤمنين» ومرّة «مسلمين» وإنما أراد تمييزهم عن غيرهم بأديانهم، فصحّ أنّ الإيمان والإسلام اسمان لدين واحد، وإن كانت حقيقة الإسلام: التسليم، وحقيقة الإيمان: التصديق؛ فاختلاف الحقيقة فيهما لا يمنع من أن يجعلا اسما لدين واحد، كالغيث والمطر، هما اسمان لمسمى واحد وإن كان حقيقة الغيث في اللسان غير حقيقة المطر.

18 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ الإسفراييني بها، أنبا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب القاضي ثنا عمرو بن

18 - علي بن محمد بن علي المقرئ الاسفرائيني أبو الحسين، الحسن بن محمد بن إسحاق (ت 346)(سير 15/ 535)، يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي (سير 14/ 85)، وأبو جمرة هو نصر بن عمران الضبعي، وعمرو بن مرزوق هو الباهلي.

والحديث أخرجه البخاري 1/ 21 و 32،5/ 213،8/ 50،9/ 111، مسلم ص (47)، أبو داود 3692 - الترمذي 1741.

ص: 50

مرزوق، ثنا شعبة عن أبي جمرة، عن ابن عباس رضي الله عنه: أنّ وفد عبد القيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

من القوم؟

قالوا: ربيعة.

قال: مرحبا بالوفد غير الخزايا ولا النادمين.

قالوا: يا رسول الله: انا حيّ من ربيعة وإنا نأتيك من شقّة بعيدة، وإنه يحول بيننا وبينك هذا الحيّ من كفّار مضر، وانا لا نصل إليك إلا في شهر حرام، فمرنا بأمر فصل ندعو إليه من وراءنا، وندخل به الجنّة.

قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع:

آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمدا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وأن تعطوا من المغانم الخمس.

وأنهاكم عن أربع: عن الدّبّاء، والحنتم، والنّقير، والمزفّت-قال

(1)

وربما قال: المقيّر-احفظوهنّ وادعوا إليهن من وراءكم».

أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث شعبة وغيره.

فسمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة الشهادة في هذا الحديث إيمانا، وسمّاها في حديث آخر إسلاما.

18 - النسائي الأشربة باب 46 - البيهقي 4/ 199،8/ 300،303.

-ابن خزيمة 307 - 2245 و 2246.

ورواه البغوي في شرح السنة 1/ 44 من طريق علي بن الجعد عن شعبة به مرفوعا وقال:

هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار وغيرهما ان محمد بن جعفر عن شعبة وقال البغوي.

وفي الحديث بيان أن الأعمال من الإيمان حيث فسر الإيمان بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وإعطاء الخمس من الغنيمة.

(1)

-أي شعبة كما جاء مصرحا باسمه في مسلم.

ص: 51

19 -

وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا يحيى بن محمد بن يحيى وأبو عبد الله البوشنجي قالا: ثنا مسدد.

وأخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة من أولاد النعمان بن بشير، ثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن سعد الحافظ، ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي ثنا أبو الحسن مسدد بن مسرهد ثنا يحيى بن سعيد، عن عثمان بن غياث، حدثني عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن. قالا: لقينا عبد الله بن عمر فذكرنا له القدر وما يقولون فيه، فقال:

إذا رجعتم إليهم فقولوا لهم إن ابن عمر منكم بريء، وأنتم منه برآء ثلاث مرّات ثم قال: أخبرني عمر-أو قال: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنهم بينما هم جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء رجل حسن الوجه، حسن الشعر، عليه ثياب بياض، فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقالوا: ما نعرف هذا ولا هذا صاحب سفر ثم قال:

يا رسول الله! آتيك؟ قال: نعم.

«قال: فجاء فوضع ركبتيه عند ركبتيه ويديه على فخذيه فقال: ما الإسلام؟

قال:

الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدا رسول الله، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت.

19 - أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة سبق (6)، عبد الله بن أحمد بن سعد أبو محمد (ت 349)(سير 16/ 5)، محمد بن يعقوب أبو عبد الله سبق (1).

ويحيى بن سعيد هو ابن فروخ القطان، ومحمد بن حاتم هو ابن ميمون البغدادي.

والحديث أخرجه مسلم (ص 38) عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد القطان عن عثمان به. ورواه أحمد (1/ 27) وعنه ابنه عبد الله في السنة (ص 14 و 120 و 121).

