الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال البيهقي-رحمه الله:
وروي من وجه آخر ضعيف عن ابن عمرو قد أخرجناه فى «كتاب البعث والنشور» وذكرنا انتظام هذه الكلمة مع ما أشرنا إليه من العقائد الخمس لأنّ من قال لا إله إلا الله، فقد أثبت الله ونفى غيره، فخرج بإثبات ما أثبت من التعطيل، وبما ضمّ إليه من نفي عن التشريك. وأثبت باسم الإله الإبداع والتدبير، ونفى عنه التشبيه، لأنّ اسم الإله لا يجب إلاّ للمبدع، وإذا وقع الاعتراف بالإبداع، فقد وقع بالتدبير، لأنّ الإيجاد تدبير، وإبقاءه وإحداث الاعراض فيه وإعدامه بعد إيجاده تدبير. ولا يجوز أن يكون له من خلقه شبيه، لأنّه لو كان لوجب أن يجوز عليه من ذلك الوجه ما يجوز على شبيهه. وإذا جاز ذلك عليه لم يستحقّ اسم الإله كما لا يستحقّه خلقه الذي شبّهه به، فدلّ على أنّ اسم الإله والشبيه لا يجتمعان، كما أنّ اسم الإله ونفي الإبداع لا يأتلفان.
وقد ذكر الحليمي-رحمه الله تعالى-حديث الأسامي، وضمّ إليها من الأسامي ما ورد في غير ذلك الحديث وجعلها منقسمة بين العقائد الخمس.
ونحن قد نقلنا جميع ذلك في كتاب «الأسماء والصفات» وأضفنا إليه من الشّواهد ومعرفة الصفات، وتأويل الآيات المشكلات، والأحاديث المشتبهات ما لا بد من معرفته، من أحبّ الوقوف عليه رجع إليه إن شاء الله تعالى.
وقد ذكر الحليمي-رحمه الله تعالى-في إثبات حدث العالم، وما يدلّ على انّ له صانعا، ومدبّرا، لا شبيه له من خلقه، فصولا حسانا، لا يمكن حذف شيء منها، فتركتها على حالها. ونقلت ها هنا من كلام غيره ما لا بدّ منه في هذا الباب.
فصل في معرفة الله عز وجل ومعرفة صفاته
وأسمائه
حقيقة المعرفة أن تعرفه موجودا قديما. لم يزل ولا يفنى، أحدا، صمدا، شيئا، واحدا لا يتصوّر في الوهم، ولا يتبعّض، ولا يتجزّأ، ليس بجوهر، ولا عرض، ولا جسم، قائما بنفسه، مستغنيا عن غيره، حيّا، قادرا، عالما، مريدا،
سميعا، بصيرا، متكلّما، له الحياة، والقدرة، والعلم، والإرادة، والسّمع، والبصر، والكلام. لم يزل ولا يزال هو بهذه الصفات، ولا يشبه شيء منها شيئا من صفات المصنوعات. ولا يقال فيها: انّها هو ولا غيره، ولا هي هو وغيره. ولا يقال انّها تفارقه، أو تجاوزه أو تخالفه، أو توافقه أو تحلّه، بل هي نعوت له أزلية، وصفات له أبدية تقوم به، موجودة بوجوده، دائمة بدوامه، ليست بأعراض ولا بأغيار، ولا حالّة في أعضاء، غير مكيّفة بالتصوّر في الأذهان، ولا مقدورة بالتمثيل في الأوهام. فقدرته تعمّ المقدورات، وعلمه يعم المعلومات، وإرادته تعمّ المرادات. لا يكون إلا ما يريد، ولا يريد ما لا يكون، وهو المتعالي عن الحدود والجهات، والأقطار، والغايات، المستغني عن الأماكن والأزمان، لا تناله الحاجات، ولا تمسّه المنافع والمضرّات، ولا تلحقه اللّذّات، ولا الدّواعي، ولا الشهوات. ولا يجوز عليه شيء ممّا جاز على المحدثات، فدلّ على حدوثها.
ومعناه أنّه لا يجوز عليه الحركة ولا السكون، والاجتماع والافتراق، والمحاذاة والمقابلة، والمماسّة والمجاورة، ولا قيام شيء حادث به، ولا بطلان صفة أزلية عنه. ولا يصحّ عليه العدم.
ويستحيل أن يكون له ولد، أو زوجة، أو شريك؛ قادر على إماتة كل حيّ غيره، ويجوز منه إفناء كلّ شيء غيره، وإعادته الأجسام بعده، وخلق أمثالها من غير قصر على حدّ. قادر على كلّ شيء يتوهّم على الانفراد حدوثه، له الملك، وله الحكم. كل ما انعم به بفضل منه، وكل ما أكرمه عدل منه، لا يجوز عليه جور ولا يصح منه ظلم.
