الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيصعق من في السّموات ومن في الأرض إلاّ من شاء الله {فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ} ثم إذا نفخ في النفخة الأخرى قاموا {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ} .
فصل
قد روينا عن ابن عباس أنّه قال:
في قوله عز وجل: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً} يقول: عطاشا.
والأخبار تدل على أنّ العطاش يعمّ الناس في ذلك اليوم إلاّ أنّ المجرمين لا يسكن عطشهم، ولكنه يزداد حتى يوردوا النار، فيشربون الحميم شرب الهيم نعوذ بالله من عذاب الله، وأمّا المتّقون، ومن شاء الله من المخلّطين المؤمنين فإنهم يسقون من حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا صفة الحوض وصفة مائه في «كتاب البعث والنشور» .
360 -
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو النضر الفقيه، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا أبو غسّان، حدثني أبو حازم، ثنا سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنّي فرطكم على الحوض من مرّ عليّ شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا» وذكر الحديث.
أخرجاه في الصحيح.
قال البيهقي رحمه الله: ويشبه أن يكون عطش المتقين لكي إذا سقوا من حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم وجدوا لذّة الماء إذ الرّيّان لا يستلذّ الماء كما يستلّذه العطشان والله أعلم.
فصل
قال البيهقي رحمه الله:
ذكر الله عز وجل في كتابه ما يكون في الأرض من زلزالها، وتبديلها، وتغيير هيئتها ومدّها، وما يكون في الجبال وتسييرها ونسفها وما يكون في البحار وتفجيرها وتسجيرها، وما يكون في السماء وتشقيقها وطيّها،
360 - أخرجه البخاري (8/ 149 - 150) ومسلم (4/ 1793) من طريق أبي حازم-به.
وما يكون في الشمس من تكويرها، وفي القمر من خسفه، وما يكون في النجوم من انكدارها وانتثارها، وما يكون من شغل الوالدة عن ولدها ووضع الحوامل ما في بطونها.
واختلف أهل العلم في وقت هذا الكوائن فذهب بعض أهل التفسير إلى أنّ ذلك يكون بعد النفخة الأولى وقبل الثانية، وروي ذلك الحديث الذي ذكرناه بإسناده عن محمد بن كعب عن رجل من الأنصار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصّور.
وذهب أكثر أهل العلم إلى أنّ ذلك إنّما يكون بعد النفخة الثانية، وخروج الناس من قبورهم، ووقوفهم يوم القيامة قبلها ينظرون ليكون ذلك رعب لعرضهم وأشدّ لحالهم، وعلى هذا يدلّ سياق أكثر الآيات التي وردت في هذه الكوائن، وكذلك روي عن ابن عباس في الحديث الذي ذكرنا إسناده في صفة القيامة، وقد ذكرنا أحد الحديثين في كتاب «البعث والنشور» آخره. وعلى مثل ذلك يدلّ أكثر الأحاديث فمنها حديث أبي سعيد الخدري وغيره في بعث النار.
361 -
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل، وأبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني بالكوفة، قالا: ثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، أنبا وكيع-ح.
وأخبرنا أبو عبد الله، أخبرني أبو بكر بن عبد الله، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تبارك وتعالى يوم القيامة:
«قم يا آدم ابعث بعث النّار، فيقول لبّيك وسعديك والخير في يديك.
وما بعث النّار؟ قال: فيقول: من كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعون. قال فحينئذ يشيب المولود وتضع كلّ ذات حمل حملها وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب شديد».
فيقولون وأيّنا ذلك الواحد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تسعمائة وتسع وتسعون
361 - أخرجه مسلم (1/ 202) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع-به.
وأخرجه البخاري (8/ 137) ومسلم (1/ 201) من طريق جرير عن الأعمش-به.
من يأجوج ومأجوج ومنكم واحد» فقال الناس: الله أكبر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة؛ والله إنّي لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، والله أنّي لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة» فكبّر الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما أنتم يومئذ في الناس إلاّ كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض» .
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع.
قال البيهقي رحمه الله: وأخرجاه من حديث جرير عن الأعمش وفي حديثه «أبشروا فإنّ من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل» .
وروينا في حديث عمران بن حصين وأنس بن مالك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ قوله تعالى:
{يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:
1،2]. إلى آخر الآيتين.
ثم قالا: معنى ما رواه أبو سعيد غير أنّ في حديثهما قال:
«اعملوا وأبشروا والّذي نفس محمد بيده إنّ معكم لخليقتين ما كانتا مع أحد قط إلاّ كثّرتاه مع من هلك من بني آدم وبني إبليس» . وقالوا: ومن هما قال: «يأجوج ومأجوج» .
وروينا عن عائشة أنّها قالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت قول الله عز وجل:
{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ} [إبراهيم:48].
أين الناس يومئذ؟ قال: «على الصراط» .
وفي حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم زيادة قال: «هم في الظلمة دون الجسر والجسر هو الصراط» وأمّا قوله:
{وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ} [الانشقاق:4].
فمعناه قد ألقت ما فيها.
وقوله تعالى: