المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

نفسها، والغرضُ أنها لو فعلَتْ هذا لم تحل للأول، بحيث - شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

[بدر الدين البعلي]

الفصل: نفسها، والغرضُ أنها لو فعلَتْ هذا لم تحل للأول، بحيث

نفسها، والغرضُ أنها لو فعلَتْ هذا لم تحل للأول، بحيث لو أُريدت أو باشرت وانفسخ نكاحها لم تحلَّ للأول.

وما أطلقه بعضُ أصحابنا من أن نيَّة المرأة لا عبرة بها بناءً على أنها لا تملك رَفْع العقد بسببٍ مباح؛ ليس بشيءٍ؛ لأن العبرة بنية من يملك الفُرْقة سواء كانت مُكْنَتُه شرعية أو غير شرعية، فإن من كان هكذا كان محلِّلًا.

وكذا لو تزوَّجت بفقير وطلبت الفسخَ لعسرته تَحَيُّلًا علي الرجوع إلى الأول؛ فهي محلّلة لا تحلُّ للأول بذلك؛ لأنه نظير ملك الزوج الطلاق سواء، أو نظير الرضاع ونحوه.

ومن الحيل: إذا كانت المرأةُ أمةً فيزوِّجها سيدها من عبد ثم يبيعها، فتختار فراقه، فكلُّ ذلك من باب واحد؛ لأنه نكاح دُلْسة وخديعة ومكر، فيدخل في ذلك والله أعلم.

‌فصلٌ

فأما إن نوى التحليل من لا فُرْقة بيده، مثل الزوج المطلَّق ثلاثًا أو المرأة فقط، فقد قال حرب: سُئل أحمد عن التحليل إذا همَّ أحدُ الثلاثة؟ فقال: كان الحسن وإبراهيم والتابعون يُشَدِّدون في ذلك.

وقال أحمد - أيضًا -: الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أَتُرِيدين أنْ تَرْجعى إلى رِفَاعة

"

(1)

؟ يقول أحمد: إنها كانت قد همَّت

(1)

تقدم تخريجه ص/ 67.

ص: 154

بالتحليل، ونية المرأة ليست بشيءٍ، فقد نصَّ على أن نيَّة المرأة لا تؤثِّر، وكذلك (174/ أ) قال أصحابُه.

وكذلك قال مالكٌ، قال أصحابُه: المعنى المؤثِّر يختصُّ به الزوج الثاني، ولا عبرة بنيَّة المرأة والزوج الأول، كلُّ ذلك غير مؤثِّر.

وقال الحسن والنخعي وغيرهما: إذا همَّ أحدُ الثلاثة فهو نكاح محلِّل، ويُروى عن ابن المسيّب.

ووجه ذلك: أن المرأةَ إذا نكحت الزوج، وهي غير راغبة فهي مدلسة مستهزئة متلاعبة مخادعة، كما تقدَّم، وهي وإن لم تملك الفرقةَ، فهي متسببة فيها على وجهٍ يحصل غالبًا، بأن تنوي الانخلاعَ منه وإظهارَ الزهد فيه وبغضه وكراهيته، وذلك مما يبعثه على خلعها أو طلاقها ويقتضيه غالبًا.

ثم قد ينضمُّ إليه أن تنوي النشوزَ عنه ومعصيتَه فيما يجب له، ونحو ذلك؛ لتحصل بها الفُرْقة، وإذا كانت إنما تزوَّجَتْه لتفارقه وتعود إلى الأول؛ لم تكن قاصدةً للنكاح ولا مريدة، فلا يصح هذا النكاح على قاعدة إبطال الحِيَل.

وأما نيَّة المطلِّق ثلاثًا؛ فيشبه أن يَكون هؤلاء التابعون إنما قالوا: إنه

(1)

يكون النكاحُ بها تحليلًا إذا كان هو الذي سعى في النكاح، وأراد أن يختلعَ المرأةَ بعد ذلك، فإنَّ هذا حرام؛ لأنه خداع للرجل المسلم، ويشبه ما لو كان قد زوَّجها من عبده يريد أن

(1)

"الأصل" و (م): "أن"، والمثبت من "الإبطال".

