المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوجه التاسع عشر: - شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

[بدر الدين البعلي]

الفصل: ‌الوجه التاسع عشر:

من الدين الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة

(1)

. وحدَّث عن رفع الأمانة الحديثَ المشهورَ، وفيه: "أنه يحدُثُ قومٌ يشهدون ولا يُسْتشهدون، ويَخُونون ولا يُؤْتمنون

"

(2)

.

وهذه أحاديث صحيحة.

ومعلوم أن الحيل تفتح بابَ الخيانة والكذب؛ لاتفاقهما على إظهار عقد ليس له حقيقة، ولهذا لا يطمئن القلبُ إلى من يستحلُّ الحِيَلَ؛ خوفًا من مكرِه، وقد قال [صلى الله عليه وسلم]:"يُنْصَبُ لكلِّ غادرٍ لواءٌ يومَ القيامةِ عند اسْتِهِ بقدْرِ غَدْرَتِهِ"

(3)

.

يُبَيِّنُه:

‌الوجه التاسع عشر:

وهو أن الله - سبحانه - أوجب في المعاملات خاصةً، وفي الدين عامةً النصيحةَ والبيانَ، وحرَّم الخلابة والغش والكتمان، ففي "الصحيحين"

(4)

عن جرير قال: "بايعتُ رسولَ اللهِ على النُّصْحِ لكلِّ مُسْلم".

(1)

أخرجه تمام في "فوائده": (1/ 84)، والقضاعي في "مسند الشهاب":(1/ 156)، والضياء في "المختارة":(1/ 495) وغيرهم من حديث أنس رضي الله عنه.

(2)

أخرجه البخاري رقم (2651)، ومسلم رقم (2535) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.

(3)

الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري رقم (3188، 6177، 6178 وغيرها)، ومسلم رقم (1735 - 1738) من حديث ابن عمر وأبي سعيد رضي الله عنهما، واللفظ الذي ذكره المؤلف ملفَّق من عدة روايات.

(4)

أخرجه البخاري رقم (58)، ومسلم رقم (56).

ص: 105

وعن تميم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدينُ النَّصيحة، الدينُ النَّصيحة، الدينُ النَّصيحة، قالوا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"

(1)

.

وقال: "من غَشَّنا فليسَ مِنَّا" رواه مسلم

(2)

.

وقد عُلِمَ أنَّ المحتال ليس بناصِح (164/ أ) للمحتال عليه، بل هو غاشٌّ له، وهذا ظاهر في مثل الحِيَل التي تبطل الحقوق، وكثير من الحيل لا تتم إلا بوقوع الكذب أو الكتمان

(3)

.

وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بَيْعُ المُحَفَّلات خِلابَة، ولا تحلُّ الخِلَابَةُ لمسلمٍ"

(4)

. وهذا نص في تحريم جميع أنواع الخلابة في البيع وغيره.

والخلابة: الخديعة، يقال: رجل خلَّاب، أي: خدَّاع، وامرأة خلَّابة، أي: خدَّاعة. والبرق الخُلَّب، والسحاب الخُلَّب: الذي لا غيث معه، كأنه يخدع من يراه.

(1)

أخرجه مسلم رقم (55).

(2)

رقم (101).

(3)

"الأصل" و (م): "أو كتمان" والإصلاح من "الإبطال".

(4)

أخرجه أحمد: (7/ 194 رقم 4125)، وابن ماجه رقم (2241)، والبيهقي:(5/ 317) وغيرهم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

وفيه جابر بن يزيد الجعفي، وهو ضعيف.

ورُوِي موقوفًا - وهو أصح - رواه عبد الرزاق: (8/ 198)، وابن أبي شيبة:(4/ 339)، وانظر "العلل":(5/ 48) للدارقطني، و"الفتح":(4/ 430).

ص: 106