المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل«في قوله عز وجل» - شعب الإيمان - ت زغلول - جـ ١

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌تصدير

- ‌مخطوطات الكتابوالمطبوع منه

- ‌المقدمة

- ‌مقارنة بين هذا الكتابوالطبعة الوحيدة التي طبعت منه

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌نبذة عن كتابشعب الإيمان

- ‌نبذة عن الحافظ البيهقيومصنفاته

- ‌وفاته:

- ‌تحقيق تسمية الكتاب

- ‌باب ذكر الحديث الذي ورد في شعب الإيمان

- ‌باب حقيقة الإيمان

- ‌باب الدليل على أن التصديق بالقلب والإقرارباللسان أصل الإيمان، وأن كليهما شرط فيالنقل عن الكفر عند عدم العجز

- ‌باب الدليل على أن الطاعات كلها إيمان

- ‌باب الدليل على أن الإيمان والإسلام علىالإطلاق عبارتان عن دين واحد

- ‌باب القول في زيادة الإيمان ونقصانه وتفاضلأهل الإيمان في إيمانهم

- ‌باب الاستثناء في الإيمان

- ‌باب ألفاظ الإيمان

- ‌فصل فيمن كفّر مسلما

- ‌باب القول في إيمان المقلّد والمرتاب

- ‌باب القول فيمن يكون مؤمنا بإيمان غبره

- ‌باب القول فيمن يصحّ إيمانه أو لا يصحّ

- ‌باب الدعاء إلى الإسلام

- ‌فصل في معرفة الله عز وجل ومعرفة صفاتهوأسمائه

- ‌بيان معاني أسماء الذات

- ‌أسامي صفات الذاتفمن أسامي صفات الذات الذي عاد إلى القدرة

- ‌ومن أسامي صفات الذات ما هو للعلم ومعناه

- ‌ومن أسامي صفات الذات ما يعود إلى الإرادة

- ‌أسامي صفات الفعل

- ‌فصلفي الإشارة إلى أطراف الأدلةفي معرفة الله عز وجل وفي حدث العالم

- ‌فصل«في معرفة الملائكة»

- ‌ذكر حديث جمع القرآن

- ‌فصلوإذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال

- ‌فصل«في بيان كبائر الذنوب وصغائرها وفواحشها»

- ‌فصل«في أصحاب الكبائر من أهل القبلة إذا وافواالقيامة بلا توبة قدموها»

- ‌فصل«فيما يجاوز الله عن عباده ولا يؤاخذهم به فضلا منه ورحمة

- ‌فصل«في القصاص من المظالم»

- ‌فصل«في كيفية انتهاء الحياة الأولى وابتداء الحياة الأخرىوصفة يوم القيامة»

- ‌فصلقد روينا عن ابن عباس أنّه قال:

- ‌فصلقال البيهقي رحمه الله:

- ‌فصل«في معنى قول الله عز وجل»

- ‌فصل«في قوله عز وجل»

- ‌فصل«في فداء المؤمن»

- ‌فصل«في أصحاب الأعراف»

- ‌فصلفيما يحق معرفته في هذا الباب أن تعلم أنّ الجنة والنار مخلوقتان معدّتانلأهلهما

- ‌فصل«في عذاب القبر»

- ‌معاني المحبة

- ‌فصل«في إدامة ذكر الله عز وجل»

- ‌الفصل الثانيفي ذكر آثار وأخبار وردتفي ذكر الله عز وجل

- ‌فصلقال الحليمي رحمه الله تعالى:

الفصل: ‌فصل«في قوله عز وجل»

دام لم يجد المنافقون إلى باطن السور سبيلا، فليس إلاّ أن يقذفوا من أعلى الصراط، يهوون إلى الدرك الأسفل من النار. هذا باستهزائهم بالمؤمنين في دار الدنيا كما شرحنا في «كتاب الأسماء والصفات» .

‌فصل

«في قوله عز وجل»

{فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا} إلى قوله: {وَنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا} [مريم:68 - 72].

اختلف أهل التفسير في معنى هذا الورود فذهب عبد الله بن عباس في أصحّ الروايتين عنه إلى انّ المراد به الدخول واستشهدوا بقوله عز وجل:

{أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ} [الأنبياء:98،99].

وبقوله: {فَأَوْرَدَهُمُ النّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود:98].

والمراد به في هذا الموضع الدخول، كذلك قوله «إلاّ واردها» والمراد به الدخول وذلك حين جادله نافع بن الأزرق، قال لنافع بن الأزرق: أمّا أنا وأنت فسندخلها فانظر هل نخرج أم لا؟.

