المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وفي "الصحيحين" (1) عن الرجل الذي كان يُخْدَع في البيع، فقال - شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

[بدر الدين البعلي]

الفصل: وفي "الصحيحين" (1) عن الرجل الذي كان يُخْدَع في البيع، فقال

وفي "الصحيحين"

(1)

عن الرجل الذي كان يُخْدَع في البيع، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا بايعتَ فقلْ: لا خِلابَة".

وهذا شرط موافقٌ لمقتضى العقد؛ ولكن أراد بيانه - أيضًا - بالشرط، كما قال صلى الله عليه وسلم في بيع العدَّاء

(2)

: "بيع المسلم للمسلم لا داءَ ولا غائلةَ ولا خِبْثَةَ"

(3)

. يُبَيَّنُه قوله: "ولا تحلُّ الخلابةُ لمسلمٍ"، وإذا حُرِّمت الخلابة فالحيل خلابة، إما مع الخَلْق أو مع الخالق، وهو - سبحانه - أحق أن يُستحيى منه.

‌الوجه العشرون

(4)

: ما أخرجاه في "الصحيحين"

(5)

عن أبي حُميد الساعدي قال: استعمل نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من الأزد يقال له: ابن اللُّتْبِيَّة على الصدقة، فلما قَدِم قال: هذا لكم وهذا أُهديَ لي، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فَحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني استعملُ الرجلَ منكم على العمل مما ولَّاني

(1)

البخاري رقم (2117)، ومسلم رقم (1533) وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(2)

قال الحافظ في "الفتح": (4/ 363): "بالتثقيل وآخره همزة - بوزن الفعَّال - ابن خالد بن هوذة بن ربيعة بن عمرو

، صحابي قليل الحديث، أسلم بعد حنين" اهـ.

(3)

أخرجه الترمذي رقم (1216)، وابن ماجه رقم (2251)، والدارقطني:(3/ 77)، والبيهقي:(5/ 327) وغيرهم.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عباد بن ليث"، وحسنه الحافظ في "الفتح":(12/ 367). و"خبثة" بضم الخاء وكسرها.

(4)

"الإبطال": (ص/ 232).

(5)

البخاري رقم (3636)، ومسلم رقم (1832).

ص: 107

الله، فيأتي فيقول: هذا لكم وهذا أُهدي لي، أفلا جَلَس في بيت أبيه وأُمِّه حتى تأتي هديَّتُه إن كان صادقًا، والله لا يأخذ أحدكم شيئًا بغير حقَّه إلا لقيَ اللهَ يَحْمِلُه يومَ القيامة

" الحديث.

فوجه الدلالة: أن الهدية عطيَّة يُبْتَغَى بها وجهُ المعطي وكرامتُه، فلم ينظر النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى ظاهر الإعطاء قولًا وفعلًا، ولكن نظر إلى قصد المعطين ونياتهم، التي تُعْلَم بدلالةِ الحال، فإن كان الرجل بحيث لو نُزِع عن تلك الولاية أُهدي له تلك الهدية، لم تكن الولاية هي الداعية للناس إلى عطيَّتِه، وإلا فالمقصود بالعطيَّة إنما هي ولايته؛ إما ليكرمهم فيها أو يخفف عنهم، أو يقدمهم على غيرهم، أو نحو ذلك، فاعتبر صلى الله عليه وسلم قصدَهم، فكان هذا أصلًا في اعتبار المقاصد ودلالات الحال في العقود، وهو المطلوب.

وهذا الحكم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم أصلٌ عظيم في كل من أخذ شيئًا أو أعطاه تبرُّعًا لشخص أو معاوضة بشيءٍ في الظاهر وهو في القصد والحقيقة لغيره، فإنه يقال: هلَّا تركَ ذلك الشيء الذي هو المقصود، ثم ينظر هل يكون ذلك الأمر إن كان صادقًا. فيقال في جميع العقود الربوية - إذا كانت خداعًا - مثل ذلك، كما ذكرناه.

(164/ ب) وهذا الأصل لكل من بذل لجهةٍ لولا هي لم يبذله، فإنه يَجْعل تلك الجهة هي المقصودة بذلك البذل، فيكون المال لربِّ تلك الجهة، إن حلالًا فحلال وإلا فحرام

(1)

.

(1)

"الأصل": "حرام"، و"الإبطال":"وإلا كانت حرامًا"، والمثبت من (م).

ص: 108