الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنه كان أرحم الناس بأُمَّته، ويحب تيسير الأمور، وقصةُ امرأةِ رفاعة مشهورة
(1)
، فهلَّا علَّمها ذلك، وهو يرى من حِرْصها على العَوْد إلى زوجها ما يرقّ القلبُ لحالها، وقد كان يمكن أن يقول لبعض المسلمين: حلِّل هذه لزوجها، فلما لم يأمر هو ولا أحد من خلفائه [بشيء من ذلك]، عُلِم قطعًا أنه لا سبيل إليه.
ومن تأمَّل هذا المسلك، وعَلِم كثرةَ وقوع الطلاق على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ولم يُؤْذَن لأحدٍ فيه عُلِم انتفاؤه، وأنه ليس من الدين.
المسلك الرابع
إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
فروي عن عمر أنه قال: "لا أُوتَى بمحلِّل ولا محلَّل له إلا رَجَمْتُهما"، رواه ابن أبي شيبة
(2)
وأبو إسحاق الجُوْزجاني وحرب الكرماني والأثرم والبيهقي
(3)
، وهو مشهور محفوظ
(4)
.
ورُفع إلى عثمان رجل تزوج امرأة ليحلها، ففرَّق بينهما، وقال:"لا ترجع إلا بِنِكاحِ رَغْبة لا دُلْسَة"
(5)
، رواه الجوزجاني.
وعن عليٍّ قال: "لا ترجع إليه إلا بنكاح رغبة لا دلسة،
(1)
تقدمت (ص/ 67).
(2)
(7/ 292).
(3)
(7/ 208).
(4)
وأخرجه عبد الرزاق: (6/ 265)، وسعيد بن منصور:(2/ 75) وغيرهم.
(5)
أخرجه البخاري في "تاريخه": (1/ 152)، والبيهقي:(7/ 208).
ولا استهزئ بكتاب الله" ذكره بعض المالكية
(1)
.
وعن علي: "لعنَ اللهُ المحلِّلَ والمحلَّلَ له"
(2)
.
وعن ابن عمر: "لعنَ اللهُ المحلِّلَ والمحلَّلَ له"
(3)
.
وعن ابن عباس مثله. وقال: "من يُخَادع الله يخدَعْه"
(4)
.
وقال ابن عمر: "لا يزالان زانيين وإن مكثا عشرين سنة"
(5)
رُوي عنه ذلك وغيره من غير وجهٍ.
وهذه الآثار مشهورة عن الصحابة، ويدلُّ ذلك على أن المحلِّل عندهم اسم لمن قَصَد، وأن عمر كان يُنَكِّل من فعل ذلك، فعُلِم شهرة ذلك عندهم، وأنه حرام.
وحديث ذي الرقعتين
(6)
منقطع ليس له إسناد، وهو: أن رجلًا تزوج امرأة ليحلها، فأعجبها، فترافعا إلى عمر، فأمره أن لا يُطلِّقها.
(1)
"المدونة": (2/ 295)؟ .
(2)
رُوي عنه مرفوعًا في "مصنف ابن أبي شيبة": (7/ 292) و"سنن أبي داود" رقم (2076)، والترمذي رقم (1119) وقال: هو حديث معلول.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة: (7/ 292).
(4)
تقدم ص/ 29.
(5)
أخرجه عبد الرزاق: (6/ 266).
(6)
أخرجه سعيد بن منصور: (2/ 77)، وعبد الرزاق:(6/ 267)، والشافعي في "الأم":(6/ 208)، والبيهقي في "الكبرى":(7/ 209)، وغيرهم، وقد ذكر شيخ الإسلام في "الأصل":(ص/ 360 - 361) من أخرجه بأسانيدهم وألفاظهم والكلام عليها.
قال أبو عبيد: هو مرسل
(1)
.
فأين هذا من الذي سمعه يخطب: "لا أوتى بمحلِّل ولا محلَّل له إلا رجمتهما"
(2)
.
وقال ابن عمر عن التحليل: "هو سِفاحٌ لو أدرككم عمر لنكَّلكم"
(3)
.
والمنقطع لا يعارض (170/ أ) المسند
(4)
.
أو لعلَّ الزوج لم ينو التحليل وقتَ العقد، بل قَصَد نكاح الرغبة - إن كان له أصل -. أو أنهم لم يذكروا للزوج أنه يحللها، بل تواطؤهم
(5)
على أن يعطوه شيئًا ليطلقها، ولم يُشعِروه بذلك؛ لكن ظاهر المروي في القصة أنهم شارطوه على الخُلْع قبل النكاح ولم يشترطوا عليه الطلاق المجرَّد.
وليس في القصة أنهم واطئوه على أن يحلِّها للأول، وإنما فيها أنهم واطئوه على أن يبيتَ عندها ليلة ثم يُطلقها، وهذا من جِنْس المتعة التي للزوج فيها رغبة إلى وقت.
ونكاحُ المتعة قد استحلُّوه صدرًا من خلافةِ عمر، حتى أظهر
(1)
أرسله محمد بن سيرين، وهو لم يدرك عمر.
(2)
تقدم ص/ 136.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف": (3/ 552).
(4)
العبارة في "الإبطال": "والمنقطع إذا عارض المسند لم يلتفت إليه".
(5)
كذا بالأصل و (م)، و"الإبطال":"تواطئوا" وهي أوضح.