وروي عن عبد الله بن السائب عّمن سمع ابن عباس يقول هم الكفار ولا يردها مؤمن. وهذا منقطع والرواية الأولى عن ابن عباس أكثر وأشهر، وروينا عن عبد الله بن رواحة أنه بكى وبكت امرأته لبكائه وقال: إنّي أعلم أنّي وارد النار ولا أدري أناج منها أم لا.

وروى السدي عن مرّة الهمداني عن عبد الله بن مسعود أنّه حدّثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «يرد الناس النّار ثم يصدرون بأعمالهم» .

وفي رواية أخرى عنه عن مرّة عن عبد الله قال: يدخلونها أو قال: يلجونها ثم يصدرون منها بأعمالهم.

وفي رواية أبي الأحوص عن عبد الله {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها} قال:

ص: 335

الصراط على جهنّم مثل حدّ السيف فتمرّ الطائفة الأولى كالبرق والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود الإبل والبهائم، يمرّون والملائكة يقولون:

ربّ سلّم سلّم.

وقد ذكرنا أسانيد هذه الآثار في «كتاب البعث» .

وروينا عن سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النّار إلاّ تحلّة القسم» ثم قرأ سفيان {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها}

369 -

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا سفيان بهذا الحديث.

قال: البيهقي رحمه الله وهو مخرج في الصحيح. وفي رواية مالك عن الزهري في هذا الحديث: «فتمسّه النار إلاّ تحلة القسم» . وهذا يؤكد قول من قال: المراد بالورود الدخول.

370 -

أخبرنا أبو علي بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان البغدادي بها، أنا عبد الله بن جعفر النحوي، قال: يعقوب بن سفيان، ثنا سليمان بن حرب أبو أيوب الواشحي، ثنا أبو صالح غالب بن سليمان، عن كثير بن زياد البرساني، عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود بالبصرة فقال قوم: لا يدخلها مؤمن، وقال: آخرون: يدخلونها جميعا ثم ننجي الذين اتّقوا ونذر الظالمين فيها جثيّا.

فلقيت جابر بن عبد الله فسألته فقال: يدخلونها جميعا فقلت إنا اختلفنا فذكر اختلافهم، قال: فأهوى جابر بإصبعه إلى أذنه فقال: صمّت إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«الورود: الدخول لا يبقى برّ ولا فاجر إلاّ دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما، كما كانت على إبراهيم عليه السلام، حتّى أن النار (خطأ) أو قال

369 - أخرجه المصنف من طريق أحمد بن حنبل في المسند (2/ 239 - 240) عن سفيان-به.

370 -

أخرجه أحمد (3/ 329) عن سليمان بن حرب-به.

وقال الهيثمي في المجمع (7/ 55) رواه أحمد ورجاله ثقات.

ص: 336

لجهنّم فحيحا من بردهم، ثم ننجي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيّا».

قال: البيهقي رحمه الله هذا إسناد حسن ذكره البخاري في التاريخ وشاهده الحديث الثابت عن أبي الزبير عن جابر عن أم مبشر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلاّ أنّه قال: جامدة.

قال أبو عبيد: وإنّما أراد تأويل قوله {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها} .

فيقول وردوها ولم يصبهم من حرّها شيء إلاّ ليبرّ الله قسمه.

371 -

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنّه سمع جابر بن عبد الله يقول أخبرتني أم مبشر انّها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة:

«لا يدخل النّار إن شاء الله من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها» .

قالت بلى يا رسول الله فانتهرها فقالت حفصة {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها} [مريم:

71] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فقد قال الله عز وجل: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا} [مريم:72]» .

رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن عبد الله عن حجاج بن محمد.

قال: البيهقي رحمه الله وهذا يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنّما نفى عن أصحاب الشجرة دخول النّار دخول البقاء فيها، أو دخولا يمسّهم منها أذى لا أصل الدخول ألا تراه احتجّ بقوله:

{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا}

وقد يكون المحفوظ في الحديث الأول رواية سفيان بن عيينة فيكون ذلك ولوجا من غير نار وإصابة أذى. كما روينا عن خالد بن معدان وهو من أكابر التابعين أنّه قال: إذا دخل أهل الجنّة الجنّة قالوا يا ربّ ألم تعدنا أن نرد النار قال: بلى مررتم بها وهي جامدة.