ص: 155

يُمَلِّكها إيَّاه، وهي لم تشعر بذلك.

ثم يحتمل أنهم أرادوا: أن النكاح باطل في حق الأول فقط، بمعنى أنها لا تُرَدّ إليه؛ لأنه قَصَد تعجيل ما أجَّله الله، فيُعاقَب بنقيض قصدِه، ويُشْبه ما لو تسبَّب رجل في الفرقة بين رجلٍ وامرأته، بأن لمزها عندَه بشيءٍ حتى فارقها، ثم أراد هو أن يتزوَّجها، فلا تحلُّ لذلك المفرِّق عقوبةً له.

وهذا كما نقوله، على إحدى الروايتين، لو خطبَ على خِطبة أخيه: إن عقْدَه باطل، ولهذا قالوا: إذا نوى أحدُ الثلاثة أنه محلِّل، فنكاح هذا الآخر باطل، ولا تحلُّ للأول.

وهذا إنما يقال فيمن له فِعْل في النكاح الثاني، أما إذا لم يوجد من الأول فعلٌ أصلًا، وقد تناكح الزوجان نكاح رغبة، والأولُ يحب أن يطلِّقها، فهذا أقصى ما يقال: إنه متمنٍّ محبٌّ وليس بناوٍ، ولأن نية المرء إنما تتعلَّق بفعله، وما تعلَّق بفعل غيره، فهو أُمنية.

ووَجْه ما ذهب إليه مالك وأحمد - رحمهما الله -: ما استدلَّ به أبو عبد الله من أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لعن المحلِّل والمحلَّل له، فلو كان التحليل يحصل بنية الزوج تارة (174/ ب) وبنية الزوجة أخرى؛ للعنها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك أبلغ من لَعْنه آكلَ الربا وموكله، فلما لم يذكرها عُلِم أنَّ التحليل الذي يكون بالنية إنما يُلْعَن فيه الزوج فقط.

ولا يقال: لفظ (المحلِّل) يَعُم الرجل والمرأة، لقوله: "ألا

ص: 156

أُنَبِئكم بالتَّيْسِ الْمُسْتَعار" وقال: "هو المُحَلِّل"

(1)

وهذه صفة الرجل وحدَه. ثم لو عمهما فإنما ذاك على سبيل التغليب، لاجتماع المذكو والمؤنَّث، فلا بدَّ أن يكون تحليل الرجال موجودًا حتى تدخل معه المرأةُ تبعًا.

أما إذا نَوَت هي ولم ينو هو؛ فليس هو بمحلِّل أصلًا، فلا يجوز أن تدخل المرأةُ وحدَها فى لفظ المذكَّر، إلا أن يقال: قد اجتمعا في إرادة المتكلِّم بهما، وإن لم يجتمعا في عينِ هذا النكاح، فإن من قَصَدَ الإخبار عن المذكَّر والمؤنَّث مجتمِعَيْن ومفرَّقَيْن = أتى بلفظ المذكَّر - أيضًا - فهذا يمنع الاستدلال من هذا الوجه.

وأيضًا: فالمحلِّل هو الذي يَفْعل ما تصير به المرأةُ حلالًا في الظاهر، وليست حلالًا في الحقيقة، وهذا صفة من يمكنه رفع العقد، والمرأةُ ليست كذلك.

واستدلّ أحمدُ بحديث تُمَيْمَة بنت وهب امرأة رفاعة

(2)

.

فوجه الدلالة: أنه مع إرادتها الرجوع إلى رفاعة، قال: لا، حتى يجامعها هذا، فعُلِمَ أنه إذا جامعها حلَّت للأوَّل، ولو كانت نيتُها تمنع ذلك لما حلَّت، سواء جامعها الثاني أو لم يجامعها.

فإن قيل: إنما أرادت الرجوع بعد عقد الثاني عليها

(3)

؟ .

(1)

تقدم تخريجه ص/ 130.

