الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العباس، يقول أنا أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ، ثنا أبو جعفر الشامي، ثنا عبد الله بن عاصم الهروي أنّ شيخا دخل على عبد الله بن المبارك فرآه على وسادة خشنة مرقعة قال: فأردت أن أقول له فرأيت به من الخشية حتّى رحمته فإذا هو يقول قال الله عز وجل:
{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ} [النور:30].
قال: لم يرض الله أن ننظر إلى محاسن المرأة فكيف بمن يزني بها.
وقال الله عز وجل:
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين:1].
في الكيل والوزن فكيف بمن يأخذ المال كلّه؟.
وقال الله عز وجل:
{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} [الحجرات:12].
ونحو هذا فكيف بمن يقتله؟ قال: فرحمته وما رأيته فيه فلم أقل له شيئا.
993 -
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أحمد بن سلمان الفقيه، ثنا الحارث بن محمد، ثنا العباس بن أبان، ذكره عن بعض العلماء قال:
ذو الدّين يخاف العقاب، وذو الكرم يخاف العار، وذو العقل يخاف التّبعة.
فصل
قال الحليمي رحمه الله تعالى:
وقد يجد الناس في أنفسهم الخوف من أشياء كثيرة، مثل خوف الوالد من موت ولده، أو ذهاب ماله، أو الغرق، أو الحرق، أو الهدم، أو ذهاب السّمع والبصر، أو الوقوع بيد السلطان الجائر، أو الابتلاء بسبع، أو عدوّ من كان، وما يشبه ما ذكرنا من أصناف المكاره إلاّ أنّ هذا ينقسم إلى محمود ومذموم.
فالمحمود أن يكون الخوف من هذه الأمور لما يمكن أن يكون تحتها من سخط الله-عز وجل ثناءه-فإنّها قد تكون عقوبات ومؤخذات. فمن خافها،
فامتنع لأجلها من المعاصي ولم يأمن من أن يغير عليه، كانت منزلته منزلة من امتنع من المعاصي خيفة النار وكذلك إن خشي أن يكون أخذ الله منه ما أعطاه ابتلاء له واختبارا، حتى إن صبر واحتسب أثابه، وإن جزع واضطرب ولم يسلم لقضائه زاده سلبا فخاف أنّ ذلك إن كان ذلك لم يملك نفسه، وكان منه بعض ما لا يحبّه الله تعالى جدّه؛ ومن هذا الوجه كان إشفاقه وكراهيته لهذه الأمور فهذا أيضا محمود. وهذا خوف ينشأ عن التعظيم والمحبّة جميعا.
وأمّا المذموم فهو أن يكون خوفه بعض هذه الأمور لحرصه على ماله فيها من المنافع الدنيوية، وشدّة ركونه إليها، وميله إلى التكثّر بماله منها، والتوصل بها إلى ما يريد ويهوى، كان في ذلك رضى الله أو سخطه. وإنّما كان هذا مذموما للغرض الذي عنه ينشأ هذا الخوف ولأنّ جميع نعم الله عند العبد من مال وولد وما يشبههما إنّما هي عوار، والركون إلى العواري ليس من فعل العقلاء والمخلصين والله أعلم.
قال البيهقي رحمه الله: وقد جاء في الأخبار والآثار ما يؤكد صحّة ما قاله الحليمي رحمه الله في هذا الفصل وسياق جميع ذلك ها هنا يطول فمن ذلك ما:
994 -
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا موسى بن الحسن، ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي-ح.
وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، ثنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا القعنبي، ثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن عطاء بن أبي رباح انّه سمع عائشة زوج النّبي صلى الله عليه وسلم تقول:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم ذا ريح وغيم عرف ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل، وأدبر؛ فإذا مطرت سرّي عنه، وذهب عنه ذلك. قالت: فسألته، فقال:
994 - أخرجه المصنف في السنن (3/ 361) وقال البيهقي: رواه مسلم في الصحيح عن القعنبي.
أخرجه مسلم (2/ 616) عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب-به.
وأخرجه البخاري (4/ 132 - 133) كما قال المصنف.
ويقول:-إذا رأى المطر «رحمه الله» -وفي رواية موسى «رحمه» فقط.
وقال: عرف ذلك في وجهه.
رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن مسلمة القعنبي.
وأخرجه البخاري من حديث ابن جريج عن عطاء.
995 -
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا الكديمي، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، ثنا ابن عوف، عن ثمامة، عن أنس بن مالك قال:
كنت أصنع خبزة لهم فسمعت نقيض الأرض فخرجت، فإذا الأرض قد تشقّقت، وإذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكون ويدعون، حتّى ذهبت.
996 -
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا العباس الدوري، ثنا يونس بن محمد المؤدب، ثنا عبيد الله يعني ابن النضر، حدثني أبي انّها كانت ظلمة على عهد أنس حتّى كأن النهار مثل الليل، قال: فأتيته بعد ما أنجلت. فقلت يا أبا حمزة هل كان يصيبكم مثل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: معاذ الله، إن كانت الريح لتشتدّ فنبتدر إلى المسجد أينا يدخله أوّلا.
997 -
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا أبو عثمان الحناط، ثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا أبو زكريا الخلقاني الهمداني، قال: كنّا عند علي بن بكار فمرّت سحابة فسألته عن شيء فقال لي، اسكت حتّى تجوز هذه السحابة أما تخشى أن يكون فيها حجارة نرمى بها؟.
998 -
أخبرنا أبو أسامة محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم المقرئ الهروي بمكة، ثنا الحسن بن رشيق، حدثني أبو علي الروذباري، قال: سمعت أبا أحمد الزهيري يقول: سمعت أبا بكر بن هارون الحمّال: يقول: سمعت الحارث المحاسبي يقول:-وذكر البلاء-فقال: هو للمخلّطين عقوبات، وللتائبين طهارات، وللطاهرين درجات.
996 - أخرجه أبو داود (1196) من طريق حرمي بن عمارة عن عبيد الله بن النضر-به بلفظ معاذ الله إن كانت الريح لتشتد فنبادر المسجد مخافة القيامة.
999 -
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا علي بن حمشاد قال: سمعت أحمد بن سلمة يقول سمعت الحسين بن منصور يقول كثيرا ما كنت أسمع علي بن عثّام يقول: الّلهمّ لا تبل أخبارنا.
قال البيهقي رحمه الله: وهذا كقوله تعالى:
{وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ}
وذلك فيما يبتليهم به في الجهاد وغيره لينظر كيف صبرهم فخاف علي بن عثّام أن لا يقوم بصبره فقال: الّلهمّ لا تبل أخبارنا.
آخر كتاب الخوف
[انتهى الجزء الأول ويليه إن شاء الله الجزء الثاني وأوله الثاني عشر من شعب الإيمان وهو باب في الرجاء من الله تعالى]