- الترمذي (2610) أبو داود (4695) -النسائي 8/ 97، ابن ماجة (63) وانظر ابن خزيمة (2244) - موار الظآن (16).

- البيهقي (10/ 203) - مسند أبي حنيفة (1/ 174) -الترغيب للأصفهاني (132) -أحمد (1/ 28 و 52 و 53).

-الدارقطني (2/ 282).

ص: 52

قال: فما الإيمان؟

قال: أن تؤمن بالله وملائكته والجنّة والنّار والبعث بعد الموت والقدر كلّه.

قال: فما الإحسان؟

قال: أن تعمل كأنّك ترى فإن لم تكن ترى فإنّك ترى.

قال: فمتى السّاعة؟

قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السّائل.

قال: فما أشراطها؟

قال: إذا رأيت الحفاة، العراة، العالة، رعاء الشّاء، يتطاولون في البنيان، وولدت الاماء أربابهنّ.

ثمّ قال: عليّ بالرّجل.

فطلبوه فلم يروا شيئا. فلبث يومين أو ثلاثة ثم قال: يا ابن الخطاب! أتدري من السائل عن كذا وكذا؟

قال: الله ورسوله أعلم.

قال: ذاك جبريل. جاءكم يعلّمكم أمر دينكم.

قال: وسأله رجل من جهينة أو مزينة، قال:

يا رسول الله! فيم نعمل؟ أفي شيء قد خلا أو مضى؟ أو شيء يستأنف الآن؟

قال: في شيء قد خلا ومضى.

فقال رجل أو بعض القوم: فيم نعمل إذن؟

قال: إنّ أهل الجنّة ييسّرون لعمل أهل الجنّة، وإن أهل النّار ييسّرون لعمل أهل النّار».

رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد.

قال: الإمام أبو بكر البيهقي-رحمه الله-وفي تسمية كلمة الشهادة في هذا الحديث إسلاما، وفي الحديث الأول إيمانا دلالة على أنهما اسمان لمسمى واحد إلا أنه فسّر في هذا الحديث الإيمان بما هو صريح فيه-وهو التصديق- وفسّر الإسلام بما هو امارة له وإن كان اسم صريحه يتناول أماراته، واسم أماراته

ص: 53

يتناول صريحه، وهذا كما فصل بينهما وبين الإحسان، وإن كان الإيمان والإسلام إحسانا، والإحسان الذي فسّر بالإخلاص واليقين يكون إيمانا، والله تعالى أعلم.

20 -

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصّفّار، ثنا أحمد بن مهران ثنا عبيد الله بن موسى أنا حنظلة بن أبي سفيان، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله-أظنّه قال-وأنّ محمدا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزكاة، والحجّ، وصوم رمضان»

رواه البخاري في الصحيح عن عبيد الله بن موسى وقال: وأن محمدا رسول الله. ولم يذكره بعض الرواة عن عبيد الله ولا أكثرهم عن حنظلة.

وأخرجه مسلم عن وجه آخر عن حنظلة.

فسمى هذه الأركان الخمسة في هذه الرواية إسلاما، وقد سماهنّ في رواية أخرى إيمانا.

21 -

أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أنا موسى بن إسحاق ثنا عبد الله بن أبي شيبة ثنا جرير بن عبد الحميد

20 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار الأصبهاني (ت 339)(أصبهان 2/ 271)، ولينظر من هو أحمد بن مهران، وعكرمة بن خالد هو ابن العاص المخزومي.

والحديث أخرجه البخاري (1/ 9)، مسلم ص (45)، الترمذي 2609، أحمد 2/ 26 و 93 و 120، البيهقي 1/ 358 و 4/ 81 و 199، ابن خزيمة 308 و 309، تمهيد 9/ 246، شرح السنة 1/ 17 وقال البغوي هذا حديث صحيح متفق على صحته وأخرجه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني عن أبيه عن حنظلة.

21 -

موسى بن إسحاق (ت 297)(سير 13/ 579)، عطية مولى بني عامر (ثقات 7/ 278، تخ 7/ 11)، يزيد هو ابن بشر السكسكي ذكره ابن حجر في التعجيل (ص 449)، منصور هو ابن المعتمر، وعبد الله هو ابن محمد بن أبي شيبة.

والحديث أخرجه مسلم (ص 45) عن ابن نمير عن أبيه عن حنظلة قال سمعت عكرمة بن خالد يحدث طاوسا أن رجلا قال لعبد الله بن عمر فذكره.