وروينا عن مقاتل بن سليمان أنّه قال: يجعل الله النار على المؤمنين يومئذ

371 - أخرجه مسلم (4/ 1942) عن هارون بن عبد الله عن حجاج بن محمد-به.

ص: 337

بردا وسلاما كما جعلها على إبراهيم عليه السلام.

372 -

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن محمد القاضي، ثنا أحمد بن سلمة بن عبد الله البزار، ثنا عمران بن موسى القزاز، ثنا عبد الوارث، ثنا الجريري، عن أبي السليل، عن عقبة بن عامر، قال تمسك النار يوم القيامة حتى تبيض، كأنها متن أهالة فإذا استوت عليها أقدام الخلائق برّهم وفاجرهم، نادى مناد أن خذي أصحابك، ودعى أصحابي، قال: فلهي أعرف بهم من الرجل بولده قال: فيخسف بهم ويخرج المؤمن منها نديّة ثيابهم. كذا في الكتاب «قال قال» ولم يذكر قائله وهو معروف بكعب الأخبار.

373 -

أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أنبا أبو الحسن الكارزي، أنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، ثنا يزيد، عن الجريري، عن أبي السليل، عن غنيم بن قيس، عن أبي العوام، عن كعب قال:

(يجاء بجهنّم يوم القيامة كأنّها متن إهالة حتى إذا استوت عليها أقدام الخلائق، نادى مناد خذي أصحابك ودعى أصحابي قال: فيخسف بأولئك).

قال أبو عبيد: «الإهالة» : ما أذيب من الألية والشحم، و «متن الإهالة»:

ظهرها إذا سكر (خطأ) الذائب منها في الإناء. فإنما شبّه كعب سكون جهنم قبل أن يصير الكافر في جوفها بذلك.

ومّما يبيّنه حديث خالد بن معدان قال أبو عبيد: ثنا مروان بن معاوية؛ ثنا بكار بن أبي مروان، عن خالد بن معدان قال: لمّا أدخل أهل الجنّة قالوا يا ربنا ألم تكن وعدتنا الورود قال: نعم ولكنّكم مررتم بجهنّم وهي جامدة.

قال: أبو عبيد وحدثنا الأشجعي عن سفيان، عن ثور، عن خالد بن معدان مثله إلاّ أنّه قال خامدة.

قال أبو عبيد: وإنّما أراد تأويل قوله تعالى:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها}

فيقول وردوها ولم يصبهم من حرّها شيء إلاّ ليبرّ الله قسمه.

قال البيهقي رحمه الله: وقد يكون هذا الورود من وراء الصراط، كما

ص: 338

قال: أبو الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، وسمّاه باسم النار لأنّه جسر جهنّم، ومنه يلقي فيها من يلقي، ومنه تخطف الكلاليب من تخطف، وعليه الحسك وألوان العذاب ما عليه، إلاّ أنّ الله تعالى ينجّي الذين اتّقوا يعني بالجواز عنه ويذر الظالمين فيها جثيّا أي في جهنم جثيّا على الرّكب بعد ما يلقي فيها من الصراط، والله أعلم.

وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤية قال: فينصب الجسر على جهنّم، ويقولون الّلهمّ سلّم سلّم قيل يا رسول الله وما الجسر قال:

«دحض مزلّة عليه خطاطيف وكلاليب وحسك-يكون ويسجر فيه شوك يقال له السعدان-فيمّر المؤمن كطرف العين، وكالبرق، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في (النار) (خطأ) جهنّم حتى إذا خلص المؤمنون من النار» .

وفي رواية عبد الله بن مسعود: «فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمرّ الذي نوره على إبهام قدمه يجر يد وتعلّق يد ويجر رجل وتصيب جوانبه النار فيخلصون فإذا خلصوا قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك بعد الذي أراناك.

وقد ذكرنا إسنادهما مع ما يشهد لهما في الخامس من كتاب «البعث» .

والله أعلم.

وذلك يبيّن ما قلناه في الورود أنّه يحتمل أن يكون المراد به المرور على الصراط. والله أعلم.

374 -

أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي، ثنا عبد الرحمن بن أبي حّماد، عن يحيى بن يمان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد في قول الله عز وجل:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها}

قال من حمّ من المسلمين فقد وردها.

375 -

أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، ثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله

375 - قال الزبيدي في الإتحاف (9/ 234) رواه الطبراني وأبو نعيم والبيهقي والخطيب وضعفه-

ص: 339