الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحرف التعليق وهو "إن"، ففرَّقَ اللهُ بينهما ليبَيِّن أنَّ هذا مقصودٌ بخلاف هذا.
قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} هذا وُجِد بفعل الله، وقوله:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} فيه أن الثابت بفعل [الله] قد زال، وبقي نوعٌ آخر أخف يمكن زواله بفعل الآدمي، فقال فيه:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} ، وتخصيص الطلاق بهذا المعنى - أيضًا -؛ لأنه إذا كان نكاح رغبة صحَّ أن يقال فيه:{فَإِنْ طَلَّقَهَا} بخلاف المحلِّل، فإنه ليس كذلك لما تقدم.
(171/ أ)
المسلك السابع
قوله - سبحانه -: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} بعد قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ
…
}
(1)
إلى قوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} [البقرة: 229، 230].
فأذِنَ في فديتها إن خيف أن لا يُقيما حدودَ الله؛ لأن النكاح له حدود، وهو ما أوجبه الله لكل من الزوجين.
ثم ذَكَر الطلقةَ الثالثة، ثم ذكر أنها إذا نكحت زوجًا غيره، ثم طلَّقها، فلها أن تراجع زوجها الأول، إن ظنَّا أن يقيما حدودَ الله، فلما أباح معاودتها له إن ظنَّا أن يقيما حدودَ الله
(2)
، كما أنه أباح
(1)
في الأصل: "ولا تأخذوا مما
…
"!.
(2)
كذا في الأصل و (م)، والعبارة في "الإبطال": "فإنما أباح معاودتها له إذا ظنّا إقامة حدودَ الله
…
".
افتداءَها إذا خافا أن لا يقيما حدودَ الله؛ لأن المشروط هناك الفداء، ويكفي في إباحة الفُرْقة خوف الذنب في المقام، والمشروط هنا النكاح، ولا بد في المجامعة من ظنِّ الطاعة.
وإنما شرط هذا الشرط هنا؛ لأنه قد أخبر عنهما أنهما كانا يخافان
(1)
أن لا يقيما حدودَ الله، فلا بدَّ مع ذلك من النظر إلى تلك الحال؛ هل تبدَّلت أم هي باقية؟ بخلاف الزوج المبتدإ، فإنَّ ظنَّ إقامة حدودِ اللهِ موجودة؛ لأنه لم يكن هناك حالٌ تخالفُ هذا.
ونظير هذا قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228]؛ لأن الطلاق غالبًا إنما يكون عن شرٍّ، فإذا ارتجعها مريدًا الشرَّ بها لم يَجُزْ ذلك، بل يكون تسريحها هو الواجب، لكن قال هناك:{أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} ، فجعل الردَّ إلى الزوج خاصَّة؛ لأن الكلام في الرجعة، وقال هنا:{أَنْ يَتَرَاجَعَا} ، فجعل التراجُع إلى الزوجين جميعًا؛ لأن الكلامَ في المطلَّقة ثلاثًا، وهي لا تحلُّ بعد الزوج الثاني إلا بعقد جديد يقف على رضاها، وكان فيه دليل على أنَّ هذه المرأة الواحدة اجتمع فيها طلقتان وفدية وطلقة ثالثة، كما قال ابن عباس وغيره.
إذا تبيَّن أن الله إنما أباحَ النكاحَ الذي قد يُخاف فيه من ضرر لمن ظن أنه يُقيم حدودَ الله فيه = عُلِمَ أن النكاح المباح هو النكاح الذي يُحتاج فيه إلى إقامة حدودَ الله في المعاشرة، ونكاح المحلِّل
(1)
الأصل و (م): "يخافا"، والمثبت من "الإبطال".