المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فلما لم يكن مقصودها الدوام، قال: ليست بنكاح، ولهذا لم - شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

[بدر الدين البعلي]

الفصل: فلما لم يكن مقصودها الدوام، قال: ليست بنكاح، ولهذا لم

فلما لم يكن مقصودها الدوام، قال: ليست بنكاح، ولهذا لم يَثْبُت فيها شيء [من]

(1)

أحكام النكاح؛ من الطلاق والعِدَّة والميراث، وإنما كان يثبت فيها أحكام الوطء.

ولهذا قال ابن مسعود وغيره: نَسَخَ المتعةَ النكاحُ والطلاقُ والعدةُ والميراثُ

(2)

.

والمحلِّل أولى بأن لا يكون ناكحًا؛ لأنه - أيضًا - لم يقصد الدوام، فهو كالمتعة، بل أولى؛ لأن قولَه: تزوَّجْتُ، وقولَ الوليّ: زَوَّجْتُ = كذبٌ واستهزاء وخداع، وإذا لم يكن نكاحًا عند الإطلاق وإنما يقال: نكاح التحليل ونكاح المتعة، فثبتَ أنه حرام (170/ ب)؛ لأن الفرج حرام إلا بنكاح أو ملك يمين، ولا يدخل هذا في الإطلاق، فلا يحلُّ له إلا بدليل يخصُّه، إذ المطلق إنما يُحْمل على المتفق عليه، ولا يدل على صحة المختلف فيه، فيصدق بصورة الوفاق وهو نكاح الرغبة لا بغيره، وهو المطلوب.

‌المسلك السادس

قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ

} [البقرة: 230] الآية. يعني: فإن طلَّقها هذا الزوج الثاني، فلا جُناح عليهما - يعني هي والمطلِّق الأول - أن يتراجعا إن ظنَّا أن يقيما حدود الله.

(1)

(م): "ولهذا لم يثبت لها شيء من

".

(2)

انظر: "السنن الكبرى": (7/ 207) للبيهقي.

ص: 140

وحرف "إن" في لسان العرب لما يمكن وقوعه وعدمه، فأما ما يقع لازمًا أو غالبًا، فيقولون فيه:"إذا"، كقولهم: إذا احمرَّ البسرُ فاتني، ولا يقولون: إنِ احمرَّ؛ لأن الاحمرار واقع. فقوله: "فإن طلَّقها" يُعلم منه أن ذلك النكاح المتقدِّم نكاحٌ يقع فيه الطلاق تارة ولا يقع أخرى، ونكاح المحلِّل يقع فيه لازمًا أو غالبًا، وإنما يقال في مثله:"فإذا".

ولا يقال: فالآيةُ عمَّت كلَّ نكاحٍ، فقيل: "فإن

".

لأنا نقول: لو أراد ذلك لقال: "فإن فارقها"؛ لأنه قد يموت عنها، وقد يفارقها بفسخ، لكن هذه الأشياء ليست في يد الزوج، إنما بيده الطلاق، فلهذا قيل:"فإن"[فـ]ـدلّ على أنَّه نكاح رغبة قد تطلق وقد لا تطلق، لا نكاح دُلسة يستلزم وقوعَ الطلاق إلا نادرًا.

يبيِّنُ هذا: أن الغايةَ المؤقَّتة بـ "حتى" تدخل في حكم المحدود المُغَيَّا، لا نعلم بين أهل اللغة خلافًا فيه، وإنما اختلفَ الناسُ في الموقّت بحرف "إلى".

قوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} يقتضي أنها لا تحلُّ حتى يوجد الغاية، وهو نكاح زوجٍ غيره، فلما قال بعده:{فَإِنْ طَلَّقَهَا} علم أن فيه فائدة جديدة، وهو - والله أعلم - التنبيه على أن ذلك الزوج موصوف بجواز التطليق وعدم جوازه.

وتأمل قوله - تعالى -: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: 222]، لما كان التطهُّر فعلًا مقصودًا جيء فيه بحرف التوقيت وهو "إذا"، ولما كان الطلاق غير مقصود جيء فيه

ص: 141