ص: 54

عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن عطية مولى بني عامر، عن يزيد السكسكي قال:

قدمت المدينة فدخلت على عبد الله بن عمر، فأتاه رجل من أهل العراق فقال يا أبا عبد الرحمن! مالك تحجّ وتعتمر، وقد تركت الغزو في سبيل الله؟

قال: ويلك! إن الإيمان بني على خمس: تعبد الله، وتقيم الصّلاة، وتوتي الزكاة، وتحجّ البيت، وتصوم رمضان. قال: فردّها عليه. فقال عبد الله:

كذلك حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الجهاد بعد ذلك حسن.

قال الإمام أبو بكر البيهقي صلى الله عليه وسلم رحمه الله: وإنما أراد-والله أعلم-أنّ الجهاد من فروض الكفايات وليس بفرض على الأعيان.

22 -

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ، أنبا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا سليمان بن حرب ثنا حمّاد بن زيد، عن أيوب-

وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنبا أحمد بن عبيد الصفّار نا عبيد بن شريك أنا أبو صالح، أنبا الفزاريّ، أنبا سفيان بن سعيد عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من أهل الشام من أهل الإسلام عن أبيه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام-

وفي رواية حماد قال: عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:

«أسلم تسلم.

قال: وما الإسلام؟

22 - أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان (سير 17/ 397)، أحمد بن عبدان بن إسماعيل البصري الصفار أبو الحسن (سير 15/ 438)، ينظر ترجمة عبيد بن شريك، وأبو قلابة هو: عبد الله بن زيد الجرمي، وأيوب هو ابن أبي تميمة السختياني، وسفيان هو الثوري، والفزاري هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، وأبو صالح هو محبوب بن موسى الفراء، يوسف بن يعقوب هو ابن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي.

والحديث أخرجه أحمد 4/ 114 من حديث عمرو بن عبسة، الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.

ص: 55

قال: تسلم قلبك لله، ويسلم المسلمون من لسانك ويدك.

قال: فأيّ الإسلام أفضل؟

قال: الإيمان.

قال: فما الإيمان؟

قال: تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت،

قال: فأيّ الإيمان أفضل؟

قال: الهجرة،

قال: وما الهجرة؟

قال: أن تهجر السّوء،

قال: فأيّ الهجرة أفضل؟

قال: الجهاد.

قال: وما الجهاد؟

قال: أن تجاهد-أو قال: تقاتل-الكفّار إذا لقيتهم.

-وفي رواية سفيان قال: تقاتل العدوّ إذا لقيتهم، ولا تغلّ ولا تجبن.

-وفي رواية حماد-ثم لا تغلّ ولا تجبن، وزاد،

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ثمّ عملان هما من أفضل الأعمال إلاّ من عمل عملا بمثلهما-وقال بإصبعيه هكذا السبّابة والوسطى-

«حجّة مبرورة أو عمرة مبرورة»

قال الحليمي-رحمه الله تعالى-فأبان هذا الحديث أن الإسلام الذي أخبر الله عز وجل أنه هو الدين عنده بقوله:

{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ} [آل عمران:19].

وقوله: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران:85].

وقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3].

ينظم الاعتقاد والأعمال الظاهرة لأن قوله: «الإسلام أن تسلم قلبك لله» .

ص: 56

إشارة إلى تصحيح الاعتقاد وقوله: «أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك» إشارة إلى تصحيح المعاملات الظاهرة. ثم صرّح بذلك فأخبر أن الإيمان أفضل الإسلام، وفسّره بأنه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث، أراد أن الإيمان بالغيب أفضل من الإيمان بما يشاهد ويرى. وهذا موافق لقول الله عز وجل:

{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة:3].

مدحا لهم وثناء عليهم.

ثم أبان أن الاعتقاد وعامة الأعمال إيمان فقال: «أفضل الإيمان الهجرة» ثم فرّع الهجرة فدلّ ذلك على أن الطاعات كلّها إيمان، كما هي إسلام؛ وأنّ الإسلام هو الإذعان لله عز وجل سواء وقع بأمر باطن أو بأمر ظاهر بعد أن يكون الأمران مما رضي الله تعالى لعباده أن يتقرّبوا به إليه.