(2)

تقدم تخريجه ص/ 67.

(3)

انظر "الإبطال": (ص/ 442) لمزيد إيضاح هذا الاعتراض.

ص: 157

قلنا: الجواب من وجوه:

أحدها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يُفَصِّل لها ذلك، بَيْن أن تكون حدثت لها هذه الإرادة، ولا بين أن تكون وُجِدَت قديمًا قبل العقد، فدلَّ على أن الحلَّ يعم الصورتين؛ لأن تركَ الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال يُنَزَّل منزلةَ العمومِ في المقال.

الوجه الثاني: أنها كانت راغبة في الأول دون غيره؛ لأنه قد روي أنه طلَّقها عبد الرحمن، ثم جاءت فاسْتَفْتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعد فراقه، فأجابها بأنها لا تحل حتى تذوق العُسَيلة.

وقال: "اللهم إن كان إنَّما بها أن يُحِلَّها لرفاعة فلا يتمُّ لها نِكاحُه"، وجاءت بعده إلى أبي بكر وعمر، فمنعاها

(1)

.

فَلَمَّا استفتت بعد فراقه وقال: لا، ثم إنها غابت وجاءت فقالت: إنه قد مسَّني، فقال لها: لا تحل؛ لأنها قد كذبت أولًا، ثم أخبرت بخلافه، فلم يقبل رجوعها عن الأول ودعا عليها: إن كانت إنما أرادت أن تحلّها لرفاعة، فلا يتم لها ذلك عقوبةً على كذبها بنقيض قصدها؛ لئلا يتسرَّع الناسُ إلى (175/ أ) الكذب، فدلَّ على إرادتها لرفاعة دون غيره من الأزواج.

وهذا أمر لم يتجدد لها بأن عبد الرحمن لم يصل إليها، فعُلِم أنها كانت إرادةً متقدمة؛ لأن الأصل عدم ما يحدث.

الوجه الثالث: أنه قد رُوِي أنها استفتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم قبل الطلاق،

(1)

هذا لفظ رواية عبد الرزاق: (6/ 347).

ص: 158

فروى البخاري

(1)

مرسلًا: أنها اشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إنما معه مثل هُدْبة الثوب، فجاء ومعه ولدان من غيرها وقال: والله كذبت يا رسول الله إنما

(2)

أنفضها نفضَ الأديم ولكنَّها تريدُ رفاعة، فقال لها رسول الله: فإذا كان كذلك لم تحلين له حتى تذوقي العُسَيلة

الحديث.

وأسنده سويد بن سعيد.

فتكون قد جاءت قبل طلاقه وبعده، فيدلُّ على رغبتها في الأول، وأنها كانت قديمة، ولم يُفصِّل الرسول، فَعُلِم أن الحكم لا يختلف.

وأيضًا: فإن كانت تحبُّ أن ترجع إلى الأول، فالمرءُ لا يُلام على الحبّ والبغض، وإنما عليه أن يتّقي الله

(3)

.

وبكل حالٍ؛ فإذا تسبَّبت إلى أن تفارق الثاني بالخلع، وقد كانت من حين العقد تريد ذلك، فهي مدلِّسة غارَّة للزوج، وهذا نوعٌ من الخلابة والخديعة، وهي حرام، فلا تدخل هذه الصورة في كلام أحمد، فإنه إنما رخَّص في مُطْلَق نِيَّةِ المرأة، والنيةُ المطلقة إنما تتعلَّق بأن يتزوَّج الأول من غير فعلٍ محرَّم، أما إذا نَوَت

(1)

رقم (5825).

(2)

كذا في "الأصل" و (م)، و"الإبطال" و"الصحيح":"إني".

(3)

كذا في "الأصل" و (م)، والعبارة في "الإبطال":(ص/ 447): "وإنما عليها أن تتقي الله سبحانه في زوجها وتُحسن معاشرته، وتبذل حقَّه غير متبرِّمة ولا كارهة، فإذا نوت هذا وقت العقد، فقد نوت ما يجب عليها

" اهـ.