101 -
حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنبا أبو عبد الله محمد بن
101 - الحسين بن الفضل (ت 282)(سير 13/ 414)، ومحمد بن سابق (213) تقريب، وأبو جعفر الرازي هو عيسى بن ماهان.
أخرجه الترمذي (3364)، أحمد 5/ 133 و 134 من طريق أبي سعد بن ميسر عن أبي جعفر الرازي عن الربيع به.
ورواه الترمذي (3365) من طريق عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية-
يعقوب الحافظ، وأبو جعفر محمد بن صالح، قالا: ثنا الحسين بن الفضل، ثنا محمد بن سابق، ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب:
«أنّ المشركين قالوا: يا محمد! انسب لنا ربّك فأنزل الله عز وجل:
{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، اللهُ الصَّمَدُ}
قال: الصّمد: الذي «لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» }.
لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت. وليس شيء يموت إلا سيورث، وأنّ الله تبارك وتعالى لا يموت ولا يورث. ولم يكن لّه كفوا أحد لم يكن له شبيه، ولا عدل، وليس كمثله شيء.
102 -
أخبرنا أبو منصور أحمد بن علي الدامغاني، أنبا أبو بكر الإسماعيلي:
وحدثنا أبو عبد الرحمن السلمي محمد بن الحسين، حدثنا جدّي إسماعيل بن نجيد، وأبو عمرو بن مطر، وعلي بن بندار الصيرفي، وأبو
101 - أن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه ولم يذكر ابيا.
قال الترمذي وهذا أصح من حديث أبي سعد.
102 -
أبو بكر الإسماعيلي هو أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس (ت 371)(سير 16/ 292)، إسماعيل بن نجيد (ت 366) طبقات الصوفية للسلمي (ص 454)، علي بن بندار الصيرفي هو أبو الحسن (ت 359)(طبقات الصوفية للسلمي ص 501)، وأبو عمرو بن حمدان هو: محمد بن أحمد بن حمدان طبقات الصوفية للسلمي (ص 71)، ميزان الاعتدال (3/ 457)، وصفوان بن صالح هو أبو عبد الملك الدمشقي (تقريب) ولينظر من هو أحمد بن علي الدامغاني، وأبو بكر بن قريش.
أخرجه الترمذي (3507) وابن حبان 2384 والحاكم 1/ 16، والمصنف في الأسماء والصفات (ص 5) وفي سننه الكبرى (10/ 27) من طريق صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم به وقال الترمذي
هذا حديث غريب حدثنا به غير واحد عن صفوان بن صالح ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث.
وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نعلم في كثير شيء من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث.
عمرو بن حمدان، وأبو بكر بن قريش وغيرهم قالوا ثنا الحسن بن سفيان، ثنا صفوان بن صالح، ثنا الوليد بن مسلم ثنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنّ لله تسعة وتسعين اسما-مائة إلاّ واحدة. إنّه وتر يحبّ الوتر-من أحصاها دخل الجنّة:
هو الله الذي لا إله إلاّ هو الرّحمن، الرّحيم، الملك، القدّوس، السّلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبّار، المتكبّر، الخالق، البارئ، المصوّر، الغفّار، القهّار، الوهّاب، الرزّاق، الفتّاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرّافع، المعزّ، المذلّ، السّميع، البصير، الحكم، العدل، اللّطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشّكور، العليّ، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرّقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشّهيد، الحقّ، الوكيل، القويّ، المتين، الوليّ، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحيّ، القيّوم، الماجد، الواجد، الواحد، الأحد، الصّمد، القادر، المقتدر، المقدّم، المؤخّر، الأول، الآخر، الظّاهر، الباطن، البرّ، التّوّاب، المنتقم، العفوّ، الرّؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، الوالي، المتعالي، المقسط، الجامع، الغنيّ، المغني، الرّافع، الضّارّ، النّافع، النّور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرّشيد، الصّبور، الذي ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير».
وقال غيره: «المانع» بدل قوله «الرافع» .
وقال: «الوالي المتعالي» عقب قوله «الباطن» .
وقال البيهقي-رحمه الله:
وذكر الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الاسفراييني: أن قوله «من أحصاها» يريد «من علمها» وذكر أن من هذه الأسماء ثمانية وعشرين اسما للذات، وثمانية وعشرين اسما لصفات الذّات، وثلاثة وأربعين اسما للفعل.