23 -

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن علي بن عفان العامريّ ثنا ابن نمير عن الأعمش-

وأخبرنا أبو عبد الله، أخبرني أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، ثنا معاذ بن نجدة القرشي ثنا خلاّد بن يحيى ثنا سفيان، عن منصور والأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال:

«قال رجل: يا رسول الله! أيواخذ الله الرّجل بما عمل في الجاهلية؟ قال:

من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء فى الإسلام أخذ بالأوّل والآخر».

23 - محمد بن يعقوب أبو العباس الأصم (ت 346)(سير 15/ 452)، أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه (ت 344)(سير 16/ 490)، وأبو وائل هو شقيق بن سلمة، وسفيان هو ابن سعيد الثوري، ومعاذ بن نجدة هو ابن العريان الهروي.

والحديث متفق عليه

أخرجه البخاري 9/ 18 عن خلاد بن يحيى عن سفيان عن منصور به.

ومسلم ص (111) عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه عن وكيع عن الأعمش به.

وانظر أحمد 1/ 379 و 409 و 431 و 462 - ابن ماجة 4242 - البيهقي 9/ 23 - الترغيب والترهيب للأصفهاني 142.

ص: 57

لفظ حديث أبي النضر،

رواه البخاري في الصحيح عن خلاد بن يحيى.

ورواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه.

قال الحليمي-رحمه الله تعالى-وهذا على أن الطاعات في الإيمان إيمان، وأن المعاصي في الكفر كفر، فإذا أسلم الكافر أحبط أسلامه كفره. فإن أحسن في الإسلام، أحبطت طاعاته تلك المعاصي التي قدّمها في حال كفره، وإن لم يحسن في الإسلام بقيت تلك المعاصي بحالها لم يجد ما يحبطها، فأخذ بإساءته في الإسلام وفيما قبله. وبسط الكلام في شرح ذلك.

ولا يلزم على هذا إلزامه قضاء ما ترك من صوم وصلاة لأنه إذا صام وصلّى بعد ما أسلم سقط عنه ما ترك في الكفر بدلالة الحديث. وإن لم يصل ولم يصم أمر بهما وحمله على ذلك حمل له على ما إذا فعله سقط عنه ما مضى.

24 -

أخبرنا أبو جعفر كامل بن أحمد المستملي، وأبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة قالا: ثنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن أيوب الصّبغي ثنا الحسن بن علي بن زياد السّريّ ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني مالك، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كفّر الله عنه كلّ سيّئة زلفها وكتب الله له كلّ

24 - أبو العباس محمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي (ت 354)(سير 16/ 489)، الحسن بن علي بن زياد السري (إكمال 4/ 569، أنساب 7/ 136)، وإسماعيل هو ابن عبد الله بن عبد الله بن أويس المدني، وأبو سعيد هو سعد بن مالك الخدري رضي الله عنه.

والحديث أخرجه النسائي 8/ 105 من طريق صفوان بن صالح عن الوليد عن مالك به مرفوعا.

وعلقه البخاري 1/ 17 ولم يذكر فيه كتب الحسنات

وقال الحافظ في الفتح 1/ 98 وقد ثبت في جميع الروايات، ما سقط من رواية البخاري وهو كتابة الحسنات المتقدمة قبل الإسلام.

وقوله كتب الله أي أمر أن يكتب وللدارقطني من طريق زيد بن شعيب عن مالك بلفظ «يقول الله لملائكته أكتبوا» فقيل إن المصنف أسقط ما رواه غيره عمدا لأنه مشكل على القواعد

ص: 58

حسنة كان زلفها ثمّ كان القصاص: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسّيّئة بمثلها إلاّ أن يتجاوز الله عز وجل».

أخرجه البخاري في الصحيح فقال: وقال مالك

فذكره.

قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله: أسنده مالك وأرسله ابن عيينة.

25 -

أخبرناه أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفّار ثنا سعدان بن نصر ثنا سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم سمع عطاء بن يسار يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«أذا أسلم العبد فحسن إسلامه تقبل منه كلّ حسنة زلفها، وكفّر عنه كلّ سيئة زلفها. وكان في الإسلام ما كان الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة، والسيئة بمثلها أو يمحوها الله عز وجل.

25 - أبو الحسين بن بشران هو علي بن محمد بن عبد الله بن بشران (ت 415)(سير 17/ 311)، وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن صالح الصفار أبو علي (ت 341)(سير 15/ 440)، وسعدان بن نصر أبو عثمان (ت 265)(سير 12/ 357).

ص: 59