ص: 159

الاختلاعَ من الثاني، فهذه نية محرَّمة؛ لأنها تمنع قصدها للنكاح ورغبتها فيه، فلم يكن العقد مقصودًا، وهي أحد المتعاقدين، بخلاف من نوت أن العقد إذا انفسخ تزوَّجت الأول.

وتحريمُ هذا أشدُّ من تحريم نية الرجل من وجه، وذاك أشد من وجهٍ آخر، فإن الرجلَ إذا أراد الطلاقَ فهو في يده، بخلاف المرأة إذا أرادت إلاختلاع وليس في يدها، فربما جرَّها إلى فعل محرم من تعدِّي حدود الله. ونية التحليل ليس فيها من خديعة المرأة ما في نيَّة المرأة من خديعة الرجل، وإنما حرمت تلك لحق الله تعالى.

وأيضًا: فالمرأة إذا تزوَّجت قاصدةً للتسبب في خلع الرجل، فالتحريم لحقِّ الرجلِ؛ لما فيه من الخلابة والخديعة.

فأمَّا إذا طلب المطلِّق الأول من هذا الثاني أن يخلع المرأة أو يطلقها، أو دسَّ إليه من يفعل ذلك؛ فهذا يمنزلة ما لو حَدَث للمرأة ذلك (175/ ب) بعد العقد، فإن المطلق ليس له سبب في العقد الثاني، وقد نصَّ أحمد على أن ذلك لا يحل.

نَقَل عنه مُهنَّا في رجلٍ قال لرجل: طلِّق امرأتَك حتى أتزوَّجُها ولك أَلْف، ففعل؟ فقال: سبحان الله! لا يحلُّ هذا.

فقد نصَّ على أنه لو اخْتَلعها ليتزوَّجها لا تحلّ له، ولو شرط في عقد الخلع أنه يريد التزويج بها؛ فهو أقبح من أن يقصده بقلْبِه، فالمرأة أيضًا إذا اختلعت للتزوُّج بغيره، فهو أشد؛ لأن الأذى بطلب المرأة ذلك أشد من طلب الأجنبي.

ص: 160

فإذا كان هذا حرامًا لو حدث القصد، فكيف إذا كان مقصودًا من حين العقد! ؟ فظهر أنه لا يجوز اختلاعها رغبةً في نكاح غيره، ولا العقد بهذه النية، ولا أمرها بذلك، ولا تعليمها إياه، لكن لو فعَلَتْه لم تقدح في صحةِ العقد. فيما ذكره بعضُ أصحابنا لما تقدم، فلو رجعَتْ عن هذه النيَّة جاز لها المقام معه، وإن اختلَعَتْ منه ففارقَها وقعت الفرقة.

وأما العقد الثاني؛ فقال بعض أصحابنا: إنه صحيح، ولهم في صحة نكاح الرجل إذا خطب على خطبة أخيه وبيعه على بيعه قولان، وقد صحَّ نَهْيُ الرسول عن الخطبة على خطبة أخيه والبيع على بيعه والسوم على سومه، أو تنكح المرأة بطلاق أختها

(1)

.

وهذا نهي تحريم في ظاهر نص أحمد؛ لأنه قد جاء مصرِّحًا: "لا يحلُّ للمؤمنِ أنْ يَخْطِبَ على خِطْبة أَخِيْه"

(2)

.

ومن الأصحاب من حَمَله على أنه نَهْي تأديب، وهو باطل، وإذا ثبت أنه محرَّم، فهل العقد بعده صحيح أو فاسد؟ ذكر القاضي وغيره في المسألة روايتين. وقيل: فيها

(3)

وجهان.

وخرج القاضي إلى مسألة الخطبة، فجعل فيها الروايتين أيضًا، ويتوجه إقرار النصين هنا.

(1)

أخرجه البخاري رقم (2140)، ومسلم رقم (1413) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

أخرجه مسلم رقم (1414) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه.

(3)

"الأصل"، و (م):"وفيها".

ص: 161

واشترط متأخِّروا الأصحاب في البيع على بيع أخيه أن يكون ذلك في مدة خيار المجلس أو الشرط، والمتقدمون لم يشترطوا ذلك، وهو أجود، وظاهرُ كلام أحمد يدلُّ عليه، فإنه - أيضًا - قد يفسخ في غير مدة الخيار، إما بعيب أو إقالة. أو يدخل عليه فيفسخ غصبًا، فيكون ذلك أشد تحريمًا لكثرة ضرره، فإذا حرم البيعَ أو الخطبةَ على خطبة أخيه؛ فكيف بالنكاح على نكاح أخيه؟ ! .

ولو أن الرجلَ طلبَ من غيره أن يبيعه سلعةً لجاز؛ ولو طلب أن يخلع زوجته ليتزوجها لم يجز، نصَّ عليه أحمد

(1)

، فمتى فعلت المرأةُ سببًا للفرقة، وفارقته وتزوّجت؛ فهي محللة (176/ أ) كالرجل المحلِّل، فلا تحلّ، لكن لو أقامت عند الزوج، فهل يَحتاج إلى استئناف عقدٍ كما في الرجل المحلل؟ ولو علم الرجل أن هذا كان في نيتها، وهي مقيمةٌ عليه، فهل يسعه المقام معها؟ .

هذا فيه نظر، فإن الرجل يملك المرأةَ، فإذا نوى التحليل، فقد قَصَد ما ينافي الملك، فلم يثبت له الملك، فانتفت سائر الأحكام تبعًا، وإذا نوت المرأة أن تأتي بالفُرْقة؛ فقد نوى هو الملك، وهي قد ملَّكته نفسَها في الظاهر، والملكُ يحصل له إذا قصدَه حقيقة مع وجود السبب ظاهرًا، لكن نِيَّتها تؤثِّر في جانبها خاصَّة، فلا يحصل لها بهذا النكاح حلُّها للأول، حيث لم تقصد أن تَنْكِح، وإنما قصدت أن تُنْكَح.

والقرآن علَّق الحلَّ بأن تَنْكِح زوجًا غيره، وإذا كانت قد نوت

(1)

تقدم نصه ص/ 160.

ص: 162

أن تفعل ما يرفع النكاح لم تكن قد نكحت حقيقةً.

فلا تحسبنَّ أن كلام أحمد وغيره: أَنَّ نيَّة المرأة ليست بشيءٍ = يعم ما إذا نوت أن تفارق بطريق تَمْلِكه، وإنما أرادوا نيَّة أن تتزوج الأول، ولا ريب أنها إذا نَوَت أن تتزوَّج بالأول لم يؤثِّر ذلك شيئًا كما تقرَّر؛ لأن هذه النية لا تتعلق بنكاح الثاني.

فأما إذا نوت فعلًا محرمًا أو خديعة أو مكرًا؛ فهذا نوع آخر، وبهذا يظهر حقيقة الحال فى هذا الباب، ويظهر الجواب عما ذكرناه من جانب من اعتبر نية المرأة مطلقًا.

والمسألة تحتمل أكثر من هذا، ولكن هذا الذي تيسَّر، وهو آخر ما يسَّره اللهُ من الكلام في مسألة التحليل على سبيل الاختصار، وإلَّا فالحيل تحتاج إلى بسطٍ واستيفاء الكلام فيها إلى نظر خاصًّ في كل مسألة

(1)

، وهذا يحتمل عدَّة أسفار، والله - سبحانه - يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وموافقًا لمحبَّته ومرضاته آمين.

والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

فرغ منه ليلة الخميس تاسِع

(2)

عشري شهر صفر من سنة خمسٍ وخمسين وسبع مئة، أحْسَن الله تَقَضِّيَها.

(1)

كذا في "الأصل" و (م)، والعبارة قلقة، وهي في "الإبطال":(ص/ 469): "وإلا فالحيل يحتاج استيفاء الكلام فيها إلى أن يُفرد كل مسألة بنظر خاص".

(2)

تحتمل: سابع.

ص: 163